_____ توضيح سريع مختصر لكلام القديس هيلاري _____
القديس هيلاري (هذا العملاق المستنير المحب للمسيح المتضع والوديع القلب مثل سيده الذي يتبعه بصدق القلب وحرارة المحبة) يوضح هنا أن الألفاظ والكلمات التي تخطها الكنيسة ليست هي دعوتها ولا قصدها منذ بداية العصر الرسولي، لأنها تعيش أسرار الله بصمت في داخل القلب بمحبة لله في سر التقوى وخشوع الوداعة، وبسبب الأشرار المبتدعين الذين تبعوا عدو كل خير الذي يريد ان يبدد إيمان الكنيسة اضطرت ان تخرج عن صمتها وتتنازل لضعف الإنسان وتقنن الألفاظ وتنحت التعبيرات لتوضح معنى الإيمان، وهو شبه ذلك بالصعود للجبل الذي لا يُمكن الصعود إليه وبلوغ قمته، وهو هنا يلمح بإشارة واضحة لحلول الله على الجبل في العهد القديم اللي قال الله لموسى وأوصاه أن لا يقترب إليه أحد لأنه حل عليه بمجده، ولم يقرب إليه سوى موسى - حسب أمر الرب - الذي تسلق وصعد لحدود معينه ولم يجسر أن يرى وينظر ويعاين وجه الله بل نظر فقط بعد ما عبر الله أمامه وصار وجهه يلمع كالشمس...
فالكنيسة الأولى في عصر الرسل وإلى منتصف القرن الثاني لم تشرح العقيدة ولا قننت ألفاظها، فلم تقل ما هو الثالوث ولم تقل عنه شيئاً بالتفصيل ولم تتكلم عن التجسد وشرحته ولا عن أي شيء من أسرار الله، ولكنها اضطرت ذلك بسبب الأشرار فتسلقت ما لا يُمكن تسلقه وعبرت عن ما لا يُعبر عنه، لأن الله مطلق في كل شيء، وكيف للمحدود الزمني الضعيف يعبر عن الله الغير محدود ويقنن أسراره في صورة ألفاظ وكلمات !!!
لذلك يتحدث على أنه ارتكب خطية أعظم لأنه يعتبر نفسه أنه غير مستحق أن يعبر عن أسرار الله الغير مُعبَّر عنها، وهذا هو تواضع القلب الذي يضعه الروح القدس لكل من يتكلم عن أسرار الله، ومن هنا نرى علامة الروح في كل من كتب في التقليد وشرح الأسرار كعقيدة حقيقية تصدر من أنفاس الله أي كلمته ...