- ما يحدث هو عكس ذلك تماماً. فإنه يزداد حقداً ويعمل الآن من الخارج بكل وسيلة للتغلّب على المؤمن والعودة إلى قلبه إذا ما انطفأتْ فيه نعمة الله(وبمعنى آخر إذا ما أُسدل عليها ستار). فهو ((يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أُشدّ شراً منه)) لكي يحارب. وفي هذه النقطة على وجه التدقيق يكمن معنى التجارب كلّه. والخيال هو أدق وسيلة حرب للشيطان، تخيّل الماضي وتخيّل المستقبل، تخيّل الأعمال الصالحة، وتخيّل الأعمال الشريرة. تتوارد خواطر مختلفة تشعل العقل فيكفّ عن اللهج بإسم يسوع. ويمعن الشيطان في محاولاته لكي يثني الإنسان عن إبداء أي اهتمام بالله، وليصرفه عن إظهار حبه له تعالى. وأهم ما يثيره فيه أنه يحمل إليه ذكريات زلاَّت مختلفة إرتكبها أخيراً أو من قبل في حياته.
والآباء القديسون يقولون إنّ الحرب تكون عادة شديدة بمقدار قوة الأهواء في السابق. والحاجة تقضي بأن يدفع الإنسان ثمن كل لذة بما يوازيها من عذاب.
وفي حياة الآباء النسكية في النعمة علاقة وثيقة بين اللذة والألم. فإنّ اللذة قد جلبت السقوط والعذاب. وعلى هذا فإنّ العذاب(الألم) يعيد الإنسان إلى حاله الأصيلة ويشفيه. فلا بد له أن يتألم كثيراً. وسيدفع ثمن كل لذة شريرة بما يوازيها من عذاب لكي يحدث توازن. والحوادث التي سبق أن حدثتْ له من أعوام كثيرة فسبَّبتْ له التمتع باللذة وكان قد نسيها، لا بد اليأس والقنوط.