يصف مرقس البشير في إنجيل أحد الشَّعانين دخول يسوع الاحتفالي الأخير، إلى مدينته المحبوبة أورَشَليم -القدس، ملكًا متواضعًا ومخلصًا (مرقس 11: 1-11). وبعد هذا الدُّخول، بدأت ذروة حياة يسوع العلنيَّة السَّائرة إلى آلامه وموته. ودخوله هذا يهمُّ جميع النَّاس، لأنّه دخل ليتمجَّد على الصَّليب وليغلب الموت ويبذل حياته فديةً عن الكثيرين، ويمنحنا الحياة. فمركز الثُّقل في الإنجيل لم يكن بيت لحم، بل أورَشَليم، ولم يكن حياة يسوع، بل موته، ولم يكن المثل الذي تركه لنا، بل كفارته، ولم تكن تعاليمه، بل فداؤه. ويُعلق القدّيس ابيفانوس، أسقف سلامين: "ظهر يسوع، قيامةً للساقطين، وتحريرًا للأسرى، ونورًا للعُميان، وتعزيةً للحزانى، وراحةً للضعفاء، ونبعًا للعطشى، ومنتقمًا للمضَّطَهَدِين، وفداءً للمفقودين، ووَحدةً للمُنقسمين، وطبيبًا للمرضى، وخلاصًا للتائهين" (العظة الأولى لعيد الشَّعانين). فمع أحد الشَّعانين، ندخل الأسبوع المقدس، حيث نحتفل بالسَّاعة التي يكشف فيها يسوع بشكل نهائي سر محبة الآب للبشريَّة الذي بذل ابنه يسوع تضحية من أجلنا على الصَّليب. وهكذا يُمهِّد لنا أحد الشَّعانين مسيرتنا طوال أسبوع الآلام كنقطة انطلاق للاحتفال بسرّ آلام الرّبّ وموته ودفنه وقيامته.