يصل الحبَّ الجسديّ إلى ذروته في الفعلِ الجنسيّ، حيث يجد لذته وتنعّمه بشكلٍ حسيّ؛ إنَّها أقصى قدرةٍ للجسدِ البشريّ على الحسَ والتذوّقَ، ومِن المسلّم به أنَّه ليس هناك أيُّ إحساسٍ مفهومٌ أكثرَ مِن هذا. وحيث إنَّ البُعدَ الذّي يثور ضد الحبِّ أكثرَ مِن غيره هو الإرادةُ الخاصةُ التّي تمُارس عملها في الجسدِ، فهي المنطقة التّي تتنكَّر للحبِّ أكثرَ مِن أي منطقةٍ أخرى في الإنسانِ، لذلك وبواسطةِ الجسدِ بالتَّحديدِ يعمل الحبُّ الزَّوجيّ ليقنعَ الإرادة بالقيامةِ التي تنبع عن تضحيةِ. وإنْ لم يكنْ هناك الفعلُ الجنسيّ الذّي يعمل على إظهارِ القيامةِ مِن خلالِ التَّضحيّةِ بالشَّهواتِ والأهواءِ الخاصةِ، وبالإرادةِ الخاصةِ، وبالمزاعمِ الخاصةِ، فلن يتمكَّن الإنسانُ مِن الدِّخولِ في الفصحِ، بل يظل دائماً مُنغلقاً على أنانيته؛ وسوف يتوقَّف هذا الإنسانُ عند عتبةِ الجمعةِ العظيمةِ، لأنَّه لا يمتلك أيَّ يقينٍ بأنَّه بَعد ذلك توجد القيامةُ. يكشف لنا الحبِّ الزَّوجيّ، وهذه اللذةِ -المقدسةِ الطَّاهرةِ- التّي تكلم عنها آباءُ الكنيسةِ، عن لاهوتٍ حقيقيّ لسرّ الزواج؛ وهو بُعد لاهوتي مُتمركزٍ حول تضحيّةِ المسيحِ وموته وقيامته.
ومِن وجهةِ نظرٍ أخرى، وهي مشوقةٌ أيضاً، نجد أنَّ تحليلاتَ المُحللين النفسيين في ما يتعلَّق بالفعلِ الجنسيّ تُظهر أنَّ الفعلَ الجنسيّ في حدِّ ذاته لا يقول شيئاً، ولا يملك أيَّ محتوى أو مضمونٍ خاصٍ؛ فالتَّفكيرُ بأنَّ الفعلَ الجنسيّ قد يملك في حدِّ ذاته وبشكلٍ آلي مضمونَ الاتحادٍ، وأنَّه يحمل بالتَّالي بشكلٍ آليّ إلى الاتحادِ بين الشَّخصين، وأنَّه يُنتج اتحاداً، هو ببساطة خداعٌ ووهمٌ؛ بل بالأحرى قد يكون الفعلُ الجنسيّ هو الخدعةُ أو الكذبةُ العُظمى، أي أنْ يكونَ مجردَ شكلٍ خارجيّ لمضمونٍ ليس له وجودٌ في الواقعِ: فيقول الشَّخصان أحدهما للآخر بأنَّه يحبه، ولا يكون ذلك صحيحاً بالمرةِ.