(3) الجيش في العصور التي أعقبت الفتح:
أستقر الإسرائيلون في أرض كنعان بعد عدة حروب خاضوها تحت قيادة يشوع، ولكن تم فتح معظم بلاد كنعان عن طريق شجاعة وإقدام رجال بعض الأسباط، فلقد كان الطريق أمامهم يستلزم كفاحا عسيرا. وقد استحث يشوع أقرباءه من سبطى أفرايم ومنسي أن يواصلوا تقدمهم، ولو أدى ذلك إلى مواجهة مركبات الكنعانيين الحربية، " فتطرد الكنعانيين لان لهم مركبات حديد لانهم اشداء" (يش 17: 18). وكان الدفاع عن الامة في باديء الامر أجباريا في إسرائيل، كل فرد حسب مكانته الاجتماعية، وهو النظام الذي كان متبعا في روما قديما، وقد اضعفت الغيرة القبلية بين الاسباط الشعور القومي وعاقت وحدتهم حالما استقروا في كنعان، فكان كل سبط يقوم بالدفاع عن نفسه، ولم تكن صفوفهم تتوحد الا امام ازمة بالغة. اول مرة ظهرت فيها وحدتهم الوطنية كانت عندما جمع باراق جيشه لمحاربة يابين ملك حاصور، الذي كان على راس جيشه سيسرا (قض 4: 5). وقد اثنت دبورة في نشيدها في ذلك اليوم فرحا بذلك النصر العظيم على رجال الاسباط الشمالية: زبولون ونفتالي ويساكر، كما على المحاربين من منسى وافرايم وبنيامين، لما اظهروه من بسالة، وانتصارهم على رجال وفرسان ومركبات سيسرا.
واجتمع الأسباط مرة أخرى " كرجل واحد.. من دان إلى بئر سبع مع أرض جلعاد" (قض 20: 1 ) لمعاقبة سبط بنيامين لتغاضيهم عن القباحة التي ارتكبت. وهزم رجال سبط بنيامين في هذه الحرب بالرغم من انهم استطاعوا جمع " ستة وعشرين الف رجل مخترطى السيف "، بالأضافة إلى سبع مائة رجل منتخبين، عسر، كل هؤلاء يرمون الحجر بالمقلاع على الشعرة ولا يخطئون" ( قض 20: 15 و16).