وضعت هذه الشريعة الخاصة بالحروب إلى حين يملك الشعب عوض الأمم الوثنيَّة، لكن فكْر الله واضح حتى في العهد القديم أنَّه لا يريد الحروب بل السلام. وكما يقول المرتِّل مسبِّحًا أعمال الله الفائقة: "مُسكن الحروب إلى أقصى الأرض، يكسر القوس ويقطع الرمح. المركبات يحرقها بالنار. كفُّوا واعلموا إنِّي أنا الله" (مز 46: 8-10). وجاء في رؤية لإشعياء النبي عن عمل المسيَّا: "ويكون في آخر الأيَّام أن جبل بيت الرب يكون ثابتًا في رأس الجبال... وتجري إليه كل الأمم... فيطبعون سيوفهم سككًا ورماحهم مناجل. لا ترفع أمَّة على أمَّة سيفًا، ولا يتعلَّمون الحرب فيما بعد" (إش 2: 2-4). وفي ميلاد السيِّد المسيح قيل: "على الأرض السلام وبالناس المسرَّة" (لو 2: 14).
يبدأ القانون العسكري بتأكيد من الله نفسه أنَّه هو قائد جيش شعبه، وواهب النصرة [1-4]. لذا يُعفي خدَّامه من ممارسة الأعمال العسكريَّة، ليس احتقارًا لها، ولكن للتفرُّغ للعبادة لله الذي يهب الغلبة، فبدونهم لا يتقدَّس الشعب ولا الجند، ولن توجد نصرة [5-9].
هنا يتحدَّث عن الحرب القائمة لكي يرث الشعب أرض كنعان، لهذا لا يجوز تطبيقها على الحروب السياسيَّة. لكنَّها تنطبق رمزيًا على الحروب الروحيَّة والجهاد من أجل كنعان السماويَّة، حيث يحتل المؤمنون مركز إبليس الذي سقط من بين الطغمات السماويَّة.
يمتاز العدوّ عن شعب الله بكثرة العدد ووفرة الإمكانيَّات العسكريَّة، لكن هذا كلُّه يلزم ألا يرعب المؤمنين.