عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 11 - 2020, 12:24 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,213,304

أيام الانتظار ومولد الكنيسة


أيام الانتظار ومولد الكنيسة

بين القيامة والصعود

أهم ما يميز مدة الأربعين يومًا بين قيامة السيد المسيح وصعوده، وظهوراته لتلاميذه.... ولقد كان لتلك الظهورات آثار هامة:
لقد أكدت لهم حقيقة قيامته من بين الأموات بما لا يدع مجال لأي شك (أع1: 3) ورفعت من معنويات الرسل، وملأت قلوبهم فرحًا وعزاء (يو20: 20).... كما أن تلك الفترة كانت بمثابة فترة تمهيدية لأعمال الخدمة والكرازة في المستقبل القريب، لقن فيها السيد المسيح تلاميذه كثيرًا من المعلومات التي ما كانوا يحتملوها قبل ذلك (يو16: 25، أع1: 3).. ويؤكد ذلك أن تلك اللقاءات لم تكن مجرد ظهورات خاطفة، بل امتدت واستطالت. ومن أمثلتها الرحلة التي صحب الرب فيها تلميذي عمواس بعد ظهر يوم أحد القيامة، وقطع المسافة من أورشليم على عمواس؟ وهي ستون غلوه أي نحو سبعة أميال، وتستغرق أكثر من ساعتين مشيًا على الأقدام. وخلال هذه الرحلة "ابتدأ من موسى، ومن جميع الأنبياء، يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب " (لو24: 13 – 27).... وأيضًا الظهور الثالث الذي أظهر فيه ذاته لتلاميذه عند بحر طبرية، ومكث فيه معهم من الصباح حتى ما بعد الغداء (يو21: 4-15).











+ بين الصعود ويوم الخمسين:
بعد أن أرتفع السيد المسيح عن تلاميذه عند جبل الزيتون، وصعد إلى السماء، ورجعوا إلى أورشليم بفرح عظيم (لو24: 52).. وكان فرحهم لأنه صعد إلى الآب (يو14: 28) ولأنه سيأتي ثانية (أع1: 11) وفي أورشليم اجتمعوا في العلية التي كانت في بيت أم مارمرقس الكاروز.. هناك كانوا يواظبون بنفس واحدة على الصلاة والطلبة مع نساء مؤمنات، في مقدمتهن مريم العذراء لقد أوصاهم الرب أن يذهبوا إلي العالم أجمع ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها، لكنه في نفس الوقت أمرهم بالبقاء في أورشليم، انتظارا لموعد الآب (الروح القدس)... بل لقد حذرهم من مبارحتهم قبل أن يلبسوا قوة من الأعالي (لو24: 49، أع1: 4)... وفي هذه الفترة، كان لابد أن يختاروا تلميذًا خلفًا ليهوذا الخائن.... واشترطوا أن يكون أحد الذين اجتمعوا معهم كل الزمان منذ معمودية يوحنا إلى ذلك الوقت، حتى يشهد معهم بقيامة الرب المجيدة، التي ستصبح حجر الأساس في العمل الكرازي الجديد فصلوا وطلبوا إلي الرب أن يظهر اختياره لأحد أثنين: يسطس أم متياس.. ثم ألقوا فوقعت على متياس (أع1: 15-26) فصار واحدًا من الاثني عشر وهي المرة الوحيدة التي ذكر فيها استخدام القرعة.

+ يوم الخمسين:
في اليوم الخمسين لقيامة السيد المسيح، وفي الساعة الثالثة بالتوقيت العبري (التاسعة صباحًا بتوقيتنا) أثناء احتفالات اليهود في أورشليم بأحد أعيادهم الكبرى -وهو عيد الخمسين- حل الروح القدس على الرسل والتلاميذ (جميع الموجودين بالعلية) بينما كانوا مجتمعين بها بنفس واحدة، وإذ صار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة، وملأ كل البيت حيث كانوا جالسين... وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار واستقرت على كل واحد منهم، وامتلأ الجميع من الروح القدس (أع2: 1-4). لقد أختار الرب هذه المناسبة عند اليهود موعدًا لمولد كنيسته، حيث تتم رموز وإشارات... لذا يحسن ان نقف قليلًا لنعرف شيئًا عن هذا العيد عند اليهود... كان لهذا العيد اليهودي ثلاث تسميات: عيد الحصاد (خر23: 16)، وعيد أوائل الثمار (عد28: 26). وعيد الأسابيع (تث16: 9، 10، لا 23: 15) وأطلق عليه عيد الخمسين لأنه يقع في اليوم الخمسين بعد الفصح اليهودي... كان هذا العيد من حيث تسميته بعيد الأسابيع، يبدأ مباشرة بعد عيد الفصح، بتقديم أول حزمة من حصاد الشعير، وينتهي في عيد الخمسين بتقديم أول رغيفين من حصاد القمح. وكان يحتفل بعيد الخمسين يومًا واحدًا وهو من أعياد اليهود الثلاثة الكبرى السنوية الفطير والحصاد والمظال التي كان على جميع ذكور بني إسرائيل أن يظهروا فيها أمام الرب إلههم (تث16) كان هذا العيد عند اليهود عيد فرح وبهجة.
وكان يقع في ألطف فصول السنة. ولذا كان يجذب أعداد ضخمة من اليهود الزائرين من البلاد والأقاليم الأخرى إلى أورشليم ويصف يوسفيوس اليهودي هذا العيد ويتكلم عن عشرات الآلاف الذين كانوا يجتمعون حول الهيكل في هذه المناسبة وكان عدد كبير من اليهود الوافدين من بلاد بعيدة إلى أورشليم لحضور عيد الفصح يبقون فيها حتى يحضروا هذا العيد أيضًا. كان عيد الخمسين إذن -بحسب ما جاء في الكتب المقدسة- هو عيد الحصاد وعيد أوائل الثمار وعيد الأسابيع.... لكنه كان أيضًا -طبقًا لتقليد الربيين في التلمود- هو عيد الاحتفال السنوي بتذكار تسلم الشريعة في سيناء... فقد قيل أن موسى استلم الشريعة فوق جبل سيناء، وفي اليوم الخمسين لخروج بني إسرائيل من مصر. ومن هنا جاءت تسميته بالعبرية (عيد البهجة بالناموس) كانت هناك عادة يهودية قديمة حرص اليهود عليها في العصر الرسولي... كانوا يقضون الليلة السابقة لعيد الخمسين في تقديم الشكر لله من أجل عطية الناموس.

+ العيد التأسيسي للكنيسة:
لا شك أن الله الذي يتمم كل أموره بحكمة، أختار مناسبة هذا العيد اليهودي ليجعل منه عيدًا لمولد الكنيسة، فأرسل روحه القدوس بقوة على رسله وتلاميذه وأسس كنيسة على الأرض.... كانت فرصة هذا العيد اليهودي أكثر ملاءمة لتأسيس الكنيسة المسيحية من عدة وجود، بالنظر للمدلولات اليهودية للعيد... لقد كانوا تحتفلون به كعيد لحصاد المزروعات، فأضحى عيدًا لحصاد الزرع الجيد الذي هو بنو الملكوت (مت13: 38)... وكانوا يحتفلون به كعيد لأوائل الثمار الزراعية، فغدا في المسيحية عيدًا لأوائل الثمار الخلاصية، حين أنضم إلي الكنيسة في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس... هذا بالإضافة إلي ثمار الروح القدس التي تكلم عنها الرسول (غل5: 22)... ثم أنهم كانوا يحتفلون به كتذكار لإعطائهم الشريعة المكتوبة على لوحين من حجر فأصبح عيدًا للروح القدس روح الحياة الذي كتبت به وصايا الله لا هي ألواح حجرية، كما حدث في القديم بل في ألواح قلب لحمية (2كو3: 3). وثمة نظرية أخرى... فالعدد خمسين يشير إلى العفو والصفح... ففي العهد القديم كانت تقدس السنة الخمسون، ويعفى المديونون من ديونهم ويحرر العبيد " وتقدسون السنة الخمسين، وينادون بالعتق في الأرض لجميع سكانها وتكون لهم يوبيلًا ويرجعون كلٍ إلى ملكه، وتعودون كل إلى عشيرته " (لا 25: 10) كانت هذه السنة تبدأ بيوم الكفارة حين يضربون بالبوق إيذانا بسنة اليوبيل... فالعدد 50 إذا كان ينظر إليه كرمز للعفو عن الديون... ثم أن عيد الخمسين اليهودي، كان أكثر ملائمة لتأسيس الكنيسة من جهة الجماهير التي كانت تحضره. فقائمة الشعوب التي أوردها القديس لوقا في (أع2: 8-11) كانت على وجه التقريب تشمل أنحاء الإمبراطورية الرومانية التي كانت بدورها تضم معظم العالم القديم المعروف وقتذاك... والغرباء الذين ذكرهم لوقا كشهود كرازة الرسل.. ومما لا شك فيه أن أولئك الذين آمنوا في يوم الخمسين حملوا إيمانهم الجديد إلى أخوهم قبل أن يصل إليهم الرسل في كرازتهم. وهذا يوضح لنا وجود مسيحيين في دمشق قبل إيمان بولس (أع9: 2)، ووجود عدد كبير من المؤمنين في روما، قبل أن يكتب لها بولس رسالته بوقت كبير (رو1: 8). كان إعطاء الشريعة في سيناء مصحوبًا برعود وبروق وسحاب ثقيل على الجبل وصوت بوق شديد جدًا، ارتعد منه كل الشعب الذي كان في المحلة... لذا لا تعجب أن جاءت كنيسة العهد الجديد إلى الوجود أيضًا بعلامات عجيبة ملأت المشاهدين دهشة وحيرة (أع2: 6، 7). لقد صاحب حلول الروح القدس على الرسل والتلاميذ مظاهر ثلاثة: - صوت كما من هبوب ريح عاصفة، وظهور ألسنة منقسمة كأنها من نار استقرت على كل واحد منهم، والتكلم بألسنة أخرى.... والريح في كتاب العهد القديم نراها رمزًا للقوة الروحية الخلاقة، ورمزًا للعمل غير المنظور (يو3: 8) والحرية السامية التي للروح القدس " حيث روح الرب هناك حرية " (2كو3: 17)... والنار كانت معروفة لدى بنى إسرائيل. فقد حل الله على جبل سيناء بالنار (خر19: 18)، وهي تكشف مجد الله (حز1: 4). وهي تشير إلى عمل التطهير الذي للروح القدس (أش6: 6 ،7).... والتكلم بألسنة هو تصويب لما حدث قديمًا عند برج بابل حينما بلبل الرب لسان هؤلاء الأشرار ومهما يكن من أمر فأن حلول الروح القدس علي التلاميذ في ذلك اليوم، وصيرتهم هياكل لله ومساكن لروحه لهو أكبر معجزة في حياة البشر الداخلية، لأنهم به نالوا طبيعة جديدة عوضًا عن الطبيعة القديمة التي أفسدتها الخطية.

+ عظة بطرس:
وعظة بطرس التي ألقاها في يوم الخمسين (أع2: 14-36). هي عظة بسيطة لكن روح الله الذي كان يصحب كلماتها، نخس قلوب السامعين... فلما سألوا الرسل عما ينبغي أن يعملوه، أجابوهم "توبوا وليعتمد كل واحد منكم على أسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس" وهكذا انضم إلي الكنيسة في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس... أما عن موضوع العظة، فباستثناء الربط الذي ربط به القديس بطرس أحداث تلك الساعة بنبوءة يوئيل النبي، نجد أن هدف العظة الكبير هو إثبات أن يسوع الناصري الذي قتله اليهود ظلمًا وقام من الأموات، هو عينة المسيا الذي تنبأ عنه داود وجاء من نسله حسب الجسد. لكن التركيز الأكبر في العظة كان على قيامة الرب يسوع من بين الأموات (أع2: 24، 27، 31، 32).

+ أثر يوم الخمسين:
"وامتلأ الجميع من الروح القدس" (أع2: 4)... هذه هي الأعجوبة الحقيقية الداخلية، ومحور ما حدث في يوم الخمسين... ونلاحظ أن الروح القدس لم يحل على الرسل وحدهم، بل على كل التلاميذ (كل المؤمنين) المجتمعين في العلية منتظرين موعد الآب، وكان عددهم مائة وعشرين (أع1: 15).. كان ما حدث في يوم الخمسين هو الوحي العظيم الذي أعانهم فيما بعد ليصبحوا معلمين ملهمين ذوى سلطان للإنجيل ، سواء باللسان والقلم... وما كان غامضًا صار الآن واضحًا مفهوما لهم... لقد كشف لهم الروح القدس عن حقيقة الفادي وعمله على ضوء قيامته المجيدة، وملك عليهم (عقولهم وقلوبهم).
رد مع اقتباس