حقيقة النجم
لما وصل المجوس إلى هيرودس وقالوا: أين هو المولود ملك اليهود؟ ... جمع هيرودس كلّ رؤساء الكهنة وكتبة الشعب، وسألهم: "أين يولد المسيح؟" فقالوا له: "في بيت لحم اليهوديّة. لأَنَّهُ هكَذَا مَكْتُوبٌ بِالنَّبِيِّ: وَأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمٍ، أَرْضَ يَهُوذَا لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، لأَنْ مِنْكِ يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ." (متى 5:2-6) فنجم الميلاد الذي أضاء في السماء لم يطفئ نور النبوّات التي كانت في التوراة، ولعلّ في هذا درسًا لنا، فكلّ نور جديد يأتينا لا ينبغي أن يغيّر الحقائق القديمة التي عرفناها.
لنتأمّل في حقيقة النجم: يبدو أن ما رآه المجوس لم يكن نجمًا بالمعنى الذي نفهمه لأنّه كان يتقدّم المجوس. كيف كان يتقدّمهم؟ يعتقد البعض أنه كان يضيء حينًا ثم ينطفئ ليضيء بعد مسافة أخرى إلى أن وصلوا إلى أورشليم ثم بيت لحم. ويعتقد البعض الآخر أن ذلك النجم كان له نورٌ قويّ جدًا وكان ثابتًا فوق مدينة بيت لحم، وقد استطاع المجوس وهم في المشرق أن يروه، وقد جذبهم نوره حتى وصلوا إلى أورشليم ثم إلى بيت لحم؛ وإن كان هذا الفكر قد يبدو معقولاً إلّا أنه لا ينطبق مع القول: "وكان النجم يتقدّمهم"، ويعتقد غيرهم أن ما رآه المجوس كان شيئًا مضيئًا كعمود النور الذي قاد شعب الرب قديمًا في البريّة... على أن بعض الآباء الذين عاشوا في العصور الأولى للمسيحية كانوا يؤكدون بأن نور ذلك النجم كان قويًّا جدًّا لدرجة أنه كان يُرى في النهار. إلا أن هذا الاعتقاد يعني أن المجوس استمرّوا في سفرهم ليل نهار، لكن لماذا لا نقول أن المجوس استمرّوا ينامون نهارًا، وحين يظهر النجم في الليل يسيرون وفق إرشاده؟ على أن هذا البحث ليس من الأهميّة بمكان، فدعونا ننتقل إلى الكلمة الثانية.