إذاً كما قلنا، الروح هي الجزء الأسمى في الإنسان وهي التي تحكم بحق كلا من النفس والجسد. فلو كان الإنسان مجرد نفس وجسد كما يعلم السبتيون لكان على صورة الحيوان وليس على صورة الله. وأن الله هو أبو الملائكة وأبو البشر لكنه ليس هو أبا البهائم. أن الحيوانات لها نفس وجسد ونفسها في دمها (لاويين 17: 11) وتتلاشى بموتها (مز 49: 12) لأنها خلقت لأجل الإنسان، عند خلقها فاضت بها المياه أو أخرجتها الأرض بكلمة الله (تك 1: 20، 24). أما الإنسان فهو نفخة الله لذلك فهو خالد كخلود الله. في (تك 2: 7) نقرأ "وجبل (كوّن) الرب الإله آدم تراباً من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفساً حية. أي أن نفخة القدير خلقت لآدم كياناً مكوناً من روح ونفس وجسد (1 تس 5: 23) كما سبقت الإشارة. هذه الحقيقة كانت معروفة لقديسي العهد القديم إذ يقول اليهود "ولكن في الناس روحاً ونسمة القدير تعقلهم". الروح تذكر في علاقة الإنسان مع الله، لأن الله نفخ في الإنسان نسمة حياة، فالروح هي التي تميز الإنسان عن الحيوان. وكما جبل الرب جسد آدم من التراب هكذا بواسطة نفخته جبل (كوّن) روحه كما قيل في (زكريا 12: 1) "يقول الرب باسط السموات ومؤسس الأرض وجابل روح الإنسان في داخله" أي أن تكوين روح الإنسان في داخله هو عمل عظيم من أعمال الله نظير تكوين السموات والأرض. لذلك فإنه يقال أن الله هو "أبو أرواحنا وليس أبا أجسادنا" (عبرانيين 12: 9) كما قيل في سفر العدد (ص 16: 22؛ 27: 16) إنه "إله أرواح جميع البشر" لذلك فإن جميع البشر دعوا أبناء الله بسبب خلق هذه الروح الإنسانية فيهم. كما قال بولس "إننا نحن ذرية الله" لأنه خلق الإنسان على صورته (أعمال 17: 29؛ تك 1: 27) والملائكة وهم أرواح عاقلة دعوا "أبناء الله" (أيوب 1: 6؛ 38: 7).