عرض مشاركة واحدة
قديم 24 - 08 - 2012, 01:44 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
ezzat azmy Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى

الصورة الرمزية ezzat azmy

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 568
تـاريخ التسجيـل : Aug 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 673

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

ezzat azmy غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مقالات قداسة البابا شنودة الثالث من جريدة الاهرام

العالم مُحتاج
المصدر: الأهرام اليومى
بقلم: البابا شنودة الثالث


مقالات قداسة البابا شنودة الثالث من جريدة الاهرام

البابا شنودة الثالث



على الرغم من كل ما فى العالم من كنوز، ومن خيرات لا تحصي، ومن نتائج كثيرة لنمو العلم والمخترعات، ومن نتائج عجيبة للمدنية والحضارة والعلم. ومع ذلك فإنه محتاج ولعلنا نسأل إلى أى شيء هو محتاج؟! العالم محتاج إلى السلام وإلى الهدوء، فإلى أى مكان نذهب إليه نجد احتياج العالم إلى السلام، فى هذا الجو المضطرب، والذى يموج بالاختلافات فى كل بلد وفى كل مكان. حتى إنك لا تتصفح الجرائد فى أى يوم، إلا وتجد أخبار الصحف الرئيسية عن مشاكل العالم جملة، وعن المشاكل المحلية فى كل بلد. تجد هذا فى العناوين الرئيسية. فإن دخلت إلى التفاصيل تجد ما هو أبشع. نعم هذا هو العالم الذى خلقه الله فى سلام. وفيه كان يعيش أبونا آدم فى سلام حتى مع الوحوش. كانت فى سلام معه، ويعيش هو فى سلام معها، وتأتى إليه ويسميها بأسماء. وبنفس الوضع كان يعيش أبونا نوح مع الوحوش فى الفلك ويهتم بها ويغذيها، ويتعهدها بالرعاية.
وإن كان السلام هكذا، فإن الله قد أوصانا قائلا: «وأى بيت دخلتموه، فقولوا سلام لأهل هذا البيت». وهكذا عندما كنت أزور أى بيت من بيوت أولادنا فى المهجر، كانت أول عبارة أقولها عندما تخطو قدماى باب بيتهم، كنت أقول: قال الرب: «وأى بيت دخلتموه فقولوا سلام لأهل هذا البيت».
والسلام معروف فى كل تحياتنا مع بعضنا البعض. فإن حضر أحد من سفر نقول له: حمدا لله على السلامة. وإن سافر، نقول له: مع السلامة، وإن وقع على الأرض، نقول له: سلامتك. وأى اجتماع رسمي، نبدأه بالسلام الجمهوري.
- والسلام على أنواع ثلاثة: سلام مع الله، وسلام مع الناس، وسلام داخل النفس، فى الفكر وفى القلب، مابين الإنسان وبين نفسه، ولذلك فالإنسان البار هو فى سلام مع الله.
أما إذا بدأ بالخطية يبتعد عن الله، حينئذ يفقد سلامه الداخلي، ويحتاج أن يصطلح مع الله بالرجوع إليه. غير المؤمن يصطلح مع الله بالإيمان وحياة البر.
أما المؤمن الخاطئ، فيصطلح مع الله بالإيمان وحياة البر. وإلهنا المحب الغفور يكون مستعدا لقبول ذلك الصلح، إذ يقول: «ارجعوا إلى أرجع إليكم».
ويأتى هذا السلام أيضا بحفظ الله للإنسان: كما يقول: ها أنا معك وأحفظك حيثما تذهب. أحفظك من حروب الشياطين، ومن الناس الأشرار. وأحفظك من حروبك الداخلية، وأحفظ دخولك وخروجك. وينضم إلى هذا المزمور وعود الله الكثيرة، كقوله: ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر «وقوله عن الكنيسة: "إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها".
- نقطة ثانية وهى سلام مع الناس، فيها يسلم الناس على بعضهم البعض ليس فقط بالأيدى وإنما بالقلب والشعور أيضا. وإن كانت بينهم خصومة من قبل فإنهم يتصالحون. ولأنه قد يبدو من الصعب أن تصطلح النفس مع كثير من الأعداء والمقاومين، فإن الكتاب يقول: «إن كان ممكنا، فعلى قدر طاقتكم سالموا جميع الناس، وقيل على قدر طاقتكم» فإن هناك أشخاصا تحاول أن تسالمهم وهم لا يريدون إما بسبب طباعهم، أو بسبب سلوكك الطيب يكشف سلوكهم الردئ، أو لأنهم يحسدونك بسبب نجاحك، أو بسبب تدبير أوبسبب تدابير معينة يدبرونها، أو لأى سبب آخر. فهؤلاء أيضا سالمهم حسب طاقتك. وإن وجد خلاف فلا يكن بسببك أنت. قد يعاكسك الغير. ولكن لا تبدأ أنت بالخصومة. ولا تكن حساسا جدا من جهة احتمال أخطاء الغير، كن واسع الصدر حليما وتذكر أنه قيل عن موسى النبي: «وكان الرجل موسى حليما جدا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض».
إن بدأ الغير بالخصومة فاحتمل، فقد قيل فى الكتاب: «لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء. لا تجازوا أحدا عن شر بشر». لذلك ابعد عن الغضب. ولاتعط فرصة لأحد أن يستثيرك فتخطئ واسمع هذه النصيحة الغالية: لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير. واعرف أن الذى يحتمل هو الأقوي. أما الذى لا يستطيع أن يحتمل فهو الضعيف. لأنه لم يقدر على ضبط نفسه.
- لا تطالب الناس بمثاليات لكى تستطيع التعامل معهم. نعم، بل تعامل معهم كما هم، وليس كما ينبغى أن يكونوا، وإلا فربما يأتى عليك وقت تختلف مع الجميع، إننا نقبل الطبيعة كما هي: الفصل الممطر، والفصل العاصف، والفصل الحار. دون أن نطلب من الطبيعة أن تتغير لترضينا. فلتكن هذه معاملتنا لمن نقابلهم من الناس، إنهم ليسوا كلهم أبرارا أو طيبين. كثير منهم لهم ضعفات، ولهم طباع تسيطر عليهم، إنهم عينات مختلفة، وبعضها مثيرة، فلتأخذ منهم بقدر الإمكان موقف المتفرج وليس موقف المنفعل، وعاملهم حسب طبيعتهم بحكمة، ولكن احترس من معاشرة الأشرار الذين قد يجذبونك إلى الخطيئة معهم، إن المعاشرات الرديئة قد تفسد الأخلاق الجيدة.
- النقطة الأخيرة هى السلام داخل النفس، أى السلام داخل القلب والفكر، والذى عنده مثل هذا السلام، يظهر أيضا هذا السلام فى ملامح وجهه. فنجد أن ملامحه مملوءة سلاما، ويستطيع أن يشيع السلام فى نفوس الآخرين، وفى وجوده، يكون الجو مملوءا سلاما، ويكون مملوءا أيضا اطمئنانا وذلك بسبب عمل الله معه، وعمل الله فيه.
أما الذى يقد سلامه الداخلي، فإنه يقع فى الاضطراب والخوف والقلق والشك.







.جميع حقوق النشر محفوظة لدى مؤسسة الأهرام2010
  رد مع اقتباس