إلاّ انّ خطة الشيطان الحربية تكون خلال الصلاة أشدّ وضوحاً منها في أيّ وقت آخر. والمجاهدون في الصلاة، هذا الجهاد العقلي، يرون الشيطان جلياَ وهو يحاربهم بشراسة في كل خطوة يخطونها ويبصرونه وهو يلجأ إلى كل وسيلة ليعزل ذاكرتهم عن ذكرالله، وتتكشّف لهم حبائل إبليس الخبيث، قاتل الإنسان وعدوّ الخير.
قال القديس مرقس الناسك((إذا رأى الشيطان العقل مصلّياً من القلب هجم عليه بتجارب محمَّلة بالشر)). فهو يكره الناس كراهية ليس لها حد. وإذا رآهم يقبلون على الصلاة بغية أن يصيروا ملائكة ويسترجعوا ما كان لهم من منزلة قبل السقوط، إزداد حقده عليهم. وقد وصف القديس غريغوريوس أسقف نيصص حسد الشيطان للإنسان على تألهه فقال((إن ابتغينا نحن البشر القربى من الله يتحرّق الأبالسة حسداً وغيرة لأنهم سقطوا من قرابتهم للخير)). فكل ناسك يمكنه أن يحكي الكثير عن هذه الحرب التي يشنُّها الشيطان. وإذا رأى النساك الشيطان أشفقوا عليه.
سألتُ: أيشفقون عليه؟ أغفروا لي، يا أبتِ، لأني لا أستطيع أن أفهم كيف ولِمَ يشفق النساك على الشيطان.
- إنهم يشفقون عليه لما آلت إليه حاله، ولسقوطه. فقد خُلق لكي يخدم الله ويمجده. أما الآن فقد بلغ حداً يقف فيه معادياً لعمل الله ومحارباً الإنسان الذي أحبه الله كثيراً.