![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() نصرته على اليبوسيين: 6 وَذَهَبَ الْمَلِكُ وَرِجَالُهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى الْيَبُوسِيِّينَ سُكَّانِ الأَرْضِ. فَكَلَّمُوا دَاوُدَ قَائِلِينَ: «لاَ تَدْخُلْ إِلَى هُنَا، مَا لَمْ تَنْزِعِ الْعُمْيَانَ وَالْعُرْجَ». أَيْ لاَ يَدْخُلُ دَاوُدُ إِلَى هُنَا. 7 وَأَخَذَ دَاوُدُ حِصْنَ صِهْيَوْنَ، هِيَ مَدِينَةُ دَاوُدَ. 8 وَقَالَ دَاوُدُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ: «إِنَّ الَّذِي يَضْرِبُ الْيَبُوسِيِّينَ وَيَبْلُغُ إِلَى الْقَنَاةِ وَالْعُرْجِ وَالْعُمْيِ الْمُبْغَضِينَ مِنْ نَفْسِ دَاوُدَ». لِذلِكَ يَقُولُونَ: «لاَ يَدْخُلِ الْبَيْتَ أَعْمَى أَوْ أَعْرَجُ». 9 وَأَقَامَ دَاوُدُ فِي الْحِصْنِ وَسَمَّاهُ «مَدِينَةَ دَاوُدَ». وَبَنَى دَاوُدُ مُسْتَدِيرًا مِنَ الْقَلْعَةِ فَدَاخِلًا. 10 وَكَانَ دَاوُدُ يَتَزَايَدُ مُتَعَظِّمًا، وَالرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ مَعَهُ. كانت يبوس -اسم أُورشليم في عهد اليبوسيين- تمثل مساحة صغيرة إن قُورِنَت بأورشليم في أيام سليمان(27). كانت تناسب أن تكون العاصمة لداود أكثر من حبرون، أولًا لأن موقعها منيع للغاية، فهي مرتفعة (مز 48: 2)، حولها جبال (مز 125: 2) تحيط بها وديان عميقة من ثلاثة جوانب يبلغ عمق بعضها 800 قدم؛ ثانيًا لأنها على تخم يهوذا وبنيامين فترضي السبطين (سبط يهوذا الذي خرج منه داود، وسبط بنيامين الذي يضم بيت شاول الملك). أما اليبوسيين(28) فهم قبيلة من الكنعانيين قبل دخول إسرائيل أرض الموعد (تك 10: 16؛ 15: 21؛ خر 3: 8). أثناء الخروج كانوا قبيلة جبلية (عد 13: 29؛ يش 11: 3). اتحدوا مع بعض الملوك ضد جبعون لأنها أقامت عهدًا مع يشوع، لكن الأخير هزمهم وقتل ملكهم أدوني صادق (يش 10: 23-26)، وأعطى أرضهم لبنيامين (يش 18: 28)، بعد ذلك احتلها رجال يهوذا لأنها كانت على حدود تخمهم، وأحرقوها (يش 15: 8؛ قض 1: 8)، لكن اليبوسيين لم يفقدوا قلعتهم فيها كما يقول يوسيفوس(29)، وإنما سكنوا مع بني يهوذا وبنيامين كغرباء (يش 15: 20-36؛ قض 1: 21؛ 19: 11)، بقوا فيها حتى بعدما أخذ داود حصنهم (2 صم 24: 16-18؛ 2 أي 3: 1). كان اليبوسيين واثقين أن داود لن يستطيع الاستيلاء على حصنهم بسبب مناعته، حتى لو كان من بداخله عمي وعرج، لذا في استخفاف قالوا له: "لا تدخل إلى هنا ما لم تنزع العميان والعرج" [6]. أعلن داود عن المكافأة لِمَن يضرب المدينة حتى يبلغ إلى القناة، أي إلى النفق تحت الأرض من الوادي إلى فوق، فإن مَن يبلغ القناة يدخل الحصن، لم يذكر ما هي لأنها لا تحتاج إلى ذِكر، إذ عنَي أن يصير المنتصر "رأسًا وقائدًا" (1 أي 11: 6)؛ وقد حقَّق يوآب ابن صروية ذلك. دخل يوآب المدينة وصار رأسًا (1 أي 11: 6)، وسكن داود ورجاله القلعة أو الحصن ودعاه "مدينة داود". يلاحظ في استيلاء داود على يبوس الآتي: أ. أراد اليبوسييون أن يسخروا منه فقالوا: "لا تدخل إلى هنا ما لم تنزع العميان والعرج" [6]، وكان القصد بذلك أنه لن يدخلها قط؛ لكنه إذ دخلها صار المثل: [لا يدخل البيت أعمى ولا أعرج] [8]. بمعنى آخر قال سكان يبوس إنهم حتى إن كانوا عميانًا وعرجًا فلن يقدر داود الملك بكل جيشه أن يحتل مدينتهم؛ لكنه إذ استولى عليها يقول: لم يَعُد بالمدينة أعمى أو أعرج، لا بمعنى أنه منع دخول أي أعمى أو أعرج، وإنما إعلانًا رمزيًا عن قوة رجاله وحكمتهم أن جميعهم مبصرون وقادرون على السير. ما حدث مع داود كان رمزًا لما تحقق مع ابن داود، فقد كان العالم قد احتله عدو الخير زمانًا حتى دُعي "رئيس هذا العالم" (يو 14: 30)، فصار العالم أسيرًا تحت قدميه (يبوس تعني مدوسًا تحت الأقدام)، وكانت البشرية أشبه بالعُمي والعُرج، انطمست أعنيهم الداخلية عن معاينة ملكوت السموات وعجزت أقدامهم الداخلية عن السير في الطريق الملوكي... مع هذا فقد ظن هؤلاء العمي والعرج أنهم محصنون لن يقدر ابن داود أن يقيم ملكوته في حياة البشرية. دخل ابن داود يبوس -أي العالم- وأقام بالصليب ملكوته محتلًا القلوب التي سبق فملك عليها عدو الخير، ونزع عنها كل عَمَى للبصيرة وكل عَجز عن الحركة، فصار المؤمنون الحقيقيون مبصرين تسرع أقدامهم نحو السموات، ليس بينهم أعمى أو أعرج روحيًا. ب. إذ استولى داود على يبوس وجعل منها مدينته الخاصة، تحمل اسمه، قيل: "وبنى داود مستديرًا من القلعة فداخلًا" [9]. ماذا تعني الاستدارة إلا أن المدينة صارت كما في شكل دائرة ليس لها نقطة بداية ولا نقطة نهاية، بمعنى أنها حملت سمة جديدة هي الارتفاع فوق الزمن لتصير مدينة سماوية خالدة لا يقدر الموت أن يُنهي كيانها. هذه هي كنيسة العهد الجديد التي كانت مدوسة بالأقدام (يبوسًا) صار بعريسها السماوي وملكها ابن داود سماوية. وكما يقول القديس بولس "أجلسنا معه في السماويات" (أف 2: 6). ويقول القديس إكلمينضس الاسكندري: [إن الأرض تصير بالنسبة للمؤمن صاحب المعرفة الروحية (الغنوسي) سماءً]. ليت ابن داود يحتل يبوسنا الداخلية فيجعل منها مدينة داود، مدينته الخاصة المستديرة أو السماوية، طاردًا عنها كل عمى للبصيرة وفالج للأقدام. ج. ختم حديثه هنا بالقول: "وكان داود يتزايد متعظمًا والرب إله الجنود معه" [10]. كان داود يتزايد في العظمة ليس لأنه احتل حصن يبوس المنيع وإنما بالحري لأن الرب "إله الجنود" معه. هنا يُدعى الرب "إله الجنود" وكأنه هو القائد الحقيقي لشعبه وهو المحارب عنهم ليهبهم النصرة والمجد. هذه هي خبرة داود النبي التي عبَّر عنها في مزاميره، فجاء فيها: "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف؟! الرب حصن حياتي ممن أرتعب؟! (مز 27: 1). "إنما هو صخرتي وخلاصي ملجأي فلا أتزعزع. على الله خلاصي ومجدي صخرة قوتي محتماي في الله" (مز 62: 5-6). يقول القديس أغسطينوس: [يعطيني الرب كلًا من معرفة ذاته والخلاص، فمن يقدر أن يأخذني منه...؟! يُبدد الرب كل هجمات عدوي وشباكه فلا أخاف أحدًا]. هذا هو سر مجدنا غير المنقطع! |
|