6 ) تابع تأملات فى سفر النشيد ـ البابا شنودة الثالث ـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تابع هناك آيات في السفر لا يمكن أن تؤخذ بمعناها الحرفي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هناك كلمة أخرى، قد يتحرج منها القارئ الجديد لسفر النشيد:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و هي كلمة الثدي ، و الثديين .
-------------------------------
* الثديان هما مصدر الرضــــــــــــــــــاعة ،
و يرمزان إلى مصدر التعليم في الكنيسة.
و يدل على هذا قول النشيد :
--------------------------------
"لَيْتَكَ كَأَخٍ لِي الرَّاضِعِ ثَدْيَيْ أُمِّي" (نشيد الأنشاد 8: 1) .
و عن ذلك صرخت امرأة قائلة للسيد المسيح :
--------------------------------------------------
" طوبى للبطن التي حملتك، وللثديين اللذين رضعتهما" (لو11: 27).
و عن هذين قال أبونا يعقوب في مباركته لابنه يوسف :
----------------------------------------------------------
"بركات الثديين والرحم" (تك 49: 25)
أي بركات الولادة والرضاعة.
* وكما أن الثديين هما مصدر الرضاعة ، هما أيضًا مصدر الشبع.
و هكذا قيل في سفر إشعياء النبي عن أورشليم :
-----------------------------------------------------------
"لكي ترضعوا وتشبعوا من ثدي تعزياتها" (أش66: 11).
أما منع الطفل عن ثدي أمه،
فهو شأن الظالمين الذي قيل عنهم في سفر أيوب الصديق :
"يخطفون اليتيم عن الثدي" (أ ى24: 9 ).
و الثديان مصدر التغذية و الشبع هما في الكنيسة:
------------------------------------------------------
العهدان القديم و الحديث (الكتاب المقدس).
و هما " الناموس والنعمة" (يو1: 17).
أما بالنسبة لسفر النشيد (في العهد القديم)
------------------------------------------------
فهو الناموس والأنبياء .
بهما يرضع الإنسان التعليم الصحيح من مصدر إلهي،
فتشبع نفسه، و ينمو في القامة الروحية .
و لأنهما معًا ، لذلك قيل عنهما إنهما :
-----------------------------------------
" كخشفتين توأميّ ظبية"
(نش7: 3) (نش 4: 5).
منهما يرضع المؤمن ، و بتعليمها يطمئن .
كما قيل في المزمور :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
" أنت جذبتني من البطن .
جعلتني مطمئنًا على ثديي أمي" (مز22: 9).
و الأم هي الكنيسة التي ترضعه الإيمان .
و هذه الأم الكنيسة تقول عن كل ابن من أبنائها :
"بين ثديي يبيت" (نش 1: 3)
أي يبيت يرضع من التعليم الســــليم،
من العهدين القديم و الجديـــــــــــــد،
من الناموس والأنبياء، من الناموس والنعمة..
* ولأن تعاليم الكنيســــة عالية و ســـــامية،
شبهت الكنيسة بالنخلة، وأثداؤها بالعناقيد .
كما قيل في المزمور :
-----------------------
"الصديق كالنخلة يزهو، كالأرز في لبنان ينمو " (مز92: 12).
و بنفس الوصف قيل عن الكنيسة في سفر النشيد :
---------------------------------------------------------
"قامتك هذه شبيهه بالنخلة، و ثدياك بالعناقيد" (نش7: 7).
فالمؤمن الذي يريد أن ينمو في قامته الروحية ، عليه أن يصعد في مستواها، ليمسك بثديي أمة الكنيسة ،
و يرضع منها التعليم الروحي واللاهوتي ويقول مع سفر النشيد :
------------------------------------------------------------------------
"قلت إني أصعد إلى النخلة وأمسك بعنقودها " (نش7: 8).
و يتنبأ سفر النشيد عن كنيسة الأمم الناشئة، و يسميها :
----------------------------------------------------------------
" أخت صغيرة " (نش8: 8) .
هذه التي منها :
------------------
المرأة الكوشية التي تزوجها موسى النبي (عد12: 42) .
وكذلك أهل نينوى الذين تابوا بمناداة يونان.
وقبل هؤلاء راحاب التي من أريحا، وراعوث التي من موآب (مت1: 5) .
وفى العهد الجديد كرنيليوس الذي عمده بطرس الرسول.
كل أولئك وأمثالهم، يذكرهم سفر النشيد فيقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
"لنا أخت صغيرة ليس لها ثديان.
فماذا نصنع لأختنا في يوم تخطب" (نش8: 8)..
نعم ليس لها ناموس و لا أنبياء.
---------------------------------
ماذا نقول لهذه الأممية، حينما يقول القديس بولس الرسول :
" لأني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح " (2كو11: 2).
ترضعها الكنيسة الأم من ثدييها ، حتى ينبت لها ثديان .
" تطعمها الزيتونة الأصلية من دسمها ،
مادامت قد صارت شريكة في أصل الزيتونة و دسمها " (رو 11: 17).
و عن كل مؤمن جديد، تقول له عذراء النشيد:
------------------------------------------------
" ليتك كأخ لي، الراضع ثـــــــدي أمـــــــي .
فأجدك في الخارج ، و أقبلك و لا يخزونني "
(نش8: 1)..
أجدك بالافتقاد، وبالكرازة، والرعاية،
وأنـــت " في الخارج" من الأمـــــم،
ومن خارج الكنيســـة . فأقبـــــــلك،
كما قبل بطرس كرنيليوس الأممي .
و لم يخزه أحد لقبول هذا الأممي وأسرته،
بعد أن: " رأى الســـــــماء مفتوحـــــــــــــة "،
و قيل له :
-------------
"ما طهره الله، لا تدنسه أنت " (أع10: 11، 15).
نعم أن السماء مفتوحة، لترضع الأمم من ثدييها.
بهذا نفهم سفر النشيد، في معناه الرمـــــــــزي .
ليس في هذه الكلمات فقط، بل في كل تعبيرات السفر.
وإلى اللقاء في بعض موضوعاته..
لنفهم السفر إذن بمعناه الرمزي،
إن أحبت نعمة الـــــرب وعشـــنا.
انتهت المقدمة :
ــــــــــــــــــــــــــــ
1- مقدمة : روحانية السفر ورموزه
والموضوع القادم :
ــــــــــــــــــــــــــــــ
2 - كَمْ رائحة أدهانك أطيب من كل الأطياب! (نش 4: 1)