وهو "البتول" دائماً : ولد من بتول، وعاش بتولاً، وارتفع بتولاً، لا يذكر له القرآن والإنجيل زوجة ولا أولاداً، ولا يسندان إليه كنية ولد، ولا يلمحان إلي علاقة له بالنساء، ولم يمد عينيه إلي ما متع به الله أزواجاً منهم. بينما القرآن يزخر بحوادث النساء عند غيره، ولم يكتم في نفسه ما الله مبديه ... وحده مع يحيي بن زكريا كان "حصوراً" ارتفع فوق حاجة الرجل إلي إمرأة إنه البتول.
وهو "المثل" الأعلي : "وجعلناه مثلاً لبني إسرائيل" (زخرف 58)، والقرآن لا يعرض غيره مثلاً. فقد حقق المثل الأعلي في التقوي والفضيلة والقداسة : "وأوصاني بالصلوة والزكوة ما دمت حياً ! وبراً بوالدتي ! ولم يجعلني جباراً شقياً !" (مريم 32). ويكفيه فخراً أن القرآن ينزهه عن كل إثم ومنقصة. فهو المثل الذي لا تشوبه شائبة.
هو "الوجيه في الدنيا والآخرة" (آل عمران 45) قالوا بالإجماع، كما رأينا، الوجاهة في الدنيا هي النبوءة، وفي الآخرة هي الشفاعة. زاد الزازي هي براءته من العيوب في الدنيا وكثرة ثوابه في الآخرة، واستجابة دعائه في الدنيا، وعلو درجته ومنزلته في الآخرة. لا بل أكثر من ذلك، فوصفه بالوجاهة يعني زعامة في النبوءة، وزعامة في الشفاعة، والتقدم، والدرجات العلي. هو "وجه" الأنبياء والمرسلين، المقدم في الدنيا عليهم، والمقرب في الآخرة من عرش الجلالة "فقد ارتفع إلي السماء وجلس عن يمين الله" (خاتمة إنجيل مرقس).