البابا شنودة الثالث
ليس المهم طول الصلاة أو انتقاء ألفاظها إنما عمق المشاعر فيها..
صلاة الفريسي كانت أطول من صلاة العشار. ولكن العشار "نزل إلى بيته مبررا دون ذاك" (لو 18: 14)،لماذا؟ لأنها كانت صلاة من العمق: من عمق الاتضاع والانسحاق، والشعور بالندم والخزى.. وقف من بعيد، ولم يجرؤ أن يرفع نظره إلى فوق.. وكانت ألفاظه القليلة كافيه. لأن الرب نظر إلى أعماقه..
ومثل صلاة العشار، كانت صلاة اللص اليمين.
صلاة قصيرة، ولكنها عميقة. صلاة إنسان في ساعاته الأخيرة، وهو على حافة الموت. ومن أعماقه يتطلع إلى أبديته كيف يكون، فيطلب من الرب أن يذكره. يقول ذلك وهو في عمق الانسحاق، وقد قال لزميله من قبل "أما نحن فبعدل لأننا ننال استحاق ما فعلنا" (لو 23: 41).. حقا إنها صلاة مصيرية، لذلك قيلت بعمق.. واستجيبت.
جملة واحدة يقولها إنسان بعمق "يا رب ارحم" مثلًا. فيتقدم واحد من الأربعة والعشرين قسيسا، فيأخذ هذه الصلاة في مجمرته الذهبية، ويصعد بها إلى عرش الله كرائحة بخور مع صلوات القديسين (رؤ 5: 8). وإنسان آخر يقول هذه الصلاة عشرات المرات، ولا تصل واحدة منها، كأنه لم يكن يصلى!!