والشيطان هو الآن روح هدم وتدمير متواصل لكل اتحاد صالح. هو زعيم الإنقسام وقائده. والله يريد أن يوحّد أما هو فيفرق. والله يريد أن يُخلّص أما هو فيخرّب. وهو يحرّص الإنسان في كل آن على التمرّد على الله وعلى الكنيسة...
- وأين يجد النساك كل هذه القدرة لكي يحبُّوا؟
- يجدونها في عطية النعمة التي يملكون. والنعمة هي من الغزارة في داخلهم بحيث انهم يريدون أن يحبوا الجميع كلَّ حين، بعد أن اكتسب قلبهم إتساعاً، بطرح الأهواء وأمسى شديد الرغبة في ضمّ الجميع لله. ولهذا يحب النساك، الذين تطهَّروا، الثالوث القدوس، والسيدة الفائقة القداسة، والقديسين، والخطأة، والطبيعة، والحيوانات، ومع هذا يظلّ قلبهم الواسع مكان، فيحبون الشيطان أيضاً...وهم يشعرون بأنه ليس سوى روح مائت إبتعد عن النعمة المحيية. وهو ينقل الموت إلى أولئك الذين يقتربون منه أو أنه يحاول نقله إلى كل من يبتغي الخلاص.
هؤلاء النساك القديسون، المفعَمون بمحبة إلهية يفكرون في عذاب الجحيم الرهيب الذي أُعدّ للشيطان وملائكته وتستولي عليهم الدهشة. فكيف لا يشفقون؟
فقلتُ: نحن، إستبدَّت بنا أهواء الجسد، فأناخت علينا بظلماتها، وأعمتنا ذهنية الدنيا، واستولى علينا الشرير، ولذلك نجهل نواياه. ولم نحصل بعد على نعمة المسيح بغزارة حتى نتمكن بنور هذه النعمة، من مراقبة كل تحركات الشيطان الشريرة المجرمة. أما أنتم فإنكم ترون ما يدأب عليه من جُهد وتدركون قلقه. فهل يمكنكم أن تذكروا لنا الطرائق التي تؤدي به فعلاً إلى الإتحاد بالله؟