كريم شعبان يكتب : مجتـمع عبدالقدوس "الله مـحـبة"

[Mary Naeem]

كريم شعبان يكتب : مجتـمع عبدالقدوس "الله مـحـبة"

8/3/2012 11:51 AM

ربما كانت رواية الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس "الله محبة" درباً من دروب الخيال عندما تحدث بين طيات صفحاتها عن شاب مسيحي يحب فتاة مسلمة ، متجاهلا المجتمع المصري فى نظرته إلى الديانة فكان أبرز مداخل النقاد ضده ، أو ربما الفترة التى كتب فيه روايته تختلف كليا عن الفترة التى نعيشها من حيث حالة الإحتقان ، والكره ، والحقد ، بين أبناء الوطن الواحد..الذين قاتلوا ، وقتلوا فى سبيل حماية البلاد ، والعباد..
فالشاب الذى احب الفتاة طويلا ، وعاش معها قصة حب ، متجاهلا المجتمع ، قد دفعه للمساومة على دينه ، ومعه الفتاة التى رأت ان السبيل الوحيد للزواج هو التحول من الإسلام الى المسيحية .
"هل لو طلبت منك ان تخرجى عن دينك..تخرجين؟
واجابت فورا..وكأنها لم تفكر ولا تريد ان تفكر..
- نعم.
وابتسمت..او حاولت ان تبتسم..واختارت احد وجهى قطعة النقود..واختار هو الوجه الاخر..ثم وضع قطعة النقود فى يدها قائلا..
- اقذفى بها فى الهواء..والوجه الذى يسقط الى اعلى يغير صاحبه دينه!!..
وحاولت مرة اخرى ان تبتسم..ولكنها لم تستطع ووجمت..واحست انها مقدمة لتسير فوق الصراط المستقيم..
وعندما قذفت بقطعة النقود فى الهواء احست انها تقذف بقلبها..
وانحنت الى الارض وقد جحظت عيناها..
وكتمت انفاسها..ثم شهقت شهقة خافتة..ورفعت رأسها وقد تصلب وجهها وتاهت نظراتها..
فالمشهد الأكثر جمالا هو وصف إحسان عبدالقدوس للكنيسة ،والقائمين عليها "ونظرت الى القسيس دون ان تراه وخيل اليها انها امام عملاق ضخم مجلل بالهيبة..وان رأسه كبير..كبير جدا..وذقنه سوداء تتدلى حتى ركبتيه..ولم تسمع شيئا مما كان يقوله الرجلان وهى بينهما..انما شردت عياناها تطوفان بالغرفة..ثم سقطت فوق لوحة معلقة بالجدار..ولمحت شيئا مكتوبا على هذة اللوحة..حروفا لا تستطيع ان تلتقطها بعينيها الشاردتين..انما هى تهتز وتتموج كأنها حروف مكتوبة
فوق الماء".
وبالفعل أخذ الشاب الفتاة الى الكنيسة ، لكن إرادة الله منعت ذلك ، فى مشهد يعيد الى الأذهان مكانة رجل الدين وصدقه، وحرصه على القانون ، حتى ولو على دينه ، فما كان من القس الى أن قال " أنت لم تبلغى السن القانوني بعد"
..وطأطأت رأسها وقد استبدت بها السعادة حتى خجلت منها..ثم انصرفت مع فتاها..
- الى اين؟
- الى المحكمة الشرعية..
- لماذا؟
- الم تسمعى كلام القسيس!!
- لا..
- انك لا تستطيعين ان تغيرى دينك لأنك لم تبلغى سن الرشد بعد..
- وما العمل..؟
- سأعتنق انا الأسلام..
وتعلقت بعنقة واخذت تقبلة فى كل انحاء وجهه..وقال وهو يقود سيارتة..
- هذه المرة انه القدر!..
وتم اشهار اسلامه..ولم يكن الامر لديه يتعدى مجرد شكليات يفرضها عليه المجتمع..ومجرد ورقة يوقعها ارضاء للحكومة..ان ما بينه وبين الله فى قلبه وسريرته لا شأن للمجتمع ولا للحكومة ولا للمشايخ ولا للقسس به..
والله ليس فى حاجة لهذه الاجراءات ليعرف ايمانة وهذه الاجراءات ايضا لن تبدل شيئا مما بينه وبين الله..
اشهر اسلامه وهو لا يشعر بشئ الا شعور اشبه بالتحدى..تحدى قومه وتحدى قوم فتاته..وربما ارتجفت شفتاه وهو يتلو الشهادتين..وربما ارتعشت يده وهو يوقع الاوراق..ولكنه كذب رجفته وانكر رعشته واقنع نفسه بأنه يؤدى واجبا يفرضه عليه النبل والشهامة والحب..وكلها صفات من صفات الله..
وكان عليه بعد ذلك ان يذهب لشقيق الفتاة ليخطبها منه الى نفسه..وكانت هذه الخطوة اصعب عليه من تغيير دينه..بل انه لم يحس انه قد خرج عن دينه الا وهو جالس الى شقيق الفتاة كالتلميذ المرتبك امام لجنة الامتحان..
فما أصعب نهاية المشهد حيث يرفض الأخ زواج العشيقان ، ويخرج الشاب وقد إنهار تماما ، وضاقت به الدنيا ، فما كان منه الى ان إتفق مع حبيبته على الإنتحار ، وبالفعل إتفقا على كل شئ ، الموعد الساعة ، السم ، طريقة الإنتحار إلا أن إرادة الله منعت ذلك ، فأخذ الله الفتاة ، وترك الشاب وحيدا..
فالعبرة من تلك القصة فى ذلك الوقت هو أن المجتمع المصري لن يتغيير كثيرا ، مادامت العادات والتقاليد ، هى التى تتحكم فى عقول الناس ، دون النظر فى جمال الإنسانية ،وحق العيش لكل أفراد المجتمع بعيدا عن التعصب الذى نعيش فيه بين هذا مسلم ، وهذا مسيحي ..إلخ ، ما أجمل تلك التعبيرات الغامضة " كنيسة ترفض دخول مسلم " خوفا من مخالفة القانون ، وشيخ يبحث عن جمع إثنان فى الحلال ، قيم نبحث عنها ..

بوابة الفجر الاليكترونية

[شيرى2]

شكرا للمتابعة

[Mary Naeem]

شكرا على المرور

[Magdy Monir]

شكراً أختى مارى على المقال

[Mary Naeem]

شكرا على المرور