كيف يمكن للآباء والأمهات تنمية علاقة شخصية قوية مع الله ليصبحوا قدوة صالحة
إن تنمية علاقة شخصية قوية مع الله هي الينبوع الذي تتدفق منه كل تربية إلهية. فمن خلال علاقتنا الحميمة مع الله نصبح أمثلة حية للإيمان لأولادنا. إن رحلة النمو الروحي هذه ليست سهلة دائمًا، لكنها مجزية بلا حدود، سواء لأنفسنا أو لأولئك الذين دُعينا لتربيتهم.يجب أن نعطي الأولوية للصلاة في حياتنا اليومية. فالصلاة هي نبض علاقتنا بالله، والحوار المقدس الذي ننفتح من خلاله على محبته وإرشاده. وكما علّمنا يسوع، علينا أن "ندخل إلى مخدعنا، ونغلق بابه، ونصلِّ إلى أبينا الذي لا يُرى" (متى ٦: ٦). هذا الوقت المنتظم والمتعمد مع الله يسمح لنا بتوافق قلوبنا مع مشيئته، ونستمد القوة من محبته اللامتناهية (موختسو، ٢٠٢٢).
إن الانغماس في الكتاب المقدس ممارسة أساسية أخرى لتعميق علاقتنا بالله. فالكتاب المقدس ليس مجرد كتاب قواعد، بل هو شهادة حية على محبة الله الدائمة للبشرية. فبينما نقرأ كلمته ونتأمل فيها، نسمح لها بتشكيل أفكارنا وأفعالنا، بل ووجودنا. وكما يقول كاتب المزمور: "كلمتك سراج لرجلي، نور لسبيلي" (مزمور ١١٩: ١٠٥). بالانخراط المستمر في الكتاب المقدس، نُهيئ أنفسنا لإرشاد أبنائنا على طريق البر.
إن المشاركة في حياة الكنيسة المقدسة ضرورية أيضًا لتنمية علاقتنا مع الله. فمن خلال القربان المقدس، نتحد بالمسيح اتحادًا وثيقًا، فنتناول جسده ودمه غذاءً روحيًا. والاعتراف المنتظم يُتيح لنا اختبار رحمة الله والنمو في التواضع وإدراك الذات. هذه اللقاءات المقدسة مع الله تُقوينا وتجعلنا شهودًا أكثر فعاليةً لحب الله المُغيّر لأبنائنا.
علينا أيضًا أن نسعى جاهدين لعيش إيماننا بأفعال ملموسة من المحبة والخدمة. وكما يُذكرنا القديس يعقوب: "الإيمان في حد ذاته، إن لم يكن مصحوبًا بالعمل، فهو ميت" (يعقوب ٢: ١٧). عندما نسعى بنشاط إلى محبة جيراننا، ورعاية الفقراء، والعمل من أجل العدالة، فإننا نُجسّد تعاليم المسيح ونُظهر لأبنائنا أن الإيمان ليس مجردًا، بل قوة حية وديناميكية تُشكّل تفاعلاتنا مع العالم.
أخيرًا، لنتذكر أهمية الجماعة في رحلتنا الروحية. إن إحاطة أنفسنا بإخواننا المؤمنين الذين يمكنهم تقديم الدعم والمساءلة وتبادل الحكمة أمرٌ لا يُقدر بثمن. وكما يقول سفر الأمثال ٢٧:١٧: "الحديد يُحدَّد الحديد، والإنسان يُحدِّد صاحبه". بالمشاركة في الجماعات الإيمانية وتعزيز الصداقات الروحية، نُنشئ شبكة دعم تُعيننا على أداء دورنا كآباءٍ صالحين.
وعندما نُنمّي علاقتنا مع الله، فلنفعل ذلك بصبرٍ ومثابرة، عالمين أن رحلة الإيمان هذه التي تستمر مدى الحياة هي أعظم هبة يُمكننا تقديمها لأطفالنا. فلتكن حياتنا شهادةً على محبة الله، تُلهم صغارنا على طلبه من كل قلوبهم.