![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() إعداد الأعمال ومواد البناء 2 وَأَمَرَ دَاوُدُ بِجَمْعِ الأَجْنَبِيِّينَ الَّذِينَ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، وَأَقَامَ نَحَّاتِينَ لِنَحْتِ حِجَارَةٍ مُرَبَّعَةٍ لِبِنَاءِ بَيْتِ اللهِ. 3 وَهَيَّأَ دَاوُدُ حَدِيدًا كَثِيرًا لِلْمَسَامِيرِ لِمَصَارِيعِ الأَبْوَابِ وَلِلْوُصَلِ، وَنُحَاسًا كَثِيرًا بِلاَ وَزْنٍ، 4 وَخَشَبَ أَرْزٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ لأَنَّ الصِّيدُونِيِّينَ وَالصُّورِيِّينَ أَتَوْا بِخَشَبِ أَرْزٍ كَثِيرٍ إِلَى دَاوُدَ. 5 وَقَالَ دَاوُدُ: «إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنِي صَغِيرٌ وَغَضٌّ، وَالْبَيْتُ الَّذِي يُبْنَى لِلرَّبِّ يَكُونُ عَظِيمًا جِدًّا فِي الاسْمِ وَالْمَجْدِ فِي جَمِيعِ الأَرَاضِي، فَأَنَا أُهَيِّئُ لَهُ». فَهَيَّأَ دَاوُدُ كَثِيرًا قَبْلَ وَفَاتِهِ. أَعدَّ داود الكثير قبل وفاته [5]. لم يُعِد شيئًا ليوم وفاته، وإنما لبناء بيت الرب. لقد كرَّس حياته في سلسلة من المعارك، لا لامتداد المملكة، وإنما لجمع مواد لبناء بيت الرب. كان في المظهر من أعظم أبطال الحرب، وفي الداخل كان قلبه مشغولاً بالبناء. وَأَمَرَ دَاوُدُ بِجَمْعِ الأَجْنَبِيِّينَ الَّذِينَ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، وَأَقَامَ نَحَّاتِينَ لِنَحْتِ حِجَارَةٍ مُرَبَّعَةٍ لِبِنَاءِ بَيْتِ الله. [2] بعد إعلان داود النبي عن قيام بيت الله، وبالرغم من عدم بنائه له، انشغل بالبيت الذي يبنيه سليمان فيما بعد. أراد الكاتب أن يؤكد أن الإسرائيليين لم يخضعوا للسُخرَة حتى في جلب حجارة لبناء بيت الله. الأجنبيون هم الكنعانيون الذين بقوا في الأرض والساكنون بين الإسرائيليين (1 مل 9: 20-21). إذ لم يستطع اليهود إبادتهم جعلوهم يقومون بممارسة بعض الأعمال، سخَّرهم داود وسليمان (2 أي 8: 7-9). وكان الأجنبيين ماهرون في قطع الخشب وصناعة النحاس والحديد والحجارة وما أشبه ذلك، كأهل صور وصيدا. فجمعهم داود، أي عدَّهم تمهيدًا للعمل. وعدَّهم سليمان أيضًا، ووجدوا مئة وثلاثة وخمسين ألفًا وست مئة (2 أي 2: 17). إذ يتنبأ هنا عن هيكل العهد الجديد الذي هو بيت الصلاة لكل الأمم (مر 11: 17)، نرى هنا داود يأمر بجمع الأجنبيين للمساهمة في إقامته [2]. إنهم بالحق يشتركون في بناء الهيكل الثاني (إش 60: 10). هنا نجد السرَّ الذي تحدث عنه الرسول بولس فيما بعد، وهو تطعيم الأمم في أصل شجرة إسرائيل (رو 9-11) وَهَيَّأَ دَاوُدُ حَدِيدًا كَثِيرًا لِلْمَسَامِيرِ لِمَصَارِيعِ الأَبْوَابِ وَلِلْوُصَلِ، وَنُحَاسًا كَثِيرُا بِلاَ وَزْنٍ، [3] بنى سليمان الهيكل، فسُمِّيَ هيكل سليمان، ولكنه هيكل داود أيضًا، لأن كثيرًا من العمل كان منه. حديد ونحاس: كانت هذه المعادن ثمينة وقليلة الوجود في القديم بالنسبة إلى أيامنا. وكان داود قد أخذ كثيرًا من النحاس من الذين انتصر عليهم في حروبه (1 أخ 18: 7-8). وَخَشَبَ أَرْزٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَدَدٌ، (لأَنَّ الصَّيْدُونِيِّينَ وَالصُّورِيِّينَ أَتُوا بِخَشَبِ أَرْزٍ كَثِيرٍ إِلَى دَاوُدَ). [4] دُعِيَت الأمم المحيطة بأرض إسرائيل للمُشارَكة في هذا العمل العظيم. وقد قاموا به بفرحٍ عظيمٍ وغيرةٍ متَّقدةٍ وإرادةٍ صالحةٍ. وكان ذلك إشارة إلى قيام كنيسة العهد الجديد من الأمم والشعوب. ويلاحظ في مواد البناء: أ. الذهب والفضة والنحاس المُستخدَم في الهيكل جاء من غنائم الحروب التي انتصر فيها داود ولم يحتفظ بها لنفسه. ب. كثير من مواد البناء قدَّمها الأمم لداود كهدايا وهِبَات، لم يدخل بها إلى مخازن قصره لحسابه، إنما حسب كل ما يُقَدَّم له هو لحساب الهيكل. ج. كانت مواد البناء تتضمن مواد من حديد مثل المسامير والمصاريع، ومع ما يبدو من أن قيمتها وضيعة لكن لا غِنَى عنها، إذ هي نافعة، وبدونها لا يُكَمَّل البناء. الصيدونيون والصوريون: في التواريخ القديمة أقوال كثيرة تُثْبِتُ أنهم اشتهروا في كل العالم بمهارتهم في الصناعات. وَقَالَ دَاوُدُ: "إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنِي صَغِيرٌ وَغَضٌّ. وَالْبَيْتُ الَّذِي يُبْنَى لِلرَّبِّ يَكُونُ عَظِيمًا جِدٍّا فِي الاِسْمِ وَالْمَجْد. فِي جَمِيعِ الأَرَاضِي. فَأَنَا أُهَيِّئُ لَهُ". فَهَيَّأَ دَاوُدُ كَثِيرًا قَبْلَ وَفَاتِهِ. [5] كان اختيار القائد الذي يُدير عمل البناء هامًا، فكان داود يفكر في سليمان ابنه الشاب، ليُعِدَّه لهذا العمل من كل الجوانب، فقد كان هذا العمل عظيمًا جدًا له اسمه في العالم، وروعته الفائقة. وكان رمزًا لكنيسة المسيح التي تُعلِنُ عن حضور الله نفسه في وسط شعبه الحامل أيقونة خالقه. اعترف داود أن سليمان ابنه صغير وغض، والبيت الذي يبنيه يكون عظيمًا جدًا في الاسم والمجد على مستوى العالم كله. لا نعرف كم كان عمره، وبما أنه ملك أربعين سنة، وكان شيخًا حينما مات، نستنتج أنه كان قد بلغ عشرين سنة فما فوق حين ملك. قيل عن رحبعام (2 أي 13: 7) أنه كان فتى رقيق القلب وهو ابن إحدى وأربعين سنة. يقول يوسيفوس إن سليمان في ذلك الوقت كان في الرابعة عشرة، ويقول راشي Rashi إنه كان في الثانية عشر. كما سَلَّم موسى تلميذه الذي يخلفه أن ينتصر على الأمم ويقسم أرض الموعد على الأسباط، هكذا أعطى داود ابنه سليمان الذي يخلفه أن يبني بيت الرب، وبنفس الروح أَعَدَّ بولس الرسول تلميذه تيموثاوس للعمل الكرازي في رسالته الوداعية (2 تي). ما الذي دفع بداود أن يقوم بمثل هذه الإعدادات؟ أخذ أمريْن في اعتباره: أ. إن سليمان كان صغيرًا وغضًا وليس من المُحتمَل أن يبدأ هذا العمل بنشاطٍ شديد، ولكن إن وجد المواد جاهزة، وأصعب جُزْء قد تمَّ، فهذا يُثِير فيه الهمة ويُشَجِّعه على هذا العمل في بداية مُلْكِه. يليق بكبار السن والمختبرين ألا يستخفوا بالصغار والضعفاء، بل يمدُّوا لهم كل ما في الإمكان لمساعدتهم، ولكي يُسَهِّلوا لهم عمل الله على قدر الاستطاعة. ب. يليق بالبيت أن يكون عظيمًا جدًا، جليًلا وفخمًا، قويًا وبهيًا، وكل ما فيه يكون أفضل ما يوجد من نوعه. وهذا لسببٍ وجيهٍ وهو أنه مُعَدُّ لشرف الله العظيم، رب الأرض كلها وهو مثل وإشارة للسيد المسيح الذي فيه كل الملء وكل الكنوز مخزونة. فالناس في ذاك الوقت كان يجب أن يتعلموا خلال طرق محسوسة، مثل عظمة البيت التي تُحِيط العابدين بالرهبة المقدسة والخشوع لله، ويدعون الغرباء لكي يروه كأعجوبة العالم ومن خلاله يتعرَّفون على الله الحقيقي. ولذلك فهو مُصَمَّم لكي يكون ذا صيتٍ ومجدٍ بين كل البلاد، وقد سبق داود أن أخبر بهذا التأثير الحسن من عظمته في المزمور "من هيكلك فوق أورشليم لك تقدم ملوك هدايا" (مز 68: 29). ج. قيل: "فهيأ داود كثيرًا قبل وفاته". هذا يدل على كبر سنه وعجزه المتزايد الذي أشار إلى قرب وفاته، فأثار فيه الحماس في أواخر أيامه ليجتهد كثيرًا في الإعداد للبناء. فكل ما تمتد إليه أيدينا من العمل لأجل الله ولأجل أنفسنا ولأجل جيلنا يجب أن نعمله بكل قوتنا قبل وفاتنا، لأنه بعد الوفاة ليس هناك وسيلة ولا فرصة للعمل، "لأنه ليس في الموت ذكرك. في الهاوية من يحمدك" (مز 6: 5). |
![]() |
|