15- جدليا حاكم اليهود: أقام نبوخذراصر ملك بابل جدليا بن أخيقام واليًا علي الشعب الذي بقي في أرض يهوذا، وجعل مقره في المصفاة، ومعه حامية من البابليين للحراسة. وكان أمام إرميا أن يختار بين البقاء في أرض يهوذا أو الذهاب إلي بابل، ولكنه فضل البقاء مع بقية الشعب تحت رعاية جدليا. وبمقتل جدليا بيد إسماعيل بن نثنيا من النسل الملكي – الذي نجا بعد ذلك بنفسه وهرب إلي بني عمون – بدا أنه قد باد آخر أثر لمملكة يهوذا. وأخذ يوحانان بن قاريح وكل رؤساء الجيوش الذين معه كل بقية الشعب الذين استردهم من إسماعيل بعد مقتل جدليا، وعزم علي السير إلي مصر – رغم نصيحة إرميا – وصمموا علي أن يأخذوا معهم إرميا وباروخ ( ارميا 43: 1 – 7). وهناك في مصر – وسط مشاهد الاحباط وخيبة الأمل التي كانت تحيط بهم – سجل ارميا لنا المرحلة الأخيرة من سقوط يهوذا.. وقد اكتشفت آثار هامة لسلالة أؤلئك الذين استوطنوا مصر. وتتكون هذه الآثار من برديات بالأرامية وجدت في أسوان، ترجع إلي عصر لا يتجاوز القرن بعد موت إرميا. وهذه الوثائق عبارة عن حسابات وعقود وصكوك عقارية من كل نوع، نعرف منها أنه في القرن الخامس قبل الميلاد كان هناك يهود – منفصلون عن الآخرين كالعهد بهم – يعبدون الرب " يهوه " ولايعبدون معه إلهًا آخر، بل لقد كان لهم معبد ومذبح للمحرقات التي كانوا يقدمونها لله كما فعل آباؤهم في أورشليم قبل تدمير الهيكل. وهذه البرديات تعطينا لمحات – عظيمة القدر – عن الحالة الاجتماعية والاهتمامات الدينية لاولئك المستوطنين.