فالقرآن يقر بيسوع / عيسى هو مسيح الله، بل ويتعداه إلى الإقرار به " وروح منه " ( اي روح الله). وهو على خلاف اليهودية التي لا تعترف بالحبل المعجز لمريم العذراء بالسيد المسيح، نجد أن القرآن ينصب نفسه مدافعاً عن عذراوية السيدة العذراء، وهو لا يدري بذلك بأنه يضع نفسه في مشكل لاهوتي، ستفجر مع بزوغ الفرق المفكرة، مثل المعتزلة. بل ويقر بموت المسيح، ورفعه إلى السماء، بل ويجعله " وجيهاً في الدنيا وفي الأخرة من المقربين"، وكأننا نرى ظلال لصورة المسيح الجالس عن يمين الله. ويصر القرآن بنسب المسيح لـ عيسى، ويقابله لقب " ابن مريم"، ويسمو به إلى أقصى الدرجات، ولا بلا قواعد رابطة بينه وبين- حتى من حيث التاريخ- اليهودية أو المسيحية.
لذا؛ فليس بغريب بأن نرى تخبط المفسرين الإسلاميين- من أمثال " ابن كثير" أو " الطبري" أو " الفخر الرازي"، وانتهاءاً " بمحمد رشيد رضا" خليفة الإمام" محمد عبده"- حول تفسير أو تقعيد قاعدة إصطلاحية لكلمة " المسيح" ، والبعض منهم قد أدرك هذه الورطة، فأقر بها كصفة، واعتمد ما استطاع الوصول إليه من خلال علاقاته مع اليهود والمسيحيين، وبخاصة بعد الفتوحات الإسلامية، فنقل كل المعاني التي استطاع الوصول إليها، وهو في ذات القوت تجنب المعاني اللاهوتية والتاريخية لهذه اللفظة.