![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الأصول الأولى لعيد الميلاد ![]() إن دراسة الأصول الأولى لعيد الميلاد (τὰ γενέθλια /natalis) مرت بمجادلات ومناقشات كثيرة بين الدارسين للليتورجيات المبكرة [1]، فمن القرن الثامن عشر [2] كان تفسير الإحتفال بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر هو أنه مأخوذ بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من الإحتفال الوثني في روما لعيد ”يوم ميلاد الشمس التي لا تُقهر“ Dies natalis solis invicti، وهو العيد الذي أسسه الأمبراطور أوريليوس في عام 274م وذلك في زمن الإنقلاب الشتوي للتقويم اليولياني يوم 25 ديسمبر [3]. يرى البعض أن هذا العيد كان بمثابة العيد المسيحي المقابل للعيد الوثني، بينما يرى أخرين أن العيد الوثني تم مسحنته أي تعميده وجعلة عيداً مسيحياً وذلك اعتماداً على إشارات كثيرة جائت في كتابات الآباء تؤكد على أن المسيح هو شمس البر (ملاخي 3: 20)، وهو الذي أتى نوراً حقيقياً للعالم، وغيرها من التشابهات بين المسيح وعمله وبين ظهور النور والقضاء على الظلمة، ويرى البعض أن الإمبراطور قسطنطين كان له دوراً بارزاً في ذلك إعتماداً على إقراره في مرسوم ميلانو (312م) أن يوم الأحد أي ‘يوم الشمس’ sun-day هو يوم عطلة رسمة تكريماً لقيامة المسيح بالإضافة لتكريم الشمس، بينما ينفي آخرون بأدلة قوية [4]، ويوجد من يرى أن عيد الميلاد كان يُحتفَل به، بإستعارته من الإحتفالات الوثنية، في شمال أفريقيا قبل عهد قسطنطين ثم أنتقل إلى روما. [5] من المؤكد أنه تم ربط مفهوم المسيح كشمس البر، على أساس نبوة ملاخي، بيوم ميلاد الشمس التي لا تُقهر، ولكن لا يوجد لدينا أي دليل مبكّر يفسر هذا الترابط بتأسيس عيد الميلاد والإحتفال به في يوم 25 ديسمبر، فأول إشارة لنا هي حاشية جاءت على هامش مخطوط من القرن الثاني عشر للكاتب السرياني ديونيسيوس بن صاليبي (1171م) بخط مختلف، يفترض أنها أضيفت لاحقاً على الكتابة، يورد فيها هذا التفسير: “الرب وُلد في شهر يناير، في اليوم الذي فيه نحتفل بالإبيفانيا؛ لأن القدماء أحتفلوا بالميلاد والإبيفانيا في نفس اليوم… السبب في أن الآباء نقلوا العيد،المشار إليه، من السادس من يناير إلى الخامس والعشرين من ديسمبر هو، كما قالوا، الآتي: أنه من عادة الوثنيون أن يحتفلوا في نفس يوم 25 ديسمبر بميلاد الشمس. ولكي يزينوا الإحتفال، فكان من عادتهم أن يشعلوا النيران ويدعون حتى المسيحيون لكي يشتركوا في طقوسهم. ولذلك، عندما لاحظ الملافنة (معلمو الكنيسة) أن المسيحيون مقتنعون بهذه العادة، فقرروا أن يحتفلوا بعيد الميلاد الحقيقي في نفس هذا اليوم؛ اليوم السادس من يناير بدأوا الإحتفال بالإبيفانيا. وأحتفطوا بهذه العادة إلى اليوم بطقوس النار المشتعلة.” [6] هذا النص يفترض تبني تقليداً غير مسيحياً وتقنينه في التقليد المسيحي. ولكن لا يمكننا الإعتماد التاريخي على وثيقة متأخرة للتأريخ لأصل عيد الميلاد. [7] بالإضافة إلى أن آباء الكنيسة الشرقيين الذين أدخلوا عيد الميلاد في الشرق في القرن الرابع الميلادي كانوا مقتنعين تماماً أن يوم 25 ديسمبر هو التاريخ الحقيقي لميلاد المسيح، ولا يوجد في ذهنيتهم أية أفكار على أن هذا العيد أُخذ من عيداً وثنياً. [8] في أواخر القرن التاسع عشر قام العالم دوشيسن [9] بدراسة الأصول الأولى لعيد الميلاد وأظهرت نتائجه رفضاً بأن يكون أصل عيد الميلاد مأخوذاً من العيد الوثني لميلاد الشمس، بل أن هناك تغيراً حدث في دورة الأعياد بناءاً على تغيراً في أفكار المجتمعات المسيحية وحساباتهم، مؤكداً على علاقة تاريخ 25 مارس بحساب تاريخ عيد الميلاد في الكنيسة الأولى، هذه الدراسة أكدت عليها فيما بعد دراسات باحثين آخرين أهمهم إنجبيردينج [10]، وفي نهاية القرن العشرين، أضاف عليها حجج مهمة عالِم تاريخ الليتورجيات توماس تالي. [11] إن المصادر القديمة، مثل: وثيقة الحسابات الفصحية ولاكتنتيوس [12] وترتليان [13] وهيبوليتوس ووثيقة الحسابات الفصحية وقائمة الأساقفة في التقويم الفيلوكالي، تؤكد على أن يوم 25 مارس هو تاريخ آلام وموت المسيح. ونعرف من الجدل الذي حدث في القرن الثاني الميلادي حول تاريخ عيد الفصح أنه كانت هناك جماعة في آسيا الصغرى تحتفل بالفصح يوم 14 نيسان مع عيد الفصح اليهودي، وهي تقابل بحسب نسختهم للتقويم اليولياني يوم 6 إبريل وبالتالي أستطاعوا تثبيت عيدهم بهذا اليوم الذي يقابل اليوم الرابع عشر من أول شهور الربيع بحسب التقويم الروماني وهو شهر ‘أرتيميسيوس’ وبذلك فصلوا تقويمهم عن التقويم القمري الذي يُحسب به الفصح اليهودي. [14] وأيضاً يخبرنا المؤرخ سوزمين أن المونتانيين كانوا يحتفلون بعيد الفصح يوم 6 إبريل. [15] وقد كان مناسبة الإحتفال بالفصح عندهم ليس فقط موت المسيح وقيامته، بل كل سر الفداء بدايةً من التجسد في حدث البشارة إلى القيامة وهذا ما تؤكده مثلاً العظة الفصحية للقديس ميليتوس أسقف ساردس. [16] وأيضاً، من بين مخطوطات القرن العاشر التي تحفظ لنا عظات للقديس يوحنا ذهبي الفم، فإننا نجد وثيقة مجهولة المؤلف تسمى “الإنقلابات والإعتدالات” [17] De Solstitiis et aequinoctiis ، مؤرخة إلى القرن الرابع الميلادي ربما من شمال أفريقيا، وهي تؤكد على أن يوم التجسد (أي يوم البشارة وحَبَل العذراء بالمسيح) هو يوم 25 مارس هو نفس يوم آلام المسيح وموته، وتحدد يوم حبل أليصابات في الإعتدال الخريفي بناءاً على أنه نفس الزمن الذي ظهر لزكريا الكاهن الملاك أثناء خدمته في عيد المظال، وبما أن العذراء قد زارت أليصابات في الشهر السادس لها في بداية حبلها، فإن العذراء ولدت المسيح بعد تسعة أشهر في الإنقلاب الشتوي. وهذا التفسير أيضاً يتبعه القديس يوحنا ذهبي الفم في عظة [18] أصلية له ألقيت ما بين عامي (386-388م). أما القديس أغسطينوس في كتابه “عن الثالوث” [19] يؤكد أيضاً أن يوم حَبَل العذراء بالمسيح هو نفس يوم آلامه وموته يوم 25 مارس وأنه وُلد في يوم 25 ديسمبر. وهناك أيضاً عظة للقديس جيروم ألقاها يوم 25 ديسمبر سنة 410م يقول فيها أن هناك تقليداً يذكر أن القديسين بطرس وبولس قد أحتفلوا بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر. [20] بالإضافة إلى شهادات متأخرة أخرى تربط ما بين يوم حبل العذراء (البشارة) ويوم آلام وموت المسيح. [21] وبذلك تؤكد هذه الدراسات على أن الكنيسة الأولى كانت في وضعها الإجتماعي والثقافي تعتبر الإعتدال الربيعي [22] هو بداية الحسابات الخاصة بمحاولة تحديد تاريخ ميلاد المسيح، وذلك بناءاً على الجذور الموسمية للإحتفال بعيد الفصح [23]، هذا العيد كان إحتفالاً بكل سر المسيح، أي أعمال المسيح الخلاصية كلها، متضمناً التجسد (أي حدث البشارة). وبذلك تأسس يوم عيد الميلاد بعد تسعة شهور من عيد الفصح الذي كان يُحتفل به في الغرب يوم 25 مارس وفي الشرق يوم 6 إبريل وبذلك أصبح عيد الميلاد في الغرب يوم 25 ديسمبر وفي الشرق 6 يناير. [24] [1] Susan K. Roll, “The Origins of Christmas: The State of the Question,” in: Maxwell E. Johnson (ed.) Between Memory and Hope: Readings on the Liturgical Year (Collegeville, MN: Liturgical Press, 2000), pp. 273–290. [2] Leonhard Fendt, “Der heutige Stand der Forschung über das eburtsfest Jesu am 25.XII und über Epiphanias,” Theologische Literaturzeitung 78.1 (January 1953) cols. 1-10. [3] هناك إشارات من القرن الأول قبل الميلاد علي وجود عبادة للشمس sol indiges في عاصمة الإمبراطورية روما وذلك ضمن آلهة الشرقيين التي تبناها شعب روما، فنجد أن هناك طقوس لعيد الشمس محدد في قوائم الأعياد Fasti في يوم 9 أغسطس كان يحتفل به على هضبة الكويرينال، بالإضافة إلى المسلات التى تم شحنها من مصر في عهد أغسطس قيصر والتي كانت تعتبر من علامات عبادة إله النور أبولو، وبعد فترة من الإختفاء التدريجي المؤقت في القرن الثاني، والذي لم يمنع تكريم الشمس تأثراً بالأفكار الأفلاطونية المحدثة، وأيضاً، بقدوم الجنود الرومان من الشرق محملين بآلهة كانت بالنسبة لهم غامضة وبها شيئاً من الهيبة، ومن بينها الإله الفارسي ‘ميثرا’ إله النور والحق والولاء للعهد، الذي ظهر في روما في أواخر القرن الأول الميلادي، وظل مشهوراً حتى أصبحت الإمبراطورية مسيحية، وقد أضفي الرومان على هذا الإله الشرقي الطابع الروماني وجعلوه من الآلهة الذكور المحاربة، و جعلوه صديقاً للشمس ثم بعد ذلك إلها لظهور الشمس، وقد كان يوم عيد ميلاده في 25 ديسمبر. وهناك ايضاً من ربط ظهور الإمبراطور الكلي الألوهة بظهور الشمس، كما حدث في عهد الإمبراطور هادريان (138م†). Gaston H. Halsberghe, Het rijk van de zonnegod. De eredienst van Sol Invictus, (Antewerp/Utrecht: Standaard, 1972) ss. 12-20. [4] Thomas J. Talley, ‘Constantine and Christmas,’ Studia Liturgica 17 (1987): 191-197. [5] Cf. H. Usener, Religionsgeschichtliche Untersuchungen, Teil 1: Das Weihnachtsfest (Bonn:F. Cohen, 1911); H. Lietzmann, Geschichte der Alten Kirche III, (Berlin, 1938), ss. 321-29; K. Holl, Gesammelte Aufsätze zur Kirchengeschichte II, (Tübingen, 1928), ss. 123-54; A. Baumstark, Liturgie comparée (Chevetogne, 1939) p. 162-74; B. BOTTE, Les origines de Noël et de l’Épiphanie (Louvain, 1932); O. Cullmann, Die Entstehung des Weihnachtsfestes (stuttgart, 1990). [6] Joseph Simon Assemanus, Bibliotheca orientalis Clemento-Vaticana, vol. 2, (Rome, 1721), p. 164. [7] B. Botte, opt. cit., (1932), p. 66. [8] T. Talley, opt. cit., (1991), pp. 101-102. [9] Louis Duchesne, Origines du culte chrétien: étude sur la liturgie latine avant Charlemagn (Paris, 1889), pp. 274-54; English Trans. Christian worship: its origin and evolution; a study of the Latin liturgy up to the time of Charlemagne (1903). [10] H. Engberding, ‘Der 25. Dezember als Tag der Feier der Geburt des Herm’ Archiv für Liturgiewissenschaft 2 (1952), s. 25-43. [11] Thomas J. Talley, The Origins of the Liturgical Year (Pueblo Books, Liturgical Press, Collegeville: 1991). [12] J. Moreau, (ed.), Lactance: De la mort des persécuteurs, SC 38 (Paris: Cerf, 1954); P. Monat, (ed.), Lactance: Institutions Divines IV, SC 377 (Paris: Cerf, 1992), p. 90. [13] Adversus Iudaeos 8: 18 (E. Kroymann ed. Tertulliani Opera, CSEL, p.1363 ). [14] Theodor Mommsen, ‘Die Einführung des asianischen Kalendars’, in Gesammelte Schriften, 5 (1908), ss. 518-31. [15] Sozomen, Historia Ecclesiastica 7:18. [16] S.G. Hall, Melitio of Sardis. on Pascha and fragments, (Oxford University Press, 1979); A. Stewart-Sykes, Melito, Peri Pascha and the Quartodeciman Paschal Liturgy at Sardis SupVC 42 (Leiden: Brill, 1998). [17] B. Botte, opt. cit, (1932), pp. 88-105. [18] PG 49: 351-362. [19] De Trinitate IV, 5 ,9 (NPNF 1:3, p. 74). [20] G. Morin, ‘Les monuments de la prédication de Saint Jerome’, Revue d’histoire et de littérature religieuses 1 (1896), pp. 414-416. [21] Ephrem Syrii Hymnus 21, ‘De resurrectione Christi 10’ (E. Bech, Des heiligen Ephraem des Syrers Paschahymnun, OCSO 249, pp. 73-73); Topographiae Christianae 5 (W. Wolska-Conus, ed., Cosmas Indicopleustes. Topographie chretienne II, SC 159, p. 23); M. van Esbroeck, ‘La lettre de l’empereur Justinien sur l’Annonciation et la Noël en 561’ Analecta Bolandiana 86/3-4 (1968), pp. 351-371. A. Chupungco, The Cosmic Elements of Christian Passover, Studia Anselmiana 72, Analecta Liturgica 3 (Rome: Anselmiana, 1977), p. 40-49. [23] S. K. Roll, opt. cit., (1995), pp. 64-65. [24] Thomas J. Talley, ‘Afterthoughts on The Origins of The Liturgical year’ in Sean Gallagher (ed.), Western Plainchant in the First Millennium: Studies in the Medieval Liturgy and its Music, (Ashgate Publishing Company, 2003), pp. 1-10. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تصميم لعيد الميلاد |
نصيحة لعيد الميلاد |
الاستعداد لعيد الميلاد |
بمناسبة عيد الميلاد موسوعة صور لعيد الميلاد المجيد |
بمناسبة عيد الميلاد الجميل تأملات لعيد الميلاد المجيد للبابا شنودة الثالث |