عرض مشاركة واحدة
قديم 04 - 01 - 2014, 03:40 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,056

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث

الإصلاح الداخلي
إنسان مثلًا دائمًا يغضب، ويثور، ويعلو صوته، ويسئ إلى غيره، ويفقد أعصابه. يقول لنفسه وهو نادم " لابد أن أدرب نفسي على ترك الغضب". ويبدأ التدريب بالفعل، ولكنه لا يستمر " إذ ليس له أصل". فكيف إذن يتخلص من الغضب، بطريقة يبحث فيها عن الأصل، ويصلحه؟
علية أن يبحث عن أصول هذه الخطية في داخله، ويعالجه.
ربما يكون سبب الغضب كبرياء داخلية لا تحتمل كلمة معارضة أو كلمة توجيه أو نقد. ربما يكون السبب حبه للكرامة والمديح، أو رغبته في تنفيذ رأيه أيًا كان أو تنفيذ رغباته. أو قد يكون سبب غضبة كراهية لإنسان ما أصبح لا يحتمل منه كلمة... أيًا كان السبب، عليه أن يعالجه أولًا. وحينئذ يمكنه أن ينجح في تداريبه...
إذن علينا باصلاح الأسباب، وليس مجرد الأغراض.
مريض ارتفعت درجة حرارته، أيمكنك معالجته بكمادات ثلج، أو بأسبرين Asprin؟! أم يجب البحث عن السبب الذي أدي إلى ارتفاع درجة الحرارة ومعالجته...؟ ربما كان السبب التهابا في اللوز، أو بؤرة صديدية في أحد أعضائه، أو حمى. يحتاج الأمر إلى علاج داخلي، لا تصلح معه المحاولات الخارجية للتخلص من الأعراض...

كتاب معالم الطريق الروحي - البابا شنودة الثالث
لا يكن إصلاحكم لأنفسكم مجرد إصلاح خارجي، للمظاهر...
إنما اصلحوا القلب من الداخل. اصلحوا الأسباب الحقيقية التي تنبع منها الخطية. وحينئذ يمكن لتوبتكم أن تستمر، ويمكن أن تستمر، ويمكن للممارساتكم الروحية أن تستمر، لأن لها أصلًا ثابتًا داخل القلب... وهكذا قال الرب لملاك كنيسة أفسس " اذكر من أين سقطت، وتب" (رؤ2: 5). ولذلك فإن الأبرار سقطوا، يقومون بسرعة.
داود سقط، ولكنه قام بسرعة، وبقوة، لأن الأصل من الداخل سليم. وبطرس انكر المسيح، ولكنه بكي بكاءًا مرًا وتاب، وذلك لأن الأصل سليم، القلب من الداخل فيه محبة للرب (يو21: 16). الأخطاء بالنسبة إلى هؤلاء القديسين كانت أخطاء عارضة. أما القلب فهو طاهر من الداخل. ولذلك يمكننا أن نقول عن أخطائهم إنها:
كانت خطايا ضعف، وليست أخطاء خيانة للرب.
وكان هذا هو الفارق الأساسي بين خطية بطرس وخطية يهوذا. بطرس أخطأ عن ضعف. ويهوذا أخطأ عن خيانة. والذي يخطئ عن ضعف، يقوم بسرعة، كما قيل " الصديق يسقط سبع مرات في اليوم ويقوم" (أم24: 16).
إن محبتك لله، هي التى تجعلك تتوب وتستمر في التوبة.
أما محبتك للخطية، فإنها تجعلك مهما تبت ترجع إلى الخطية مرة أخري وتستمر فيها. إذن سبب الاستمرار هنا أو هناك، إنما راجع إلى قلبك وإلى أين يتجه...
فالذي يجعل الصديقين يقومون، هو القلب الحب لله. وبسبب هذا القلب، مهما سقطوا، فإنهم " يجددون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور... يمشون ولا يعيون" (اش40: 31).
عمقوا جذوركم في الحياة مع الله، مدوها إلى أسفل، قبل أن ترفعوا الجزوع والفروع إلى أعلى.
لأن العمق الداخلي هو الذي يسند الارتفاع إلى فوق. مثل راهب يدخل الرهبنة حديثًا. يلح على أب اعترافه لكي يسمح له بأصوام طويلة، بمئات المطانيات، بطقس شديد في الوحدة والصمت... فيقول له أبوه الروحي: انتظر يا أبني حتى نهتم بالداخل
أولًا: نضع أساسًا من التواضع والوداعة واللطف في معاملة الناس، والمحبة الحقيقية من نحو الله. وعلى هذا الأساس نبني...
اهتم إذن بحياتك كيف تبنيها من الداخل، قبل أن تبنيها من الخارج.
تبنيها بالعمق، قبل أن تبنيها بالارتفاع.
تبنيها بتصحيح الدوافع، قبل أن تبنيها بتغير المظاهر.
لا يكفي فقط أن تترك الخطية، إنما بالأكثر ابحث عن أسبابها وتخلص من هذه الأسباب، حتى لا تقع مرة أخري. فبهذا يمكنك إن تبت أن تستمر في التوبة. فهكذا قال السيد المسيح " اذكر من أين سقطت وتب" (رؤ2: 5). انزع الأشواك التي تحيط بك، حتى إذا زرعك يستمر نموه، ولا تخنقه الأشواك.
ادخل إلى أعماقك، ونظف وصحح كل ما فيها...
كثيرون يبدأون حياتهم الروحية بالتغصب، وبالضغط على أرادتهم، واجبار النفس أن تسلك في الطريق الروحي. ونحن لا ننتقد هذا، فهو لون من الجهاد الروحي اللازم.
ولكن لماذا التغصب؟ لأن المحبة غير موجودة...
أنت تغصب نفسك على عمل الفضيلة، لأن محبة الفضيلة ليست موجودة في قلبك. فإن وصلت إلى هذه المحبة، لا يبقى بعد تغصب، بل تمارس الفضيلة بطريقة تلقائية بدون جهاد. ويمكنك أن تستمر فيها بدون خوف من السقوط
وأساس هذه المحبة، هو إلى نريد أن نضعه في القلب، لأنه صمام الأمن...
إن العربة التي يكون محركها سليمًا، تسير من تلقاء ذاتها، لا تحتاج إلى أناس يدفعونها بأيديهم إلى الأمام. إنما داخلها (موتورها) يحركها... نصيحتي أن تهتم بداخلك، لكي تحيا حياة روحية مستمرة. وإن لم تستطع أن تصل إلى المحبة، اجعل مخافة الله أمام عينيك، وقل مثلما كان يقول إيليا النبي " حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه" (1مل18: 15). وكلما تحارب بخطية، قل لنفسك كما قال يوسف الصديق "كيف أعمل هذا الشر العظيم أخطئ إلى الله؟" (تك39: 9).
ولا تكن حياتك الروحية هي مجرد حياة مناسبات.
إن كان أسبوع نهضة روحية في الكنيسة، تنهض روحك خلاله، ثم تنجو بعد ذلك. إن كانت هناك مناسبة روحية مثل عيد رأس سنة، أو يوم تناول، أو قداس عيد سيدي، ترتفع رو حياتك ثابتة...! لا يليق أن تكون الأمور هكذا. إنما اجعل إيمانك الداخلي بالحياة مع الله، هو الذي يدفعك باستمرار، في كل يوم، وكل ساعة...
وكلما تبدأ صفحة بيضاء، احرص أن تحتفظ ببياضها.
  رد مع اقتباس