عرض مشاركة واحدة
قديم 20 - 07 - 2014, 11:24 AM   رقم المشاركة : ( 2 )
بنت معلم الاجيال Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 45
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 36
الـــــدولـــــــــــة : القاهرة
المشاركـــــــات : 58,440

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بنت معلم الاجيال غير متواجد حالياً

افتراضي رد: رحلة الى المرتفعات

الفصل الأول: دعوة الى المرتفعات
فى الليل يحل البكاء مز 5:30
هذه هى قصة " خوافة " وكيف هربت من اقاربها "عائلة الخوف" ، وذهبت مع رئيس الرعاة، حيث "المحبة الكاملة تطرح الخوف خارجا" 1يو 18:4
لسنين طويلة كانت خوافة تخدم رئيس الرعاة الذى كان له قطيع كبير يرعى فى "وادى المذلة"، حيث كانت تعيش فى كوخ ابيض صغير وهادئ فى "قرية الاضطراب"
كانت تحب عملها وتشتهى ان ترضى رئيس الرعاة، ولكن على قدر سعادتها كانت تشعر بإعاقتين تمنعانها من اتمام عملها على الوجه الاكمل ، مما ادى الى شعورها الخفى بالالم والخجل.
اول اعاقة كانت قدماها العرجاوان ... فكثيرا ما كانت تسقط على الارض اثناء تأدية عملها. اما الاعاقة الثانية فكانت فى فمها ، الذى كان مع قبح منظره يتلجلج ويتعثر كثيرا فى النطق والكلام.
وكانت هاتان العاقتان تثيران دهشة كل من عرف انها فى خدمة رئيس الرعاة .. ولذا كانت تتوق الى التخلص منهما ، وتصبح جميلة لبقة وقوية مثل كثير من خدام رئيس الرعاة، ولكنها كانت تخاف لانها كانت تظن انه لا نجاة من هاتين العاقتين .
هذا بالاضافة الى مشكلة اكبر ... وهى انها من "عائلة الخوف" . كان اقاربها منتشرين فى كل انحاء الوادى ، فلا امل فى التنصل او الفكاك منهم. فكيتيمة ، كانت قد تربت فى بيت عمتها "مدام متشائمة" ، وبنات عمتها "كئيبة" و "متذمرة" واخيهم "جبان" الذى كان دائما يضايقها ويضطهدها.
ومثل باقى العائلات التى كانت تعيش فى "وادى المذلة" كانت "عائلة الخوف" تكره رئيس الرعاة وتضايق خدامه ، فما بالك بالعار الذى لحق بهم بانضمام احدى افراد اسرتهم الى خدامه !! وعليها تحايلوا ما استطاعوا بالتهديد مرة وبالترغيب اخرى محاولين ارجاعها عن رأيها ، وهى صامتة ليس لها اى حيلة الا البكاء .
وفى يوم مشئوم وضعوها امام قرار العائلة الذى لا مفر منه وهو ان تتزوج ابن عمتها "جبان" وتستقر وسط اهلها والا .... !!؟؟
وفى صباح اليوم التالى ، عندما ارسلت الشمس اشعتها الذهبية على الكون وقت الشروق، تذكرت "خوافة" ان رئيس الرعاة سيكون بجانب غدير المياه خارج القرية ليسقى اغنامه. فقد كانت عادة خوافة ان تذهب الى هناك باكرا كل صباح، لتتعرف على رغباته، وتتلقى اوامره لذلك اليوم ثم تعود وقت الغروب لتخبره بكل ما حدث لها اثناء النهار.
لذا اسرعت خوافة لتقابله عند غدير "المناجاة" وكلها ثقة بأنه لن يتركها فريسة لاقاربها بل سيجد لها منفذ. وعندما وصلت وجدت رئيس الرعاة فى انتظارها .
" ماذا افعل يا سيدى ؟ كيف اهرب ؟!! اذا تزوجت جبان فسأظل اسيرة الى الابد .. " قالت خوافة هذا وهى تبكى ، بعد ما انتهت من سرد ما حدث لها طيلة اليوم .
" لا تخافى " هكذا طمأنها رئيس الرعاة : انت فى خدمتى ، واذا وثقت بى فلن يستطيعوا ان يرغموك على الزواج ابدا ولكن لا تدعى احد من اقاربك "عائلة الخوف" يدخل الى كوخك لانهم اعداء الملك الذى صرت انت خادمة له " .
خوافة : " اعرف ذلك جيدا ، ولكن كلما قابلت احد من اقاربى تخور قواى، ولا استطيع مقاومته. انهم منتشرون فى كل مكان فى الوادى فلا يوجد مفر من مقابلتهم، فيبدو اننى لن استطيع الخروج بمفردى ابداً "
قالت خوافة هذا ، ورفعت عينيها الى الجبال التى كانت تحيط بالوادى واكملت : " لو انى اقدر على الهروب من الوادى واذهب الى المرتفعات ؟! "
وحالما نطقت خوافة بهذا قال لها رئيس الرعاة:
" لقد انتظرت طويلا لاسمع منك هذا... سيكون فعلا افضل شئ ان تتركى الوادى وتذهبى الى المرتفعات ، وسأقودك الى هناك بنفسى ، ان هذه المرتفعات هى حدود مملكة ابى .. مملكة الحب .. حيث لا يوجد خوف من اى نوع .. حيث المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج"
نظرت اليه خوافة فى دهشة : " اذهب الى المرتفعات !!؟ واعيش هناك ؟!! يا ليتنى اقدر !! طوال الشهور الماضية وانا احلم بهذا ، ولكنه غير ممكن .. اننى عرجاء !!
احنت خوافة رأسها الى اسفل ، ونظرت الى قدميها ، فامتلأت عينها بالدموع ونفسها بالحزن، واكملت: هذه الجبال عالية وخطيرة ، لدرجة انه قيل لى ان الغزال والايل فقط تستطيع الصعود عليها "
رئيس الرعاة : " هذا صحيح .. الطريق الى المرتفعات صعب وخطير .. لابد ان يكون هكذا حتى لا يستطيع اعداء المحبة ان يتسلقوا ويدخلوا المملكة !! لانه لا يوجد شئ به عيب او نقص يستطيع ان يدخل مملكة المحبة.
ولكن يا خوافة اننى استطيع ان اجعل رجليك كالأيل واقيمك على المرتفعات. هناك تكونين معى دائما وبعيدة عن يد اعدائك .. وكم انا سعيد ان اعرف انك تتوقين الى الذهاب هناك.
خوافة : تجعل قدمى كالأيل !! ماذا عن فمى ؟ انت تقول لا شئ به عيب يستطيع ان يدخل مملكة المحبة .
رئيس الرعاة : لابد ان تتغيرى قبل الوصول للمرتفعات . ولكن اذا اردت الذهاب معى ، اعدك بجعل رجليك كالايل وفمك بلا عيب ، لانه توجد ينابيع مياه للشفاء بالقرب من المرتفعات ومن ينزل فيها تزول كل اوجاعه وكما يجب جعل رجليك كالايل ، يجب ايضا ان يتغير اسمك ، لانه من المستحيل " لخوافة " من "عائلة الخوف" ان تدخل الى مملكة الحب.
هل انت على استعداد لهذا التغيير الشامل يا خوافة ؟!!
اجابت خوافة بأمل : نعم ، انا مستعدة .
ابتسم رئيس الرعاة وقال بجدية : هناك شئ اخر ولكنه اهمهم .. يجب قبل ان تدخلى الى مملكة المحبة ان تكون المحبة مزهرة فى قلبك .. هل فى قلبك غرس الحب يا خوافة ؟
عندما قال رئيس الرعاة هذا ، ثبت نظره عليها كمن يفحصها ، وادركت خوافة انه يبحث فى قلبها عن غرس الحب .
لم تعرف خوافة بماذا تجيب ، اذ ادركت انه يعرفها اكثر من معرفتها لنفسها، نظرت اليه فرأت وكأن كيانها مكشوف امام عينيه .
بعد مدة قالت : " يبدو لى ان هناك حب بشرى ولكنه ليس كالحب الذى اراه فيك "
رئيس الرعاة : " اذن هل تدعيننى اغرس فيه بذرة الحب الان ، لتكون مستعدة للازهار وقت وصولك للمرتفعات؟"
تراجعت خوافة مرتعدة : " انا خائفة ... لقد قيل لى انك اذا احببت شخصا ما ، فإنك تعطيه مع الحب القدرة ان يجرحك ويؤلمك "
اجاب : هذا صحيح فالحب معناه ان تضع نفسك فى سلطان من تحب للنهاية .. وانت خائفة من ألم المحبة اليس كذلك ؟
" نعم " ... واحنت رأسها فى خجل
اجاب : " ولكن فى الحب سعادة . سعادة فى ان تحب بلا غرض . ودون مقابل "
" كم هو صبور على ؟!! " هكذا فكرت خوافة نفسها ، ثم قالت بصوت عال وبسرعة كمن هى خجلانة مما تقول : لكنى لن استطيع ان احب ، الا اذا تأكدت بأن محبتى ستقابل بالمثل، فهل اذا زرعت بذرة الحب فى قلبى تعدنى انى سُأحب كما احببت ؟ لانى لن اطيق غير ذلك !!
ابتسم رئيس الرعاة ابتسامة مملوءة رقة وعذوبة وقال : " نعم اعدك يا خوافة انه عندما يحين وقت ازهار الغرس وتغيير اسمك سُتحبين فى مقابل محبتك"
خوافة : " اذن من فضلك ، ازرع بذرة الحب فى قلبى الان "
اخرج الراعى شيئا من جعبته ووضعها فى راحة يده ثم مدها الى خوافة : هذه هى بذرة الحب
دنت خوافة لتنظر ، لكنها صرخت وتراجعت !!
قد كانت هناك فعلا بذرة ولكن على شكل شوكة طويلة وحادة.
كانت خوافة تلاحظ من قبل ان يد الراعى بها جراح فلاحظت الان ان الجرح الذى فى رسغ يده على نفس شكل الشوكة
" هذه البذرة .. ألن تؤلمنى عندما تزرعها فى قلبى ؟!! "
اجاب برقة : " انها حادة جدا لذا ستدخل بسرعة . ولكن ألم أقل لك ان الحب والالم متلازمين. اذا اردت الحب فلابد ان تذوقى الالم !!
تقدمت خوافة فجأة وكشفت قلبها وقالت:"من فضلك ازرع البذرة هنا" اضاء وجه رئيس الرعاة بالسعادة ، وقال بنبرة فرحة : " الان انت قادرة على الذهاب معى الى المرتفعات لتصيرى مواطنة فى مملكة الحب "
قال هذا وغرس الشوكة فى قلبها
وصدق قوله ، اذ بعد الالم شعرت بعذوبة وحلاوة ملأت كل كيانها
" ... ... " وسجدت عند قدميه
كم انت حلو .. كم انت صبور .. لا يوجد من هو مثلك فى كل الوجود .. سأذهب معك للجبال وكلى ثقة انك ستجعل رجلى كالايل وفمى بلا عيب وتقيمنى .. حتى انا "خوافة" على المرتفعات.
رئيس الرعاة : وانا ايضا سعيد بل اكثر سعادة منك سآخذك الى سفح الجبال بنفسى حتى لا يكون هناك خطورة من اعدائك. ولكن بعد ذلك سأتركك برفقة اثنتين متخصصتين لك يساندانك ويساعدانك على وعورة الجبال، حيث انك لن ترينى كل الوقت ولكنك متى طلبتنى فستجدينى ... اعدك بهذا
وتذكرى اننى اخترت رفيقتيك بدقة شديدة، حسبما ارى احتياجك، فهل ستقبلينها بفرح؟
نظر اليها رئيس الرعاة بشفقة، لانه كان يعرف صعوبة الطريق وضيقه وتعبه، ولكنه لم يقل لها هذا، بل قال : اذهبى الان الى بيتك واستعدى للرحيل... لا تأخذى شيئا .. فقط اتركى كل شئ فى مكانه، لا تقولى لاى شخص عن هذه الرحلة لانها رحلة سرية ويجب ان تكون فى الخفاء.
كونى مستعدة حتى حينما تسمعى صوتى يناديك تخرجى من منزلك وتتبعينى
وبعدما قال رئيس الرعاة هذا اخذ اغنامه وقادها الى الحظيرة
واما خوافة فرجعت الى منزلها والفرحة تملأ قلبها
وفيما هى سائرة فى طريق عودتها واذ "بجبان" يعترض طريقها .. !! مسكينة خوافة !! كانت قد نسيت للحظات وجود اقاربها، وها هى تلتقى بأشرهم . فزعت خوافة ونظرت حولها شمالا ويمينا فلم تجد مكانا يمكنها ان تهرب اليه . فتراجعت فى خوف ، وكان هذا سببا فى اعطائه شجاعة اكثر ليستمر فى الجرى خلفها حتى امسك بها . فصرخت ، عندئذ ظهر امامها رئيس الرعاة وفى يده عصا ما كاد ان يرفعها على "جبان" حتى لاذ بالفرار ، لا يعرف الى اين يتجه فقط يبغى الهرب من رئيس الرعاة .
انفجرت خوافة فى البكاء، فقد كان يجب ان تعرف ان "جبان" اسم على مسمى وانه كان يلزم فقط ان تنادى على رئيس الرعاة لتتخلص من قريبها هذا . كان الخجل يغطيها لانها رجعت الى طبيعتها القديمة، بعدما كانت تظن انها اوشكت على الخلاص منها.
لم تستطع ان تنظر الى رئيس الرعاة ، ولكنها لو فعلت هذا لرأت عينين كلها رأفة ورحمة لان رئيس الرعاة طويل الروح وكثير الرحمة.
لقد ظننت انه يحتقرها بسبب خوفها فتمتمت : " "
وذهبت تعرج نحو قريتها وهى تقول فى نفسها : " ما فائدة ان افكر فى الذهاب للمرتفعات وانا لا استطيع ؟!! ان اقل شئ يعترضنى كفيل بأن يرجعنى مرة ثانية "
شعرت خوافة بتحسن عندما وصلت الى منزلها واخذت تفكر فى احداث اليوم وتذكرت بذرة الحب المزروعة فى قلبها وعندها شعرت بنشوة وسعادة وتأملت فى محبته واخذت تعمل وتنظف الكوخ وهى تنشد : " اخبرنى يا من تحبه نفسى أين ترعى أين تربض عند الظهيرة" (نش 7:1) ثم نامت نوماً هادئاً .
  رد مع اقتباس