ولا مراء في أن هذا التباين في الروايات ، نجم عن عدم وجود نص صريح في القرآن ، حول نهاية أيام جسد المسيح على الأرض . وهذا التباين فتح باب الإشكال والتضارب في الآراء . ولهذا لم يكن بدا لعالم نزيه كالإمام العلامة فخر الدين الرازي ، ان يفند قصة الشبه تفنيدا محكما . ففي تفسيره الآية 55 من سورة آل عمران ( يا عيسى بن مريم إني متوفيك ورافعك إلى ) عالج مسألة الشبه بموضوعية إذ قال: من مباحث هذه الآية موضع مشكل . وهو أن نص القرآن ، دل على انه تعالى حين رفعه ألقى شبهه على غيره ، على ما قال (وما
: قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم )والأخبار أيضا و اردة بذلك ، إلا أن الروايات اختلفت . فتارة يروى أن الله تعالى ألقى شبهه على بعض الأعداء ، الذين دلوا اليهود على مكانه ، حتى قتلوه وصلبوه. وتارة يروى أنه رغب بعض خواص أصحابه في أن يلقى شبهه ، حتى يقتل مكانه . وبالجملة فكيفما كان ، ففي إلقاء شبهه على الغير إشكاليات
. الإشكال الأول : - أنا لو جوزنا إلقاء شبه إنسان على إنسان آخر ، لزم السفسطة فإني إذا رأيت ولدى ، ثم رأيته ثانيا فحينئذ أجوز أن يكون هذا الذي رأيته ثانيا، ليس بولدي ، بل هو إنسان ألقى شبهه عليه . وحينئذ يرتفع الأمان على المحسوسات ، وأيضا فالصحابة الذين رأوا محمدا ، يأمرهم وينهاهم ، وجب أن لا يعرفوا انه محمد لاحتمال انه ألقي شبهه على غيره. وذلك يفضي إلى سقوط الشرائع ، وأيضا فمدار الأمر في الأخبار المتواترة ، على أن يكون المخبر الأول ، إنما أخبر عن المحسوس ، فإذا جاز وقوع الغلط في المبصرات ، كان سقوط خبر المتواتر أولى وبالجملة ففتح هذا الباب أوله سفسطة وآخره إبطال النبوات بالكلية