يوسف والمهمّة المقدّسة
نام يوسف ذات ليلةٍ وهو متفكِّرٌ في هذه الأمور في التحدّي وكيفيّة مواجهته. نام وهو لا يعلم أن الله يدعوه لمهمةٍ مقدّسة ربّما اشتهاها أتقياء الشعب القديم، "ولكن فيما هو مُتَفَكِّرٌ في هذِهِ الأُمورِ، إذا مَلاكُ الرَّبِّ قد ظَهَرَ لهُ في حُلمٍ قائلًا: [يا يوسُفُ ابنَ داوُدَ، لا تخَفْ أنْ تأخُذَ مَريَمَ امرأتَكَ. لأنَّ الّذي حُبِلَ بهِ فيها هو مِنَ الرّوحِ القُدُسِ]". (متى 20:1) لقد كشف الرب ليوسف ما كان خفيًّا عليه بأن "سِرُّ الربّ لخائفيه وعهده لتعليمهم". (مزمور 14:25) وكما فعل الرب قديمًا مع جدّه إبراهيم، هكذا فعل مع يوسف، إذ قال الرب لإبراهيم: "هل أُخفي عن إبراهيمَ ما أنا فاعِلُهُ...؟" (تكوين 17:18) وهكذا لم يُخفِ الرب الأمر عن عبده يوسف. تُرى، كم كان تأثير كلمات الملاك على يوسف؟ هل نزعَتْ عنه المخاوف التي كانت تساوره؟ هل تجدّد في داخله اليقين أن مريم كانت وما زالت وستظلّ امرأته؟ هل أدرك يوسف أنه صار جزءًا من حدثٍ إلهيٍّ مجيد ينتظره الناس منذ أكثر من 750 سنة عندما أعلن إشعياء ذلك (إشعياء 14:7)؟ لا شكّ لقد هدأت نفس يوسف وتيقَّن أن مريم ما زالت الفتاة اليهوديّة المُتَّقية الرب والمتعبِّدة له، وإن الأمر بجملته مخطّط إلهيٍّ عظيم ليشمل كلّ البشريّة. إن هذا المولود القادم هو المخلِّص الحقيقيّ للعالم، وقد قَبِل يوسف الشرف أن يدعوه "يسوع"، أيّ المخلِّص لشعبه من خطاياهم (متى 21:1 و25).
نحن اليوم مدينون ليوسف بدوره في هذه المهمّة المقدّسة، والذي بدأ بالقول "وأخَذَ امرأتَهُ" (متى 24:1). لقد أراد قبلًا تخليتها سرًّا، لكنّه الآن فعل كما أمره الملاك أخذها إلى خاصّته وتعهّدها، وأدرك أنّه مسؤول ليس فقط لكونه زوجًا أو خطيبًا لها، بل كتكليفٍ من الله لحمايتها والجنين الذي تحمله.