خامسًا : عدم دفن الميت يعتبر كارثة:
ما زال الشرقيون يرون كما كان الأمر في القديم أن أي تقصير أو نقص في إجراءات الدفن يعتبر مهانة كبيرة، أو غضبًا من الله على الميت، لذلك كان عدم دفن الميت يعتبر أكبر كارثة يمكن أن تحل بالإنسان. وقد أشار الكتاب المقدس إلى ذلك كثيرًا، فمن أعظم صور المهانة أن يترك جسد الميت مأكلًا للوحوش (2صم21: 10و11، 1مل13: 22، 14: 11، 16: 4، 21: 24، 2مل 9: 37، إرميا 7: 33، 8: 1و2، 22: 18و 19، حز29: 5، مز79: 3، رؤ11: 9). فالجثمان الذي لا يواري التراب، لا يعتبر عارًا للأسرة فحسب، بل يجلب لعنة على الأرض، فلابد من دفن جثة أي إنسان حتى لو لم يكن له من يدفنه، بل يجب دفن جثث المجرمين (تث21: 22و23).
أما الدفن في العهد الجديد فينظر إليه في ضوء رجاء القيامة، حيث ينظر إلى الموت باعتباره رقادًا (1تس4: 13). كما ينظر إلى الجسد نظرة احترام باعتباره هيكلًا للروح القدس(1كو6: 19)،وأنه سيُقام ثانية (اكو6: 13و14).كما يجب على المؤمنين ألا يحزنوا كالباقين الذين لا رجاء لهم (1تس4: 13).
كما يستخدم الدفن رمزيًا للدلالة على موت المؤمن ودفنه وقيامته مع المسيح كما تشير إلى ذلك المعمودية (رو6: 4و5)0
وقد كشف "سوكينك" (Sukenik) في 1945 عن قبر بين أورشليم وبيت لحم يرجع إلى نحو 50م، وجد به أحد عشر إناء بها عظام بشرية مكتوب عليها بالفحم علامة الصليب واسم شخص اسمه سمعان برسابا (و لا يوجد اسم برسابا إلا في أع 1: 23، 15: 22) وقد يكون هذا أول دليل عملي على وجود الجماعة المسيحية في أورشليم. كما اكتشفت مقبرة على جبل الزيتون في 1954 م. بها عدد من هذه الأواني، عليها اسماء وردت في العهد الجديد مثل يايرس وسالومة ومرثا ومريم وسمعان بن يونا. وقد رسم على أحد الأواني رسم دقيق للصليب، وعلى إناء آخر الحروف الثلاث “I.X.B.” (وهي اختصار "يسوع المسيح الملك"). كما توجد على القبور في سراديب روما المشهورة، نقوش تعبر عن إيمان الكنيسة الأولى.