المسيح قبل أن يقوم تألم في المذود الحقير وعيشة الفقراء والتبشير المرهق.. تألم من رفض اليهود رسالته، وخيانة يهوذا له، وهروب التلاميذ ساعة التجربة.. فهل لنا أن نقول: إنَّ حياته كانت رحلة مع الآلام! وقد أباد الألم سطور الفرح من كتاب حياته! ولكن بعد أن صُلب واكتستْ سماء الجلجثة بظلمة حالكة، وتخضّبتْ أرضها بدماء المُخلّص الطاهرة.. بعد أن صار في نظر أعدائه، بقايا إنسان وبقايا مُعلّم وصُلبتْ دعوته ونُزف دمه كما نُزفتْ كلماته، ولم يبقَ منه إلاَّ جسد مُهشم مُعلّق بمسامير حادة... انبثق النور من قبره! ليُضيء على الجالسينَ في الظلمة!
وما هذا إلاَّ إعلان: إنَّه لا قيامة إلاَّ بعد آلام! وهل نُنكر أنَّ القيام من الفشل لا يتحقق إلاَّ بعد كفاح؟ وهكذا القيام من الخطية يستلزم جهاد التوبة، والتغلّب على الكراهية يسبقه عذاب الغفران للمخطئين، والانتصار على الذات يتطلّب مقاومتها وعدم الاستجابة لرغباتها..