منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08 - 07 - 2025, 05:23 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,338,087

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تجميع عظات القمص أفرايم الانبا بيشوى للقيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح

تجميع عظات القمص أفرايم الانبا بيشوى للقيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح


السيد المسيح قدوة ومثال

+جاء السيد المسيح كلمة الله المتجسد على الارض ليجول يصنع خيراً ويقدم المحبة لكل احد ويقدم نفسه قدوة ومثال لنا فى كل عمل صالح ،جاء لكى يقودنا الى حياة أفضل فى طريق الفضيلة والبر. وستبقى تعاليمه صالحة ونافعة لكل إنسان في كل جيل ، لانه يعرف ما بداخل الإنسان وما هو لخيره وصالحه وسعادته على الارض وفى السماء . والله لايريد ان نتبعه بالقهر أو نسير وفقاً للقيم السامية مجبرين بل كابناء لله نفعل الصلاح لنحيا الحياة الصالحة ونرث ملكوت السماوت { انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة و الخير و الموت و الشر. بما اني اوصيتك اليوم ان تحب الرب الهك و تسلك في طرقه و تحفظ وصاياه و فرائضه و احكامه لكي تحيا و تنمو} تث 15:30-16 .لقد عرفنا ان الله محبة وان من يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه .وقبل ان يعلمنا السيد المسيح عن المحبة فقد قدمها وعاشها ثم علمها لتلاميذه والمؤمنين به وحتى لاعدائه فعندما سأله أحدهم ليجربه {وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس.فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك .هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك.بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء}مت 35:22-40.
ان المحبة هي غاية الوصايا وهدفها { و اما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء }(1تي 1 : 5).ذلك ان الله خالق الإنسان يعرف حاجة النفس البشرية للمحبة فاعلن لنا المعلم الصالح الله محبة الله غير المشروطة او المحدودة لهذا من ينعم بمحبة الله يجب عليه ان يقدمها للاخرين.
+ لقد عرفنا عظم محبة الله لنا فى المسيح يسوع وبه فقد كان هو المحبة العملية المتجسده والذى بذل ذاته من أجل خلاص العالم { و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان.لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم}يو 14:3-17.واى حب أعظم من هذا ان يبذل أحد نفسه فدية عن أحبائه . وكل من تلامس بحق مع محبة السيد المسيح المحررة والغافرة يستطيع ان يسير في ذات الطريق التى سلكها معلمنا الصالح .
+ ومن محبة الله لنا انه دعانا له ابناء بالايمان وبهذه المحبة والإيمان بها ننال التبرير والخلاص { واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه.الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله} يو12:1-13. {انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله}1يو1:3. لقد جاء عن السيد المسيح انه { اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو 13 : 1). واي منتهى هذا انه الحب الذى يبذل ذاته مصلوباً من أجل احبائه، تلك المحبة التى لا يدركها البعض ويتعثرون فيها . لقد قال لنا { لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء } (يو 15 : 15).وقال للآب السماوي { وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به و اكون انا فيهم }(يو 17 : 26).
+ اننا ابناء لله بالإيمان وبسر العماد المقدس نولد من فوق من الماء والروح { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله.وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء.والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا.لان المسيح اذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لاجل الفجار.فانه بالجهد يموت احد لاجل بار ربما لاجل الصالح يجسر احد ايضا ان يموت. ولكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا. فبالاولى كثيرا ونحن متبررون الان بدمه نخلص به من الغضب.لانه ان كنا ونحن اعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالاولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته} رو 1:5-10.ان محبة الله الباذلة من أجل خلاصنا تجعلنا نحبه ونعبده بالروح والحق من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ، وهكذا راينا اجدادنا وابائنا وشهدائنا فى كل جيل يقدمون حياتهم رخيصة - وهى ثمينة فى فكر الله ولدينا - حبا فى من أحبهم ويوجهون العذابات والاضطهاد وهم فرحين متهللين بالروح .
علاقتنا بالله تبنى على المحبة ..
+ ان علاقتنا بالله وعبادتنا له تبنى على المحبة لله وكل فضيلة خالية من المحبة لا تعتبر فضيلة فنحن نصلى لله ونعبده بالمحبة فى بذل باستمرار ، ونحن نحب الغير حبا فى الله ومن اجل عمل مرضاته من اجل ذلك قال القديس الانبا انطونيوس لتلاميذه : يا ابنائى انى لا أخاف الله فقالوا له كيف يا ابانا ؟ قال لهم لانى أحبه والمحبة تطرد الخوف الى خارج. ان المسيحية ليست وصايا او حلال وحرام بقدر ما هي محبة لله . نحب الله فنطيعه ونثبت فيه ونثمر بالمحبة ثمر الصلاح .والخطية هى انفصال عن الله فلهذا لا نسمح بوجود محبة تتعارض مع محبة الله فى قلوبنا لانها تمثل خيانة لله الذي احبنا فلا تجعلوا اي شئ يفصلكم عن محبة الله فى المسيح يسوع { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف.كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} رو35:8-39.
+ ان محبة الله الغافرة وابوة الله الفائقة للمؤمنين ورعايته الدائمة لنا تجعلنا نبادله المحبة {نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19) .والله يقدر هذه المحبة ويطلبها من ابنائه {يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي} (ام 23 : 26). كما ان المحبة هى عمل نعمة الله فى قلوبنا عندما نعبده بالروح والحق {و يختن الرب الهك قلبك و قلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك لتحيا }(تث 30 : 6). فنحن لا نحب باللسان ولا بالكلام بل بالعمل والحق.
محبة الأخرين فى تعاليم السيد المسيح ..
+ ان محبتنا للإخرين هى الدليل العملى على محبتنا لله { بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض (يو 13 : 35). نحن لن نستطيع ان نصل الى محبة الله دون ان نحيا فى محبة للغير{ بهذا اولاد الله ظاهرون و اولاد ابليس كل من لا يفعل البر فليس من الله و كذا من لا يحب اخاه }(1يو 3 : 10).ان المحبة للغير تنقلنا الى دائرة الحياة الإبدية {نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة لاننا نحب الاخوة من لا يحب اخاه يبق في الموت} (1يو 3 : 14).{ان قال احد اني احب الله و ابغض اخاه فهو كاذب لان من لا يحب اخاه الذي ابصره كيف يقدر ان يحب الله الذي لم يبصره }(1يو 4 : 20).ان الله يقدر حتى كأس الماء الذى يقدم بدافع المحبة والرحمة وبدون المحبة الروحية المقدسة لن نستفيد شئ ، انظروا ماذا يقول الإنجيل عن المحبة { ان كنت اتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن. وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا.وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق و لكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا.المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر و لا تنتفخ.ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء . ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة لا تسقط ابدا} 1كو1:13-8. {مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة و السيول لا تغمرها ان اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا (نش 8 : 7).
+ ان المحبة المسيحية للإخرين هى محبة شاملة للجميع من كل دين ولون ولسان وامة . وعندما نادى السيد المسيح {تحب قريبك كنفسك } أعطى مثل السامرى الرحيم (لو 30:10-37)ليبين من هو قريبنا، انه كل انسان لاسيما المتألم والمحتاج والفقير . نحب الكل ونقبلهم ونتعاون معهم في بذل وعطاء وتضحية، بهذه المحبة نخرج من الانانية والتعصب الدينى والعائلي او العرقى ونري خير الغير خيرا لنا ونريد ان نقدم المحبة الطاهرة الروحية للجميع فى انكارللذات وترفع عن الصغائر ، فالمحبة الحقيقية هى محبة مقدسة لا تخرج عن دائرة الحق والخير والبر والا تحولت الي شهوة ومحبة ضارة بالنفس والغير .
محبة الأعداء فى تعاليم السيد المسيح
+ المحبة اذا هى دستور المسيحية وعلمها وشعارها "الصليب" هو رمز المحبة والبذل والعطاء ، المحبة المسيحية تشمل جميع الناس بلا تمييز الاقرباء والاحباء والغرباء والاعداء وهذا ما فعله السيد المسيح وعلمه { سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار و الصالحين و يمطر على الابرار و الظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل}مت 43:5-48.
+المحبة المسيحية تنهي عن الكراهية او الحقد او الانتقام ويأمرنا الإنجيل {إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء } السيد المسيح ضرب المثل الأعلى في
المحبة عندما غفر لصالبيه ودعانا الى زرع مشاعر المحبة والسعى الى المصالحة مع الجميع { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل و من قتل يكون مستوجب الحكم. واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم. فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح و اذهب اولا اصطلح مع اخيك و حينئذ تعال و قدم قربانك} مت 21:5-24.
+ لان المسيحى يجب ان يكون خيراً محباً بطبيعته الجديده كابن لله وكغصن يتغذى من الكرمة المثمرة التى لمخلصه الصالح ويسكن فيه الروح القدس بثماره الصالحة { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة و اما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية.لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية و لا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة.كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار.فاذا من ثمارهم تعرفونهم} مت16:7-20 +المحبة تجعلنا نلتمس الاعزار لضعفات الغير ولا ننتقدهم بل نفحص انفسنا فى ضوء كلمة الله المقدسة فكل منا سيعطي حساباً عن نفسه ولهذا يسعى المؤمن لاصلاح أخطائه والتوبة عن خطاياه والنموالدائم فى المحبة لله والغير وحب الخير { لا تدينوا لكي لا تدانوا.لانكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم.ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها.ام كيف تقول لاخيك دعني اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك. يا مرائي اخرج اولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين اخيك} مت 1:7-5. علينا ان نحكم علي الآخرين بالرحمة و الشفقة حتى يعاملنا الله بالرحمة وهكذا نرى السيد المسيح في العظة على الجبل قدم لنا القاعدة الذهبية فى التعامل مع الاخرين {فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس و الانبياء }(مت 7 : 12).
علمنا ان نكون محبة
+ ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه اراد ان يخلصنا من الهلاك الابدى ولما كان الموت فى طريق خلاصنا اشتهى ان يجوز فيه حبنا بنا . يارب يامن احبنا الى المنتهى ورفع من قيمة الانسان ليكون ابنا له ووارثا لملكوته السماوي ودعوتنا لكي نكون كاملين وقديسين بلا لوم فى المحبة . علمنا كيف نحبك لذاتك ولصفاتك ولمحبتك ونبادلك المحبة الروحية ونصلى لك بقلوب طاهرة ونطيع وصاياك فى محبة لانها لخيرنا وسعادتنا .
+ علمنا كيف نحب الجميع بدون رياء ونقدم من وقتنا ومالنا وفكرنا وحياتنا محبة للجميع لاسيما المحتاجين والمتألمين والضالين ولكل نفس لم تذق هذه المحبة بعد ، علمنا ايضا ان نحب خاصتنا واهلنا وكنيستنا وبلادنا ونسعى لخير كل أحد . نسألك ان تغرس فينا محبتك لتثمر فينا ثمار المحبة الروحية المقدسة ونسير فى طريق المحبة التى هى رباط الكمال حتى النفس الأخير .
+ ربى ان نفوسنا غاليه عليك وثمينة فى عينيك فلتكن ايضا مكرمة فى اعيننا نسعى الى خلاصها لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداءً عن نفسه . اننا سنقدم حسابا عن ما صنعناه خيراً كان او شراً ، فعلمنا ان نجول نصنع خيرا ونكون بسمة للمحزون وطعاما للجائع وعزاء للمحزون ورجاء للبائس وشفاء لكل نفس منكسرة فى عالم مريض محتاج للمحبة الإلهية الشافية والغافرة والمحررة من قيود الخطية والشر . ربى علمنا ان نكون محبة .

رحمة الله وحنانه على الجميع..
+ ان الرحمة والحنان صفة ثابتة من صفات الله وتنبع من أبوته ومحبته للبشر{محبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة (ار 31 : 3). فهو الذى قال قديما { الرب الرب اله رحيم و رؤوف بطيء الغضب و كثير الاحسان و الوفاء} (خر 34 : 6).وبهذه الرحمة رتل المرنم قائلاً {الرب بار في كل طرقه ورحيم في كل اعماله} (مز 145 : 17). وبمراحم الله يصبر ويطيل روحه على الخطاة { انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول.هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مرا 22:3-25.ولكى نتمتع بمراحم الله يجب علينا ان نكون رحومين على الجميع { طوبى للرحماء لانهم يرحمون} (مت 5 : 7).وهذا ما يطلبه منا الله { وقد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح و ماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك} (مي 6 : 8).
+ولقد جاء الينا السيد المسيح على الارض وهو الاله الظاهر فى الجسد ، ليعلن لنا رحمة الله الكاملة والتى تبحث عن الخطاة لتردهم وعن المقيدين لتحررهم وعن منكسرى القلوب ليشفيهم . لقد تشدق البعض برحمة الله دون ان يعوا اعماق هذه الرحمة المعلنة لنا فى المسيح يسوع ربنا { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم} 1بط 3:1-4.ولقد لخص السيد المسيح عمله على الارض بتتميم نبؤة اشعياء النبى {روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر و سلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم} لو 18:4-21.ولقد اعطي المخلص الويل للكتبة والفريسيون المراؤون لتركهم الرحمة والحق والايمان{ ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك} (مت 23 : 23).
+ من رحمة الله اعلانه عن محبته للخطاة لا بالكلام بالعمل والحق ، ووجد فيه الخطاة صديقا واباً ومدافعاً وكان يهدف بذلك الى إعلان رحمة الله الغافرة والمغيرة والمحررة التى تقبل الخطاة لا كعبيد بل ابناء محبوبين فى الرب . كان العشارين والخطاة مكروهين ومنبوذين فى المجتمع فاعلن لهم محبته وسعى لتغييرهم . لقد جذب الكثيرين بشبكة محبته الإلهية وعندما تذمٌر عليه الكتبة والفريسيين دافع عنهم قائلاً{ لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مر 2 : 17). لقد نزع محبة المال من قلوب العشارين القاسية بمحبته . ودافع عن المرأة الخاطئة { و قدم اليه الكتبة و الفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت. قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو3:8-11. لقد أظهر لهؤلاء خطاياهم التى سترها الله فرجعوا وتركوا المراة لحال سبيلهم . وفي مثل الخروف الضائع أعلن لنا أن كل إنسان خاطئ بعيد عن الخلاص إنما هو ذلك الخروف الضائع ، الذي يخرج الله الراعي الصالح للبحث عنه تاركاً التسعة والتسعين من أجل إيجاده وإعادته إلى حظيرة الخراف . وأثبت له المجد هذه الفكرة بقوله في نهاية المثل {هكذا يكون فرحٌ في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين لا يحتاجون إلى توبة }( لو15: 1-7 ) .
الرحمة وعمل الخير فى حياة السيد المسيح..
+ الله هو هو أمس واليوم والى الأبد مازالت مراحمه جديدة علينا كل صباح سواء شعرنا بها وشكرناه عليها او نسينها . وعندما تجسد السيد المسيح صار لنا قدوة ومثال فى الرحمة والمحبة . من مراحمه انه يهتم باشباع اجسادنا ونفوسنا وارواحنا . يجول يصنع خيراً ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويهتم بالتعليم وأشباع الجموع الجائعة ولازال {فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا. و بعد ساعات كثيرة تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء و الوقت مضى.اصرفهم لكي يمضوا الى الضياع و القرى حوالينا و يبتاعوا لهم خبزا لان ليس عندهم ما ياكلون. فاجاب وقال لهم اعطوهم انتم لياكلوا فقالوا له انمضي ونبتاع خبزا بمئتي دينار ونعطيهم لياكلوا.فقال لهم كم رغيفا عندكم اذهبوا وانظروا ولما علموا قالوا خمسة وسمكتان. فامرهم ان يجعلوا الجميع يتكئون رفاقا رفاقا على العشب الاخضر.فاتكاوا صفوفا صفوفا مئة مئة وخمسين خمسين. فاخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك ثم كسر الارغفة واعطى تلاميذه ليقدموا اليهم وقسم السمكتين للجميع. فاكل الجميع وشبعوا.ثم رفعوا من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوة ومن السمك. وكان الذين اكلوا من الارغفة نحو خمسة الاف رجل} مر35:6-44 . + لقد تحنن على العميان ووهب لهم النظر وبالجهال ووهب لهم حكمة واستنارة {وجاءوا الى اريحا وفيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ و يقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر46:10-52.السيد المسيح يريد ان يفتح أعين بصيرتنا الداخلية لنعاين مجده ومحبته ورحمته فهل نصرخ اليه بثقة قائلين {ارحمني يا الله حسب رحمتك ، حسب كثرة رافتك امح معاصي }(مز 51 : 1).

+ تحنن السيد الرب جعله يقيم الاموات . فتحنن على أرملة نايين فأقام من الموت ابنها وحيدها { وفي اليوم التالي ذهب الى مدينة تدعى نايين وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير. فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم. فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه. فاخذ الجميع خوف ومجدوا الله}لو 11:7-16.واقام بدافع الرحمة ابنة يايرس الذي جاء إلى يسوع متوسلاً من أجل ابنته ، فرحمه وأقام ابنته من الموت ( لو8: 54 ). وبهذا الحنان أقام لعازر بعد أربعة ايام من موته (يو1:11-44). وبرحمته هذا يقدر ان يقيم ميتوته نفوسنا الخاطئة اذ نرجع اليه ويقيم الاموات للحياة الإبدية فى اليوم الاخير {لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته.فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة و الذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} يو28:5-29.
طوبى للرحماء لانهم يرحمون ..
+ ان السيد المسيح له المجد يطوب الرحماء ويعدهم بالرحمة على الإرض وفى السماء .ويطالبنا بان نكون رحماء نحو الجميع { فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم }(لو 6 : 36). ويقول لنا ان نتعلم منه { فاذهبوا و تعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 9 : 13). ان أعمال الرحمة تشتمل على كل ما نقدمة من خير ومد يد المساعدة للمحتاجين سواء بالعطاء المادى او المعنوي وعدم أدانة المخطئين والستر على خطايا الاخرين وضعفاتهم واعلان رحمة الله للخطاة والمنكسرين والمحزونين واحتضان الضالين واحتمال ظلم الاشرار بمحبة وصلاة من اجلهم وفعل الرحمة يمتد ليشمل الاقرباء والغرباء والاعداء فان الله الرحوم يريدنا ان نتعلم منه . ولقد مدح الرب السامرى الرحيم الذى صنع الرحمة مع الرجل اليهودي الذى كان يُعتبر عدواً له (لان اليهود كانوا لا يخالطوا السامريين ) { واذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية.فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا. فاجاب وقال تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك. فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا. واما هو فاذ اراد ان يبرر نفسه قال ليسوع ومن هو قريبي.فاجاب يسوع وقال انسان كان نازلا من اورشليم الى اريحا فوقع بين لصوص فعروه وجرحوه و مضوا وتركوه بين حي وميت. فعرض ان كاهنا نزل في تلك الطريق فراه و جاز مقابله.وكذلك لاوي ايضا اذ صار عند المكان جاء و نظر وجاز مقابله. ولكن سامريا مسافرا جاء اليه ولما راه تحنن.فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتا وخمرا واركبه على دابته واتى به الى فندق واعتنى به.وفي الغد لما مضى اخرج دينارين واعطاهما لصاحب الفندق وقال له اعتن به ومهما انفقت اكثر فعند رجوعي اوفيك.فاي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبا للذي وقع بين اللصوص. فقال الذي صنع معه الرحمة فقال له يسوع اذهب انت ايضا و اصنع هكذا} لو25:10-36.ان البشرية كلها سقطت من فردوس النعيم وبعدت عن الله فجاء اليها السيد المسيح ليرفعها ويشفى جراحاتها ويردها الى الفردوس دفعة اخرى
+ هكذا يوصينا الكتاب المقدس بان نصنع رحمة {لا تدع الرحمة و الحق يتركانك تقلدهما على عنقك اكتبهما على لوح قلبك }(ام 3 : 3). {لان الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة و الرحمة تفتخر على الحكم }(يع 2 : 13). نصنع الرحمة ونصبر فى الضيقات والتجارب {ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر ايوب و رايتم عاقبة الرب لان الرب كثير الرحمة و رؤوف} (يع 5 : 11) . والى اي حد نكون رحومين ؟ ان السيد المسيح يريد لنا ان نتعلم من رحمته الكثيرة فعدما سأله بطرس : كم مرة يُخطئ إلي أخي وأنا أغفر له ، هل إلى سبع مرات ؟ فأجابه قائلاً : لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات . ثم ضرب له المجد مثلاً في هذا الخصوص وهو مثل الملك الذي سامح عبداً كان مديوناً له بعشرة آلاف وزنة ، لكن ذلك العبد لم يُسامح رفيقاً كان مديوناً له بمئة دينار ، مما أدى إلى أن أمسكه الملك وزجه في أعماق السجن وقال أنه لن يخرج إلى أن يوفي الفلس الأخير . ثم ختم قوله بالقول : هكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا كل واحد لأخيه زلاته ( مت18: 21-34). + وأعمال الرحمة مقياس للدينونة والمكافأة فى اليوم الأخير .. جعل رب المجد أعمال الرحمة التى نصنعها بالإيمان مقياس للدينونة في اليوم الأخير حينما قال بأنه سوف يأتي ويجمع كل الناس أمامه ويقسمهم إلى قسمين ، أحدهما إلى اليمين والآخر إلى اليسار ، والذين عن اليمين سوف يأخذهم إلى ملكوته الأبدي لأنهم كانوا رحماء ، وأما الذين كانوا عن اليسار فإلى العذاب الأبدي لأنهم لم يكونوا رحماء ( مت25: 31-46 ). + لقد تعلم التلاميذ والرسل وعلموا المؤمنين فى كل جيل ان يكونوا رحومين . هكذا يدعونا القديس يوحنا الحبيب للرحمة لتثبت فينا محبة الله { وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه }( 1يو3: 17 ).ويعلمنا القديس بولس الرسول { و كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح }(اف 4 : 32) . { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ (اع 20 : 35). ولقد برع الكثيرين فى عمل الرحمة فى كل جيل ونذكر من هؤلاء القديس ابراهيم الجوهرى الذى ضُرب به المثل فى عمل الرحمة والعطاء والانبا ابرام اسقف الفيوم المتنيح الذى كان يتصدق بكل ما يأتى اليه وحتى بعد إنتقاله الى السماء يمد يده بالمعجزات على الفقراء والمحتاجين وام عبد السيد التى انتقلت منذ فترة قريبة وكانت تبحث عن المرضى والمحتاجين والخطاة لتعمل معهم الرحمة . لقد عرف هؤلاء كيف يربحوا بالوزنات المعطاة لهم . ان الله هو قبل كل شيء اله الرحمة والمحبة.وان هذا أيضاً هو ما يطلبه الله منا في حياتنا أن تكون أفعالنا كُلها، أعمال رحمة تُظهر رحمة الله ودعوته الرحيمة للجميع للتمتع بالرحمة الإلهية.
مثل عظيم رحمتك يا خالقى ارحمنى
+ ايها الرب كثير الرحمة والاحسان والوفاء . يالله الذى من أجل رحمته الكثيرة يغفر الخطايا ويمحو الاثام ، ويصبر على البشرية الخاطئة والجاحده لمحبته ليعودوا ويرجعوا اليه . الهى ان ولادة كل طفل جديد فى العالم تقول لنا انك رحوم ولم تيأس من العالم ، نشكرك ونباركك على حنانك ورحمتك بنا ونصلى اليك لتهبنا قلوب حانية تقترب من مراحمك بتواضع قارعة باب مراحمك طالبة العون والرحمة على الخليقة كلها .
+ علمنا يارب ان نرتل لك ونقول كل صباح ومساء باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب و لا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك. الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل و القضاء لجميع المظلومين.الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة . لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا.لانه مثل ارتفاع السماوات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا. كما يتراف الاب على البنين يتراف الرب على خائفيه. لانه يعرف جبلتنا يذكر اننا تراب نحن.
+ علمنا يارب ان نجول نصنع خيراً ورحمة ، علمنا ان نكون متسامحين وشفوقين على الساقطين والبائسين والفقراء نتأنى على الضعفاء ونشجع صغار النفوس واذ نذوق رحمتك وحنانك ونحيا فى ظل رعايتك الحانية لابد لنا ان نعلن لكل أحد تعالوا ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب وما اوسع مراحمه عليناعلمنا يارب ان نكون رحومين ندعوا الناس الى عمل الرحمة والبر والتسامح لاسيما فى هذه الايام الشريرة التى نري فيها محبة الانتقام والتشفي من الاعداء علمنا ان نزرع المحبة حيث تنموا اشواك الكراهية ونبزر الرجاء حيث يوجد اليأس،ونصنع الرحمة فى القلوب القاسية ،وننادى بالتسامح والغفران وسط نيران الكراهية والاحقاد ان العالم يحتاج للقيم التى عملتها وعلمتها ايه المسيح القدوس ليجد الراحة والسلام والسعادة فلتعمل يارب بروحك القدوس ليأتى ملكوت فى كل قلب أمين .

السيد المسيح اقنوم الحكمة الإلهية ..
+ ان شخص ربّنا يسوع المسيح، هو أقنوم الحكمة الإلهية الذى تجسد من اجل خلاص جنس البشر وهو {المُذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} كو3:2 وهو حكمة الله وقوته 1كو30:1 الذى تنازل من اجل التدبيرالاله وصار بشرا {في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله. والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1،14.وهو الذى يقدر ان يعطينا حكمة ومعرفة كما قال لتلاميذه { لانى اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها } لو15:21 .لهذا قال السيد المسيح لسامعيه مرة { ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان وهوذا اعظم من سليمان ههنا.رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا} لو 31:11-32.والسيد المسيح جاء ليهبنا حكمة وعلما لنعرفه ونحبه ونخلص نفوسنا وهو القادر وحده أن يضمنا إليه، فننعم بالشركة معه للحياة الإبدية .
+ اعمال السيد المسيح كانت كلها حكمة {ما اعظم اعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت ملانة الارض من غناك} (مز 104 : 24) كما ان تعاليمة واقواله هي تعبير عن هذه الحكمة ودعوة اليها . المسيح هو الكلمة الإلهي جاء يعلن لنا مشورة الله الآب وإرادته،وكلامه حكمة وقوة وله فاعلية فى حياة المؤمنين . لهذا السبب تسهم كلمة الكلمة في شفاء الإنسان{ أنتم الان أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به }(يو3:15) ان كلمة الله تطهّر وتنير وتقدّس الإنسان { بكلمة الرب صنعت السماوات } (مزمور 6:33).لذلك قال السيد المسيح أن مَن يحفظ وصاياه يحبه الآب { الذي عنده وصاياي و يحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21) يقول احد القديسين أن كلمة الله هى الله نفسه حاضر سرياً في كل وصية يعطيها. ومعروف أن كلمة الله لا ينفصل عن الآب والروح القدس. لهذا مَن يحفظ كلمة المسيح يحصل على محبة ونعمة الثالوث في داخله .
+ تعاليم المسيح هي حياة ابدية { فاجابه سمعان بطرس يا رب الى من نذهب كلام الحياة الابدية عندك } (يو 6 : 68). الكلمة المتجسد أعطى بروحه القدوس النبوة لأنبياء العهد القديم ولهذا نجدهم يقولوا { هكذا قال السيد الرب } (حز 3 : 27) . من ناحية ثانية، لا يتكلّم المسيح بهذه الطريقة بل يقول { اما انا فاقول لكم } (مت 5 : 22)وعندما تجد كلمة الله تربة ملائمة تثمر. المسيح كشف لنا بالتجسد إرادة الآب. وكما أن للبذرة إمكانية وقدرة عظيمتين لأن ينبت منها شجرة ضخمة متى وجدت التربة الصالحة والظروف المناسبة ، كذلك لكلمة الله إمكانية وقدرة عظيمة. يخبرنا القديس مكاريوس أن كلمة الله ليست كسولة بل لديها عمل حين تصبح في التربة لهذا مَن يسمع كلام الله يستنير ويثمر {لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا} (عبر 12:4-13.السؤال هو لماذا لا تعمل كلمة الله في كل الناس بالطريقة ذاتها. هذا يرتبط بأن النعمة الإلهية تعمل في الناس بشكل مختلف بحسب الحالة الروحية لكل منهم.كما ان الماء واحد ويعمل فى النباتات لتأتى بثمار مختلفه لكل شجرة ونبتة ثمرتها الخاصة، حلاوتها، مرارتها، حموضتها، مع أنها جميعاً تلقت الماء نفسه. هذا يتوقّف على تركيبة كل نبات. وهكذا تعمل الكلمة الإلهية وتظهر بما يتناسب مع نوعية فضيلة كل شخص ومعرفته عملياً ومعرفياً. إذا كان المرء دنساً، تطهره كلمة الله، إذا كان ناميا فى النعمة تجعله يثمر ، وان كان يسعى للكمال والحكمة والتقديس فكهذا يكون مفعولها هكذا كان السيد المسيح وسيبقى بحكمة يعمل وتختلف الثمار حسب استعداد نفوسنا لقبول كلمته .
+ لقد كان اليهود يطلبون ايات ومعجزات واليونانيين يسعون الى الحكمة ورغم ما صنعه السيد المسيح من ايات وما علمه من حكمه فقد عثر البعض فيه وآمن الذين سمعوا وراوا واطاعوا الإيمان { لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة. لان اليهود يسالون اية و اليونانيين يطلبون حكمة. و لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. واما للمدعوين يهودا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله} 1كو 21:1-24. لا نستطيع أن نفهم "الله محبة" الا بالصليب الذي به فدانا مخلصنا يسوع المسيح وخلصنا من لعنة الخطيئة. بينما عند الهالكين هو ذلٌّ وعار . عندنا نحن المسيحيين الصليب هو رمز المصالحة مع الآب وهو رمز لتجسّد محبة الله لنا لكي يدرك الأنسان محبة الله له، الصليب هو الجسر الذي يوصلنا الى السماء، بينما الذين لايقبلون الصليب كرمز للخلاص ،فهم يشبهون شخص يغرق ولا يقبل اليد الممدودة له لأنقاذه . هناك من يحاولون بلا جدوى ألأعتماد على قوّتهم وعقولهم وفلسفتهم لأنقاذ انفسهم من الموت ولكن مثلهم هو مثل العطشان في صحراء قاحلة يجري وراء السراب. قوة الصليب تظهر جليا في القيامة والأنتصار على الموت والخطيئة والدخول للحياة الإبدية لكل من يؤمن به .
+ يقدم لنا ايضا السيد المسيح فى الامثال حكمة علي مستويات وحاله المستمعين وهى دعوة للتفكير والحكمة والفم واعمال العقل . عندما أورد المسيح مثل البذار، لم يفهم اليهود معنى المثل ومحتواه العميق. وعندما اقترب التلاميذ ليسألوه معنى هذا المثل قال لهم: {لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ}(لوقا 9:8-10). يبدو واضحاً أن الصور في الأمثال استُعملَت لتخفي معاني الأمثال التي كانت تُشرَح للتلاميذ المهيئين لها.أن التلاميذ كانوا مستحقين لمعرفة أسرار ملكوت السماوات، بينما الآخرون على مقدار فهمهم. لكن المسيح فعل هذا ليس من باب الانتقائية، بل من باب المحبة والعناية. فلأنه كان يعرف أنهم سوف يزدرون باسرار الملكوت أن عرفوها، فقد أخفاها حتى لا تزيد دينونتهم. إذاً نرى من مثل البذار أن البعض، مثل الجموع، يسمعون كلمة الله في الأمثال، وآخرون، مثل التلاميذ، يعرفون أسرار ملكوت الله، وغيرهم، مثل التلاميذ الثلاثة الذين صعدوا على جبل طابور، يرون المسيح المتجلّي. يتوقّف الأمر على حالة المستمعين الروحية .
دعوة السيد المسيح لنا لنكون حكماء
+ لقد دعانا السيد المسيح ان نكون حكماء ونراه يمدح وكيل الظلم (لو18:16) لانه بحكمة صنع وقال لنا{ كونوا بسطاء كالحمام ، وحكماء كالحيات } مت 16:10. وهو بالحكمة يبنى كنيسته ويعضدها بالاسرار المقدسة { الحكمة بنت بيتها ، نحتت أعمدتها السبعة } أم 1:9.والروح القدس العامل فى الكنيسة واعضائها هو روح الحكمة { روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب (اش 11 : 2).والذى يريد ان يسكن فيه روح الله لابد ان يتوب ويستجيب لعمل النعمة { ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية} (حك 1 : 4). ونحن نصلى لكي ما ننقاد بروح الله { بسبب هذا احني ركبتي لدى ابي ربنا يسوع المسيح.الذي منه تسمى كل عشيرة في السماوات و على الارض.لكي يعطيكم بحسب غنى مجده ان تتايدوا بالقوة بروحه في الانسان الباطن. ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم.وانتم متاصلون ومتاسسون في المحبة حتى تستطيعوا ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو. وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا الى كل ملء الله.والقادر ان يفعل فوق كل شيء اكثر جدا مما نطلب او نفتكر بحسب القوة التي تعمل فينا} أف 14:3-20. والتلاميذ والرسل الذين اختارهم وهبهم حكمة ومعرفة روحيه بروحه القدوس بل حتى الشمامسه كان شرط اختيارهم ان يكونونوا مملوين من الروح القدس والحكمة { فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة }(اع 6 : 3). وعندما سُئل الانبا انطونيوس عن ما هي أعظم الفضائل ؟ اجاب : انه الافراز والحكمة ، بالافراز والحكمة الروحية يميز الانسان بين الخير والشر والحق والباطل ويسلك فى الفضيلة بحكمة فالحكيم عيناه فى راسه اما الجاهل فيسلك فى الظلام (جا 14:2).
+ الحكمة الروحية تنبع من معرفتنا لحقيقة انفسنا ومعرفتنا لله ومشيئته فى حياتنا وهكذا تجعلنا نفكر ونتصرف حسنا في سلوك يتسم بمخافة الله ومحبته والعمل علي رضاه {من هو حكيم وعالم بينكم ، فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة }يع 13:3. الحكيم يقيم توازن بين حياته على الارض كسفير للسماء فى غربة موقته وبين حياته الابدية فى السماء وان كانت تعوزه حكمة فيطلب من الله { ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له} (يع 1 : 5).
أنّ الحكمة تختلف عن المعرفة فهناك ناس عندهم معرفة ومعلومات كثيرة ولكنهم قد يفتقرون الى استخدام هذه المعرفة والمعلومات بصورة صحيحة لآنّهم يفتقدون الى الحكمة التي يهبها الروح القدس من فوق،وهناك ناس اذكياء ولكن قد ينقصهم الحكمة للفهم والتدبير والرؤية الصحيحة للأحداث،بينما الشخص الحكيم يطلب التمييز وأختيار الصواب والمشورة والتدبير وهذه كلها يطلبها من ربنا يسوع المسيح ، وهو الذي بيّن لنا أن الآب السماوي يكشف الحكمة للاتقياء المتواضعين والبسطاء ،بينما يخفي هذا السر عن غير المؤمنين الذين يعتبرون انفسهم حكماء وفهماء { و في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك }(لو 10 : 21).
+ ان الحكمة التى من الله كهبة من الروح القدس ليس هى الكياسة او الدبلوماسية او الدهاء والمكر الذي يظنه البعض حكمة وليس هي الذكاء بل هى معرفة حقيقة الاشياء كما هى فى فكر الله والفطنة والافراز والتمييز الروحى الذى يهبنا ان نتصرف بالبساطة الحكيمة الطاهرة الرحيمة والوديعة كما يليق بابناء الله القديسين فى تكامل وتوازن واتزان والتزام روحى وكما جاء فى الإنجيل { من هو حكيم و عالم بينكم فلير اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة.ولكن ان كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية. لانه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل امر رديء.واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام} يع 13:3-18.
كيف نقتنى الحكمة الإلهية
+ بمداومة الصلاة لله بنقاوة قلب .. لقد صلى سليمان الحكيم وطلب من حكمة من الله { فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم.والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر.فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم. هوذا قد فعلت حسب كلامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك.وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى و كرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك} 1مل 6:3-13.ونحن يجب ان نداوم على الصلاة والطلبة لنعرف ارادة الله وحكمته ونتعلم منه ونلتصق به مصدراً للحكمة {عنده الحكمة و القدرة له المشورة و الفطنة} (اي 12 : 13) ليكون كل منا كاملاً فى المسيح يسوع { الذي ننادي به منذرين كل انسان و معلمين كل انسان بكل حكمة لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع} (كو 1 : 28).
+ الانقياد لروح الله .. ان روح الله هو روح الحكمة والقداسة والمعرفة والتمييز { ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب} (اش 11 : 2) .ان الروح القدس هو نبع لا ينضب ابدا فى انساننا الداخلى { و في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب.من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه } يو37:7-39 .{ لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته.مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين.وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} اف 16:1-19. اننا اذ نولد من الماء والروح وناخذ بالميرون المقدس سكنى وعمل الروح القدس فينا يجب علينا ان لا نحزن روح الله بخطايانا وننقاد له فى افكارنا وسلوكنا ونطلب ارشاده فى كل ذلك وهو يعلمنا كل شئ{ و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26).ويهبنا قوة وحكمة { فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس }(مر 13 : 11). ويهبنا قوة لنشهد لله { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 : 8).الروح القدس يهبنا ثمار ومواهب الروح القدس ويلهب قلوبنا بمحبة الله حتى المنتهى { لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 : 5).
+ الكتاب المقدس والحكمة والاستنارة .. ان الكتاب المقدس مصدر لا ينضب من الحكمة فقد كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح القدس ومن خلاله يتحدث الله الينا { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) وبه نعرف ارادة الله الصالحة والكاملة نحونا ، ان عقولنا وقلوبنا وارواحنا نستنير بكلام الله { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105) .وكلام الله يهبنا قداسة ومعرفة { قدسهم في حقك كلامك هو حق }(يو 17 : 17). وكما ان الجهل بكلام الله هلاك{ قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا} (هو 4 : 6). فان معرفة الكتاب حياة ابدية { وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3).ولهذا دعى السيد المسيح اليهود قديما ان يفتشوا فى الكتب لانها تشهد له { فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية و هي التي تشهد لي{ (يو 5 : 39) وهكذا كلام الله لابد ان ياتى ثماره متى حفظناه وعملنا به وشهدنا له وعلمناه .
+ التعلم من القديسين الحكماء ... نحن نحتاج الى التلمذة والتعلم من أناس الله القديسين الذين تعبوا وجاهدوا فى اقتناء الفضيلة والحكمة . من اجل هذا يدعونا الانجيل لنتمثل بايمانهم وفضائلهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). لقد برع ابائنا القديسين فى اقتناء الافراز والحكمة والتمييز والتدقيق فى السلوك . كان يأتى اليهم الذين يريدون التعلم ليقولوا لهم كلمات قليلة ليخلصوا او يروا أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها . ونحن نحتاج لحكمة هؤلاء القديسين والتلمذه عليها فى افراز وحكمة .والسلوك فى الفضيلة بافراز دون تطرف او مغالاة فنعرف متى نتكلم ومتى نصمت وماذا نتكلم ونعرف ان نفرق بين التواضع وصغر النفس وبين الكبرياء واحترام الذات وبين الادانة والنصح واداء المسؤلية وبين الوداعة واللين وبين الحزم والقسوة وبين الطاعة للحق والشهادة لله والدفاع عنه . نعرف متى نتصرف فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وبالاسلوب اللائق فى بعد عن السطحية او التعقيد وفي اتزان والتزام لاسيما فى الامور المصيرية .نحن نتعلم الحكمة ايضا من خلال الخبرات الحياتية والتفكير والتأمل فى الاحداث ونكون انفسنا كما يريديها الله {العقلاء في الكلام يتممون اعمالهم بالحكمة و يفيضون الامثال السديدة} (سيراخ 18 : 29).
من عندك الحكمة والمشورة ..
+ ايها الرب الاله يامن عنده الافراز والمشورة وفيك مخبأة لنا كل كنوز الحكمة والعلم نأتى اليك قارعين باب تعطفك فهبنا يا غني بالمراحم حكمة ومعرفة ومشورة صالحة لنعبدك بالحق والروح ونخافك ونتبعك بمحبة من كل قلوبنا جميع ايام حياتنا .ان الذين يحبون الحكمة ينالون نعمة والذين يبغضونها يحبون الموت . تتمشى الحكمةفي طريق العدل ، وتتحرك في سبيل الحق،لتهب الذين يعرفونها غنى،وتملأ قلوبهم سلاما وسعادة . الحكمة تحب الذين يحبونها وتدخل القلوب النقية الرحيمة وها نحن نطلبها بكل قلوبنا فلتسكن فينا لتقودنا فى طريق الفضيلة والبر .
+ انت يارب غايتنا وحكمتنا وخلاصنا ، ونحن نريد ان ندخل بانفسنا ومن معنا الى أحضانك الإلهية لننهل من حكمتك ونكتشف محبتك وابوتك ونعرفك ليس من أجل مكسب مادى ولا من اجل مجد زمنى ولكن من اجل ان نكون لك ابناء وتكون انت لنا ربا والها وحكمة وقداسة وبك نحيا مذاقة الملكوت على الارض وبك نتحصن ضد قوى الشر الروحية فلا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك .
+ يا اله الحكمة ووواهب الفهم يامن اعطى قديما ليوسف الصديق من روحه القدوس حكمة ولدانيال النبى معرفة بها شهد لك وتنبأ بخلاصك ، يامن قاد الكنيسة عبر العصور بحكمة من لدنه انت قادر يارب ان تعطي رعاتنا حكمة ومشورة ورعيتنا فهم ومعرفة روحية ، انت ضابط الكل وسيد التاريخ نسالك ان تقود البشرية قادة وشعوب وأمم نحو معرفتك وعمل اراداتك لتصل سفينة عالمنا المعذبه فى أمواج الصراعات الى بر الأمان والإيمان ، أمين .

الحاجة الى السلام ...
+ السلام كما انه صفة لله القدوس فهو قيمة روحية واخلاقية هامة فى حياة كل فرد ومجتمع، وما احوجنا الى السلام فى عالم اليوم الذي تسوده الكراهية والخصومات والحروب والنزاعات وتراق فيه الدماء البرئية والتى تصرخ الى الله مطالبة باقامة العدل ونزع البغضة وبدلا من السعى الى المصالحة مع الله والناس والنفس والتمتع بالسلام نرى الناس يسرعون الى حل المشكلات بالقوة والعنف مما يجعل دائرة العنف والبغضاء والحروب تذداد وتتسع ، ان الأنانية التى نراها اليوم والسعى الى تحقيق المصالح الخاصة وفرض السيطرة والتملك والتمسك بالسلطة والاستمرار فيها بكل وسائل البطش دون وازع اخلاقى او ضمير انسانى او مخافة لله جعلت مستقبل العالم كله فى مهب الرياح . كما ان تطوير اسلحة الدمار الشامل والاستمرار فيه بدون ضابط او حكمة سيودى الى نتائج كارثية فى ظل غياب الضمير الاخلاقى وهذا ما نراه على المستوى الفردى او المحلى او الاقليمي اوالدولي من حولنا وهذا يوجه افكارنا بالبحث عن السلام والسعى اليه كحاجة ملحة حتى نتفادى الطوفان والحروب التى لن تبقى على أحد .
+ يقدم لنا الله سلامه الكامل ويريدنا ان نحيا فى سلام وأطمئنان وهدوء . وفى ظل هذا السلام الروحى والاخلاقى ينمو الفرد والاسرة والمجتمع ويتقدم ولكن علينا ان نعمل ونصلى ان يحل السلام الدائم والعادل والشامل حياتنا ومجتمعاتنا وعالمنا ، علينا ان نسعى الى السلام ونجد فى أثره ، ونريد لغيرنا ان يحيا فى سلام وأمن وعدالة بدون ظلم مع مرعاة حقوق ومصالح الغير، ان سيادة قانون المحبة تجعل الحاجة الى الالتجاء الي القوانين الوضعية تقل وتنتفى . كما ان وجود مبادئ العدالة والمساوة وسيادة القانون والثواب والعقاب من الامور التى تبنى مجتمع أمناً مطمئناً . وكلما اقتربنا من الله بالتوبة وحياة الفضيلة والبر والتقوى ساد السلام والمحبة والرحمة والحكمة فى مواجهة المشكلات وحلها بالطرق السلمية . أن تحقيق هذا السلام في واقع الحياة ليس بالأمر الهين. فهو يتطلب توفر الإرادة الطيبة وبذل كل الجهود وكل المساعي الكبيرة والكثيرة والدائمة ،ان أمر تحقيق السلام منوط بنا جميعاً وذلك بإزالة المعوقات والموانع والتحديات كالحروب والنزاعات والصراعات التي ما زالت قائمة بين بني البشر وكذلك المطامع والمصالح الآنية والشخصية التى تحول دون تحقيقه علينا ان نكفء كافراد ودول وحكومات، عن أطماعنا وجشعنا ومحاولات استغلال الغير الامر الذى يعمل على نشر السلام والتعاون والمحبة بين الافراد والشعوب .
+ ان قبولنا للآخر والاعتراف بحقوقه واحترامه ونشر ثقافة السلام والتعاون والمحبة بدلا من العنف والكراهية ودق طبول الحرب من الامور التى نحتاج اليها للحصول على السلام . اننا نحتاج كافراد ودول الى أعلاء قيمة أحترام الحياة وحق الاخر فى الاختلاف فى الراى او المذهب او الدين دون استخفاف او تهميش او تكفير . نحتاج كافراد ومؤسسات ودول الى العمل الدؤوب من اجل المصالحة واقامة العدل ومكأفاة الساعين الى السلام والمحاسبة القانونية العادلة للمجرمين ودعاة الكراهية والعنصرية والحروب حتى ما نحيا فى سلام وكرامة انسانية وامن وامان.
السيد المسيح رئيس السلام
+ عندما ولد ولد السيد المسيح فى بيت لحم قبل ما يذيد من الفى عام تهللت الملائكة بالتسبيح { ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين.المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة} لو 13:2-14. وكما تنبأ اشعيا جاء الينا رئيس السلام الذى لرئاسته وسلامه لا نهاية { لانه يولد لنا ولد و نعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية } اش 6:9-7. لقد كان التجسد الإلهي رحمة من الله لكى يهدي اقدامنا فى طريق السلام { باحشاء رحمة الهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة و ظلال الموت لكي يهدي اقدامنا في طريق السلام} لو 78:1-79. وهكذا جال السيد المسيح يصنع خيرا ويشفى كل المتسلط عليهم ابليس وقال للمؤمنين به {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب (يو 14 : 27). إنه لا يقدم السلام كما يقدمه العالم، تحية كلامية شكلية، بل بركة حقيقية تتمثل في تقديم ذاته لمؤمنيه. هذا السلام لا يمكن للعالم بكل إمكانياته أن يقدمه ولا بكل أحزانه أن يسحبه من المؤمن. لأن ما يعطيه العالم يمس الجسد ويُحد بالزمن والمكان، أما سلام المسيح فيحتضن كيان الإنسان كله، ولا يقدر زمن ما أو مكان ما أن يحده. إنه يسحب أعماق الإنسان لتختبر الأبدية.لأن سلام المسيح أبدي، ليس من قوة تقدر أن تنزعه عن الإنسان المتمسك به. سلام العالم قد يدفع الإنسان إلى الخطية، سواء من جهة الملذات أو الكبرياء، أما سلام المسيح فهو عمل النعمة الغنية التي تحفظ الإنسان في القداسة والبر. وتسحب قلوبنا إلى الفرح الأبدي والسلام السماوي.
+ فى المسيح يسوع ظهرت رحمة الله وحقه وبره وعداله {الرحمة و الحق التقيا البر و السلام تلاثما} (مز 85 : 10) وبه ومن خلال صليبه تمت مصالحة البشرية الساقطة مع الله {ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة.اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة.اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله.لانه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه}2كو18:5-21.وكما صنع لنا سلاما مع الآب السماوى فقد دعانا لصنع السلام مع الغير والسعى اليه لنكون ابناء لله {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون }(مت 5 : 9). وان نتبع السلام مع الجميع { اتبعوا سلام مع الجميع و القداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). لقد وعدنا ان يكون لنا فيه سلام { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33).من أجل هذا رغم الضيقات نثق انه سيغلب بنا ومن اجلنا {فنظرت واذا فرس ابيض والجالس عليه معه قوس وقد اعطي اكليلا وخرج غالبا و لكي يغلب (رؤ 6 : 2).
+الى الله نصلى ونطلب كل حين قائلين : يا ملك السلام ، اعطنا سلامك ، قرر لنا سلامك واغفر لنا
ان كل إنسان منا غال وعزيز على قلب الله ويريد سلامنا وخيرنا وهذا ما فعله ويفعله باقواله وافعاله . لقد صالحنا السيد المسيح مع الآب السماوى وسعى لمصالحة اليهود مع السامريين والأمم ومدح السامرى الصالح وقائد المئة الاممى وجاء الى مصر الى كانت عاصمة للفكر الهلينى والوثنى لينشر الإيمان ويؤسس كنيسة العهد الجديد ويبارك ارضها وشعبها . انه كأب صالح يريد ان يجمع ابنائة كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فهل نريد نحن ان نحتمى فى سلامى ونعمل للوصول اليه ؟
طوبى لصانعي السلام
+ السلام مع اللـه.. ان الانسان الذى يحيا فى حياة الخطية والإثم وعدم الايمان ، يبتعد عن الله ويحيا فى خصومة مع الغير ولا يجد السلام الداخلى {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22) . اما الانسان التائب المؤمن بالله فيحيا في سلام {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح }(رو 5 : 1). الانسان المؤمن يثق فى حفظ الله ورعايته { حبيب الرب يسكن لديه امنا يستره طول النهار و بين منكبيه يسكن }(تث 33 : 12).المؤمن لو احاطت به الضيقات والتجارب فانه يؤمن بقدرة الله على حفظه ورعايته .لقد القوا بالفتية الثلاثة فى اتون النار ولكن كان الرب معهم وحافظاً لهم واذ به يحلهم من القيود ويسيروا وسط النيران مسبحين الله على عظيم قوته من اجل هذا ترنم النبى قديما واثقاً بحفظ الله ورعايته {الرب نوري و خلاصي ممن اخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب.عندما اقترب الي الاشرار لياكلوا لحمي مضايقي و اعدائي عثروا و سقطوا.ان نزل علي جيش لا يخاف قلبي ان قامت علي حرب ففي ذلك انا مطمئن}مز -31:27.
لنصلى ونعمل ليقوى الله ايماننا به ويذيد من رجائنا فيه وتشتد محبتنا له فنحيا معه فى سلام واثقين بوجوده معنا واننا لسنا وحيدين . بل نثق أن الله معنا ويعتنى بنا وان كان الله معنا فمن علينا ان الله هو القوة القادرة على كل شئ، التي تساندنا فى الضعف وتنزع عنا كل خوف ، والتي كلها حب وعدل. وهي تعمل الخير الجميع، وتتراءف على كل من هو في ضيقة،وإذ نطمئن إلى هذه القوة الإلهية الحافظة، تمتلئ قلبنا سلاماً، ولا نقلق او نخاف. أما غير المؤمن، فإذ لا يثق بقوة خفية تسنده، نراه يتعب، ويقف وحيداً في ضيقاته فاقداً للسلام.
+ السلام مع الناس.. لقد دعانا السيد المسيح لنكون صناع سلام حتى نكون ابناء الله ملك السلام ، فهل نحن ندرك أهمية هذه الدعوة فى عالم ملئ بالصراعات { كما هو مكتوب ما اجمل اقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات} (رو 10 : 15). يجب ان نكف عن الشر ونقابله بالخير والمحبة الاخوية للجميع لكى نتمتع بالسلام { والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة.لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر.ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم و لكن وجه الرب ضد فاعلي الشر. فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير} 1بط 8:3-13.
لهذا يوصينا الانجيل ان نتبع البر والايمان والسلام والمحبة فى تعاون واحترام للغير ولا نشترك حتى فى المجادلات الغبية مع الاخرين { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها و اتبع البر والايمان و المحبة و السلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها عالما انها تولد خصومات. وعبد الرب لا يجب ان يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات. مؤدبا بالوداعة المقاومين عسى ان يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته} 2تيمو 22:2-26.علينا ان نحيا فى محبة وتفاهم واحترام مع الغير سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع بالتعاون معهم، ونقدم الخير للكُل، ونحِرص على مشاعر كل مَن نتعامل معه ونعالج كل أمورنا بالحكمة والدعوة الي السلام وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس.
دعانا السيد المسيح الى محبة الجميع وبهذا نحيا فى سلام ونصل بالمحبة حتى الى الاعداء { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا.فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل } مت 43:5-48. كما دعانا الى المغفرة غير المحدودة للمسيئين { حينئذ تقدم اليه بطرس و قال يا رب كم مرة يخطئ الي اخي و انا اغفر له هل الى سبع مرات. قال له يسوع لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات} مت 21:18-22. اذا لنحب المحبة ونغفر وهذا يحول الاعداء الى اصدقاء ومن لا نستطيع ان نسالمة من مرضى النفوس والقلوب نتجنبه ونبتعد عنه وان لم يكن هناك مفر من التعامل مع هؤلاء فليكن بالاحترام والقانون وتدخل اهل الغير.
ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا- الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه. الدرجة الثانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن .
الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ.
الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا.
الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين. الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم. الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب... "أحبّوا أعداءكم".
الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير. الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه.

هكذا إذ يبلغ الإنسان إلى هذه الدرجة، ليس فقط يكون مستعدًا لقبول آلام أكثر وتعييرات وإنما يقدّم عوضها حبًا عمليًا ويقف كأب مترفّق بكل البشريّة، يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه وطارديه، يكون متشبِّهًا بالله نفسه أب البشريّة كلها. غاية مجيء السيّد إلينا إنّما هو الارتفاع بنا إلى هذا السموّ و يجعلنا نافعين لأعدائنا كما لأصدقائنا واحبائنا .
+ السلام الداخلى ..
الانسان الروحى يحيا فى انسجام داخلى وتوافق بين الانقياد لروح الله الساكن فيه وقيادة الروح لعقلة ونفسه وجسده فيضبط ميوله النفسيّة ويخضعها للعقل والروح، ويضبط ذاته ويوجها نحو الله وصنع السلام والخير فيحل ملكوت الله داخله فان كنت تريد السلام.. اعمل برًا يكن لك السلام، {السلام والبرّ تعانقا}(مز 85: 10).ليكن السلام حبيبًا لك وصديقًا، واجعل قلبك مضجعًا نقيًا لله . ولتكن لك معه راحة مطمئنة وصداقة لا تنفصم عراها{سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم} (يو 14: 27). لقد أعطانا هذا ميراثًا، فقد وعدنا بكل العطايا والمكافآت التي تحدّث عنها خلال حفظ السلام.
نثق فى الله ونؤمن بعمله معنا ونطمئن من جهة حياتنا الخاصة ومستقبلنا، والاطمئنان أيضاً على احبائنا ومعارفنا. المسيح جاء لهبنا السلام الداخلى ويجعلنا نواجه المشاكل في صمود وثقة. لا نضطرب، بل بفكر هادي مُتزن نبحث عن حلول وإن لم نجدها يمكنها أن نصبر ونحتمل دون أن تفقد رجائنا ودون أن نفقد سلامنا. إنَّ العاصفة تستطيع أن تهز شجرة الضعيفة ولكنها لا تهز السنديانة أو البلوطة أو أيَّة شجرة لها جذور قوية وعميقة في الأرض. كذلك الأمواج لا تستطيع أن تؤذي باخرة أو سفينة قوية تشق طريقها في البحر وتسير مطمئنة. ولكن هذه الأمواج يمكنها أن تتعب قارباً صغيراً أو سفينة فيها ثُقب يسمح للماء أن يترسَّب إلى داخلها .
يجب ان نكون اقوياء القلب ولا نفقد سلامنا أمام المشاكل والضيقات. ليكن لنا اذا سلام الإيمان الواثق ولا نخاف شئ . ان الضيقة عندما تحل بالمؤمن يلاقيها بكل اطمئنان وبسلام قلبي عجيب واثق فى تدخل الله فيها وحلها وانتهائها لصالح وخير المؤمن وهكذا يقوده الإيمان إلى الاطمئنان. وهكذا أولاد الله يعيشون دائماً في سلام. بل وفي فرح، شاعرين أن الله معهم، هو الذي يتولى كل أمورهم، ويعمل من أجلهم ما لا يستطيعون عمله لأجل أنفسهم.
إن الطريق المؤدي إلى السلام هو الطريق الذي يجعل القلب يتغير ويتبدل ويمتلئ حباً بدلاً من البغض،وعطفاً بدلاً من الانتقام، وحكمةً بدلاً من الجهل، وتواضعاً بدلاً من الشموخ والكبرياء، ولكن كيف يتغير القلب؟ بل هل يقدر أحدنا ان يبدل حياته وعاداته واستعداده الفطري والمكتسب؟ الجواب: نعم إذ ان هناكَ من يغير ويبدل كل شي إلى الأفضل حتى لو كان القلب قاسيا . هو ذلكَ الأول والأخير، الألف والياء،كلي القدرة والكامل والسرمدي، انه الهك الممسك بيمينك القائل لا تخف أنا اعينك . فلننزع عنا كل ثقل الخطية ونرجع اليه بقلب صادق وضمير بلا رياء ومحبة كامله طالبين ان يهبنا سلامه الكامل {وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع (في 4 : 7).

الحاجة الى التواضع ..
+ التواضع هو الأساس الذى نبنى عليه برج الفضيلة العالى لحياتنا الروحية وهو الذى يحفظ البناء ثابتا لا يتزعزع . وكلما تعمق الأساس كلما اذداد البناء صلابة ورسوخ وكلما يضع الإنسان نفسه كلما ارتفع برج فضائله إلى فوق. ان الشجرة المحملة بالثمار تنحنى الى أسفل والانسان المثمر يحيا متواضعا وديعا أمام الله والناس .كما ان الله الوديع المتواضع يسكن قلوب المتواضعين { لانه هكذا قال العلي المرتفع ساكن الابد القدوس اسمه في الموضع المرتفع المقدس اسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح لاحيي روح المتواضعين ولاحيي قلب المنسحقين (اش 57 : 15). وهو يريدنا ان نسلك امامه بتواضع وتقوى ومعرفة منا بضعفنا وجهلنا { قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح وماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك }(مي 6 : 8). لهذا نري السيد المسيح يمتدح تواضع العشار ويعلن قبوله له دون الفريسى المتكبر { وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذاالمثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخرعشار.اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه. واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ.اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع و من يضع نفسه يرتفع} لو9:18-14.فان اردت ان تنال التبرير والمغفرة لا تستكبر بل تواضع امام الرب الهك وامام الناس فتنال نعمة ورحمة وتجد عونا فى حينه فان الله ينظر ويستجيب لصلاة المتواضعين.
+ ان كبرياء الشيطان هي سبب سقوطه من رتبته الملائكية . حينما أراد الشيطان أن يصير مثل الله كما هو مكتوب عنه { وأنت قلت في قلبك أصعد إلى السماوات أرفع كرسيّ فوق كواكب الله وأجلس على جبل الاجتماع في أقاصي الشمال. أصعد فوق مرتفعات السحاب. أصير مثل العليّ} (أش14: 13-14). حينما ارتفع قلب الشيطان بالكبرياء سقط من رتبته. وهكذا أيضاً آدم وحواء حينما أرادا أن يصيرا مثل الله طُردا من الفردوس..قال الشيطان لحواء {لن تموتا}(تك3: 4) إذا أكلتما من الشجرة إنما {تكونان كالله عارفين الخير والشر} (تك3: 5). فلما ارتفع قلباهما وأرادا أن يصيرا مثل الله سقطا. هكذا {يقاوم الله المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة}(يع4: 6). لقد نظر الله لتواضع القديسة مريم العذراء واختارها ليولد منها القدوس{ فاجاب الملاك و قال لها الروح القدس يحل عليك و قوة العلي تظللك فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله} لو35:1. لذلك نراها تسبح الرب فى تواضع قلب { فقالت مريم تعظم نفسي الرب. و تبتهج روحي بالله مخلصي. لانه نظر الى اتضاع امته فهوذا منذ الان جميع الاجيال تطوبني.لان القدير صنع بي عظائم و اسمه قدوس.ورحمته الى جيل الاجيال للذين يتقونه. صنع قوة بذراعه شتت المستكبرين بفكر قلوبهم.انزل الاعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين. اشبع الجياع خيرات وصرف الاغنياء فارغين} لو46:1-53.{ الكبرياء ممقوتة عند الرب والناس شانها ارتكاب الاثم امام الفريقين (سيراخ 10 : 7). من اجل هذا قال القوى الانبا موسى ان الكبرياء اصل كل الشرور ومن يعتقد فى نفسه انه بلا عيب فقد حوى فى ذاته سائر العيوب.
+ التواضع هو الاعتراف بالخطأ والضعف والجهل وطلب الحكمة والقوة والمعرفة من الله لا من اجل ان نفتخر بها ولكن لكى ننتصر فى حروبنا ضد الشيطان والخطية ولكى نسلك بامانه امام الرب الهنا ، التواضع مناقض للكبرياء والعجب وحب الظهور والخيلاء . إن الإنسان المعتدل البعيد عن الادّعاءات الكاذبة، لا يتكل على حكمه الذاتي{ فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان} رو 3:12 التواضع هو الاحساس بالخطايا أمام الله القدير القدوس وطلب المغفرة فى احساس بعد الاستحقاق ، والاعتراف بأن ما لدينا من نعم ومواهب ووزنات قد حصلنا عليه من الله ، ومهما فعلنا من بر نشعر بصدق اننا عبيد { كذلك انتم ايضا متى فعلتم كل ما امرتم به فقولوا اننا عبيد بطالون لاننا انما عملنا ما كان يجب علينا} (لو 17 : 10) . ان اشعيا النبى عندما راي الله القدوس وملائكته تسبح قداسته لم يتمالك الا ويعترف بانه انسان خاطئ نجس فاستحق باعترافه ان ينال المغفرة { في سنة وفاة عزيا الملك رايت السيد جالسا على كرسي عال و مرتفع و اذياله تملا الهيكل.السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة اجنحة باثنين يغطي وجهه و باثنين يغطي رجليه و باثنين يطير.و هذا نادى ذاك و قال قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الارض.فاهتزت اساسات العتب من صوت الصارخ و امتلا البيت دخانا.فقلت ويل لي اني هلكت لاني انسان نجس الشفتين و انا ساكن بين شعب نجس الشفتين لان عيني قد راتا الملك رب الجنود.فطار الي واحد من السرافيم و بيده جمرة قد اخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمي وقال ان هذه قد مست شفتيك فانتزع اثمك وكفرعن خطيتك} اش 1:6-7.اما شعب سدوم وعمورة ففى خطية وكبرياء قلوبهم فقد نالوا غضب الله المعلن من السماء بالنار والكبريت { هذا كان اثم اختك سدوم الكبرياء والشبع من الخبز وسلام الاطمئنان كان لها ولبناتها ولم تشدد يد الفقير و المسكين} (حز 16 : 49). لقد سئل سقراط مره لماذا ينادونك بالحكيم فقال لربما لانى اعرف انى لا اعرف. ونحن مهما بلغنا من معرفة وعلم وحكمة ، فنحن جهال وفى اشياء كثيرة نعثر جميعنا وحياتنا كبخار ماء يظهر قليلاً ثم يضمحل فلماذا الكبرياء والخيلاء! .
السيد المسيح قدوة ومثال ...

+ ان السيد المسيح وهو الله الظاهر فى الجسد عندما جاء الى ارضنا متجسدا اخلى ذاته من المجد وتواضع وولد فى مذود للبقر وعاش وديعا متواضعا ودعانا ان نتعلم منه لنجد راحة ونعمة { احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11 : 29). وقال مرة { فقال له يسوع للثعالب اوجرة ولطيور السماء اوكار واما ابن الانسان فليس له اين يسند راسه }(لو 9 : 58). نعم تواضع ليرفعنا وجاع ليشبعنا وعطش ليروينا وصعد على الصليب عريانا ليكسونا بثوب بره ولكى يقدم لتلاميذه ولنا مثالا عملياً فى التواضع رايناه يقوم بعمل العبد فى غسل ارجل تلاميذه {فلما كان قد غسل ارجلهم و اخذ ثيابه واتكا ايضا قال لهم اتفهمون ما قد صنعت بكم.انتم تدعونني معلما وسيدا وحسنا تقولون لاني انا كذلك.فان كنت وانا السيد والمعلم قد غسلت ارجلكم فانتم يجب عليكم ان يغسل بعضكم ارجل بعض.لاني اعطيتكم مثالا حتى كما صنعت انا بكم تصنعون انتم ايضا.الحق الحق اقول لكم انه ليس عبد اعظم من سيده ولا رسول اعظم من مرسله.ان علمتم هذا فطوباكم ان عملتموه} يو 12:13-17.
+ لقد تكبر نبوخذ نصر قديما ولم يتضع حتى عندما حذره دانيال النبى { لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك و فارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك} دا27:4 . لذلك جاء عليه العقاب الإلهي{ كل هذا جاء على نبوخذنصر الملك. عند نهاية اثني عشر شهرا كان يتمشى على قصر مملكة بابل.واجاب الملك فقال اليست هذه بابل العظيمة التي بنيتها لبيت الملك بقوة اقتداري ولجلال مجدي.والكلمة بعد في فم الملك وقع صوت من السماء قائلا لك يقولون يا نبوخذنصر الملك ان الملك قد زال عنك.ويطردونك من بين الناس و تكون سكناك مع حيوان البر ويطعمونك العشب كالثيران فتمضي عليك سبعة ازمنة حتى تعلم ان العلي متسلط في مملكة الناس و انه يعطيها من يشاء} دا28:4-32. وهكذا نرى كيف تقود الكبرياء الى سقوط الرؤساء والقادة من حولنا ونتذكر كلام مسيحنا القدوس المتواضع لنتعلم منه التواضع والوداعة { فدعاهم يسوع وقال انتم تعلمون ان رؤساء الامم يسودونهم والعظماء يتسلطون عليهم. فلا يكون هكذا فيكم بل من اراد ان يكون فيكم عظيما فليكن لكم خادما .ومن اراد ان يكون فيكم اولا فليكن لكم عبدا. كما ان ابن الانسان لم يات ليخدم بل ليخدم وليبذل نفسه فدية عن كثيرين} مت 25:20-28.
+ راينا كيف بارك يسوع الأطفال، ويقدمهم لنا كقدوة { في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو اعظم في ملكوت السماوات.فدعا يسوع اليه ولدا و اقامه في وسطهم. وقال الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات. فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الاعظم في ملكوت السماوات. (مت1:18-4). فهل نحيا فى تواضع الاطفال وبساطتهم وبرائتهم ام نتكبر وتبتعد عنا نعمة الله ونسقط .

+ لقد طوب السيد الرب المساكين بالروح واعدا اياهم بملكوت السموات { طوبى للمساكين بالروح لان لهم ملكوت السماوات}مت3:5.ما هي المسكنة بالروح إلا حياة التواضع، خلالها يدرك الإنسان أنه بدون الله يكون كلا شيء، فينفتح قلبه بانسحاق لينعم ببركاته. فإن كانت خطيّة آدم الأولى هي استغناءه عن إرادة الله بتحقيق إرادته الذاتيّة، لذلك جاء كلمة الله الغني بحق مفتقرًا من أجلنا، ليس بالإخلاء عن أمجاده فحسب، وإنما بإخلائه أيضًا عن إرادته التي هي واحدة مع إرادة أبيه. كنائبٍ عنّا افتقر ليتقبّل غنى إرادة أبيه الصالح، قائلاً: {لتكن لا إرادتي بل إرادتك}. لذلك يدعونا القديس بولس الرسول الى التعلم من معلم التواضع والفضيلة { فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا.الذي اذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله. لكنه اخلى نفسه اخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس. واذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب. لذلك رفعه الله ايضا واعطاه اسما فوق كل اسم. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض. ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الاب} في 5:2-11
+ استطاع السيد المسيح بأسلوب بسيط أن يعبِّر عن حقائق في منتهى العمق. فكان يكلم الناس بامثال بسطية يفهمها كل إنسان، وعميقه يتعجب منها الفهماء والحكماء . فيقول فى إنجيل معلمنا لوقا البشير {متى دُعيت من أحد إلى عرس فلا تتكئ فى المتكأ الأول لعل أكرم منك يكون قد دعي منه. فيأتي الذي دعاك وإياه ويقول لك أعط مكاناً لهذا. فحينئذ تبتدئ بخجل تأخذ الموضع الأخير. بل متى دعيت فاذهب واتكئ في الموضع الأخير حتى إذا جاء الذي دعاك يقول لك يا صديق ارتفع إلى فوق. حينئذ يكون لك مجد أمام المتكئين معك. لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع} (لو14: 8-11).المثل بسيط يمكن لاي إنسان أن يفهمه، وهو أسلوب عملي في تعليم الاتضاع. لابد أنك مررت او شاهدت مواقف شبيه به فى حياتك اليومية . لابد أنك رأيت أناساً يحاولون تصدُّر المتكآت الأولى، ويكونون مصدراً للمشاكل والمضايقات للآخرين، وراء هذا المثل البسيط تكمن معان كبيرة جداً. فبعدما ذُكر المثل، أعطى السيد المسيح التعليم الأعمق وجوهر الفكرة فقال {لأن من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع}.
التواضع طريقنا الى الانتصار والسماء
+ ان كان الله يدعونا الى التواضع لان الكبرياء علة السقوط { قبل الكسر يتكبر قلب الانسان وقبل الكرامة التواضع }(ام 18 : 12).فيجب علينا ان نتعلم من الرب يسوع المسيح ومن رسله القديسين الذين دعونا للتواضع{ فالبسوا كمختاري الله القديسين المحبوبين احشاء رافات و لطفا و تواضعا ووداعة و طول اناة }(كو 3 : 12).{كذلك ايها الاحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض و تسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة. فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه. ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم} 1بط 5:5-7. اننا عندما نشعر اننا خلقنا من تراب وسنرجع اليه ونتضع يرفعنا الله الى مرتبة الابناء والورثة لملكوت السماوات فالله ينظر إلى المتواضعين ويحنو عليهم . المتواضع ينال مغفرة خطاياه و حكمة القدير تسرّ بالكشف عن ذاتها للمتواضعين . ان يوحنا المعمدان الذى قال انه غير مستحق ان يحل سيور حذاء السيد المسيح رفعه السيد المسيح لمرتبه نبى وأعظم . التواضع يعطي رفعة للانسان امام الله والناس لهذا قال المخلص { ان كان احد يخدنى يكرمه الاب} يو 26:12.ان طريقنا للأتضاع هو طريق الصليب {مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل2: 20). ان الانسان الذى سعى الى التأله بعيدا عن الله ، بالتواضع وجحد الذات والوالده من فوق من الماء والروح يصير ابنا لله وارثا لملكوته وهو يشعر دائما ان ذلك من نعمة الله عليه ومحبته له فلا يغتر او يتكبر { انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه }(1يو 3 : 1).وان كنا ابناء فنحن ورثة ايضاً { فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله و وارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 8 : 17).
+ الإنسان المتواضع هو الذى يغلب الشيطان بتواضعه. فالاتضاع والانتصار على الخطية هما جناحان لطائر يصل الى السماء ، لأن الإنسان لن يستطيع أن يغلب الشيطان إلا بالتواضع لذلك فإن القديس مكاريوس الكبير حينما ظهر له الشيطان وقال له: ويلاه منك يا مقارة؛ أنت تصوم أما نحن فلا نأكل وأنت تسهر وأما نحن فلا ننام، انت تحى فى الصحراء ونحن كذلك ، لكن بشئ واحد تغلبنا. فلما سأله القديس عن هذا الشئ قال له: باتضاعك تغلبنا. هذا هو السلاح الذي نغلب به الشيطان.وهذا الشيطان لا يأخذ هدنة فهو خدَّاع ومكَّار، فهولم يترك القديس مكاريوس بعد أن قال له أنك غلبتني. وكان القديس يعلم أن الشيطان بذلك يدبِّر له مؤامرة جديدة، لكنه علم أن الانتصار على الشيطان هو دائماً بمزيد من الاتضاع. وحتى حينما تمّم القديس مكاريوس جهاده بسلام وكانت روحه في طريق دخولها إلى الفردوس. ففي طريق إنطلاقها إلى السماء قال له الشيطان (طوباك يا مقاره فقد غلبت) قال له: (إلى أن أصل إلى داخل الفردوس). كان يعلم أنه لن يحتمي إلا في أحضان السيد المسيح، في حضن ذاك الذي غلب الشيطان وسحق سلطانه.
+علينا ان ندرب انفسنا على الاتضاع حتى بالأشياء البسيطة التي يستطيع أي إنسان أن يعملها.لنصل لما هو أعمق ، أنت تستطيع مثلاً أن تقدم غيرك على نفسك في أشياء بسيطة في الحياة اليومية: فمثلاً تجعل غيرك يسبقك في الدخول إلى المكان، أو تقف أنت من اجل ان تفس المكان لشيخ احتراماً لسنه ، أو لا تقاطع غيرك أثناء كلامه او تنسب الفضل لفاعليه والمشاركين فيه .السيد المسيح لا يعتبر المسيحية مجرد وصايا كبرى وفلسفات لاهوتية لكنه أعطانا المسيحية كحياة عملية معاشة. ومن خلال التصرفات البسيطة التي يستطيع الإنسان أن يتعلمها سوف يتعلم الفضائل الكبيرة التي تجعله يصل إلى قمة الحياة الروحية.لابد ان نعترف بنعمة الله التى تعيننا فى جهادنا ونخفى فضائلنا كما نوارى سقطاتنا ونريد ان يغفرها الله . ان جهادنا لاقتناء فضيلة التواضع ومسكنة الروح يجب ان يبدأ الان ولا ينتهى الا بالوصول الى الفردوس فالذات دائما تريد ان تكبر وتنتفخ بعيداً عن الله وحتى فى الطريق الروحى ومحاربتنا الروحية ليس مع لحم ودم بل مع اجناد الشر الروحية فى السماويات { الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات} (غل5: 24).ولكن ثق فى معونة الرب لك فى الطريق الطريق الروحى الحلو الذى سبقك اليه السيد المسيح ورسله وقديسيه { صلاة المتواضع تنفذ الغيوم و لا تستقر حتى تصل ولا تنصرف حتى يفتقد العلي ويحكم بعدل ويجري القضاء} (سيراخ 35 : 21).
نريد ان نتعلم منك ..
+ ايها الوديع متواضع القلب يا من دعوتنا لنتعلم منك الوداعة وتواضع القلب لنجد راحة لنفوسنا وشبعا لارواحنا ونعمة فى عينيك وأعين الناس . يا عظيما جاء من أعلى السماء سبحته الملائكة فى العلاء ونادت بالسلام على الارض عندما رايته يتنازل ويحل عليها ويولد كطفل صغير فى مذود فقير ولم يحد ذلك من لاهوته بل ذاده التواضع مجداً وبهاء فحلت بتجسدك المسرة على البشرية جمعاء واصبحت موضوع سرور الآب فيك وبك ومعك لانك رفعتنا معك وقدمتنا شعباً مبرراً لله للآب ، نشكرك يا معلم الوداعة والتواضع وندعوك ان تحل بالإيمان فى قلوبنا فنثمر وننمو ونمجد عظيم تواضعك .
+ يارافع المتواضعين ورجاء البائسين ومعين لمن ليس له معين ، أعيننا نحوك لانك قائد نصرتنا على قوى الشر وشبعنا وارتوائنا فى برية العالم القاحلة فكما قبلت العشار وخرج من أمامك مبررا ، اقبل طلبه شعبك والتفت الى تنهد عبيدك وخلصهم من كل شدة ، وهبنا حكمة ونعمة من عندك لنسير كما تحب ونصير كما تريد ، علمنا ان نقدم بعضنا بعضا فى الكرامة ونشعر اننا تراب ورماد ونستند على قوتك فننجو من فخاخ ابليس الملتهبة ناراً ومن حروب المجد الباطل والتذكية الكاذبة للنفس ، فنحن يارب دونك لاشئ ابداً .
+ الهنا الوديع لك نطيع وتحت صليب محبتك نتأمل المحبة الباذلة والرحمة الغافرة والسلام العجيب والحكمة الهادئة والتواضع الذى يحتمل تجديف الاعداء وخيانة الاصدقاء وجفاء الابناء وجحود من جلت تصنع معهم خيراً ، ان صبرك وحلمك ومغفرتك للصالبين يعلن لنا كيف يكون الحب ومعنى ان يضع المحب نفسه من أجل أحبائه . فلك القوة والمجد والبركة والعزة عمانوئيل الهنا وملكنا.

الصدق واهميتة فى حياتنا ما احوجنا الى الصدق الذى هو قول وصنع الحق والحقيقة وعدم الالتجاء الى الكذب والخداع والرياء سواء على مستوى علاقتنا بالله او بالناس او مع أنفسنا وذلك من أجل ان نبنى مجتمع راقى ومتقدم ونحن نرى المجتمعات المتخلفة تتفكك من أجل روح الاكاذيب والنفاق والشر التى انتشرت فيها ، بينما نرى دول تتقدم وتتطور لانها اتخذت من الصدق والأمانة فى الحياة والعمل قيمة روحية واخلاقية عليا فيها وحتى ان كانت قد بعدت عن الدين الا انها اتخذت من المبادئ الدينية السامية قيم عليا لها.وليست فضيحة بيل كلنتون ومونيكا ليونسكى ببعيدة عن الاذهان وقد عاقب المجتمع الامريكى رئيسه ليس لوجود علاقة له بمتدربة فى البيت الابيض ولكن لانه كذب على الراي العام هناك ولم يقل الصدق.هكذا نرى العلاقات بين الافراد والدول والجماعات يجب ان تقوم على الصدق والامانة والا فقد الانسان مصداقيته أمام الناس وساد الشك والانقسام والفساد والرياء والكراهية بما لها من نتائج سئية على الحياة الروحية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية ان كم الفساد الادراى والمالى والسياسى الذى تم الكشف عنه فى مصرنا العزيزة وكم الأنتهاكات والتجاوزات والسرقات التى حدث فى الماضى وقادت الى الفقر والبطالة والمرض والثورة تحتاج منا الى وقفة حق وصدق مع النفس ومع الله والغير فلو نال كل كاذب عقابه وكل مرتشى جزائه او استٌبعد الفاسدون والكاذبون من مناصبهم لما وصل بنا الامر الى ما نحن عليه الان ولما كان يجرؤ أحد على السرقة والنهب فى المال العام كغنيمة وهو ملك لكل مواطن منا . فهل نفيق من سباتنا ونتعود على الصدق والأمانة أم يستمر استنزاف موارد ومقدرات الشعب لنواصل التخلف والفقر والمرض والظلم . يجب ان يكون للتوعية الاسرية والدينية والاعلامية والسياسية دورها الخلاق فى تنمية الضمير الأخلاقى للشعب وان نعى المسئولية التاريخية الملاقاة على عاتق كل واحد منا للأخذ بزمام المبادرة فى العيش والمناداة بقيم الصدق والامانة والحق والرحمة والمساواة حتى ننجح ونتقدم ونرقى الصدق هو دعوة وأمر إلهى وعلى كل انسان بأن يلتزمبالصدقوالصراحة والحق فى كل قوله وعمله وحياته تمثلا بالله الصادق { و انت يا الهنا ذو صلاح و صدق طويل الاناة ومدبر الجميع بالرحمة }(حك 15 : 1). ان الله صادق وامين ليس فى أقواله وأعماله بل حتى فى مقاصده ونواياه { يا رب انت الهي اعظمك احمد اسمك لانك صنعت عجبا مقاصدك منذ القديم امانة و صدق} (اش 25 : 1). { انا الرب المتكلم بالصدق} عش 19:45. ومن يقول الصدق والحق فانه يتمثل بصفات الله الصادق اما من يكذب فانه يصير متمثلاً ومتعلما من أبليس الذى قال عنه السيد الرب {انتم من اب هو ابليس و شهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء و لم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب} (يو 8 : 44) الصدق فضيلة روحية وقيمة اخلاقية جميلة ومحبوبة وهو من الفضائل الامهات أى التى تلد فضائل أخرى مثل عدم الكذب او الرياء او الخداع او المكر والشهادة للحق والأمانة فى العمل والبر والتقوى ومخافة الله وانجاز الوعود والعهود سواء المكتوبة او الشفاهية والتعامل بامانة مما يجعل الانسان الصادق يؤتمن على أسرار الناس ومصدر ثقة وقبول الله والغير من أجل هذا يدعونا الكتاب ان نجعل الصدق والرحمة والحق كقلادة فى أعناقنا وقلوبنا {لا تدع الرحمة والحق يتركانك تقلدهما على عنقك اكتبهما على لوح قلبك }(ام 3 : 3).لان الشفاة الناطقة بالصدق تثبت {شفة الصدق تثبت الى الابد ، ولسان الكذب إنما هو الى طرفة عين} أم 19:12. وهكذا يحثنا الانجيل على الصدق { لذلك اطرحوا عنكم الكذب وتكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض} (اف 4 : 25). ويكفى ان نعرف ان الكذبة نصيبهم فى البحيرة المتقدة بالنار والكبريت لنقول الصدق ولانكذب { واما الخائفون وغير المؤمنين والرجسون والقاتلون والزناة والسحرة وعبدة الاوثان وجميع الكذبة فنصيبهم في البحيرة المتقدة بنار وكبريت الذي هو الموت الثاني }(رؤ 21 : 8).من اجل هذا علينا ان نتحلى بالصدق والامانة وقول الحق. فالله هو االصادق والامين ويظهر صدقه وامانته ورحمته لنا حتى لو كنا نحن غير أمناء { ان كنا غير امناء فهو يبقى امينا لن يقدر ان ينكر نفسه} 2تيمو 13:2. وهو يدعونا للأمانة والصدق للنفس الأخير {كن أمينا الى الموت فساعطيك إكليل الحياة } رؤ 10:2. وليكن لساننا شاهدا على نقمة قلوبنا وينبوع حياة للغير{ فم الصديق ينبوع حياة و فم الاشرار يغشاه ظلم} (ام 10 : 11).
السيد المسيح الصادق ودعوته للصدق:-
لقد دعى السيد المسيح { الشاهد الامين الصادق} رؤ 14:3. وشهد بصدقه الاعداء قبل التلاميذ والمؤمنين { فلما جاءوا قالوا له يا معلم نعلم انك صادق ولا تبالي باحد لانك لا تنظر الى وجوه الناس بل بالحق تعلم طريق الله } (مر 12 : 14). وقال لنا انه الطريق والحق والحياة وبه نصل الى السماء { قال له يسوع انا هو الطريق والحق والحياة ليس احد ياتي الى الاب الا بي} (يو 14 : 6).ولو لم يكن السيد المسيح صادقاً لما صنع المعجزات وأقام الاموات واشبع الالاف بخمس خبزات ولهذا نراه يصدق على شهادته باعماله {الست تؤمن اني انا في الاب والاب في الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال. صدقوني اني في الاب والاب في والا فصدقوني لسبب الاعمال نفسها}.يو 10:14-11{الحق الحق اقول لكم ان من يسمع كلامي ويؤمن بالذي ارسلني فله حياة ابدية ولا ياتي الى دينونة بل قد انتقل من الموت الى الحياة} (يو 5 : 24). لهذا فقد صدقنا وامنا بشهادته { الذي ياتي من فوق هو فوق الجميع والذي من الارض هو ارضي ومن الارض يتكلم الذي ياتي من السماء هو فوق الجميع.وما راه و سمعه به يشهد وشهادته ليس احد يقبلها. ومن قبل شهادته فقد ختم ان الله صادق.لان الذي ارسله الله يتكلم بكلام الله لانه ليس بكيل يعطي الله الروح. الاب يحب الابن و قد دفع كل شيء في يده.الذي يؤمن بالابن له حياة ابدية والذي لا يؤمن بالابن لن يرى حياة بل يمكث عليه غضب الله} يو31:3-36. {من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه من لا يصدق الله فقد جعله كاذبا لانه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه }(1يو 5 : 10) لقد دعانا السيد المسيح الى قول الصدق والحق والأمانة { ايضا سمعتم انه قيل للقدماء لا تحنث بل اوف للرب اقسامك. واما انا فاقول لكم لا تحلفوا البتة لا بالسماء لانها كرسي الله. ولا بالارض لانها موطئ قدميه ولا باورشليم لانها مدينة الملك العظيم.ولا تحلف براسك لانك لا تقدر ان تجعل شعرة واحدة بيضاء او سوداء. بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد على ذلك فهو من الشرير} مت 33:5-37. ورايناه فى صدقه وامانته يصب الويل على الكتبة والفريسيين المراؤون{ ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك. ايها القادة العميان الذين يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل. ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تنقون خارج الكاس والصحفة وهما من داخل مملوان اختطافا ودعارة. ايها الفريسي الاعمى نق اولا داخل الكاس والصحفة لكي يكون خارجهما ايضا نقيا.ويل لكم ايها الكتبة والفريسيون المراؤون لانكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة وهي من داخل مملوءة عظام اموات وكل نجاسة.هكذا انتم ايضا من خارج تظهرون للناس ابرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء واثما} مت 23:23-28. وبصدقنا وأمانتنا نسمع صوته الحنون فى اليوم الاخير { فقال له سيده نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك }(مت 25 : 21) يحزرنا السيد المسيح من الانبياء والمعلمين الكذبة { احترزوا من الانبياء الكذبة الذين ياتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة (مت 7 : 15). ولاسيما في الايام الاخيرة التى يقوم فيها انبياء كذبة {ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين }(مت 24 : 11).{ ولكن الروح يقول صريحا انه في الازمنة الاخيرة يرتد قوم عن الايمان تابعين ارواحا مضلة وتعاليم شياطين.في رياء اقوال كاذبة موسومة ضمائرهم} 1تيمو1:4-2. فالكذب هو سلوك مرفوض {لا يكذب بعضكم بعضاً، قد خلعتم الإنسان القديم، ولبستم الإنسان الجديد} كو 3: 9- 10)، {وليصدق كل منكم قريبه، فإننا أعضاء بعضنا لبعض} (أفسس 4: 25). فالكذب يكون بمثابة عودة إلى الطبيعة المشوهة بالخطيئة، ويوقعنا في تناقض مع الإيمان بالمسيح . ولقد عاقب الله فى سفر الأعمال، حنانيا وسفيره بكذبهما على بطرس، لقد كذبا في الواقع على الروح القدس (أعمال 5: 1- 11). فالكذب هو خطية موجهه الى الله قبل ان تكون موجهه الى الناس وان كان الشيطان هو ابو كل كذاب فاننا اخذنا روح الشهادة للحق والصدق بايماننا بالمسيح {و من ملئه نحن جميعا اخذنا ونعمة فوق نعمة.لان الناموس بموسى اعطي اما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا }يو 16:1-17.
الصدق مع الذات:-
علينا قبل كل شئ ان نكون صادقين أمناء مع ذواتنا وفى تصرفاتنا الخاصة واثقين ان انه ليس شئ مخفى على الله وان ابونا الذى يرى فى الخفاء يجازينا علانية .{ احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات. فمتى صنعت صدقة فلا تصوت قدامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الازقة لكي يمجدوا من الناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تفعل يمينك. لكي تكون صدقتك في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية. ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع و في زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك و اغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 1:6-6. نعم قد نصلى فى الكنيسة او مع جماعة المؤمنين او نعطى صدقة بدون ان نقدر ان نخفيها لكن يجب ان نكون قصدنا محبة الله والفضيلة لا بقصد ان نأخذ مجداً من الناس وقد قال الرب { مجدا من الناس لست اقبل }(يو 5 : 41).يجب اذا ان نتحلى بالتواضع { وتسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين واما المتواضعون فيعطيهم نعمة }(1بط 5 : 5). ولا نفتخر ونمدح انفسنا او نرتدى قناعاً يظهرنا للناس اكبر من حقيقتنا { فاني اقول بالنعمة المعطاة لي لكل من هو بينكم ان لا يرتئي فوق ما ينبغي ان يرتئي بل يرتئي الى التعقل كما قسم الله لكل واحد مقدارا من الايمان} (رو 12 : 3). فلنعرف حقيقة انفسنا ومواضع القوة فيها ونستخدم الوزنات المعطاة لنا من الله فى خدمة الله والغير وصنع الخير . ولا نجرى وراء مديح باطل او مجد زمنى { لانه ليس من مدح نفسه هو المزكى بل من يمدحه الرب} (2كو 10 : 18). كن اذا صادقاً من نفسك واعرفها لأنه من الطبيعي ومن المفيد ان تتأمل نفسك وافكارك ومواهبك وتنميها وابعاد شخصيتك وأن تحاول ان تفهمها بصورة أدق . وأن تعرف لماذا تفكر وتتصرف وتشعر على نحو ما تفعل. لتعرف الى أي مدى انت تختلف عن غيرك. لتعرف الى اين تسير واين المصير؟ لتعرف كل شيء عن نفسك . وليكن ذلك فى ضوء كلمة الله والضمير الصادق وارشاد الروح القدس فان ذلك هو الخطوة السليمة التى تخطوها في طريق الحياة الصحيحة المتكاملة والسعيدة . معرفتك لنفسك تساعدك على ان تستكشفها وتعرف ضعفاتها وقوتها وتعالجها وتتوب وتقلع عن كل ما فيها من رياء وكذب . وتعرف ما يجب ان تقوم به في الحياة وما تستطيع ان تتقنه، وما لا تستطيع.وبهذا تتخلص من الزيف وتكون صادقا مع نفسك { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله و خسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26) وكلما اتسعت معلوماتك عن نفسك وشخصيتك وواقعك وأهتماماتك ازددت فهما لغيرك وامكنك ان تجد حلول لمشاكلك وتكون صادقا في تعاملك مع الامور غير المجدية في حياتك، وتتوقف عن اختلاق الاعذار، تمتلك الشجاعة الادبية فى الاعتراف بالخطأ ان حدث منك وتعالجه بالطرق السليمة والسعى الحثيث فى تنمية قدراتك الروحية والعقلية والنفسية { واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة} (1تي 6 : 6).ان الله قد وهب لكل منا الكثير من الاستعدادات والقدرات والامكانات وإن كنا لم نستثمرها او استخدمنا منها النذر اليسير ، فنحن مخلوقين على صورة الله ومثاله { لاننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكي نسلك فيها} (اف 2 : 10). لنا ارواح خالدة لا تموت ونستطيع بها ان نحلق فى السماء اذ تتطهر وتستنير عندما يكون لها شركة ومحبة واتحاد بالله ولنا عقل جبار به وصل الانسان للقمر واخترع الباخرة والطائرة والكمبيوتر والنت وكل وسائل الاتصال الحديثة وكل العلوم الحديثة ، ولنا العواطف الجياشة التى تخلق من عالمنا فرودس او جحيم بحسب ما نوجهها الى الخير او الشر . فلنكن صادقين فى المحبة للنمو ونبدع { بل صادقين في المحبة ننمو في كل شيء الى ذاك الذي هو الراس المسيح }(اف 4 : 15). فلنتوب عن أخطائنا ونعترف بخطايانا ولنقلع عنها ونحيا الصدق مع أنفسنا ومع الناس. ومع الله الذى لايمكن ان نغشه او نخدعه لان ما يزرعه الانسان اياه يحصد فلنزرع زرع الصدق والبر والخير { فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله} (مت 16 : 27). لكى ندرب أنفسنا على الصدق والامانه أضع هنا بعض التداريب البسيطة كامثلة للتفكير : فكر قبل الاجابه على الاسئلة وقل بماذا كان السيد المسيح يجيب عن هذا السوال لو وجه له ؟، فكر قبل ان تتحدث وما تراه ليس صدقا او مفيداً لا تتحدث به ،استمع كثيرا موجهاً الحديث للخير وعدم الادانة. لا تأخذ شيئا مما فى عهدتك او عملك من ملكية عامه لتستخدمه كشئ خاص بك ، لا تدخل فى جدال او نقاش فى موضوعات لا تعرفها مدعياً معرفتها وان ثبت ان رايك خطأ فاعتذر بلباقه وادب .احترس من التعميم ولا تصدر أحكاما ضد الاخرين بل استفسر عن ما لا تعرف، ارجوك لا تفتى وتدعى المعرفة ابداً فى أمور تجهلها بل اعرف الطريق الى لا أعرف! . لا تبالغ فى شئ بدافع المباهاه والافتخار الباطل واقتنع بان حبل الكذب قصير وان الصدق يكسبك ثقة الناس والله.
الصدق مع الله:-
نحن نؤمن بان الله عالم بكل شئ حاضر بلاهوته فى كل زمان ومكان { وليس خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا}(عب 4 : 13). فلهذا يجب ان نكون صادقين له فى عبادتنا وصلواتنا وتعاملاتنا وقديما عاتب الرب الشعب { فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب الي بفمه واكرمني بشفتيه واما قلبه فابعده عني } (اش 29 : 13). وهذا ما عاتب عليه السيد المسيح ايضا البعض { فاجاب وقال لهم حسنا تنبا اشعياء عنكم انتم المرائين كما هو مكتوب هذا الشعب يكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا} (مر 7 : 6). لقد طلب الله ان نحبه من كل القلب والفكر والقدرة { تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك }(لو 10 : 27).فهل نحن صادقين فى محبتنا وصلواتنا. ام حتى فى صلواتنا نصلى بلا روح ويطيش فكرنا هنا وهناك { ان قلنا انه ليس لنا خطية نضل انفسنا و ليس الحق فينا.ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم. ان قلنا اننا لم نخطئ نجعله كاذبا وكلمته ليست فينا} 1يو8:1-10 الله يحب الصدق ويكافئ الصادقين الامناء ويطلب منا ان نكون هكذا { فقال الرب فمن هو الوكيل الامين الحكيم الذي يقيمه سيده على خدمه ليعطيهم العلوفة في حينها} (لو 12 : 42). والانسان الامين الصادق على الوزنات المعطاة له يسمع فى اليوم الاخير { نعما ايها العبد الصالح والامين كنت امينا في القليل فاقيمك على الكثير ادخل الى فرح سيدك} (مت 25 : 23). وان كان البعض غير أمناء فان ذلك لا يبطا أمانة الله{ فماذا ان كان قوم لم يكونوا امناء افلعل عدم امانتهم يبطل امانة الله.حاشا بل ليكن الله صادقا و كل انسان كاذبا كما هو مكتوب لكي تتبرر في كلامك و تغلب متى حوكمت} رو3:3-4.فلنعرف اذا الله بصدق ونعبده بالروح والحق { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24). يجب ان نتحلى بالايمان والوفاء الاعتراف الامين لله والشهادة لمحبته ولا ننكره لا باقوالنا او بأعمالنا او تصرفاتنا حتى لا نسمع ذلك الصوت القائل { اقول لكم لا اعرفكم من اين انتم تباعدوا عني يا جميع فاعلي الظلم }(لو 13 : 27). لقد عاش ابائنا أمناء للرب الذى أحبهم فى جهاد روحي وتعب واسهار واقتنوا الفضيلة والصدق والامانة بالدموع والدم فمنهم من كان يربط شعره فى الحائط لكى لا ينام ويسهر فى الصلاة كالانبا بيشوى ومنهم من كان يقف للصلاة والشمس خلفه ويظل واقفا الى ان تشرق الشمس فى وجهه كالانبا ارسانيوس ومنهم من نفي بعيداً فى ظروف قاسية لسنين طويله مجاهدا لحفظ الامانة والايمان كالقديس الانبا اثناسيوس وديسقورس ومنهم الالاف الذى سجنوا وعذبوا ولم يقبلوا ان ينكروا ايمانهم ومنهم من تقدم للاستشهاد بالالاف عبر العصور فى سبيل حفظ الأمانة وتوصيل الايمان القويم لنا وهذا ما يجب علينا العيش به والدفاع عنه والشهادة له { و ما سمعته مني بشهود كثيرين اودعه اناسا امناء يكونون اكفاء ان يعلموا اخرين ايضا (2تي 2 : 2).
الصدق مع الناس:-
عندما أتي اخوة يوسف ليبتاعوا قمحا من مصر وكانوا قد باعوه حسدأ وكذبوا على اباهم وقالوا ان وحش ردئ افترسه ! عرفهم يوسف وتنكر لهم وساله عن اباه واخوه بنيامين { ارسلوا منكم واحدا ليجيء باخيكم وانتم تحبسون فيمتحن كلامكم هل عندكم صدق والا فوحياة فرعون انكم لجواسيس} تك 42:16. فقالوا بعضهم لبعض { حقا اننا مذنبون الى اخينا الذي راينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقة. فاجابهم راوبين قائلا الم اكلمكم قائلا لا تاثموا بالولد وانتم لم تسمعوا فهوذا دمه يطلب. وهم لم يعلموا ان يوسف فاهم لان الترجمان كان بينهم. فتحول عنهم وبكى ثم رجع اليهم وكلمهم واخذ منهم شمعون و قيده امام عيونهم....وقال يوسف لاخوته انا يوسف احي ابي بعد فلم يستطع اخوته ان يجيبوه لانهم ارتاعوا منه.فقال يوسف لاخوته تقدموا الي فتقدموا فقال انا يوسف اخوكم الذي بعتموه الى مصر.والان لا تتاسفوا ولا تغتاظوا لانكم بعتموني الى هنا لانه لاستبقاء حياة ارسلني الله قدامكم} تك 21:42-24، تك 3:45-5.ان الكذب حبله قصير ولابد ان يعلن الحق وتظهر الحقيقة فيجب ان نتحلى بالصدق فى اقوالنا وتصرفاتنا واعمالنا مع الاخرين . بيوت كثيرة بل بلاد خربت وتحطمت بسبب الكذب والرياء والنفاق ان الصدق يورث الملكوت ونصيب الكذبة هو الجحيم من اجل هذا قال المرتل { يا رب من ينزل في مسكنك من يسكن في جبل قدسك. السالك بالكمال والعامل الحق والمتكلم بالصدق في قلبه. الذي لا يشي بلسانه ولا يصنع شرا بصاحبه ولا يحمل تعييرا على قريبه. والرذيل محتقر في عينيه ويكرم خائفي الرب يحلف للضرر ولا يغير. فضته لا يعطيها بالربا ولا ياخذ الرشوة على البريء الذي يصنع هذا لا يتزعزع الى الدهر} مز1:14-5.ولقد قبل السيد المسيح المرأة السامرية رغم خطاياها لانها كانت صادقة معه فى حديثها ومن ثم توبتها {لانه كان لك خمسة ازواج و الذي لك الان ليس هو زوجك هذا قلت بالصدق }(يو 4 : 18) لذلك يدعونا الكتاب الى الصدق نحو بعضنا البعض { لذلك اطرحوا عنكم الكذب و تكلموا بالصدق كل واحد مع قريبه لاننا بعضنا اعضاء البعض }(اف 4 : 25) قلنا يجب ان نقول الصدق مع الاخرين سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع وهنا اود ان اذكر ايضا القراء باهمية الافراز والحكمة فيما نقرأ وان لا نصدق كل ما نقرأه ولا ننقله الا بتاكدنا من صحته لان وسائل الاعلام المقرؤة والمسموعة والمرئية تنقل لنا سيل من الاخبار والاقوال والكتابات الكاذبة سواء بقصد او بحسن النية وعدم تحرى الدقة . ان الاعلام الموجه يبث الدعايات الكاذبة بمقاصد ليس خافية على العارفين فيجب علينا ان نكون حكماء ولا ننساق وراء الاكاذيب او فيض الدعايات الكاذبة والمضلله فى مختلف المجالات . كما نحذر الذين يبثون الاكاذيب بقول الرب { ولكن اقول لكم ان كل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساب يوم الدين (مت 12 : 36). هذا من جهة الله أما الناس فقد ينخدع البعض بدعاية كاذبة لبعض الوقت ولكن الحقائق لابد ان تنكشف سريعاً ويفقد الكاذبين سمعتهم ومصداقيتهم امام الناس.
لكى أكون صادقا ايها الرب القدوس الصادق والأمين لتكن انت الراعى الأمين لنفوسنا وتهدى ارجلنا فى دروب الحق والصدق والأمانة لنعرفك ونخافك ونتبعك ونحرص على رضاك والعمل بوصاياك لا خوفا من العقاب ولا طمعاً فى الثواب بل لانك ابونا وخالقنا ورازقنا ومعلمنا الذى يريدنا ان نكون على صورته ومثاله فى حب الخير والامانة والقداسة والكمال ايها الرب الاله القادر على كل شئ هبنا القدرة لنقول ونعمل الواجب واعطنا الشجاعة لنقول الحق ونأخذه من أنفسنا قبل ان نطالب به الأخرين وهبنا الحكمة لنعرف متى نتكلم وماذا نقول ومتى نصمت ولا يكون صمتنا تكاسل او هوى او تقصير فى قول الحق . هبنا النعمة ليكون قولنا واعمالنا وكل حياتنا من أجل محبتك وخلاص نفوسنا وفائدة الغير وحباً للخيرعلمنا يارب ان الصدق خير طريق للشهادة للحق وللانسانية الحقة وان الكذب مرض قاتل يجعلنا ابناء لابليس وجنوداً للشر ، وان الامانة سر تقدمنا كما ان الأمين على القليل ستقيمه على الكثير. ونحن يكفينا ان نتاجر بالوزنات القليلة التى بين ايدينا لنسمع صوتك الحنون قائلاً : تعالوا اليٌ يا مباركي ابى رثوا الملك المعد لكم منذ انشاء العالم. أمين

الايمان ومكانته فى الحياة الروحية
+ الإيمان هو قلب الحياة الروحية النابض والحافز نحو اقتناء حياة الفضيلة والبر . ثقتنا فى ان الله موجود ويرى ويراقب ويعين ويقوى وينجى الذين يطلبونه تدفعنا الى عبادته والصلاة الواثقة اليه ، ومعرفتنا انه محب وغافر الاثم للراجعين اليه تدفعنا الى التوبة اليه والحياة معه والعمل على رضاه { ولكن بدون ايمان لا يمكن ارضاؤه لانه يجب ان الذي ياتي الى الله يؤمن بانه موجود وانه يجازي الذين يطلبونه} عب 11:6. ومعرفتنا ان الله قدوس وعادل وان يكأفى الذين يفعلون الخير ويعاقب فاعلى الأثم تجعلنا نسرع الى عمل الخير ونبتعد عن الشر {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة }(2بط 1 : 5). ايماننا بابوة الله الصالحة يجعلنا نهابه ونحبه ونطيع وصاياه عالمين انها لخيرنا { مخافة الرب اول محبته والايمان اول الاتصال به} (سيراخ 25 : 16). الايمان بالحياة الأبدية يجعلنا نسعى الي الوصول اليها لنكون مع ابائنا القديسين متحملين كل ضيقات الزمان الحاضر من اجل المجد العتيد ان يستعلن فينا { فانما نحن بنو القديسين وانما ننتظر تلك الحياة التي يهبها الله للذين لا يصرفون ايمانهم عنه ابدا} (طو 2 : 18). نعمل على ان نحيا فى الإيمان لنصل الى نهاية الرحلة { نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} (1بط 1 : 9).
+ الايمان السليم بالله ومحبته وعمل روحه القدوس يقودنا الى حياة روحية سليمه نحيا بها وفق العقائد الأساسية التى نادى بها الله من خلال انجيله المقدس وعاشته الكنيسة عبر تاريخها الطويل وبه انجبت الملايين من القديسين ابناء لله وملكوته السماوى . فالايمان عقيدة تقود الى حياة الفضيلة والتقوى والبر { والبار بايمانه يحيا} (حب 2 : 4). ان الايمان يحتاج الى العمل والجهاد ضد الخطية والشهادة لايماننا باعمالنا فيكون لنا الإيمان العامل بالمحبة { هكذا الايمان ايضا ان لم يكن له اعمال ميت في ذاته. لكن يقول قائل انت لك ايمان وانا لي اعمال ارني ايمانك بدون اعمالك وانا اريك باعمالي ايماني.انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون.ولكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت. الم يتبرر ابراهيم ابونا بالاعمال اذ قدم اسحاق ابنه على المذبح. فترى ان الايمان عمل مع اعماله وبالاعمال اكمل الايمان.وتم الكتاب القائل فامن ابراهيم بالله فحسب له برا ودعي خليل الله.ترون اذا انه بالاعمال يتبرر الانسان لا بالايمان وحده} يع 17:2-22. ان رجال الإيمان كما يقول قداسة البابا شنوده الثالث ليس من دافعوا عن العقيدة فقط بل من حيوها وعاشوها فان كل رجال الايمان عاشوا الايمان وبرهنوا علي يقينهم بالله ومحبتهم له { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم و صار وارثا للبر الذي حسب الايمان. بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في خيام مع اسحق و يعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه.لانه كان ينتظر المدينة التي لها الاساسات التي صانعها و بارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على انشاء نسل و بعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. في الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء على الارض. فان الذين يقولون مثل هذا يظهرون انهم يطلبون وطنا. فلو ذكروا ذلك الذي خرجوا منه لكان لهم فرصة للرجوع. ولكن الان يبتغون وطنا افضل اي سماويا لذلك لا يستحي بهم الله ان يدعى الههم لانه اعد لهم مدينة} عب 11:7-16.
+ الإيمان كما عرفه القديس بولس الرسول { واما الايمان فهو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى} عب 11:1. هو ثقة فى الله وتصديق لكلامه والايقان بالامور التى لا نراها واعلنها لنا الله من خلال الإنجيل المقدس { بالايمان نفهم ان العالمين اتقنت بكلمة الله حتى لم يتكون ما يرى مما هو ظاهر} عب 3:11. فنحن بالإيمان نسلك لا بالعيان وان كان الإيمان يتماشى وينمو مع الفهم والتبصر والتعقل ولكن الايمان يحتاج الى اناس تنفتح بصيرتهم الروحية نحو عالم الروح { كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله.التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلمها حكمة انسانية بل بما يعلمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات} 1كو 9:2-13. ذلك لان { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا }(يو 4 : 24).
السيد المسيح ودعوته للإيمان..
+ لقد جاء السيد المسيح متجسدا فى ملء الزمان ليدعونا للإيمان فمنذ بدء خدمته { جاء يسوع الى الجليل يكرز ببشارة ملكوت الله.ويقول قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل} مر14:1-15.حتى قبيل صعوده اوصى تلاميذه قائلاً { اذهبوا الى العالم اجمع واكرزوا بالانجيل للخليقة كلها. من امن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن} مر15:15-16. وهكذا نرى الايمان بالله كما جاء فى الإنجيل طريقنا للخلاص والدخول الى ملكوته السماوى .لقد لخصت الكنيسة منذ عصرها الرسولى عقيدتها المسيحية فى قانون الإيمان المسيحى انطلاقاً من مبادئ الانجيل المقدس التى كرز بها السيد المسيح ورسله القديسين من بعده وذلك فى مواجهة الهرطقات الايمانية والذى نردده فى كل صلواتنا ونحياه وبه نثق فى الدخول الى الحياة الإبدية . اننا نؤمن ونعترف باله واحد الله الاب ضابط الكل خالق السماء والارض ، مايرى وما لايرى ، ونؤمن بيسوع المسيح ربنا كلمة الله المتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء الذى صلب من اجل خلاصنا على عهد بيلاطس البنطى وقام فى اليوم الثالث وصعد الى السموات وايضا ياتى فى مجده ليدين الاحياء والاموات، وبالروح القدس الرب المحيي الناطق فى الانبياء . ونؤمن بكنيسة واحدة مقدسة جامعة رسوليه وبمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وبالمجى الثانى للسيد المسيح الذى يعطى فيه كل واحد بحسب اعماله فى حياة الدهر الاتى .
+ ان الله فى المسيحية ليست مجرد قوة عليا تضبط وتدير الكون بل هو اب محب يسعى لاعلان خلاصه ورحمته للبشر ومن اجل ذلك جاء الينا فى ملء الزمان متجسدأ بالروح القدس من العذراء مريم { في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ... و الكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1، 14.فالسيد المسيح هو العقل الالهى متجسدا دون ان يحد التجسد من اللاهوت كما تخرج الفكرة من العقل وتتحول الى كلمات مكتوبة او الى رسومات هندسية يتم تجسيمها فى مبنى مجسم وتبقى الفكرة فى العقل البشري ، وكما تتجسم الصورة بالارسال التلفزيونى الى صورة حية تتحدث الينا وتتحرك ولا نحد الارسال والصورة فى اجهزتنا التلفزيونية فقط ، فالله واحد كائن بذاته ناطق بعقله حي بروحه القدوس { فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7).وهذا ما أمر السيد المسيح ان يكرزوا به لجميع الامم وهذا ما فعلوه الرسل { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس ، وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} مت 19:28-20.
+ لقد بين الله محبته لنا ليس بالكلام واللسان بل بالعمل والحق { و لكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا} (رو 5 : 8).ويجب ان نؤمن بالتجسد والفداء وناتى الى النور ونفعل الحق والبر لكي نخلص { وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان. لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية. لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم.الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد.وهذه هي الدينونة ان النور قد جاء الى العالم واحب الناس الظلمة اكثر من النور لان اعمالهم كانت شريرة.لان كل من يعمل السيات يبغض النور ولا ياتي الى النور لئلا توبخ اعماله.واما من يفعل الحق فيقبل الى النور لكي تظهر اعماله انها بالله معمولة} يو 14:3-21. لقد آمنا بالعمل الخلاصى الذى للسيد المسيح وهو قادر ان يتمجد فينا بالايمان لنكون واحداً فيه { لان الكلام الذي اعطيتني قد اعطيتهم وهم قبلوا وعلموا يقينا اني خرجت من عندك وامنوا انك انت ارسلتني . من اجلهم انا اسال لست اسال من اجل العالم بل من اجل الذين اعطيتني لانهم لك.وكل ما هو لي فهو لك وما هو لك فهو لي وانا ممجد فيهم. ولست انا بعد في العالم واما هؤلاء فهم في العالم وانا اتي اليك ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن} يو 8:17-11. ونحن نؤمن بمحبة الاب المعلنة فى المسيح يسوع { لان الاب نفسه يحبكم لانكم قد احببتموني و امنتم اني من عند الله خرجت} (يو 16 : 27).
+ لقد سأل اليهود السيد المسيح ماذا نفعل هى نعمل اعمال الله ؟ { فقالوا له ماذا نفعل حتى نعمل اعمال الله. اجاب يسوع و قال لهم هذا هو عمل الله ان تؤمنوا بالذي هو ارسله} يو 28:6-29. فالذى يؤمن يخلص والذى لا يؤمن يدان { فقال لهم انتم من اسفل اما انا فمن فوق انتم من هذا العالم اما انا فلست من هذا العالم.فقلت لكم انكم تموتون في خطاياكم لانكم ان لم تؤمنوا اني انا هو تموتون في خطاياكم.فقالوا له من انت فقال لهم يسوع انا من البدء ما اكلمكم ايضا به} يو 23:8-25. كما ان أعماله الالهية وسلطانه تشهد للاهوته { ان كنت لست اعمل اعمال ابي فلا تؤمنوا بي . ولكن ان كنت اعمل فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الاب في وانا فيه (يو 10 : 37- 38). لقد صلب المسيح ومات بالجسد وقبر لكن اللاهوت لا يموت ولا يحد من اجل ذلك برهن على قيامته للتلايمذ وظهر لهم مراراً وعندما شك توما الرسول فى قيامته وكان بطبعه شكاكا علم المخلص وظهر للتلاميذ وبكته على شكه واكد حقيقة قيامته { وبعد ثمانية ايام كان تلاميذه ايضا داخلا وتوما معهم فجاء يسوع والابواب مغلقة ووقف في الوسط وقال سلام لكم.ثم قال لتوما هات اصبعك الى هنا وابصر يدي وهات يدك وضعها في جنبي ولا تكن غير مؤمن بل مؤمنا.اجاب توما وقال له ربي والهي. قال له يسوع لانك رايتني يا توما امنت طوبى للذين امنوا ولم يروا. وايات اخر كثيرة صنع يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. واما هذه فقد كتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم اذا امنتم حياة باسمه} يو26:20-31. ولنا إيمان وثقة فى رئيس ايماننا ومكمله الرب يسوع وانه قادر ان يقودنا بحكمته الى ملكوت ابيه الصالح
+ الإيمان المطلوب منا بالله ليس شئ نظرى { انت تؤمن ان الله واحد حسنا تفعل والشياطين يؤمنون ويقشعرون} (يع 2 : 19) . ولكن يجب تظهر ثماره العملية فى حياتنا من محبة لله والغير وعمل الخير { لانه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة بل الايمان العامل بالمحبة} (غل 5 : 6). فالثمار الصالحة هى شهادة صادقة على صدق وصحة ايماننا كما قال السيد المسيح له المجد { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة واما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية. لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية ولاشجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة. كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار. فاذا من ثمارهم تعرفونهم. ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات} مت 16:7-21. ونحن نصلى الى الله فى ايمان انه يستجيب لصلوات المؤمنين به الصارخين اليه ليلاً ونهاراً { لذلك اقول لكم كل ما تطلبونه حينما تصلون فامنوا ان تنالوه فيكون لكم }(مر 11 : 24).
النمو فى الإيمان ونتائجه فى حياتنا الروحية
+ ان الإيمان فضيلة وقامة روحية يجب علينا ان ننمو ونتدرج فيها الى ان نصل الى قامة الكمال الانسانى الممكن . يجب علينا ان نحيا فى الايمان ونصلى ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي }(غل 2 : 20).يجب ان نثق فى رعاية{فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان(مت 6 : 30). لا تخافوا اذاً من الظروف المحيطة ولا يتزعزع إيماننا كما خاف التلاميذ قديما عندما راوا الريح المضادة تتقاذف سفينة حياتهم فبكتهم الرب لقلة إيمانهم {فقال لهم ما بالكم خائفين يا قليلي الايمان ثم قام و انتهر الرياح والبحر فصار هدو عظيم (مت 8 : 26) . لكن يجب ان نعلم انه بضيقات كثيرة ندخل ملكوت السموات {يشددان انفس التلاميذ و يعظانهم ان يثبتوا في الايمان و انه بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله }(اع 14 : 22).ولكن ليكن لنا فى الايمان سلام ورجاء {و ليملاكم اله الرجاء كل سرور و سلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس (رو 15 : 13).
+ نصلى لله كي ينمى ويقوى أيماننا به واثقين فى حنانه وابوته ورعايته ، اننا عندما نقرأ فى حياة رجال الإيمان والقديسين الذين ارضوا الرب ونصادقهم نتشجع ونتشدد فى الأيمان من اجل هذا يوصينا الانجيل ان نتعلم من حياة رجال الايمان وبساطة ايمانهم وقوة رجائهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7). لقد آمن نوح بكلام الله له وبنى الفلك على ارض يابسة حتى جاء الطوفان واخذ حتى الذين صنعوا الفلك { بالايمان نوح لما اوحي اليه عن امور لم تر بعد خاف فبنى فلكا لخلاص بيته فبه دان العالم وصار وارثا للبر الذي حسب الايمان} عب 7:11. ونحن يجب ان نحيا إيماننا للنجو من طوفان بحر العالم . لقد عاش بيننا قداسة البابا كيرلس السادس وكان رجلاً مملؤاً من الإيمان وله صداقة وطيدة باهل السماء الذين كان يرسلهم كمساعدين له فى خدمة اولاده وبناته العتيدين ان يرثوا الخلاص . يجب ان نبتعد عن الشكاكيين ومن يعثرونا فى الإيمان ونصلى خصيصا ليقوى ايماننا ويشتد رجائنا وتذداد محبتنا ونربى اولادنا وبناتنا على الإيمان الحى {اذ اتذكر الايمان العديم الرياء الذي فيك الذي سكن اولا في جدتك لوئيس وامك افنيكي ولكني موقن انه فيك ايضا (2تي 1 : 5). لنداوم على الصلاة والتوبة والتناول والقراءة والتأمل والاتحاد بالله متمثلين بابائنا القديسين {لكي لا تكونوا متباطئين بل متمثلين بالذين بالايمان والاناة يرثون المواعيد} (عب 6 : 12).
+ لنجنى ثمار الإيمان فى حياتنا الذى من نتائجه ان نحيا فى سلام فايماننا بان الله ضابط الكل وصانع الخيرات وإيماننا باننا ابناء الله الراعى الصالح يجعلنا نثق فى رعايته وتدبيره وحمايته لنا من اجل هذا قال داود النبي {الرب راعي فلا يعوزني شيء.في مراع خضر يربضني الى مياه الراحة يوردني. يرد نفسي يهديني الى سبل البر من اجل اسمه ، ايضا اذا سرت في وادي ظل الموت لا اخاف شرا لانك انت معي عصاك وعكازك هما يعزيانني. ترتب قدامي مائدة تجاه مضايقي مسحت بالدهن راسي كاسي ريا.انما خير ورحمة يتبعانني كل ايام حياتي واسكن في بيت الرب الى مدى الايام} مز 1:23-6. السلام ثمرة حلوه من ثمار الايمان لهذا قال الانجيل {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله} رو1:5-2.لقد جاء الينا الله الكلمة المتجسد وصار ابناً للإنسان لكى يجعلنا ابناء بالتبني لله ونلنا نعمة وبركة ورفعة تجعلنا نحيا كابناء لله وورثة للملكوت السماوى فلنثق فى رئيس سلامنا الذى وعد ان ابواب الجحيم لم تقوى على كنيسته . لقد كان القديسين الرسل فى السجن لكن ثقتهم فى الله جعلتهم فى سلام يسبحوا الله { فالقوا ايديهم على الرسل ووضعوهم في حبس العامة ،ولكن ملاك الرب في الليل فتح ابواب السجن واخرجهم و قال.اذهبوا قفوا وكلموا الشعب في الهيكل بجميع كلام هذه الحياة} أع18:5 -20. وكما ارسل الله ملاكه وسد افواه الاسود عن دانيال النبى هو يقدر ان يسد افواه جميع القائمين علينا القائلين هل يستطيع الهكم ان ينجيكم من اتون النار والاضطهاد {قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم }(يو 16 : 33).
+ حياة التسليم والثقة فى الله هى ثمرة جميلة من ثمار الإيمان ، فنحن نصلى { لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض} (مت 6 : 10). اننا نعمل ما يجب علينا ونسلم حياتنا لله القدير الحكيم برضى وشكر وعدم تذمر، حياة التسليم هى اعتراف بحكمة الله وتوجيهه للاحداث {ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 8 : 28). لقد دعي الله ابونا ابراهيم ان يترك ارضه وشعبه وعشيرته فاطاع {بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي} عب 8:11. وقدم ابنه على مذبح المحبة لله واثقا ان الله قادر ان يقيمه { بالايمان قدم ابراهيم اسحق وهو مجرب قدم الذي قبل المواعيد وحيده. الذي قيل له انه باسحق يدعى لك نسل.اذ حسب ان الله قادر على الاقامة من الاموات ايضا الذين منهم اخذه ايضا في مثال} عب 17:11-19. وهكذا فعل عندما ارسل عبده لعازر الدمشقى ليتخذ زوجة لاسحاق ابنه من أور الكلدانيين { الرب اله السماء الذي اخذني من بيت ابي و من ارض ميلادي و الذي كلمني والذي اقسم لي قائلا لنسلك اعطي هذه الارض هو يرسل ملاكه امامك فتاخذ زوجة لابني من هناك} تك 7:24. لذلك استحق ابراهيم ان يدعى اب لنا {لهذا هو من الايمان كي يكون على سبيل النعمة ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل ليس لمن هو من الناموس فقط بل ايضا لمن هو من ايمان ابراهيم الذي هو اب لجميعنا. كما هو مكتوب اني قد جعلتك ابا لامم كثيرة امام الله الذي امن به الذي يحيي الموتى ويدعو الاشياء غير الموجودة كانها موجودة. فهو على خلاف الرجاء امن على الرجاء لكي يصير ابا لامم كثيرة كما قيل هكذا يكون نسلك } عب 16:4-18.على دروب اب الاباء ابراهيم سار ابائنا الرسل القديسين تاركين كل شئ حتى ارادتهم الخاصة ليسيروا مع الله ونحن نسير على ذات النهج ونقول مع القديس بولس {سلمنا فصرنا نحمل }(اع 27 : 15).
+ التغلب على الصعاب والفرح .. الايمان قوة جبارة بها يستطيع المؤمن ان يقول أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقويني { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله } (مر 10 : 27). فنحن يجب ان نقاوم ابليس وجنوده فى تواضع وثقة راسخين فى الايمان{فتواضعوا تحت يد الله القوية لكي يرفعكم في حينه.ملقين كل همكم عليه لانه هو يعتني بكم. اصحوا واسهروا لان ابليس خصمكم كاسد زائر يجول ملتمسا من يبتلعه هو فقاوموه راسخين في الايمان عالمين ان نفس هذه الالام تجرى على اخوتكم الذين في العالم} (1بط 5 : 6- 9). فالايمان يهبنا النصرة والغلبة التى يتبعها الفرح والرضا {وهذه هي الغلبة التي تغلب العالم ايماننا }(1يو 5 : 4).فلنصلى ونعمل على التغلب على العقبات التى تواجهنا طالبين من الرب المعونة والقوة والنجاح وهو يستجيب {الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو 16 : 24).
+ الصبر كفضيلة يتأتي نتيجة لحياة الإيمان بالله وعمله ، فنحن لا نعرف الوقت ولا الاسلوب المناسب لبلوغ اهدافنا من اجل هذا ننتظر بصبر وسكوت خلاص الرب { هنا صبر القديسين هنا الذين يحفظون وصايا الله و ايمان يسوع }(رؤ 14 : 12). نصبر فى التجارب {احسبوه كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة.عالمين ان امتحان ايمانكم ينشئ صبرا. واما الصبر فليكن له عمل تام لكي تكونوا تامين وكاملين غير ناقصين في شيء} يع 2:1-4. نصبرفى أقتناء الفضائل والسير فى طريق الكمال {ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة وفي الفضيلة معرفة. وفي المعرفة تعففا وفي التعفف صبرا وفي الصبر تقوى} 2بطر5:1-6. نصبر حتى ناتي بالثمار المطلوبة { الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر (لو 8 : 15) فبصبرنا نربح أنفسنا لله وملكوته {بصبركم اقتنوا انفسكم }(لو 21 : 19) . والى متي نصبر؟ ان الصبر يرافقنا حتى النهاية {و تكونون مبغضين من الجميع من اجل اسمي و لكن الذي يصبر الى المنتهى فهذا يخلص} (مت 10 : 22). فلنثق اذا فى الله الصانع الخير العامل فى التاريخ والاحداث ونحيا فى سلام وتسليم وشكر وفرح وصبر واثقين انه سيصل بسفينة حياتنا الى بر الامان وميناء السلام والحياة الابدية.
يارب قوي إيماننا ..
+ وسط صحراء الحياة نصرخ اليك لتقوى إيماننا وتنمي رجائنا بك يا الله ، وعندما نواجه امواج الحياة العاتية والرياح المضادة التي تضرب بسفينة حياتنا نصلى ان تأتى سريعا لتأمر البحر ان يهدأ والرياح ان تسكت لتسير سفينة حياتنا وانت وسطها وقائدها لتصل الى بر الأمان ، وسط الضيق واتون التجارب نصلى لتطفئ نيران الاتون المتقدة وتنجنا من سهام أبليس المتقدة ناراً لنقول مع المرتل ان سرت فى وادى ظلال الموت فلا أخاف شرا لانك انت معى .
+ نطلب اليك فى رجاء وثقة ان تعين المجربين وتقوى الضعفاء وتقيم الساقطين وترفع البائسين وتنصف المظلومين وتحل المقيدين وتبشر المساكين وتعصب المجروحين وتجبر المنكسرين وتعين من ليس لهم معين ، فانت رجائنا فى يائسنا وقوتنا فى ضعفنا وحكمتنا فى جهلنا وفرحنا فى ضيقنا وعزائنا فى أحزاننا اليك نرفع الدعاء فكن لنا معين ايها الرب الاله .
+ يا اله ابائنا القديسين الذين أمنوا بك وساروا في رضاك وعملوا ارادتك ، كما كنت مع ابائنا القديسين ابراهيم واسحاق ويعقوب وكما باركت وقدست ابائنا القديسين انطونيوس واثناسيوس وكيرلس ومقاريوس وكما قدت كنيستك المقدسة عبر العصور ، انت قادر ان تقودنا وكل شعبك يا ضابط الكل لنصل بك ومعك الى حياة الإيمان الراسخ والرجاء الثابت والمحبة الكاملة لنهتف هتاف النصرة { قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا} 2تيم 7:4-8.

الرجاء واهميته فى حياتنا ..
+ الرجاء قيمة روحية وفضيلة هامه فى حياة كل إنسان منا فهو قوة دافعة للأمل والعمل للوصول الى مستقبل أفضل فى هذه الحياة وهو دافع للتقوى والفضيلة من اجل الوصول الى الملكوت السماوى. الرجاء المسيحى يعتمد علي محبة الله الاب السماوى والقادر على كل شئ والذى يتوق لخيرنا { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23). فالرجاء دافع للاتحاد بالله والصلاة اليه والعمل بوصاياه للتغلب على كل مصاعب رحلة الحياة بقوة الله وعمل نعمته ، فللخاطئ رجاء فى الله بالتوبة ، وللمريض رجاء فى مقدرة الله فى شفائه والمحزون له رجاء فى العزاء ، والمظلوم له رجاء فى الانصاف وللمحتاج ثقة فى قدرة الله على أشباع احتياجاته، ولمن يعانون من المشاكل النفسية أو العائلية او الاجتماعية رجاء فى الله ليحلها ويخلصهم . حتى للدول رجاء بالتخطيط والعمل والمتابعة مع الصلاة ،فى التغلب على مشكلاتها. فهناك أمور حتى مهما بلغنا الاتقان فى التخطيط والعمل تحتاج لمعونه وقوة الله وحفظه للتغلب عليها ، ان العالم يقف عاجزاً امام قوى الطبيعة من أعاصير وزلازل وبراكين ويتمسك بالرجاء فى الله ، رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين.
+ من أخطر الحروب الروحية وأقسى الاشياء التى تحارب الانسان انقطاع الرجاء او اليأس . ان اليأس يجعل الحياة ثقيلة بل مستحيلة ويتسبب فى عدم التكيف مع الوسط المحيط والفشل والاحباط والكأبة واخيرا قد يقود الى الانتحار فالرجاء حصن لمن يتمسك به وسبب فى هلاك من يفقده { ارجعوا الى الحصن يا اسرى الرجاء اليوم ايضا اصرح اني ارد عليك ضعفين} (زك 9 : 12). لقد راينا كيف اخطأ اثنين من الرسل . فالقديس بطرس الرسول ليلة الآم السيد المسيح انكر وجحد السيد المسيح ويهوذا تأمر مع اليهود وسلمه لهم ، لكن بطرس رجع الى نفسه وبكى بكاءاً مراً وتاب وقبل الله توبته ورده الى رسوليته اما يهوذا فندم ولكن فقد رجائه ومضى وشنق نفسه وهلك { اذ كان معدودا بيننا وصار له نصيب في هذه الخدمة. فان هذا اقتنى حقلا من اجرة الظلم واذ سقط على وجهه انشق من الوسط فانسكبت احشاؤه كلها. وصار ذلك معلوما عند جميع سكان اورشليم حتى دعي ذلك الحقل في لغتهم حقل دما اي حقل دم.لانه مكتوب في سفر المزامير لتصر داره خرابا ولا يكن فيها ساكن ولياخذ وظيفته اخر} أع 17:1-20
+ اننا نضع رجائنا فى الله لانه قادر على كل شئ

{ من اله ابيك الذي يعينك ومن القادر على كل شيء الذي يباركك تاتي بركات السماء من فوق وبركات الغمر الرابض تحت} (تك 49 : 25).{ وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله وترنيمة الخروف قائلين عظيمة وعجيبة هي اعمالك ايها الرب الاله القادر على كل شيء عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين }(رؤ 15 : 3). من اجل ذلك نطلبه ونلتمس معونته { اطلبوا الرب و قدرته التمسوا وجهه دائما} (مز 105 : 4). واثقين ان غير المستطاع لدى الناس مستطاع لديه { فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الله لان كل شيء مستطاع عند الله }(مر 10 : 27). ان رجائنا فى الله لانه قادر على كل شئ وهو اله محب ومحبته لا تعتمد على صلاحنا بل على ابوته وصلاحه { اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مر21:3-25. من أجل هذا نحن نتمسك بالرجاء لان الهنا امين وقادر ومحب { الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد} (كو 1 : 27). ونحن نتمسك بوعوده الصادقة الامينة { لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك و اعنتك و عضدتك بيمين بري} (اش 41 : 10). من اجل ذلك قال المرنم { الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر ، الرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء} مز8:118-9. والله لكى يبث فينا روح الرجاء يعطينا الكثير من الوعود لنثق فيه ويقول لنا انه أحن من الام علي ابنائها { هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك. هوذا على كفي نقشتك اسوارك امامي دائما} اش 15:49-16.
السيد المسيح رجائنا ...
+ قبل ان ياتى السيد المسيح ويحل بيننا على الارض كانت انظار البشرية تتطلع الى مجيئه وخلاصه فهو المخلص الموعود به لسحق رأس الحية ، ابليس (تك15:3) قال افلاطون الفيسلوف المعتبر نبى للامم انه يتوق ويشتاق الى ان يأتى شخص المخلص الذى يعلمنا كل شئ. وتنبأ عنه بلعام { ثم نطق بمثله وقال وحي بلعام بن بعور وحي الرجل المفتوح العينين. وحي الذي يسمع اقوال الله ويعرف معرفة العلي الذي يرى رؤيا القدير ساقطا وهو مكشوف العينين. اراه ولكن ليس الان ابصره ولكن ليس قريبا يبرز كوكب من يعقوب ويقوم قضيب من اسرائيل فيحطم طرفي مواب ويهلك كل بني الوغى} عد15:24-17. ولهذا قال اشعياء النبي{ ليتك تشق السماوات وتنزل } (اش 64 : 1).قال هذا بعد ان تنبأ عن مولده من العذراء {ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل} اش 14:7.وتنبأ عن طبيعته الالهية {لانه يولد لنا ولد ونعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية} اش 6:9-7. من اجل ذلك قال السيد المسيح {فاني الحق اقول لكم ان انبياء وابرارا كثيرين اشتهوا ان يروا ما انتم ترون و لم يروا و ان يسمعوا ما انتم تسمعون و لم يسمعوا} مت 17:13.
+ وعندما جاء السيد المسيح تهللت الملائكة واعلنت الملائكة بشري الخلاص للرعاة {واذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظيما. فقال لهم الملاك لا تخافوا فها انا ابشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب. انه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب} لو9:2-11. وبارك سمعان الشيخ الرب وقال ان الطفل المولود نوراً اعلن للأمم {و كان رجل في اورشليم اسمه سمعان وهذا الرجل كان بارا تقيا ينتظر تعزية اسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان قد اوحي اليه بالروح القدس انه لا يرى الموت قبل ان يرى مسيح الرب. فاتى بالروح الى الهيكل و عندما دخل بالصبي يسوع ابواه ليصنعا له حسب عادة الناموس.اخذه على ذراعيه و بارك الله و قال الان تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام.لان عيني قد ابصرتا خلاصك.الذي اعددته قدام وجه جميع الشعوب. نور اعلان للامم ومجدا لشعبك اسرائيل}لو25:2-32.
+ جال السيد المسيح يصنع خيرا ويعلم الشعب ويعلن اقتراب ملكوت الله { وكان يسوع يطوف المدن كلها والقرى يعلم في مجامعها ويكرز ببشارة الملكوت ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب.ولما راى الجموع تحنن عليهم اذ كانوا منزعجين ومنطرحين كغنم لا راعي لها} مت 35:9-36.وعندما قالت له المرأة السامرية ان المسيح عندما يأتى سيخبرهم بكل شئ { قالت له المراة انا اعلم ان مسيا الذي يقال له المسيح ياتي فمتى جاء ذاك يخبرنا بكل شيء.قال لها يسوع انا الذي اكلمك هو} يو25:4-26. وبعدما أكمل السيد المسيح خدمته الجهارية فى العالم بسط ذراعيه على عود الصليب ليجذب اليه الكل ، الامم واليهود ، من شمال الارض الى مغاربها ومن الشمال الى الجنوب ليجذبنا الى الأحضان الابوية كما قال { وانا ان ارتفعت عن الارض اجذب اليٌ الجميع} يو 32:12. وتحققت به نبؤة اشعياء النبي {قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة.وعلى اسمه يكون رجاء الامم}.اش 3:42، مت 20:12-13.
+ ان السيد المسيح كان وسيبقى رجاءاً لكل أحد ومن يتكل عليه لا يخزى ابدا { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} رو 1:5-5.

السيد المسيح رجاء الخطاة فى التوبة والقبول والغفران

{هو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا }(1يو 2 : 2). فمن كان يتصور ان مريم المجدلية الخاطئة تتوب وتتحول الى مبشرة بالقيامة حتى للامبراطور واي قوة وشجاعة حصلت عليها بالإيمان لتشهد لبشرى الخلاص . كذلك المرأة السامرية تتوب وتذهب تعلن بشرى الخلاص لاهل السامرة . ومن كان يتصور ان انسانا محباٌ للمال كزكا العشار يتغير بمقابلة صادقة مع المخلص والمحرر {فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك} لو 9:19-11. وهكذا راينا شاول الطرسوسى المضهد للكنيسة يتقابل فى الطريق بعد القيامة مع المخلص ويهتدى الى الإيمان ويتحول الى مبشر يقدم حياته حباً فى مخلصه .
السيد المسيح رجاء المتعبين فهو القائل

{ تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني لاني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم.لان نيري هين وحملي خفيف} مت 28:11-30. لقد ذهب الى مريض بركة بيت حسدا الذى تباعد عنه الأهل والاصدقاء وقدم له الشفاء ، وكما قدم الشفاء للعميان قديما يستطيع اليوم وفى كل وقت ان يهب النظر والبصيرة الروحية لنا لنعاين مجد الله ونرى حكمته فى الاحداث من حولنا. وهو الذى اشفق على المرأة التى أمسكت فى ذات الفعل ودافع عنها ومنحها سلاما ومغفرة وهى منكسرة ، هو الذى نظر لدموع القديسة مونيكا من أجل ابنها أغسطينوس وعمل بنعمته فيه ليرجع الى الله ويصير قديساً .
السيد المسيح رجاء للمنبوذين والضعفاء والمحتاجين

لقد ذهب للبرص وكان مرض يعتبر نجاسة ولمسهم بيده الشافية وشفاهم وهو الذي يبحث عن الخروف الضال ليرده وعن الابن الضال ليهبه البنوة والمجد ويبحث عن من ليس له أحد يذكره لان كل نفس لها قيمة غاليه لديه يفرح كآب صالح ان يجمع الى بيته الجميع ، من اجل هذا قال الرب فى حزقيال النبى قائلا : { انا ارعى غنمي و اربضها يقول السيد الرب.و اطلب الضال واسترد المطرود واجبر الكسير واعصب الجريح واحفظ السمين والقوي وارعاها بعدل} حز15:34-16. لقد نظر الى الجوعى فى البرية فاشبع الالاف بخمسة خبزات وسمكتين وفاض عنهم اثنتى عشر قفة مملؤة ، وانبع الماء قديما من صخرة فى سينا للشعب عندما عطش ولم يجد ماء والصخرة كانت تشير الي السيد المسيح المشبع ، حتى العاصفير يقوتها ويقول لنا ان واحداً منها ليس منسيا أمام الله { اليست خمسة عصافير تباع بفلسين و واحد منها ليس منسيا امام الله. بل شعور رؤوسكم ايضا جميعها محصاة فلا تخافوا انتم افضل من عصافير كثيرة} لو6:12،7.
ان السيد المسيح رجاء المحزونين .. هو الذى تحنن على الارملة بنايين وهى تودع ابنها المحمول على النعش {فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها و قال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم.فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه} لو 12:7-15.وهو الذى أقام لعازر من القبر بعد اربعة ايام مشفقا على اختيه مرثا ومريم وهو الذى يعزى كل نفس فى ارض غربتها واثقين انه هو {قال لها يسوع انا هو القيامة والحياة من امن بي ولو مات فسيحيا }(يو 11 : 25). { لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته.فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} يو 28:5-29.
السيد المسيح رجاء الامم الذى شفى ابنة المرأة الكنعانية ومدح ايمانها وشفى غلام قائد المئة اليونانى مادحا ثقة وايمانه به . هو رجاء المنكسرين والفقراء والمظلومين والمحتاجين { مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم } لو 18:4-21.

السيد المسيح رجاء الخائفين والمضطهدين .

فهو أمس واليوم والى الابد ، وعندما كانت الريح مضادة على التلاميذ والامواج تتقاذف السفينة وخافوا جاء اليهم { و اما السفينة فكانت قد صارت في وسط البحر معذبة من الامواج لان الريح كانت مضادة. وفي الهزيع الرابع من الليل مضى اليهم يسوع ماشيا على البحر. فلما ابصره التلاميذ ماشيا على البحر اضطربوا قائلين انه خيال ومن الخوف صرخوا. فللوقت كلمهم يسوع قائلا تشجعوا انا هو لا تخافوا . مت 24:14-27. وهو الذي يدافع عن المظلومين والمضطهدين من أجل اسمه فهو الذى ارسل ملائكه ليخرج الرسل من الحبس وبكت شاول على اضطهاده للمؤمنين فى دمشق وجعله يتوب ويبشر بالإيمان المسيحي{ اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على تلاميذ الرب فتقدم الى رئيس الكهنة. وطلب منه رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناسا من الطريق رجالا او نساء يسوقهم موثقين الى اورشليم. وفي ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض وسمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني. فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس} أع 1:9-5.
السيد المسيح رجائنا الابدي..

ان حياتنا الارضية ما هي الا بخار ماء يظهر قليلاُ ثم يضمحل اذا قيست بالابدية وسيأتى السيد المسيح كما انطلق الى السماء فى صعوده ليأخذ قديسيه معه للسماء { و قالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} أع 11:1. { ايها الاحباء الان نحن اولاد الله و لم يظهر بعد ماذا سنكون و لكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} 1يو 2:3-3. ونحن فى كل مرة نصلى قانون الإيمان نعلن انتظارنا ورجائنا بقيامة الاموات وحياة الدهر الأتي. ان هذا الرجاء تعزية المؤمنين وفرحهم كما يقول الرسول {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق}(رو12:12)، وأيضاً {فلا تطرحوا ثقتكم التي لها مجازاة عظيمة لأنكم تحتاجون إلى الصبر حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد. لأنه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ} (عب35:10-37).وهذا هو العلاج الناجح الذي قدّمه الوحي في رسالة يعقوب للمؤمنين المتألمين والمظلومين، قائلاً لهم {فتأنوا أيها الأخوة إلى مجيء الرب... فتأنوا أنتم وثبّتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب}(يع7:5،12. إن مجيء المسيح الثاني هو الرجاء الموضوع أمامنا، بحسب وعد الرب لهم {وإن مضيت وأعددت لكم مكاناً آتي أيضاً وآخذكم إليَّ حتى حيث أكون أنا تكونون أنتم أيضاً(يو3:14). ولقد فاه الرب بهذه الكلمات الثمينة لإزالة الاضطراب من قلوب تلاميذه المتألمين لغيابه عنهم. ويجب أن يكون نصب عيوننا المسيح ورجاء الحياة معه . إن الرجاء المسيحي ليس هو أن يأتي المسيح ويأخذ المؤمن إليه عند موته إنما رجاؤنا هو شخص الرب نفسه ليحل فى قلوبنا ويتمجد بنا وفينا سواء بحياة او انتقال .
الرجاء وتقويته ونتائجه فى حياتنا ..+ الصلاة هى الباب المفتوح نحو السماء الذى يوصل طلباتنا وتضرعاتنا الى الله وبالأكثر عندما تكون مقرونة بالصوم والتواضع والصدقة ونقاوة القلب { الصدقة هي رجاء عظيم عند الله العلي لجميع صانعيها }(طو 4 : 12). الصلاة هى التي انقذت الشعب قديما من مؤامرة هامان لابادة لابادة شعب الله { الاله القدير على الجميع فاستجب لاصوات الذين ليس لهم رجاء غيرك و نجنا من ايدي الاثماء وانقذني من مخافتي} (اس 14 : 19). وهى التى خلصت القديس بولس الرسول من مخاطر كثيرة {فاننا لا نريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة ضيقتنا التي اصابتنا في اسيا اننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى ايسنا من الحياة ايضا. لكن كان لنا في انفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على انفسنا بل على الله الذي يقيم الاموات. الذي نجانا من موت مثل هذا و هو ينجي الذي لنا رجاء فيه انه سينجي ايضا فيما بعد. و انتم ايضا مساعدون بالصلاة لاجلنا لكي يؤدى شكر لاجلنا من اشخاص كثيرين على ما وهب لنا بواسطة كثيرين}. 1كو 7:1-11. فلا تيأسوا ابداً من رحمة الله بل لنتوب عن خطايانا بتواضع وبر { فيكون للذليل رجاء و تسد الخطية فاها }(اي 5 : 16){ان لان للشجرة رجاء ان قطعت تخلف ايضا ولا تعدم خراعيبها }(اي 14 : 7).وثقوا فى الله الذي { و على اسمه يكون رجاء الامم }(مت 12 : 21). لان الله كاب صالح يريد لنا رجاء وحياة ابدية { لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء }(ار 29 : 11).
+ القراءة فى الكتاب المقدس وسير القديسين

اننا اذ نستنير بالكتاب المقدس نستمد قوة ورجاء من معرفتنا لصفات الله ووعودة الامينة ومعاملاته مع قديسية ونثق فى الله العامل فى الاحداث والتاريخ من أجل خلاصنا {لان كل ما سبق فكتب كتب لاجل تعليمنا حتى بالصبر و التعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء }(رو 15 : 4). القراءة فى سير رجال الله ترينا كيف قاد الله شعبه وقديسيه فى موكب نصرته عبر التاريخ ونعرف حكمة وقصد الله ونكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذي فينا { بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسالكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة و خوف} (1بط 3 : 15).
+ الصبر والثبات..

ان الاكاليل لا توضع الا على رؤوس المنتصرين ولكى ننتصر يجب ان ندخل الحروب الروحية ونتعلم ونتقوى { واما نحن الذين من نهار فلنصح لابسين درع الايمان و المحبة وخوذة هي رجاء الخلاص} (1تس 5 : 8). لقد دخل يوسف الصديق بوتقة التجارب من اخوتة ومن الغرباء وعاني الظلم والحبس ليتقوي ويشتد عوده وينتصر ويرتفع { الضيق ينشئ صبرا والصبر تزكية والتزكية رجاء والرجاء لا يخزي } رو 3:5-5 لذلك نستمر فى الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين الي رئيس الايمان ومكمله الرب يسوع { لاننا لهذا نتعب و نعير لاننا قد القينا رجاءنا على الله الحي الذي هو مخلص جميع الناس ولا سيما المؤمنين }(1تي 4 : 10).
+ القيامة والحياة الابدية حتى عندما يفتقدنا الله ويأخذ لديه عزيز لنا يجب ان لا نحزن {ثم لا اريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة الراقدين لكي لا تحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم }(1تس 4 : 13). بل نثق ان هذا هو تحقيق لرجائنا الابدى ان نستوطن عن الرب {و ربنا نفسه يسوع المسيح و الله ابونا الذي احبنا واعطانا عزاء ابديا و رجاء صالحا بالنعمة }(2تس 2 : 16) فكما قام السيد المسيح منتصرا هكذا احبائنا لديه قيام فالله الهنا ليس اله اموات بل اله احياء لان الجميع عنده أحياء{ مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات.لميراث لا يفنى و لا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم. انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير. الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح و الكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح. ذلك وان لم تروه تحبونه ذلك وان كنتم لا ترونه الان لكن تؤمنون به فتبتهجون بفرح لا ينطق به ومجيد.نائلين غاية ايمانكم خلاص النفوس} 1بط 3:1-9.
نتائج وثمار الرجاء ...
الانسان المؤمن كلما زادت عنده قوة الرجاء كلما أنعكس هذا على حياته العملية وظهر فى تفكيره وسلوكه نتائج الرجاء المبارك وثماره الصالحة في حياتنا
الرجاء يعطينا قوة وغلبة نقول مع القديس بولس الرسول { استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني (في 4 : 13). فكما قال السيد { فقال له يسوع ان كنت تستطيع ان تؤمن كل شيء مستطاع للمؤمن} (مر 9 : 23). ان منظروا الرب لا يخزون ابدا { واما منتظروا الرب فيجددون قوة يرفعون اجنحة كالنسور يركضون ولا يتعبون يمشون ولا يعيون }(اش 40 : 31). الرجاء يجعلنا ايجابيين فى الحياة نثق ان بعد ظلمة الفجر الحالكة لابد من ان يشرق لنا شمس البر والشفاء والخلاص معه .
الرجاء يثمر فينا عدم خوف وطمأنينة .. فنحن نثق فى الله القادر على كل شئ ولن يفصلنا عنه شئ لقد قالوا قديما ليوحنا ذهبي الفم ان الملكة ستنفيه فقال لهم للرب الارض وما عليها ، المسكونة وجميع الساكنين فيها ، فان الله فى كل مكان وقادر ان يقودنا في أمان . يخاف الانسان الذى لا يثق فى الله ومحبته ورعايته اما المؤمن فواثق حتى لو كان فى بطن الحوت { ارجعوا الان ايها الخطاة واصنعوا امام الله برا واثقين بانه يصنع لكم رحمة }(طو 13 : 8). القداسة والجهاد .. من ثمار الرجاء الصالح ، نستعد بالقداسة والتقوى لملاقاة الله ونثق ان الله يعمل فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة لصالحنا ومستقبلنا {اذاً يا أخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين، مُكثرين في عمل الرب كل حين، عالمين أن تعبكم ليس باطلاً في الرب}1تس 3:1. ونعمل ان نكون سواء ونحن مستوطنين فى الجسد كنا او متغربين عنه ان نكون مرضيين عنده .ان حياتنا فترة غربة قصيرة واذ نحيا على رجاء الحياة الابدية فاننا نستهين بكل شئ من أجل الرجاء المبارك .الفرح فى كل الظروف .. اذ نضع المسيح امامنا ويحل بالإيمان فينا فان الضيقات تختفى والاتعاب تزول ويكون الله فرحنا ورجائنا {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12) انْ من يتطلع إلى الله والسماء ، لابد أن يمتلئ قلبه بالتعزية والفرح وسط هموم الحياة، ويشتاق إلى ذلك العريس السمائى {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا} (2كو 4 : 17){الذين اراد الله ان يعرفهم ما هو غنى مجد هذا السر في الامم الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد } (كو 1 : 27). فلنتمسك اذا بالرجاء وليكن لنا إيمان ورجاء راسخ فى الله { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين }(عب 10 : 23).
هبنا رجاءاً صالحاً..
+ ايها الرب الاله ،يا رجاء من ليس له رجاء ، معين من ليس له معين ، عزاء صغيري النفوس ومينا الذين فى العاصفة . هبنا رجاء صالح باللإيمان والثقة فيك . انت يا مصدر الرجاء وعون المساكين والصارخين اليك ليلاً ونهاراً ، لا تترك شعبك بل بالمراحم أجمعنا تحت ظل حمايتك ، رد الضالين واعصب المجروحين واجبر المنكسرين ولتكن انت رجائنا فى ضيقاتنا وشدائدنا لاننا لا نعرف أخر سواك أسمك القدوس هو الذي نقوله فلتحيا نفوسنا بروحك القدوس ولا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك يالله ضابط الكل.
+يا صانع الخيرات الرحوم ، نسالك من أجل كل نفس منحنية لتقومها وكل محتاج لتغدق عليه من غناك ومن اجل المسجونين لتحررهم والحزانى لتعزيهم والبائسين لتهبهم رجاء فيك ، نسالك من أجل المرضي والمنطرحين لتشفيهم والذين ليس لهم أحد يذكرهم والمتغافلين عن أمر خلاصهم يا من ارسل يونان النبي قديما لشعب لا يعرف شماله من يمينه ليرجعوا من الظلمات الى النور ، افتقد الجميع بخلاصك يارب.
+ نصلى من أجل كنيستنا ورعاتها ورعيتها ومن أجل بلادنا واهلها ومستقبلها الامن المستقر ، لتقودنا حكاماً ومحكومين ، كباراً وصغاراً ، رجال ونساء وأطفال ، لنصل الى الحرية الحقيقة والتحرر من الخطية والظلم والجهل والمرض والفقر . ليحيا كل منا آمن على نفسه وماله وعرضه وارضه ومستقبله ، يارب استجب لصلواتنا ولا تخيب رجائنا فليس لنا في الضيق معين سواك .

مفهوم الصبر ومظاهره ..
الصبر هو التجلد والاحتمال وطول الأناة ، والتماسك في وجه الاستفزاز والظلم وهو ليس موقفاً سلبياً، بل هو موقف إرادي ايجابي . والدافع له هو محبة الله، ومن ثم محبة المسيحى للآخرين.وتوجد لكلمة الصبر في اللغة العربية مرادفات ومعاني عديدة منها ، المثابرة، طول الأناة، التأني، التسامح، ضبط النفس، تمالك النفس والأعصاب، كظم الغيظ ، سعة الصدر، التروي . والصبر ثمرة من ثمار الروح القدس التي تحتاج الي جهاد ومعرفة في أقتنائها ،كما انها لا تعني عدم العمل او الركون لتدخل الله في حل المشكلات دون البحث في حلها واتخاذ افضل الوسائل للوصول للحل او علاج وانهاء المشكلات التي نواجهها في حكمة وقوة وجهاد وعمل بتأنى .
الصبر يعني انه يجب أن نفكر قبل كلّ عمل نُقدم عليه. نفكر أولا ثمّ نعمل.من أجل ان يدرك الإنسان ما يدور حوله ويعرف ما الذي يساعده وما الذي يعيقه، ما الربح وما الخسارة من وراء كلّ عمل يقوم به. قد نجد البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو حركة من الغير. وردّهم هذا يمكن أن يكون وبالاُ عليهم. وبالصبر ينبغي أن يترووا وأن يفكّروا قبل القيام بأي عمل وأن يتعوّدوا ضبط أعصابهم وكبح جماح أنفسهم حتى ان سمعوا ما لا يرضيهم فيكون تعاملهم بروح التسامح وسعة الصدر.
وما أكثر أضرار عدم الإحتمال الناتج من عدم فهم الطبيعة البشرية الضعيفة وعدم اللجوء إلى الوسائط الروحية الفعالة لتهدئة الأعصاب وعلينا ان نعرف جميعاً أن الصبر مُر. لكن نهايته راحة وفرح، بينما نفاذ الصبر، وعدم الإحتمال، مدعاة لغضب الله، ومجلبة لإمراض كثيرة نفسية وعصبية وبدنية، واسأل عديمي الصبر، وما أصابهم من عدم احتمالهم وتذمرهم وغضبهم . وتذكر قول الكتاب {ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب}(يع5: 11).فأصبر واشكر وانتظر فرج الرب، الذي سوف يأتي في الوقت المناسب.
الطبيعة والحياة تعلمنا الصبر فقد وضع الله للطبيعة قوانين ومنها نتعلم الصبر وطول البال اننا نلقى البذار فى بدء الربيع ونتعهدها بالري والتسميد حتي تثمر وتنضج الثمار وهناك اشجار معمرة تحتاج لبض سنوات حتى تثمر والطفل يولد ويتعلم مع الوقت كيف يجلس ويحبو ثم يمشى ويتكلم ويتعلم حتى ياتى الى فترة النضج .ان مشكلة البعض انه يريد ان يقول للشئ كن فيكون وما يمكن ان يجنيه بعد سنوات من الكفاح يريده الان ، لكننا نحتاج الى الصبر وطول البال حتى فى مجال العمل والعلاقات البشرية والتطور والنمو النجاح .
للصبر مجالات كثيرة فى حياتنا .فنحن نصبر حتي يستجيب الله لصلواتنا فقد يأتي الرد متأخراً لحكمة عند الله. نصبر ونتأني علي أنفسنا ونترجى مراحم الله ولا نيأس بل نجاهد لنتخلص من أخطائنا وخطايانا وننمو فى الفضائل الروحية والتقوى ونصبر على ابنائنا واخوتنا وأقاربنا فمع الوقت لابد ان تنصلح احوالهم ويعرفوا محبة الله ومحبتنا لهم . نصبر علي الخطاة حتي يرجعوا لأنهم لا يفهمون مقاصد الله والعدو يعمي بصائرهم، نتأني علي اخوتنا الضعاف فقد تتحول ضعفاتهم إلي قوة عن طريق صبرنا عليهم. نتأني علي المظالم التي في الأرض عالمين ان ربنا قادم سريعاً ليضع لها حداً {فتأنوا انتم ايها الاخوة وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب} (يع 8:5). نتأني علي الضعفاء ونستميح لهم العذر لقلة بصيرتهم وضعف عقولهم او اختبارهم وقد نساعدهم بصبرنا علي تحسن احوالهم بقدر المستطاع.. نتأني علي خصومنا وافتراءاتهم فالحق لابد ان ينتصر، والصليب مع آلامه يتبعه القيامة مع امجادها.
الله فى صبره وطول انأته ..
ان الله يُطيل أناته على العالم كله ، الخطاة والجاحدين ، ومن أجل طول أناته لم يهلك البشر ولم يفنى العالم بكثرة شره بل أرتفع على الصليب ليحمل عقاب خطايانا وفتح ذراعية قائلاً { تعالوا إلى يا جميع المتعبين وثقيلى الأحمال وأنا أريحكم} لقد قاد الله بصبرة وطول أناته كثيرين إلى التوبة ومن أجل طول أناته يشرق شمسه على الأبرار والأشرار. فهو {إله الصبر}(رو 15: 5). كما أن الله {بطيء الغضب}(خر 34: 6)، {طويل الروح}(عد 14 :8 ، نح 9: 17) و {طويل الأناة}( إر 15: 15).وقد تجلى صبر الله في تعامله مع الأنسان الخاطيء الذي لا يستحق سوى غضبه ودينونته (إش 48: 9). وعندما قتل قايين أخاه {جعل الرب لقايين علامة لكى لا يقتله كل من وجده} (تك 4: 15)، كما أنه بعد الطوفان وضع قوسه في السحاب ليكون علامة ميثاق بينه وبين كل نفس حية على الأرض (تك 9: 11- 17). وكم من المرات صبر على تمرد وعصيان شعبه القديم (عد 14: 22، هو 11: 8، 9). كما تجلى صبره فى ارساله يونان النبي ليدعو اهل نينوى الخطاة للتوبة (يون: 10، 4: 9 –11). وكم من مرة تأنى على أورشليم (مت 23: 37، مرقس 12: 1- 11، لو 13: 1 – 9و 34). ويتأنى المسيح في مجيئه الثاني ليعطي للخطاة فرصة للتوبة (2 بط 3 : 9).
المسيح هو المثال الكامل للمؤمنين في الصبر (2 تس 3: 5، رؤ 1: 9)، فيجب علينا أن"نحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا ناظرين إلى رئيس الإيمان ومكمله يسوع، الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً بالخزى" (عب 12: 1و 2)، فقد احتمل إهانات رؤساء الكهنة والشيوخ وغيرهم، بل وتعييرات اللصين على الصليب (مت 27: 38- 44، مرقس 15: 28- 32) من اجل هذا يطالبنا بسماع وصاياه والتامل فيها والتحلى بالصبر حتى نأتي بالثمر الروحى {و الذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح و يثمرون بالصبر (لو 8 : 15). ويقول لنا اننا نربح أنفسنا والملكوت والآخرين بالصبر{بصبركم اقتنوا انفسكم} (لو 21 : 19) و يمتدح الصبر في المؤمنين عامة والخدام خاصة، فيقول لملاك كنيسة أفسس وخادمها : "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك" (رؤيا 2 : 2)... ويقول لملاك كنيسة فيلادلفيا : {لأنك حفظت كلمة صبري، أنا أيضاً سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي علي العالم كله، لتجرب الساكنين علي الأرض} (رؤ3 : 10). وحينما أعلنت الرؤيا ليوحنا بينما كان منفياً في جزيرة بطمس كتب يقول {أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة، وفي ملكوت يسوع المسيح وصبره}(رؤ1 : 9)من اجل هذا يكتب القديس بولس الرسول إلي تلميذه الأسقف تيموثاوس { صادقة هي الكلمة إنه إن كنا قد متنا معه فسنحيا أيضاً معه. إن كنا نصبر فسنملك أيضاً معــــه}(2تيمو 2 : 11 ، 12).
امتدح الإنجيل فضيلة الصبر لشعب كنيسة تسالونيكي وقال: {متذكرين عمل ايمانكم، وتعب محبتكم، وصبر رجائكم في ربنا يسوع المسيح} (1تس1: 3) وأكد الرسول على أن الإنسان المحب والمتضع يصبر على ضعفات الناس ملتمساً لهم العذر كبشر (1كو13).وتحدث سفر الرؤيا عن صبر القديسين والشهداء، على ظلم الأشرار، واضطهاداتهم الظالمة حتى نالوا أكاليلهم في النهاية (رو5: 3)، (يع1: 3) وينبغي علينا أن نصبر مثلهم (1بط2: 20) لنكون معهم، كما قال القديس بولس {بالإيمان والأناة يرثون المواعيد} (عب6: 12). { إنكم تحتاجون إلى الصبر، حتى إذا صنعتم مشيئة الله تنالون المواعيد} (عب10: 36). فالله يسند الصابر الشاكر.وشدد الكتاب على أن يكون كل الخدام – على كافة درجاتهم – صبورون في التعامل مع مرضى الروح (الخطاة) (1تي6: 11). وأن يرتضوا باحتمال الآلام والضيقات بصبر وشكر حتى تعبر.
أعطى الله درساُ فى الصبر والاحتمال لاب الاباء ابراهيم كما جاء فى التقليد اليهودى .. أن ضيفاً قدم الي أبراهيم يوماً فرحب أبينا إبراهيم بالضيف وذبح له عجلاً وأعد الأطعمة.وقبل ان يأكلا ويبيتا طلب منه الصلاة معاً ، فالسفر في الغابات خطر ويعرض الضيف للحيونات المتوحشة .. وقبِل الشيخ ذو الستين ربيعاً وعندما طلب أبينا إبراهيم من الضيف أن يصليا أخرج الضيف وثناً من جيبه وأخذ يصلى إليه ويسجد له ! هنا قال له أبينا إبراهيم إن هذا خطأ لأن هناك الله خالق السماء والأرض له نسجد ونصلى هنا لم يقبل الضيف نصيحة رجل الإيمان وأستمر في صلاته وإذ بأبينا إبراهيم يحتد عليه ويطرد الشيخ من عنده لأنه عابد وثن وفي ذات الليلة كلم الله أبينا إبراهيم معاتباً قائلاً "يا إبراهيم ستون سنه وأنا صابر على هذا الرجل ومحتمله ، أما قدرت أن تصبر عليه ليلة واحدة". أن الحب والصبر يصنع المعجزات والاحتمال يقيم الأموات والغضب لا يصنع بر الله.ولو صبر أبينا إبراهيم على الرجل وقدم له حباً لربما تغير الرجل وعبد الرب اله إبراهيم من أجل محبة إبراهيم وكرم ضيافته وحسن استقباله.
ان صبر الله علينا يجب ان يكون فرصتنا للتوبه { ام تستهين بغنى لطفه و امهاله و طول اناته غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة} (رو 2 : 4) .إن الله يريد أن يظهر قدرته أمام تحديات ابليس وأتباعه ويريد أن يصب عليهم غضبه وانتقامه، لكن لطف الله يتدخل ليقتاد الشريد، والضال، والمخدوع، والتائه إلي طريق الحياة والخلود، والسعادة الأبدية.ولكن لصبر الله علينا حد هو فترة حياتنا القصيرة علي الارض فإذا انتقصت هذه السنون كلمح البصر، أنتهت فرصة التوبة، وتعذر الرجوع، وضاعت علي الإنسان فرصة الاستفادة من لطف الله وصبره.
ثمار الصبر فى حياتنا
الصبر أساس الصداقات الناجحة والدائمة والدرع الواقى لمنع الخصومات ولذلك قال سليمان الحكيم {الرجل الغضوب يهيج الحقد ، وبطء الغضب يسكن الخصام} (1م 5 : 19). فإن أردت أن تحيا سعيداً وتعمر مديداً لا تغضب وكن صبوراً لكى لا تحطم سعادتك بيديك فالإنسان الهادئ يجلب السعادة لنفسه ، ولمن حوله ،ولمن يتعاملوا معه ويكون قوياً يستطيع أن يتعلم ويعطى من نفسه قدوة تبنى الآخرين. وقد صبر داود على حروب شاول 39 سنة، حتى مات واستراح من رذائله وصار ملك بعده .وقال القديس يعقوب الرسول: { قد سمعتم بصبر ايوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5: 11) لقد صبر أيوب على التجربة فاسترداد ماله وابنائه وصحته وسمعته وباركه الله .وقال بولس الرسول {أنا أصبر على كل شيء} (2تي2: 10). {إنكم تحتاجون إلى الصبر} (عب10: 36). وأيضاً {صابرين في الضيق} (رو12: 12) .بصبر على أخطاء أصدقائك تكسبهم ويحبوك وبصبرك على أعدائك يحترموك وربما يتحولوا الى اصدقاء لك وان لا فقد ربحت نفسك وتأخذ المكأفاة من الله وثق انه مع الصبر ستنتهى الضيقة بالانتصار والفرج .
الصبر فضيلة تهبنا حلم ووداعة ..

نحتاج ان نكتسبها بالتعلم والجهاد الروحى تجعل الانسان حليم ووديع ومحبوب لا يثور ولا يغضب ويفكر قبل ان يتكلم ويتصرف ، عندما يُفتَقَد الصبر، يخمد صلاح النفس وتنمو الخطيئة. الصبر يزيّن النفس بماسات ليست من الأرض بل من أورشليم العلوية. الصبر يزيد من طاعة الكلمات الإلهية التي كُتِبَت في الماضي، وتُكتَب الآن، وسوف تكتَب في المستقبل. الصبر هو المحبة والطاعة. يزيد الصبر عندما يهتمّ الإنسان بالله . الصبر هو كلمة عذبة، سلاح لا يُغلَب، زينة لا تُقَدَّر للرجل، بركة من الله ، الإنسان الصابر، ينتظر بإيمان تدخل الرب في المشاكل وحلها في الوقت المناسب. فالإيمان يقود إلى الإنتظار، وتسليم الأمر لله إلى أن يشاء الله، ويقدم الشكر مقدماً، ويحصل المؤمن على الرجاء (رو15: 4) الذي يجعله لا يتذمر، بل يشكر باستمرار، فينال ثمر صبره (لو8: 15).
الصبر ضبط للنفس ..

ان ضبط النفس فضيلة سامية { البطيءالغضب خير من الجبار و مالك روحه خير ممن ياخذ مدينة }(ام 16 : 32).عندما تواجه آخرين فيتصرفوا معك بدون لياقة وبعدم احترام فأضبط نفسك ولا تفقد رجاءك فيهم ، بل بطول أناتك أكسبهم وأعلم أن رابح النفوس حكيم ، والمثل يقول "أن قطرات من العسل تصطاد من الذباب أكثر مما يصطاده برميل من العلقم" فليكن لك الروح الوديع وسعه الصدر ولا تتبرم وتتذمر وأصبر . عندما كان داود النبى مطارداً من أمام أبنه أبشالوم أخذ أحد العامة يسبه وهو يلقى عليه بالأحجار فقال قائد جيش لداود : دعنى أقتله فرفض داود فى صبر وتواضع قائلاً : لا.. دعه لينظر الله إلى أتضاع عبده. ومن أجل تواضع داود رده الله إلى مملكته وأهلك أعدائه. وأنت أعلم أن الله يقاتل عنك وأنت صامت فلا تقابل الأخطاء بالأخطاء فالنار لا تطفأ بالنيران بل بالماء.أحتمل الافتراءات ولا تنتقم لنفسك والتمس الأعذار للناس كضعف بشرى يحتاج إلى العلاج والوقوف مع من يسئ إليك في خندق المحبة والتأنى والترفق به ولا تفقد الأمل في الإصلاح وسيأتى اليوم وستجنى ثمر الصلاح.
الصبر والتنقية والقداسة :

الصبر مدرسة لتنقية المؤمن من الضعفات والشوائب ولتقوية الإيمان وبنيان حياة المؤمن لتحقيق القداسة التي هي إرادة الله من أجلنا ، فالرب يؤدب أولاده لكى يشتركوا في قداسته (عب 12: 4- 13). فهذا التأديب أنما هو لخير المؤمن ومنفعته. فهو أحد الإشياء التي تعمل للخير (رو 8: 28)، لذلك يجب على المؤمن أن يفرح في كل حين (في 4:4 )، بل وحينما يقع في تجارب متنوعة عالماً أن الضيق ينشيء صبراً (رو 5: 3) ، كما ينشيء امتحان الإيمان صبراً (يع 1: 2-3). لقد احتمل ابائنا القديسين حتى الاضطهاد والاستشهاد من اجل الثبات على إالايمان من اجل هذا كرمهم الله والكنيسة فى كل زمان { حتى اننا نحن انفسنا نفتخر بكم في كل كنائس الله من اجل صبركم وايمانكم في جميع اضطهاداتكم والضيقات التي تحتملونها }(2تس 1 : 4).والسيد المسيح يعلق اقتناء النفس بالصبر، فبعد أن يعرض الضيقات العتيدة أن تصادف المؤمنين فى العالم، يصف الدواء{بصبركم إقتنوا أنفسكم} (لوقا21: 19) . وعن ذلك يقول القديس يعقوب الرسول {عالمين أن امتحان إيمانكم ينشئ صبراً، وأما الصبر فليكن له عمل تام. لكى تكونوا تامين كاملين غير ناقصين فى شئ} (يعقوب1: 3 – 4).
الصبر والهدوء والصمت .. ان الصبر يثمر فينا حياة الهدوء والصمت { لانه هكذا قال السيد الربقدوس اسرائيل بالرجوع و السكون تخلصون بالهدوء و الطمانينة تكون قوتكم} (اش 30 : 1). الصبر يعطى للانسان هدوء الحواس واللسان {هدوء اللسان شجرة حياة واعوجاجه سحق في الروح } (ام 15 : 4) . لهذا يوصينا الانجيل على الاسراع فى الاستماع والابطاء فى التكلم او الغضب {اذا يا اخوتي الاحباء ليكن كل انسان مسرعا في الاستماع مبطئا في التكلم مبطئا في الغضب }(يع 1 : 19) ولذلك نري معلمنا داود النبي في محنته القاسية المريرة يقول {صمت يارب لا أتكلم لأنك أنت أمرت}وسليمان الحكيم يعلمنا حكمة الصمت فيقول {لكل شيء زمان ولكل أمر تحت السموات وقت...للسكوت وقت وللتكلم وقت}.
الصبر يهبنا الخلاص والملكوت السماوى .. الصبر لازم لخلاصنا ، كما هو ايضاً ضرورة لدخول الملكوت فمن يصبر للمنتهي فهذا يخلص ولذلك نري يعقوب الرسول يوصي بشدة جماعة المؤمنين فيقول {فتأنوا ايها الاخوة إلي مجيء الرب، هوذا الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه حتي ينال المطر المبكر والمتأخر، فتأنوا انتم وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب... خذوا يا اخواتي مثالاً لإحتمال المشقات والأناه، الأنبياء الذين تكلموا بإسم الرب ها نحن نطوب الصابرين، قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5 : 7 ـ 11) ويمتدح الرسول بولس تلميذه تيموثاوس من اجل هذه النعمة ـ نعمة الصبر ـ اسمعوه يقول {وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وايماني واناتي ومحبتي وصبري واضطهاداتي وآلامي... اية اضطهادت احتملت ومن الجميع أنقذني الرب، وجميع الذين يريدون ان يعيشوا بالتقوي في المسيح يسوع يضطهدون} (2تيم 3 : 10 ـ 12). من اجل هذا قال القديس مكاريوس الكبير : طول الروح هو الصبر والصبر هو الغلبة، والغلبة هي الحياة، والحياة هي الملكوت، والملكوت هو اللّه، البئر عميقة لكن ماءها طيب عذب، الباب ضيق والطريق كربة، لكن المدينة مملوءة فرحاً وسروراً، والبرج حصين، لكن داخله كنوزاً جليلة، الصوم ثقيل صعب، لكنه يوصل الي ملكوت السموات، فعل الصلاح عسير شاق لكنه ينجي من النار برحمة ربنا الذي له المجد.لهذا فطوبي للصابرين لانهم ينالوا أكليل الحياة {طوبي للرجل الذي يحتمل التجربة لانه اذا تزكي ينال اكليل الحياة} (يع1 : 12).
علمنا يارب ان نصبر
ايها الرب الاله طويل الانأة كثير الرحمة ، اصبر وتأنى على خلقتك رغم بعدنا وجحودنا وخطايانا لكننا نترجى مراحمك وصبرك علينا كما يصبر الزارع على اشجاره وينقب حولها ويضع السماد لتثمر ، وانت اله الصبر والرجاء ، طويل البال ، تأني علينا وعلى عالمك المسخن بالجراح ، فابليس يعمل جاهدا ليبعدنا عنك وانت كآب صالح قادر على كل شئ ردنا اليك يالله كعظيم رحمتك .
اعطنا ان نتعلم منك وان نسرع الى التوبة والرجوع اليك لنستفيد من صبرك علينا ورحمتك بنا وعلمنا ان نصبر ونتسامح تجاه الآخرين محتملين اياهم بمحبة حقيقية وصبر كامل ورجاء ثابت ومحبة بلا رياء لنكون على صورتك ومثالك وصبرك علمنا ان نقابل السئية بالحسنة ، والكراهية بالمحبة ، والشر بالخير ، والتسرع والغضب بالصبر والهدوء ، علمنا ان نكون شفوقين محتملين بعضنا بعض بالمحبة ، مسرعين الى حفظ وحدانية الروح برباط الصلح الكامل ، صانعين ارادتك كل حين .

مفهوم الصلاة وحاجتنا اليها..
الصلاة هى حديث محبة بين الابناء وأبيهم السماوى ، فيها نسبح الله على أحسناته ونشكره على محبته وأبوته وعطاياه ومعاملاته الطيبة معنا ونعترف له بخطايانا طالبين منه الغفران وبها نتوب ونتغيروننمو ويقوي إيماننا ويزداد رجائنا وتثبت محبتنا لله . بالصلاة نتقدم لله بطلباتنا ونعرض عليه همومنا واحزاننا واشتياقاتنا ،الصلاة ليس فرض او واجب يؤديه الإنسان لكي يُرضي الله. لأن الفرض هو واجب مفروض على الإنسان فإذا أدَّاه الإنسان فقد وفّى الفرض حقّه وأكمله. أما الصلاة الحقيقية فهي علاقة حية تنبع من قلب الإنسان فتكون صلاته إنما نتيجة هذه العلاقة الصادقة القلبية بين الله والإنسان. ان الصلاة علاقة قلبية خالية من عبودية الخوف كما هو مكتوب {إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضاً للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا آبا الآب} رو 15:8 . نصلي بروح البنوة والمحبة ونخاطب الله قائلين يا ابانا الذى فى السموات وهو يسمع ويستجيب وكما قال لنا { وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه} (مت 21 : 22).
ان الصلاة هي قوة المؤمن ودعامة حياته الروحية فى علاقته بالله ونفسه والآخرين ، بالصلاة نظهر حبنا لله وأيماننا به وامانتنا له ونعترف به مصدراً لكل البركات ونلتجأ اليه فى مختلف ظروف حياتنا وبها نكشف ذواتنا امامه ونكتشفها على حقيقتها ونسعى لنكون أهلاً للبنوة الحقيقة لله وننال خلاصنا وطلباتنا ونجاتنا من أبليس . بالصلاة نظهر محبتنا للقريب فنطلب عن سلام الكنيسة واعضائها والعالم وخلاصه ونصلى من أجل كل أحد المرضى والمسافرين والراقدين والارامل والايتام والمحتاجين ، من اجل الساقطين والقائمين والمتضايقين والمسجونين والذين ليس لهم احد يذكرهم ونصلى من أجل كل شئ حتى الزروع والاهوية والمياة . من أجل هذا يجب ان نجعل الصلاة من أهم اولوياتنا ونعطيها الوقت المناسب كالصباح الباكر ونمهد لها ان كانا نصلى فى النهار او المساء بالاستعداد الحسن كأن نتأمل او نقرأ شئ روحى ونهدئ حواسنا وأفكارنا ولا ندع الفكر يطيش منا فى أفكار غير روحية بل نضبط فكرنا فى المسيح مصلين بالروح والحق نصلي بلساننا وقلبنا يلهج بالصلاة والروح تبتهل ويكون الفكر منجمع للوقوف امام الله ضابط الكل ، كما يجب ان نحترم الصلاة فنصلى وقوف او فى سجود او ركوع {فاريد ان يصلي في كل مكان رافعين ايادي طاهرة بدون غضب و لا جدال} (1تي 2 : 8).
اننا نحتاج للصلاة لتحيا وتشبع ارواحنا وكما نغذى أجسادنا بالطعام اكثر من مرة فى اليوم لنواصل مسيرة الحياة ونستطيع ان نعمل وان يتغلب الجسم على الامراض التى يمكن ان تصيبه فكذلك تحتاج أرواحنا وحياتنا الروحية للثبات فى الله كما تثبت الاغصان فى الكرمة لنثمر ثمرا روحيا ونبتعد عن السقوط او الجفاف والفتور الروحى . لقد قال احد الاباء اننا نحتاج للصلاة كحاجة الجسد للتنفس وان كان التنفس يتم بحركة لا ارادية من الانسان لكن الصلاة تحتاج منا الى الارادة الواعية او التغصب فى بداياتها حتى نشعر باهميتها وفائدتها وتغذيتها لارواحنا ونفوسنا وعقولنا واجسادنا.
ان الصلاة هى سر نصرة المؤمن على أعدائه الروحيين واغراءات الحياة المادية ودوماتها وبها نحصل على كل البركات والعطايا الروحية وتُعلم طلباتنا لله . وكما قال القديس مار اسحاق السريانى (الذى يتهاون بالصلاة ويظن ان له باب آخر للتوبة غير الصلاة فهو مخدوع من الشياطين) من اجل هذا يوصينا السيد المسيح بالسهر والصلاة { فاحترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار وسكر وهموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة.لانه كالفخ ياتي على جميع الجالسين على وجه كل الارض. اسهروا اذا وتضرعوا في كل حين لكي تحسبوا اهلا للنجاة من جميع هذا المزمع ان يكون وتقفوا قدام ابن الانسان} لو 34:21-36. عندما حاصر الاعداء الشعب قديما صرخ يهوشفاط الى الله { وقال يا رب اله ابائنا اما انت هو الله في السماء وانت المتسلط على جميع ممالك الامم وبيدك قوة وجبروت وليس من يقف معك. يا الهنا اما تقضي عليهم لانه ليس فينا قوة امام هذا الجمهور الكثير الاتي علينا ونحن لا نعلم ماذا نعمل ولكن نحوك اعيننا. وان يحزيئيل بن زكريا بن بنايا بن يعيئيل بن متنيا اللاوي من بني اساف كان عليه روح الرب في وسط الجماعة.فقال اصغوا يا جميع يهوذا وسكان اورشليم وايها الملك يهوشافاط هكذا قال الرب لكم لا تخافوا ولا ترتاعوا بسبب هذا الجمهور الكثير لان الحرب ليست لكم بل لله. ليس عليكم ان تحاربوا في هذه قفوا اثبتوا وانظروا خلاص الرب معكم يا يهوذا واورشليم لا تخافوا ولا ترتاعوا غدا اخرجوا للقائهم والرب معكم. ولما جاء يهوذا الى المرقب في البرية تطلعوا نحو الجمهور واذا هم جثث ساقطة على الارض ولم ينفلت احد} 2أخ 12:20-24. هكذا نحن اذ نحارب اعداء الشر الروحيين نتمسك بالصلاة { اذ اسلحة محاربتنا ليست جسدية بل قادرة بالله على هدم حصون.هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستاسرين كل فكر الى طاعة المسيح} 2كو4:10-5.
تتنوع الصلوات من صلاة فردية يصليها المؤمن فى مخدعه وبمفرده ، منها ما هو مسلم لنا فى الكنيسة من صلوات الأجبية فى ساعات اليوم بدء من باكر النهار حتى النوم ومنتصف الليل ومنها الصلوات الارتجاليه التى نصليها فى البيت او الطريق او العمل او الخدمة كحديث محبة مع الله فيتقدس اليوم ونستمطر مراحم الله ومعونته لنا فى رحلة الحياة ونشعر بحضوره وحفظه ورعايته كل وقت .وهناك الصلوات العائلية التى نصليها معا كاسرة مسيحية متحدة كاعضاء بالله تعلن محبتها وطلباتها لله { لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة والدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله }(في 4 : 6).الى صلوات جماعية نصليها معا فى الكنيسة ونتحد فيها بالسيد المسيح رئيس ايماننا ومكمله كما مارست الكنيسة الصلاة معا منذ العصر الرسولى { وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب.مسبحين الله ولهم نعمة لدى جميع الشعب وكان الرب كل يوم يضم الى الكنيسة الذين يخلصون} أع 46:2-47.
قد يشتكى البعض من فتور صلواتهم وعدم الرغبة فى الصلاة ، لكن يجب ان نغصب أنفسنا على الصلاة حتى فى فترات الجفاف والفتور فالله ينظر الى امانتنا فى الصلاة وتدب فينا الحرارة وعلينا ان نفحص ذواتنا هل ذلك الفتور بسبب شهوات فى القلب تُبرد حرارتنا فنتوب عنها أم بسبب تعب الجسد والاعصاب فنختار الوقت المناسب للصلاة ونعمل على البعد عن مسببات التعب وحلها أم هل ذلك بسبب حروب من الشيطان فتغلب عليها بالتواضع والصبر والجهاد ، فالصلاة تحتاج الى تغصب وكما قال السيد المسيح {ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه} (مت 11 : 12). {وكل من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء اما اولئك فلكي ياخذوا اكليلا يفنى واما نحن فاكليلا لا يفنى }(1كو 9 : 25) . {وايضا ان كان احد يجاهد لا يكلل ان لم يجاهد قانونيا} (2تي 2 : 5). علينا ان نبتعد عن العثرات التى تحاربنا وقت الصلاة ونمهد للصلاة بالقراءة الروحية الجيده التى هي ينبوع للصلوات النقية ، وعلينا ان نصلي صلوات الساعات متذكرين أعمال الرب من أجلنا مقدسين زمن حياتنا على الارض قدر أمكانياتنا طالبين من الرب ان يعلمنا كل حين ان نصلي له بالروح والحق ونعد أنفسنا برفع القلب كل حين بالمحبة والصلاة الى الله .
السيد المسيح وتعاليمه عن الصلاة
الصلاة هى صلتنا بمصدر الحياة والقوة { يا سامع الصلاة اليك ياتي كل بشر} (م 65 :2).وهي خبرة إيمانية بها نظهر امام الله ونقدم طلباتنا وابتهالاتنا ويستجيب لنا { اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). وهى مطلب الهي { فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لاجل جميع الناس} (1تي 2 : 1). لقد صلى سليمان قديما الى الله { فالتفت الى صلاة عبدك والى تضرعه ايها الرب الهي واسمع الصراخ والصلاة التي يصليها عبدك امامك اليوم. لتكون عيناك مفتوحتين على هذا البيت ليلا ونهارا على الموضع الذي قلت ان اسمي يكون فيه لتسمع الصلاة التي يصليها عبدك في هذا الموضع} 1مل 28:8-29.فسمع الله صلاته واجابه { ان الرب تراءى لسليمان ثانية كما تراءى له في جبعون. وقال له الرب قد سمعت صلاتك وتضرعك الذي تضرعت به امامي قدست هذا البيت الذي بنيته لاجل وضع اسمي فيه الى الابد وتكون عيناي وقلبي هناك كل الايام} 1مل 2:9-3.{ ولما انتهى سليمان من الصلاة نزلت النار من السماء واكلت المحرقة والذبائح وملا مجد الرب البيت }(2اخ 7 : 1). والله حاضر فى كل مكان وزمان يسمع صلواتنا { افلا ينصف الله مختاريه الصارخين اليه نهارا وليلا وهو متمهل عليهم. اقول لكم انه ينصفهم سريعا} لو 7:18-8. وكما استجاب لطلبات الكنيسة من اجل نجاة الرسل وارسل ملاكه ليفكهم من القيود ويخرجهم وكما قبل صلوات كرنيليوس وارسل له ملاك يخبره بقبول صلواته {فلما شخص اليه ودخله الخوف قال ماذا يا سيد فقال له صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا امام الله }(اع 10 : 4). هكذا يقبل الله صلواتنا النقية كرائحة بخور مقدس ويستجيب لها .
لقد سأل التلاميذ السيد المسيح يوماً قائلين علمنا يارب ان نصلي ، وقد علمهم { متى صليتم فقولوا ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك ليات ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض. خبزنا كفافنا اعطنا كل يوم. واغفر لنا خطايانا لاننا نحن ايضا نغفر لكل من يذنب الينا ولا تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير} لو2:11-4. ثم ضرب لهم مثالاً فى اهمية الصلاة والمداومة عليها { ثم قال لهم من منكم يكون له صديق ويمضي اليه نصف الليل ويقول له يا صديق اقرضني ثلاثة ارغفة.لان صديقا لي جاءني من سفر وليس لي ما اقدم له. فيجيب ذلك من داخل ويقول لا تزعجني الباب مغلق الان واولادي معي في الفراش لا اقدر ان اقوم واعطيك .اقول لكم وان كان لا يقوم ويعطيه لكونه صديقه فانه من اجل لجاجته يقوم ويعطيه قدر ما يحتاج. وانا اقول لكم اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم.لان كل من يسال ياخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له. فمن منكم وهو اب يساله ابنه خبزا افيعطيه حجرا او سمكة افيعطيه حية بدل السمكة. او اذا ساله بيضة افيعطيه عقربا. فان كنتم وانتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري الاب الذي من السماء يعطي الروح القدس للذين يسالونه} لو 5:11-13. ان الله كآب صالح يريد ان نلتقى به فى الصلاة ونتحدث معه فى محبة ونطلب ان يتقدس اسمه بسلوكنا واقوالنا وحياتنا وان يحل ملكوته فى قلوبنا وكنيستنا وبلادنا لتتم مشيئته الصالحة على الارض ونجد فيه الشبع والسعادة وننال منه مغفرة الخطايا.
ان السيد المسيح ، كلمة الله المتجسد علمنا لا بالكلام بل بالعمل والحق { انه ينبغي ان يصلى كل حين ولا يمل} (لو 18 : 1).كانت صلاته هى علاقة حب بين الاب والابن الكلمة ورايناه يصوم ويصلى اربعين يوما على جبل التجربة لبدء خدمته العامة وفى الاوقات الهامة كاختيار الرسل حتى الآمه وصلبه وكثيرا ما كان يقضي النهار فى الخدمة والكرازة وأما الليل فكان يقضية فى الصلاة {وفي تلك الايام خرج الى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلاة لله }(لو 6 : 12).انه رغم ان الابن الكلمة في الآب والآب فيه لكن عندما تجسد فأنه تخلي عن مجده السماوي آخذاً صورة عبد (في5:2-11). وأطاع وصلي وصام وتمم مشيئة الآب في الجسد لفداء العالم (يوحنا 38:6). فحياة المسيح الجسدية وطاعته لله كان دافعها علاقته بالله الآب وحياة الصلاة يجب علينا أن نتعلمها منه . لقد ترك لنا مثالاً حياً لأهمية الصلاة لنتبع حياته وتعاليمه . وكنموذج لصلاة السيد المسيح نراه يصلى الي الاب قبل الصلب مع وعن تلاميذه ومن يؤمنوا بكلامهم به { لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير. ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم. قدسهم في حقك كلامك هو حق. كما ارسلتني الى العالم ارسلتهم انا الى العالم.ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق. ولست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم. ليكون الجميع واحدا كما انك انت ايها الاب في وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني. وانا قد اعطيتهم المجد الذي اعطيتني ليكونوا واحدا كما اننا نحن واحد. انا فيهم و انت في ليكونوا مكملين الى واحد وليعلم العالم انك ارسلتني واحببتهم كما احببتني. ايها الاب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا لينظروا مجدي الذي اعطيتني لانك احببتني قبل انشاء العالم.ايها الاب البار ان العالم لم يعرفك اما انا فعرفتك وهؤلاء عرفوا انك انت ارسلتني ، وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم} يو15:17-26.ان السيد المسيح يدعونا للسهر والصلاة ونحن نتعلم من حياته وتعاليمه ونعمل بها بدافع المحبة والطاعة والثقة {اسهروا و صلوا لئلا تدخلوا في تجربة } (مر 14 : 38).{ انظروا اسهروا وصلوا لانكم لا تعلمون متى يكون الوقت }(مر 13 : 33).
لقد واظب الرسل على حياة الصلاة متعلمين من السيد المسيح {وكانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات} (اع 2 : 42). وعلمونا ان نواظب على الصلاة والتناول من الاسرار المقدسة {ولما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه وامتلا الجميع من الروح القدس وكانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة (اع 4 : 31).{وانما نهاية كل شيء قد اقتربت فتعقلوا واصحوا للصلوات }(1بط 4 : 7).لهذا ينبغي علينا ان نصلي كل حين ولا نمل صلوا بلا انقطاع (1تس 5 : 17)عالمين ان صلواتنا تصل الى عرش النعمة ونجد بها عوناُ في حينه {وجاء ملاك اخر ووقف عند المذبح ومعه مبخرة من ذهب واعطي بخورا كثيرا لكي يقدمه مع صلوات القديسين جميعهم على مذبح الذهب الذي امام العرش} (رؤ 8 : 3).
سر الصلوات المستجابة ..
التوبة والتواضع والطهارة .. الصلاة ليس كلمات تردد من الشفاة كما عاتب الرب الشعب قديما {يقترب الي هذا الشعب بفمه ويكرمني بشفتيه واما قلبه فمبتعد عني بعيدا }(مت 15 : 8).بل هي عشرة محبة تنبع من القلب المنسحق امام الله {ذبائح الله هي روح منكسرة القلب المنكسر والمنسحق يا الله لا تحتقره} (مز 51 : 17). لابد ان نتوب عن خطايانا ونقلع عن اثامنا ونتطهر ليسمع لنا الله ويستجيب ، ان الخطية تمنع عنا خلاص الله وتفصلنا عنه { ها ان يد الرب لم تقصر عن ان تخلص ولم تثقل اذنه عن ان تسمع. بل اثامكم صارت فاصلة بينكم وبين الهكم وخطاياكم سترت وجهه عنكم حتى لا يسمع. لان ايديكم قد تنجست بالدم واصابعكم بالاثم شفاهكم تكلمت بالكذب ولسانكم يلهج بالشر.ليس من يدعو بالعدل وليس من يحاكم بالحق يتكلون على الباطل ويتكلمون بالكذب قد حبلوا بتعب وولدوا اثما} اش 1:59-4. ان التوبة مع التواضع تجعل الله يقبل اليه الخاطئ ويبرره { لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة }(مر 2 : 17).
الله يستجيب لصلوات المتضعين التائبين كما علمنا فى مثل الفريسى والعشار لكى نرجع اليه بقلوب متواضعة فنجد رحمة ومغفرة {وقال لقوم واثقين بانفسهم انهم ابرار ويحتقرون الاخرين هذا المثل. انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخر عشار. اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار.اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه.واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا اللهم ارحمني انا الخاطئ.اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع} لو 9:18-14.
الإيمان والشكر لله .. يجب ان نأتى الى الله بثقة وايمان غير مرتابين البته {ولكن ليطلب بايمان غير مرتاب البتة لان المرتاب يشبه موجا من البحر تخبطه الريح وتدفعه }(يع 1 : 6). ولدينا وعد الله الصادق {وكل ما تطلبونه في الصلاة مؤمنين تنالونه }(مت 21 : 22). قد تتأخر اوتتعدل او تتغير أستجابة الله لصلواتنا لمعرفة الله لما هو مفيد لنا والأفضل والوقت المناسب لأستجابة الصلاة ومع هذا يجب ان نشكر الله فى كل حين وعلي كل شئ ونواظب على الصلاة بشكر وبلجاجة ، لقد كان زكريا واليصابات بارين أمام الله وسالكين فى وصاياه بدون لوم او عيب ومع هذا تأخر فى الاستجابة لصلواتهما من اجل الانجاب ليأتى بيوحنا المعمدان لهما بعد الكبر لكن فى الوقت المناسب ليعد الطريق أمام السيد. وتأخر شفاء المرأة النازفة الدم اثنتى عشر سنة وأظهر السيد المسيح عظم إيمانها أمام الجميع . وانت صلي واطلب ان يتمم الله مشيئته الصالحة والكاملة فى حينه الحسن كما علمنا ان نقول لتكن مشيئتك . {واظبوا على الصلاة ساهرين فيها بالشكر} (كو 4 : 2). اننا نصلى ونطلب ولنا دالة عند الله فى ابنه الذى تجسد وتألم وصلب وقام من اجل خلاصنا وتبريرنا { وفي ذلك اليوم لا تسالونني شيئا الحق الحق اقول لكم ان كل ما طلبتم من الاب باسمي يعطيكم الى الان لم تطلبوا شيئا باسمي اطلبوا تاخذوا ليكون فرحكم كاملا }(يو 16 : 24).
مع الصفح وعدم الرياء والصوم ..
لكى ننال المغفرة من الله وتستجاب لصواتنا يجب ان نحمل المحبة لاخوتنا ونطلب لهم الخير من الله ونسامح ونغفر للمسئين الينا لكى نكون ابناء الله العلي الذى يشرق شمسه على الابرار والاشرار ويمطر على الصالحين والطالحين ويصبر ويتأنى على الجميع {فانه ان غفرتم للناس زلاتهم يغفر لكم ايضا ابوكم السماوي.وان لم تغفروا للناس زلاتهم لا يغفر لكم ابوكم ايضا زلاتكم} مت 14:6-15. لهذا يأمرنا المخلص ان نتصالح مع اخوتنا لتقبل صلواتنا {فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك} مت23:5-24. الصفح والمغفرة للآخرين يجعلنا نتشبه بالله ويجعل القلب مسكناً للروح القدس .ان الله لا يخفى عليه شئ وكل شئ مكشوف قدامه فيجب ان نصلى لا كما لقوم عادة ولا من اجل نوال المديح من الناس او نكرر الكلام باطلاً اي بدون فهم أو عمق بل بمحبة ولجاجة وصدق { ومتى صليت فلا تكن كالمرائين فانهم يحبون ان يصلوا قائمين في المجامع وفي زوايا الشوارع لكي يظهروا للناس الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم.واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك واغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية.وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم.فلا تتشبهوا بهم لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسالوه} مت 5:6-8. ويجب ان نقدم صلواتنا مع الصوم والصدقة كجناحى الصلاة المقبولة {فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم }(مر 9 : 29).
اليك يارب نصلي ..
نشكرك يا الهنا الرحيم على كل حال ومن اجل كل حال وفى سائر الاحوال . ونبارك عظيم محبتك نحو جنس البشر يا من يسعى دوما لخلاصنا ويطلب الضال ويسترد المطرود ويجبر الكسير ويعصب الجريح ، يامن دائما تعلن محبتك لنا وتبحث عنا وتغفر خطايانا وتريد ان تجمعنا تحت جناحى محبتك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها . فان كنا نحن جحود لهذه المحبة ونبتعد بارادتنا عنك فانت الرحوم تصبر وتتأني وبربط المحبة تجذبنا اليك . لهذا تباركك نفوسنا وارواحنا وافكارنا ونصلى لكي يعمل روحك القدوس جاذباُ لنا بشبكة المحبة لنتحول اليك راجعين ولمغفرتك طالبين وعن الخطية تائبين ولارادتك الصالحة الكاملة نكون صانعين .
يالله الهنا اليك نصلي فى كل مكان وزمان وبالأكثر فى الضيقات والشدائد فانت خالقنا وملجائنا وصخرتنا وراعينا . يا سامع الصلاة ،اليك يأتي كل بشر فاسمع صلوات عبيدك وانظر الى تنهد ابنائك الصارخين اليك ليلاً ونهاراً ، اقضى وانصف يارب المظلومين وحرر المأسورين وأقم الساقطين وأعطى رجاء للبائسين وقوم الركب المنحينة والايدى المرتخية شددها ليقوى بك إيماننا وتذداد محبتنا وينمو رجائنا ونصل بك الى مينا السلامة وبر الأمان .
ايها الملك السمائي الحاضر فى كل مكان . كنز الصالحات وينبوع ومصدر النعم الالهية ، نصلى اليك ان تجعلنا مستقيمين فى محبتك وعمل الخير وارفع عن كنيستنا وبلادنا وعالمك الغلاء والوباء والحروب والزلازل ونجنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل وأبطل مؤامرات الشياطين واعوانهم ، ارحمنا يارب فاننا ضعفاء ومساكين وعرفنا ارادتك لنكون لها طائعين وهبنا النعمة والقوة والحكمة لنسلك فى وصاياك كل حين وعند مجئيك الثانى نسمع ذلك الصوت الحنون والممتلئ فرحاً تعالوا اليٌ يامباركى ابى رثوا الملكوت المعد لكم . أمين


مفهوم الصوم وأهميته الروحية..
الصوم فى معناه العام يعنى الامتناع عن الطعام فترة من الزمن يعقبها تناول أطعمة نباتيه خاليه من اللحوم ومنتجاته أما المعنى الروحى فيشمل كل انواع ضبط النفس والنسك والامتناع عن الشهوات وخطايا اللسان والعواطف، الصوم ليس تحريما لانواع معينه محلله للأكل بل البعد عنها لفترة نسكاً وزهداً وتعففاً . الابتعاد عن الاطعمة التى تثقل الانسان من اجل أشباع الروح وضبط النفس وكما قال السيد المسيح { ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت 4 : 4). الصوم جوع الى حياة البر والتقوى والشبع بالروحيات { طوبى للجياع والعطاش الى البر لانهم يشبعون} (مت 5 : 6).
ان البطن هى سيدة الاوجاع التى متى تم ضبطها، ينضبط الانسان كله روحاً وفكراً وجسداً . فمن يقدر ان يضبط نفسه فى الأكل والشرب يستطيع ان يضبط ذاته ويقول لا لشهواته واهوائه وانفعالاته ومالك نفسه خير من مالك مدينة لذلك راينا القديس بولس الرسول يقول { بل اقمع جسدي واستعبده حتى بعدما كرزت للاخرين لا اصير انا نفسي مرفوضا }(1كو 9 : 27). لقد كان كسر الصوم بالأكل من الشجرة المحرمة علة سقوط ابوينا القدماء أدم وحواء ومن يريد ان يرجع الى الفردوس مرة اخرى عليه ان يبدأ بالصوم وضبط النفس وتقوية ارادته وأشباع روحه . ان معظم الحروب والخصومات على المستوى الفردى والجماعى تبدأ من سعى الانسان لاشباع لذاته وشهواته وسعيه الى التملك الانانى للاشياء دون النظر الى حاجة اخوته { من اين الحروب والخصومات بينكم اليست من هنا من لذاتكم المحاربة في اعضائكم تشتهون ولستم تمتلكون تقتلون وتحسدون ولستم تقدرون ان تنالوا تخاصمون وتحاربون ولستم تمتلكون لانكم لا تطلبون. تطلبون ولستم تاخذون لانكم تطلبون رديا لكي تنفقوا في لذاتكم}.(يع 4 : 1-3). من هنا تأتى أهمية الصوم بضبط النفس وزهدها حتى فيما هو محلل لها { ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات }(غل 5 : 24). اننا نحتاج الي اشباع الروح مع ضبط الجسد والاهتمام به وتقويته واعطائه ما يلزمه لا ما يشتهيه { اما انا فبالبر انظر وجهك اشبع اذا استيقظت بشبهك }(مز 17 : 15).
الصوم وصية منذ العهد القديم {اضربوا بالبوق في صهيون قدسوا صوما نادوا باعتكاف.اجمعوا الشعب قدسوا الجماعة احشدوا الشيوخ اجمعوا الاطفال وراضعي الثدي ليخرج العريس من مخدعه والعروس من حجلتها. ليبك الكهنة خدام الرب بين الرواق والمذبح ويقولوا اشفق يا رب على شعبك ولا تسلم ميراثك للعار حتى تجعلهم الامم مثلا لماذا يقولون بين الشعوب اين الههم} يؤ15:2-17.{ اعلموا ان الرب يستجيب لصلواتكم ان واظبتم على الصوم والصلوات امام الرب} (يهو 4 : 12). الصوم الجماعى فى قوته رايناه فى صوم وتوبة أهل نينوي { فامن اهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. وبلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي وقيل في نينوى عن امر الملك وعظمائه قائلا لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا لا ترع و لا تشرب ماء.وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا الى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في ايديهم.لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك . فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه} يو5:3-10.والصوم الخاص راينا فى كثير من رجال الله القديسين كما صام دانيال والفتية الثلاثة القديسين { فقال دانيال لرئيس السقاة الذي ولاه رئيس الخصيان على دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا. جرب عبيدك عشرة ايام فليعطونا القطاني لناكل وماء لنشرب. ولينظروا الى مناظرنا امامك والى مناظر الفتيان الذين ياكلون من اطايب الملك ثم اصنع بعبيدك كما ترى.فسمع لهم هذا الكلام وجربهم عشرة ايام.وعند نهاية العشرة الايام ظهرت مناظرهم احسن و اسمن لحما من كل الفتيان الاكلين من اطايب الملك} دا 11:1-15.{فوجهت وجهي الى الله السيد طالبا بالصلاة والتضرعات بالصوم والمسح والرماد }(دا 9 : 3). وكما صلى داود وصام { اما انا ففي مرضهم كان لباسي مسحا اذللت بالصوم نفسي و صلاتي الى حضني ترجع (مز 35 : 13).{ولكن الان يقول الرب ارجعوا الي بكل قلوبكم وبالصوم والبكاء والنوح (يؤ 2 : 12).
الصوم فى حياة وتعاليم السيد المسيح..
لكي يبين لنا السيد المسيح أهمية الصوم فانه بدء خدمته العامة بعد العماد بالاختلاء والصوم مع الصلاة لمدة اربعين يوماً { ثم اصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس. فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع اخيرا. فتقدم اليه المجرب وقال له ان كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} مت 1:4-4. الصوم يعطينا القدرة على الانتصار على تجارب الشيطان ورفض مشورته. علمنا السيد الرب كيف نشبع بكلمة الله وهو يقيت الجسد ايضا { لذلك اقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تاكلون وبما تشربون ولا لاجسادكم بما تلبسون اليست الحياة افضل من الطعام والجسد افضل من اللباس.انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها.ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة.ولماذا تهتمون باللباس تاملوا زنابق الحقل كيف تنمو لا تتعب ولا تغزل.ولكن اقول لكم انه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا افليس بالحري جدا يلبسكم انتم يا قليلي الايمان.فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم} مت 25:4-33. نعم عمل مشيئة الله شبع للانسان الروحي فعندما ذهب التلاميذ ليبتاعوا طعاما فى السامرة ورجعوا { وفي اثناء ذلك ساله تلاميذه قائلين يا معلم كل. فقال لهم انا لي طعام لاكل لستم تعرفونه انتم.فقال التلاميذ بعضهم لبعض العل احدا اتاه بشيء لياكل.قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} يو 31:4-34.
ان الصوم قوة روحية بها نستطيع ان ننتصر على ابليس وهذا ما أكد عليه السيد المسيح عندما اتوا اليه بشاب عليه ارواح نجسة ولم يستطيع التلاميذ ان يخرجوها وشفاه السيد المسيح وعندما ساله التلاميذ لماذا ؟ { ولما دخل بيتا ساله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه.فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة و الصوم} مر28:9-29. فالصوم ضرورة روحيه ، عندما كان السيد المسيح مع التلاميذ وساله اليهود { وقالوا له لماذا يصوم تلاميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلاميذ الفريسيين ايضا واما تلاميذك فياكلون ويشربون. فقال لهم اتقدرون ان تجعلوا بني العرس يصومون ما دام العريس معهم.ولكن ستاتي ايام حين يرفع العريس عنهم فحينئذ يصومون في تلك الايام} لو33:5-35. كان وجود المسيح له المجد وجودا للعريس والفرح معهم وعندما صعد الى السماء صام الرسل والمؤمنين الصوم الذى سُمى بصوم الرسل والذى نصومه حتى اليوم .
هناك اصوام خاصة نصومها كما ان هناك أصوام جماعية تصومها الكنيسة كلها ، لقد صام المسيح لنتعلم من ونتبع خطواته لهذا نصوم الاربعين المقدسة كل عام والاربعاء والجمعة من ايام الاسبوع منذ العصر الرسولى { وانتخبا لهم قسوسا في كل كنيسة ثم صليا باصوام واستودعاهم للرب الذي كانوا قد امنوا به }(اع 14 : 23). وكما قال القديس بولس { في اتعاب في اسهار في اصوام }(2كو 6 : 5). كما نصوم صوم الميلاد استعدادا لاستقبال الله الكلمة المتجسد كما صام موسي النبى قديما اربعين يوما ليستقبل لوحى العهد . بالاضافة الى الصوم المعروف لدينا بصوم العذراء الذى صامه المتبتلين اولا ثم عامة الشعب وراينا مثال له فى الانجيل { وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط اشير وهي متقدمة في ايام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها. وهي ارملة نحو اربع و ثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة باصوام وطلبات ليلا ونهارا. فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم} لو36:2-38.
اهتم السيد المسيح بعدم مظهرية الصوم { ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صمت فادهن راسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية} مت 16:6-18. يقول القديس باسليوس الكبير ( لاتكونوا عابسين وأنتم تستعيدون صحتكم. فإنه لا بدّ لنا أن نتهلل لصحة نفسنا، ولا مجال للحزن بسبب تبدّل الطعام وكأننا نؤثر ملذّات البطن على منفعة نفسنا، لأن الشبع يقف إحسانه عند حدود البطن، أما الربح الناتج عن الصوم فهو يَنفذ إلى النفس. كن فرحاً لأنك أعطيت من قبل طبيبك دواء ينزع الخطايا. لا تبدّل وجهك كما يفعل المراؤون. إن الوجه يتبدل عندما يظلم الداخل مع التظاهر الخارجي، وكأنه مخفي وراء ستار كاذبالمرائي هو الذي يكون له على المسرح وجه آخر. يرتدي قناع السيّد وهو في الحقيقة عبد. يلبس قناع الملك وهو بالحقيقة من عامة الناس. هكذا أيضاً في الحياة الحاضرة، كثيرون يتظاهرون وكأنهم على المسرح. يكونون على كل شيء في عمق القلب ويتظاهرون بوجه آخر أمام الناس. أما أنت فلا تبدّل وجهك. كما أنت هكذا أظهر للآخرين. لا تبدّل مظهرك عابساً ساعياً وراء الشهرة عن طريق التظاهر بالصوم والإمساك، لأنه لا نفع للإحسان الذي يطبَّل له، ولا ثمر للصوم الذي يشهّر أمام الناس، أي كل ما يقوم به الإنسان بغية التظاهر أمام الآخرين لا ينفذ إلى الدهر ولا يتخطى حدّه مدح الناس. أسرع بفرح إلى هبات الصوم. إنّه هبة قديمة العهد لا تعتق ولا تشيخ، بل تتجدد وتزهر على الدوام).
الصوم لكى يكون مقبولا يجب ان يكون مقرونا بالتوبة والتواضع والمصالحة مع الخير { ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق واخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم، واياي يطلبون يوما فيوما ويسرون بمعرفة طرقي كامة عملت برا ولم تترك قضاء الهها يسالونني عن احكام البر يسرون بالتقرب الى الله. يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا انفسنا ولم تلاحظ ها انكم في يوم صومكم توجدون مسرة وبكل اشغالكم تسخرون،ها انكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. امثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الانسان فيه نفسه يحني كالاسلة راسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب.اليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك.حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك امامك ومجد الرب يجمع ساقتك.حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هانذا ان نزعت من وسطك النير والايماء بالاصبع وكلام الاثم.وانفقت نفسك للجائع واشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر.ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه.ومنك تبنى الخرب القديمة تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى} اش1:58-12.
لقد اختبر ابائنا القديسين الصوم وفائدته ومارسوه بمحبة وبه سمت ارواحهم وتهذبت نفوسهم وقويت ارواحهم وقالوا فيه الكثير حسب خبرتهم . قال القديس مكسيموس (من غلب الحنجرة فقد غلب كل الأوجاع) شيخ حدثته أفكاره من جهة الصوم قائلة (كل اليوم وتنسك غدا فقال لن أفعل ذلك .لكنى أصوم اليوم وتتم ارادة الله غدا. الصوم عند الاباء هو صوم الجسد عن الطعام وصوم اللسان عن الكلام البطال وصوم القلب عن الشهوات ونقاوته من الخطايا قال مار اسحق (الذى يصوم عن الغذاء ولايصوم قلبه عن الحنق والحقد ولسانه ينطق بالأباطيل فصومه باطل لأن صوم اللسان أخير من صوم الفم وصوم القلب أخير من الاثنين). قال القديس باسيلوس الكبير ( أن الصوم الحقبقى هو سجن الراذئل أعنى ضبط اللسان وامساك الغضب وقهر الشهوات الدنسة). ونجد ان المقدرة على الصوم تأتى بالتدريج فقد قال أنبا أولوجيوس لتلميذه (يا بنى عود نفسك اضعاف بطنك بالصوم شيئا فشيئا لأن بطن الانسان أنما تشبه زقا فارغا فبقدر ما تمرنه وتملأه تزداد سعته كذلك الأحشاء التى تحشى بالأطعمة الكثيرة ان أنت جعلت فيها قليلا ضاقت وصارت لا تطلب منك الا القليل) . الصوم عند الاباء هو الحصن الذى نحتمى فيه والصلاة هى السلاح (حصن الانسان الروحي هو الصوم وسلاحه هو الصلاة فمن ليس له صوم دائم فلا يوجد حصن يمنع عنه العدو ومن ليست له صلاة نقية فليس له سلاح يقاتل به الأعداء). الصوم انتصار على اوجاع الجسد الروحية ، قال القديس يوحنا القصير (اذا أراد ملك أن يأخد مدينة الأعداء فقبل كل شئ يقطع عنهم الشراب والطعام وبذلك يذلون فيخضعون له هكذا أوجاع الجسد اذ ضيق الانسان على نفسه بالجوع والعطش ازاءها فانها تضعف). القصد الالهى من الصوم هو الجهاد المستمر بإيمان ضد الذات واغراءات العالم والجسد حتى نصل إلى نقاوة القلب التى بها نعاين الله ونشبع به .
الصوم وحياة الفضيلة والنمو الروحي .الصوم رياضة روحية ..

قل لي بماذا تهتم اقول لك من انت؟ اننا على قدر ما نهتم بارواحنا واشباعها بالله وبمحبته والنمو فى الفضيلة نصير اناس روحيين { فان الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون و لكن الذين حسب الروح فبما للروح. لان اهتمام الجسد هو موت و لكن اهتمام الروح هو حياة وسلام.لان اهتمام الجسد هو عداوة لله اذ ليس هو خاضعا لناموس الله لانه ايضا لا يستطيع. فالذين هم في الجسد لا يستطيعون ان يرضوا الله} رو 5:8-8. من اجل هذا يقول لنا مخلصنا الصالح { اعملوا لا للطعام البائد بل للطعام الباقي للحياة الابدية الذي يعطيكم ابن الانسان لان هذا الله الاب قد ختمه }(يو 6 : 27). الصوم اذاً ليس هدفاً فى حد ذاته لكنه وسيلة للأهتمام بالروحيات والشبع بكلمة الله . من أجل هذا راينا سليمان الحكيم الذى اعطاه الله حكمة عندما أهمل الروحيات واهتم باشباع شهواته وملذاته سقط وعبد الهه غريبه {ومهما اشتهته عيناى لم أمنعة عنهما }(جا 2: 1). ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب إلهه كقلب داود أبيه وعصفت به الشهوات الكثيرة فالصوم يقاوم الاخطاء ويقوى الروح ويضبط النفس ويعطي صحة للجسد .
+ الصوم وحياة التوبة ..
ان الصوم هو الفترة المناسبة للتوبة والتذلل الى الله ، ومع ان التوبة عمل مستمر للانسان الروحى الا ان الصوم فترة للتخلص من الاخطاء لاسيما خطايا اللسان والعادات الضارة ، حيث تقوى الارادة ويكون صوم الفم عن الطعام وانشغاله بعمل ارادة الله دافع للتواضع والتذلل { اذللت بالصوم نفسي }(مز 35 : 13). والصوم خاصة فى مواجهة الضيقات يجعل الله ينظر الى تواضعنا حيث تتعمق صلواتنا ونطلب تدخل الله هكذا عندما راي الله كيف صام وتاب وتواضع اهل نينوي غفر لهم خطاياهم . وفي صوم استير والشعب كله، حينما تعرضوا لمؤامرة هامان(أش 4: 16). وكيف كانت استجابة الرب سريعة و عجيبة. كذلك نسمع عن صوم نحميا لما جاءته الأخبار أن { سور أورشليم منهدم، أبوابها محروقة بالنار } (نح 1: 3، 4). ويروى سفرنحميا أيضاً كيف كانت استجابة الرب سريعة وعجيبة.. كذلك يروى لنا الكتاب كيف صام عزرا وهو باك، وكيف كان تأثير ذلك في تنقية الشعب وتطهيره. وفى تاريخ الكنيسة راينا كيف ان الصوم نقل جبل المقطم فى أيام البابا ابرام ابن زرعه . هكذا نصلى فى قسمة الصوم الكبير ونقول كيف ان الصوم والصلاة صنعا المعجزات وكانا عونا للقديسين فى الضيقات .
الصوم والتداريب الروحية ..

الصوم فترة مقدسة يكون فيها الجسد خفيف مما يساعد على الصلاة والسهر والقراءة فى الكتب الروحية والسجود لله فى مطانيات وركوع طلباً لمراحم الله { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله و الناس} (اع 24 : 16). اننا نري حتى أتباع البوذية والهندوسية يصلون لسمو روحى عالي بالصوم والتدريب فكم يجب علينا نحن ان ندرب انفسنا على حياة التقوى والاستنارة الروحية نحن الذين يجب ان ننقاد لروح الله ونأتي بثمر ويدوم ثمرنا { واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة.عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله.واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف ضد امثال هذه ليس ناموس.ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الاهواء والشهوات.ان كنا نعيش بالروح فلنسلك ايضا بحسب الروح} غل 19:5-25. نحن يجب ان نقرن الصوم بالتداريب الروحية ومنها الصلاة الدائمة والتامل فى محبة الله والشبع بكلامه واقتناء الفضائل الروحية كالصمت والهذيذ فى وصايا الله ورفع القلب بالحديث مع الله والصلاة من اجل الآخرين ولاسيما المتضايقين والمشكلات التى تواجه الكنيسة وأعضائها ليتدخل الله ويحلها.
الصوم ونجاح الخدمة ..
ان نجاح الخدمة يحتاج لايدى مرفوعة بالصلاة كل حين والصوم يرفع من حرارتنا الروحية . ان الرسل فيما هم يصومون ويصلوا كان الرب يعمل معهم وينجح خدمتهم
{ وفيما هم يخدمون الرب ويصومون، قال الروح القدس،افرزوا لى برنابا وشاول العمل الذي دعوتهما إليه. فصاموا حينئذ وصلوا، ووضعوا عليهما الأيادى} أع 13: 2، 3. وراينا اثر الصوم روحياً فى اخراج الشياطين وفي ذلك قال السيد الرب في معجزة إخراجه لشيطان عنيد لم يقو التلاميذ على اخراجه.، حينئذ قال الرب { وأما هذا الجنس، فلا يخرج إلا بالصلاة والصوم }مت 17: 21. ذلك لأن صلاة الصائم تكون لها روحياتها وتأثيرها. من اجل هذا قال القديس بولس الرسول { بل في كل شئ نظهر أنفسنا كخدام لله.. في أتعاب في اسهار في أصوام} 2كو 6: 4 ، 5.
الصوم والعطاء ..

الصائم يشبع بالصلاة ويبرهن على محبة لله بالنسك الجسدى ويعبر عن محبته لاخوته ويجعلنا نشعر بالآم الفقراء وحاجتهم فنعطيهم بسخاء ومحبة غير متغضين عن اخوتنا { صالحة الصلاة مع الصوم والصدقة خير من ادخار كنوز الذهب} (طو 12 : 8). من اجل هذا يوصينا الانجيل بالعطاء وان نكنز كنوزنا فى السماء {لا تكنزوا لكم كنوزا على الارض حيث يفسد السوس والصدا وحيث ينقب السارقون ويسرقون. بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدا وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون.لانه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ايضا} 19:6-21. ان ما نقدمة لاخوتنا المحتاجين نقدمه لله ويبقى لنا كنزاً لا يفنى {لان الصدقة تنجي من الموت وتمحو الخطايا وتؤهل الانسان لنوال الرحمة والحياة الابدية (طو 12 : 9).
الصوم ونقاوة القلب .

الصوم فترة يقل فيها شغب الجسد وتتقوى الروح وفرصة للدخول الى حياة العمق والتأمل وفحص القلب والضمير والنفس . اذ لا يعرف الانسان الا روح الإنسان الساكن فيه وفي الصوم تصفو النفس ويتنقى القلب ونتوب ونرجع الي الله . فلنحرص اذاً ان يكون صومنا ليس مجرد استبدال طعام حيوانى باخر نباتى ولا مجرد الامتناع عن الطعام لفترة من الزمن ثم نأكل ما لذ وطاب بل يجب ان يكون صومنا فرصة للنمو الروحى وضبط النفس وتقوية الارادة وحرارة الروح . نشبع فى الصوم بالصلاة ونتوب ونتخلص من الضعفات والخطايا ونلتصق بالله وكلمته القوية والفعالة والقادرة على أشباع ارواحنا وبكل الوسائط الروحية التى تشعل محبة الله فى القلب ونهتم بان نكنز لنا كنوزاً فى السماء بالعطاء للمحتاجين والفقراء والصلاة من أجل المتضايقين وخدمة المحتاجين والضعفاء والعمل على نقاوة القلب وقداسته فطوبى لانقياء القلب لانهم يعاينون الله .
الصوم والصحة النفسية والجسدية .. أن فوائد الصوم لصحة الإنسان وسلامة بدنه كثيرة جداً، منها ما يتعلق بالحالة النفسية للصائم وانعكاسها على صحته الجسدية ، حيث أن الصوم يساهم مساهمة فعالة في علاج الاضطرابات النفسية والعاطفية، وتقوية إرادة الصائم، ورقة مشاعره، وحبّه للخير، والابتعاد عن الجدل والمشاكسة والميول العدوانية، وإحساسه بسمو روحه وأفكاره، وبالتالي تقوية وتدعيم شخصيته، وزياة تحمّلها للمشاكل والأعباء بالاضافة الى مساعدته في علاج الكثير من أمراض الجسم، كأمراض جهاز الهضم، مثل التهاب المعدة الحاد، وأمراض الكبد، وسوء الهضم، وكذلك في علاج البدانة وتصلب الشرايين، وارتفاع ضغط الدم، وغيرها. كتب الطبيب السويسري بارسيليوس (إن فائدة الجوع قد تفوق بمرّات استخدام الأدوية). أما الدكتور فيليب، فكان يصوم مرضاه من الطعام لبضعة ايام، ثم يقدّم لهم بعدها وجبات غذائية خفيفة، ولذلك فأهمية الصوم تكمن في أنه يساعد على القيام بعملية التخلص من الخلايا القديمة، والخلايا الزائدة عن حاجة الجسم . ان فوائد الصيام كثيرة تشمل كل أبعاد الحياة الإنسانية، بحيث أنها تدخل في كل خلية من خلايا الجسم.. فيسهم الصوم فى ..
1- الوقاية من الأورام ..

وهو يقوم بدور مشرط الجراح الذي يزيل الخلايا التالفة والضعيفة في الجسم، باعتبار أن الجوع يحرك الأجهزة الداخلية في الجسم لمواجهة ذلك الجوع، ما يفسح المجال للجسم لاستعادة حيويته ونشاطه، ومن جانب آخر، فإنه يقوم بعملية بناء الخلايا والأعضاء المريضة، ويتم تجديد خلاياها، فضلاً عن دور الوقاية من كثير من الزيادات الضارة مثل الرواسب والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية، والأورام في بدايات تكونها.
2 ـ التوازن في الوزن ..

يقوم بدور إنقاص الوزن لمن يعاني السمنة، ولكن بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام بعد فترة الانقطاع عن الطعام ، والاكتفاء بالخضروات والبقول والفاكهة المفيده للجسم .
3ـ الحماية من السكر..

يقوم بعملية خفض نسبة السكر في الدم إلى أدنى معدلاتها، ويتم ذلك من خلال إعطاء البنكرياس فرصة للراحة، لأن البنكرياس يفرز الأنسولين الذي يحوّل السكر إلى مواد نشوية ودهنية تخزن في الأنسجة، وعندما يزيد الطعام عن كمية الأنسولين المفرزة يصاب البنكرياس بالإرهاق ويعجز عن القيام بوظيفته، فيتراكم السكر في الدم وتزيد معدلاته بالتدريج حتى يظهر مرض السكر، ويحتاج الامر منا الى متابعة طبيعه لدي المتخصصين.
3ـ علاج الأمراض الجلدية..

إن الصيام يفيد في علاج الأمراض الجلدية، ويعمل على زيادة مناعة الجلد ومقاومة الميكروبات والأمراض المعدية الجرثومية. والتقليل من حدة الأمراض الجلدية التي تنتشر في مساحات كبيرة من الجسم مثل مرض الصدفية.وتخفيف أمراض الحساسية والحد من مشاكل البشرة الدهنية. ومع الصيام تقل إفرازات الأمعاء للسموم وتناقص نسبة التخمر الذي يسبب دمامل وبثوراً مستمرة.
4ـ الوقاية من داء النقرس والآم المفاصل ..

النقرس ينتج عادة عن زيادة التغذية والإكثار من أكل اللحوم، ومعه يحدث خلل في تمثيل البروتينات المتوافرة في اللحوم داخل الجسم، مما ينتج عنه زيادة ترسيب حامض البوليك في المفاصل، خاصة مفصل الأصبع الكبير للقدم، وعند إصابة مفصل بالنقرس فإنه يتورم ويحمر ويصاحب هذا ألم شديد، وقد تزيد كمية أملاح البول في الدم ثم تترسب في الكلى فتسبب الحصوة، وإنقاص كميات الطعام علاج رئيسي لهذا المرض. ويعالج آلام المفاصل الذي يتفاقم مع مرور الوقت، فتنتفخ الأجزاء المصابة به، ويرافق الانتفاخ آلام مبرحة، وتتعرض اليدان والقدمان لتشوهات كثيرة، وذلك المرض قد يصيب الإنسان في أية مرحلة من مراحل العمر، ولكنه يصيب بالأخص المرحلة ما بين الثلاثين والخمسين ، ولكن ثبت بالتجارب العلمية أنه يمكن للصيام أن يكون علاجاً حاسماً لهذا المرض، وقد أرجعوا هذا إلى أن الصيام يخلص الجسم تماماً من النفايات والمواد السامة.
5ـ الحماية من جلطة القلب والمخ..

أكد الكثيرون من أساتذة الأبحاث العلمية والطبية أن الصوم ينقص من الدهون في الجسم ما يؤدي إلى نقص مادة الكوليسترول ، وهي عادة تترسب على جدار الشرايين، وبزيادة معدلاتها مع زيادة الدهون في الجسم تؤدي إلى تصلب الشرايين، كما تسبب تجلط الدم في شرايين القلب والمخ . لقد أستيقظ وعي العالم المتقدم على أهمية الصوم والأطعمة النباتية ويسعي الكثيرين اليه فى ارفف الاسواق فى الدول المتقدمة لا سعيا الى تقوية الروح بل من أجل صحة الجسد . لهذا وجب علينا نحن المؤمنين ان نرجع الى الصوم كفضيلة روحية من اجل صحة الجسد والنفس والروح . ان عقولنا تصبح أكثر تعقلا واصفى ذهناً وأنفسنا اقوى ارادةً وأكثر سمواً . نستطيع ان نضبط غرائزنا ونقوى ارادتنا بالصوم . اما الروح فلها طعام أخر يشبعها انه الجوع الى الله والشبع بالحديث معه وقراءة كتابه والتأمل فى محبته وصفاته وعمل ارادته { قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} (يو 4 : 34).
  رد مع اقتباس
 


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
† القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح " الأستنارة الروحية "
القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح
† القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح " حياة الشكر "
† القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح " حياة الكمال المسيحى "
القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح


الساعة الآن 05:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025