(3)
ظهر على ساحة الكنيسة فمٌ جهوري جديد يبشّر بقيامة الربِّ بجرأة وقدرة فائقتين؛ إستفانوس أحد الشمامسة السبع، الذي لم تستطِع أن تصمد أمامه ردود قادة اليهود وهو ما أدّى إلى ثورتهم عليه؛ «فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ، وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّا وَأَسِيَّا، يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ. وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ. حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَال يَقُولُونَ:‘إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللهِ’. وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ، فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ، وَأَقَامُوا شُهُودًا كَذَبَةً يَقُولُونَ:‘هذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ كَلاَّمًا تَجْدِيفًا ضِدَّ هذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ، لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هذَا سَيَنْقُضُ هذَا الْمَوْضِعَ(16)، وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى’. فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ، وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ» (أع6: 9-15). من المعروف أن مجامع اليهود كانت تعبيرًا عن أصولهم؛ فالسكندريين يُصلُّون معًا وكذلك القيروانيين.. إلخ، إلاّ أن مجمع الليبرتينيين له أهميّة خاصة في فهم موقف اليهود من إستفانوس. والمجمعσυναγωγή قد يُفهَم أنه مكان أو جماعة، ولعلّ الأخيرة أقرب إلى النصّ الذي كتبه القديس لوقا(17).
الليبرتينيين هي عن الكلمة اللاّتينيّة libertini وتعني المُحرَّرين، في إشارة إلى اليهود الذي أخذوا إلى روما كعبيد على يد بومبي Pompey 63 ق. م.، وهناك نالوا حرّيتهم فيما بعد وكوّنوا مستعمرة على نهر التيبر في روما(18)، وتمّ ترحيلهم من روما حسب مرسوم طيباريوس(19) عام 19 م. لقد كان هؤلاء هم الأشد عداءً لاستفانوس لأنّ ما يُبشِّر به يعني أنّ ما عانوا من أجله لم يكن يستحق؛ فالأمم سينالون ميراثًا كما اليهود؛ تلك الفكرة كانت تزعجهم حينما يستحضرون في أذهانهم الرومان الذين استعبدوهم ثمّ طردوهم، من هنا كان الصدام مع إستفانوس أكيدًا.