كيف عرفت سيرة الأنبا هرمينا السائح ؟
لم يكن القديس أبا لجماعة من الرهبان ولا رئيسا لدير، لكنه عاش حياته سائحا منقطعا عن العالم، إنه كأغلب السواح لا نعرف عنه إلا القليل إذ أن أغلبهم عاشوا سنوات طويلة لم يروا فيها وجه إنسان متنقلين من مكان إلى مكان، وقرب نياحتهم كان الرب يرسل إليهم من يكتب سيرتهم من أجل منفعتنا، فمثلا كتب الأنبا انطونيوس سيرة الأنبا بولا أول السواح، وكتب الأنبا بموا سيرة الأنبا كاراس السائح، وكتب الأنبا زوسيما القس سيرة القديسة مريم المصرية.
ما نعرفه عن القديسين نذر يسير لأنه ماذا تقدمه صفحات قليلة عن حياة دامت في السياحة لعشرات السنوات وخاصة أن قديسنا بدأ طريق الرهبنة في سن صغيرة جدا وفى فترة قصيرة وصل إلى درجة السياحة، وامتدت فترة سياحته إلى ما يقرب من ستين عاما.
ومع أن السنكسار القبطى لم يرد به ذكر لسيرة القديس الأنبا هرمينا السائح، لكنها كتبت في السنكسار المطبوع في بايس لناشره رينيه باسيه صفحة 371 – 374 تحت اليوم الثانى من شهر كيهك بالإضافة إلى كتابة هذه السيرة كاملة أو ملخصة في مصادر متعددة أشرنا إليها في نهاية هذا الموضوع.
وكاتب سيرة الأنبا هرمينا السائح هو القديس أباهور الأبرهتى من أبرحت أو أبرهت، وأبرهت هي مدينة قديمة أو منطقة عسكرية كانت تقع بالقرب من الشيخ عبادة ( مدينة أنصنا القديمة ) مركز ملوي، وقد جاءت سيرة القديس أباهور في السنكسار القبطى في يوم 2 كيهك حيث جاء عنه أنه كان راهبا مختارا فاق كثيرين من القديسين في عبادته وأحب العزلة وانفرد في البرية، ثم توجه إلى الإسكندرية وعاش بها مدة من الزمن، أقام خلالها طفلا من الموت، وخوفا من المجد الباطل هرب إلى البرية مرة أخرى وأقام في أحد الأديرة.
ويقص القديس أباهور كيف عرف سيرة الأنبا هرمينا السائح فيقول: إنه كان ساكنا في جبل أسفحت ( قرب مدينة طما بالصعيد ) في معبد منحوت في الصخر مع الأنبا يوحنا والأنبا يوساب، وبينما كانوا جالسين في المعبد يضفرون في قليل من السعف وإذا بإنسان نورانى وجهه يضىء كالشمس أضعافا مضاعفة وقف بهم فخافوا منه وسجدوا له فقال لهم لا تخافوا أنا هو يوحنا الإنجيلى تلميذ يسوع المسيح أبن الله الحي.
قوموا وامضوا إلى البرية الداخلية مقدار أثنتى عشر ميلا وسوف تجدون قديسا لله شجاعا متعبدا للرب يسوع المسيح، وصديقا بارا ممتلئا من الروح القدس اسمه الأنبا هرمينا صاحب القلنسوة لأن هذا هو اسمه الذي تسمى به من الله، فسأله القديس أباهور أسألك يا سيدي أن تعرفنى كيف كان دخول الأنبا هرمينا إلى البرية ومن الذي ألبسه شكل الرهبنة وكيف تعلم القيام والجلوس في البرية والقتال ضد الشياطين.فأعلمه القديس يوحنا الرسول بسيرته.
وها نحن نرى أن كاتب سيرة الأنبا هرمينا قديس شهد له السنكسار بأنه راهب مختار فاق كثيرين من القديسين في عبادته وأقام ميتا.ومع ذلك يشهد هذا القديس لقديسنا الأنبا هرمينا بقوله: "إنه المجاهد الشجاع الذي لم يبلغ أحد من أهل هذا العالم إلى وصف جهاده ولا إلى عظم عبادته"
ومما سمعه القديس أباهور من القديس يوحنا الرسول ومما عاينه بنفسه كتب سيرة الأنبا هرمينا السائح.