«فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن
بين شعب نجس الشفتين لأن عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود».
بمجرد أن رأى إشعياء الرب في مجده وقداسته انكشفت أمامه حالته فأدرك نجاسته. ومع أنه من أفضل الشخصيات في عصره، وقد استخدمه الرب لتوصيل كلمته لشعبه، لكنه، إزاء عظمة الرب، رأى نفسه على حقيقتها، وأعلن بكل صدق إنه في ذاته لا يختلف عن باقي الشعب، ولا فرق، فالشعب نجس الشفتين وهو كذلك نجس الشفتين. والإقرار بحقيقة النفس يضع في النفس صدقاً وأمانة واتضاعاً. لكننا لا يمكننا أن نتضع وننكسر حقيقةً ما لم ندرك عظمته ومجده أولاً.
وبمجرد أن اعترف إشعياء بحالته أتاه العلاج الإلهي، إذ طار إليه واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومسّ بها فمه؛ فعلى أساس ذبيحة الجلجثة يمكن لكل من يؤمن أن ينال غفراناً لخطاياه وتطهيراً من نجاسته. ولعلنا نلاحظ هنا أن السيد لم يوبِّخ إشعياء على خطاياه أو ينظر إليه بغضب أو يذله بها، بل سارع في الحال إلى تطهيره عندما اعترف بها.