تبدو العلاقة بين الخلاص والإيمان غير مفهومة فهمها اللاهوتي الصحيح عند الكثيرين ,إذ لأول وهلة يفهمُ الإنسان أنّ عليهِ أن يؤمن بالمسيح حيث الإيمان يشمل أن المسيحَ ماتَ من أجل خطايانا وأقيمَ لأجلِ تبريرنا (رو25:4),كما تقول الآية , وبهذا الإيمانِ نخلُص :"إن اعترفتَ بفمِكَ بالرّبِ يسوعِ ,وآمنتَ بقلبك أنّ اللهَ أقامهُ من الأمواتِ خلُصت"(رو 9:10). والخلاص هو بغفرانِ الخطايا والإنعتاقِ من عقوبة الموت الأبدي كون المسيح ماتَ على الصّليب من أجلِ خطايانا ,كما أن الخلاص يشمل قبول الحياةِ الأبدية كونِ المسيح داسَ الموتَ وقامَ من الأمواتِ و أقامنا معهُ في جدّة الحياةِ. هُنا يقوم الفهم من جهةِ الخلاص أنهُ يتمُ بالإيمانِ .أيّ أنّ الأيمانَ هو واسطة الخلاص أو هوَ الذي يهبُنا الخلاص , ولكن هذه المعلومة اللاهوتيّة معكوسة. والصحيح هو أن الخلاص أكملُه المسيح للإنسان وقدّمهُ هبة مجانيّة للخطاة .فالذي يؤمن أي يصدق ,يحسب الله إيمانُه له خلاصاً .إذاً ,فالإيمان هنا ليس هو ثمن الخلاص ,لأنّ الخلاصَ تمّ مجاناً ووُهبَ مجاناً وبلا ثمن من أيّ نوعٍ ,وتصويرِ الأمرِ عملياً هو هكذا: المسيحُ أكملَ الخلاص وحملهُ على يديهِ وقدّمهُ للخاطئ ,فالذي يمدُ يده ويأخذهُ يكون قد خَلُص .فالإيمانُ ليسَ ثمناً ولا واسطة للخلاص ,بل هو تصديقٌ واخذٌ معاً.هذا لأن الله في المسيحِ يريدنا أن نخْلُص بدافع الحُب والرّحمة للخاطئ ("لا يموتُ الخاطئ بل يحيا"),فلا يتطلب من الإنسان الخاطئ إلا أن يُصدّق حُبّ الآب :"نحن قد عرفنا وصدّقنا المحبة التي لله فينا "(1يو 16:4) , ويتقبل منهُ هديّة الخلاص الذي اقتطعهُ لنا من لحم ابنهِ ودمهِ. بهذا لا يُشكّل الإيمان أيّ جُهدٍ فكريّ أو نفسي أو جسدي عند الإنسانِ الخاطئ لكي يخلص ,بل كُلّ ما يطلبه الله منهُ أن يقبل ويرضى بالخلاص الذي أُكمل , هو معروض عليه ليأخذُه لنفسه كحقٍ لهُ ليعيشَ به فوراً حسبَ مشيئة الله والمسيح :"الذي يريد أنّ جميعَ النّاسِ يخلصونَ وإلى معرفةِ الحقّ يقبلون "(1تي 2:4).