وبالإضافة إلي هذا لا يجوز أن ننسى أنه إذا كان لوقا يذكر أن المعجزة حدثت على مقربة من أريحا ومتى ومرقس يقولون إنها حدثت عند خروجه من أريحا، فإن ذلك لا يعني الاختلاف في تحديد المكان، إذا علمنا أنه كانت توجد أريحا القديمة، وعلى مشارفها توجد أريحا الجديدة التي بناها الهيرودسيون، ومن الجائز أن لوقا يصف الواقعة مرتبطة بأريحا الجديدة، والآخران يذكران أريحا القديمة!! ومثل هذه القراءات المدققة تؤكد سلامة الرواية الكتابية ودقة الذين كتوبها، وليس العكس، على الطريق وفي مشارف المدينة حيث يجلس الفقراء والمنكوبون ليتلقوا الإحسان من الغادي والرائح جلس بارتيماوس الأعمى ابن تيماوس، ونحن لا نعلم كم عاش على هذا الأسلوب، لكنه يعطي صورة لكل إنسان يقف أو يجلس ليأخذ مكانه على قارعة الطريق الأبدي، ومهما يتسع به الحال أو يضيق، ومهما ترتبك ظروفه أو تعتدل، فهو أعمىيستعطي، كانت رسالة الله لبولس : لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور» (أع 26 : 18) وقد غنت شارلوت اليوت أعنيتها المعروفة : «كما أنا أعمى شقي وفقير» وكل إنسان بهذا المعنى أعمى يتخبط في الظلام، حتى ولو كان حاد البصر أريب الفكر في أمور الدنيا وأحوال العالم، وإلا فمن منا يعرف ما وراء النجوم أو بالأحرى من هو وراء النجوم، ألم ير عمر الخيام السماء كالطبق المقلوب دون أن يدرك الله الذي هو خلف كل الأشياء، وصانع الكل، بل من منا يستطيع أن يتحدث عن الغد. وما يأتي به، وما تلد الأيام والليالي من أحوال وأحداث