ليست   كل صلاة مقبولة أمام الله . فهناك صلوات رفضها ، مثل صلوات المرائين ،   وصلوات قساة القلوب الذين قال لهم " حين تبسطون أيديكم ، أستر عيني عنكم ،   وإن أكثرتم الصلاة ، لا أسمع . أيديكم ملآنة دماً " ( أش 1: 15 ) فما هي   صفات الصلاة المقبولة إذن ؟
بحيث   كل كلمة تقولها في الصلاة ، تكون فاهما لمعناها ، كل كلمة تقولها لها   عمقها عندك . كل كلمة في صلاتك ، يشترك فيها اللسان مع العقل ، والقلب ،   والمشاعر ، والجسد . يشترك فيها الإنسان كله . كما نقول في بعض صلواتنا "   قلبي ولساني ، يسبحان القدوس " . فالصلاة ليست مجرد كلام . بل لسانك يتحدث   ،وعقلك مركز في الكلام ومعانيه ، وتشترك بمشاعرك وكل قلبك ، وروحك تقود   العملية كلها ...
جسدك   يشترك بالركوع ، بالسجود ، بالخشوع ، برفع اليدين ، ورفع النظر إلي فوق .   وجمع الحواس ، فلا يتشتت السمع والبصر هنا وهناك ، ولاتتشتت الحركات ، بل   يكون الإنسان ثابتاً ، باحترام شديد في صلاته يعرف أمام من هو واقف . إن   الشاروبيم والسارافيم وهم يقفون أمام الله ، بجناحين يغطون وجوههم ،   وبجناحين يغطون أرجلهم ، من هيبة الله الذي يقفون أمامه ... فكم بالأولي   نحن ... إن الأب الكاهن في صلاة الصلح في القداس ، يمسك لفافة أمام وجهه ،   رمزاً لهيبة الله الذي هو يقف أمام عظمته .
فلا   يصح أن تتكلم مع الله ، وأفكارك شاردة في موضوعات أخري . بل حاول أن تجمع   أفكارك وتركزها في الصلاة . ويحسن أن تمهد لذلك بقراءة روحية أو بترتيلة  أو  تأمل . ولا تقف للصلاة وعقلك مشغول بشتي الموضوعات . البعض يغمض عينيه   أثناء الصلاة ، حتى لا ينشغل بصره بأمور تجلب له أفكاراً . المصلي الحقيقي   لا يحس بكل ما حواليه . هو مع الله فقط ، وحده ... كما أن الإنسان إذا  صلي  بفهم ، سيصلي حتما بتركيز وعمق . كما يقول داود " من الأعماق صرخت  إليك  يارب " ( مز130 : 1 ) . من عمق قلبي ، من عمق مشاعري ، من عمق  احتياجي ، من  عمق مشاكلي وسقطاتي أريد أن أرتفع إليك .
لأن   الإنسان يسكب نفسه أمام الله ، انظروا إلي حنة التي صارت اماً لصموئيل   النبي ، يقول الكتاب عنها إنها " صلت إلي الرب ، وبكت بكاءً ، ونذرت نذراً "   وإنها كانت تتكلم في قلبها ، وشفتاها فقط تتحركان ، وصوتها لا يسمع حتى  أن  عالي الكاهن ظنها سكري " ( 1صم 1: 10-13 ) . بكل عواطفها كانت تصلي ،  بكل  حرارة ، بنفس منسكبة أمام الله ... وما أجمل ما قيل عن إيليا النبي  أيضا  إنه " صلي صلاة " (يع 5 : 17 ) . ماذا تعني عبارة " صلي صلاة " ؟ ..  تعني  أنها ليست أي كلام . بل صلاة لها عمقها ولها حرارتها ...
يصلي صلاة ، أي يصلي بالمعني العميق لهذه الكلمة
فقد   يقف كاهن أمام المذبح ، وتشعر في أعماقك أنه يصلي . بينما يقول كاهن آخر   نفس القطعة من القداس ، فتلحظ أنه يتلو كلاماً ولا يصلي . وقد تسمع لحناً   واحداً من إثنين من المرتلين ، فتحس أن أحدهما يصلي ، أما الآخر فيقدم   نغمات وألحاناً بلا روح ، بلا صلاة ... هناك إنسان يزعم انه يصلي ، ولايصل   إلي السموات من صلاته شئ . بينما آخر يصلي ، فإذا واحد من الأربعة  والعشرين  كاهناً الذين تحدث عنهم سفر الرؤيا ، يأتي ومعه مجمرته الذهبية ،  فيحمل  فيها هذه الصلاة لتصعد كرائحة بخور أمام الله .. إنه صلي صلاة .  بعض  الملائكة في السماء يشتمون رائحة بخور زكية ، فيبحثون عن سببها ،  ويكون أن (  فلاناً ) قد وقف يصلي ... الصلاة بحرارة ، قد تظهر في ألفاظ  الصلاة أو في  قوتها ، أو في لهجتها ، وقد تظهر في دموع تصاحب الصلاة . أما  عبارة أن  الإنسان يسكب نفسه في الصلاة ، فلست أجد ألفاظاً في اللغة يمكن  أن تعبر  عنها ... أتركها لكم لتفهموها بأنفسكم . ولكن علي الأقل أقول إن  الإنسان  يعصر نفسه عصراً ، ويسكبها أمام الله ...
فمثلاً   إن صليت الصلاة الربية ، ووصلت إلي عبارة ليأت ملكوتك ، يمكن أن تدخل إلي   عمق مفهوم هذا الملكوت ، كأن يملك الله علي قلوب الناس وأفكارهم ، وعلي   أهدافهم ووسائلهم ...أوأن تتأمل ملكوت الله علي الأمم والشعوب والممالك إلى   لاتعرفه .. أو تسرح في الملكوت الأبدي في أورشليم السمائية .. وهكذا تجد   نفسك – في تأملاتك – وأنت داخل في عمق أعماق هذا الملكوت .
هناك   صفات أخري كثيرة للصلاة المقبولة ، كأن تكون صلاة بحب كما سبق أن قلنا ،   وكذلك صلاة بخشوع ، وصلاة بإيمان يؤمن المصلي أن الله سيستجيب صلاته ، أو   علي الأقل يؤمن أن الله سيعمل ما فيه الخير له ...1 - ينبغي أولاً أن نصلي بفهم :2 – وأيضا يشترك جسدك وتشترك حواسك في الصلاة :3 – وهكذا ينبغي أن تكون الصلاة أيضا بفكر مجتمع ، غير مشتت : 4 – مثل هذه الصلاة لابد أنها تكون بحرارة :5 – تصلي أيضا بتأمل ... 6 – صفات أخري كثيرة :