عرض مشاركة واحدة
قديم 13 - 05 - 2012, 05:58 AM   رقم المشاركة : ( 7 )
Magdy Monir
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Magdy Monir

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 12
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات : 51,017

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Magdy Monir غير متواجد حالياً

افتراضي

فى الطاحونة

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116


ذهبوا إلى البابا ليأذن لهم بالسفر، فصرح لهم وانصرفوا ولكن بقى القس مينا ملتمساً أمراً. فقال البابا: ماذا تريد؟
قال: "لقد عزمت بمشيئة الله أن أسكن فى الجبل الشرقى قريباً من دير الملاك القبلى فى طاحونة من طواحين الهواء ، منعزلة تصلح قلاية وقد وفقنى الله فىالحصول على ترخيص من مدير الآثار العربية بإيجار رمزى ، وأنى التمس التصريح بالإقامة فيها".
فقال له: "إن هذا الجبل مكمن للصوص، وإقامتك هناك فيها خطر على حياتك".
فأجاب قائلاً : "أن قلبى يحدثنى أنى سأنال نعمة التعزية فى هذا المكان، ومثله مثل مغارة وادى النطرون، لأنه بعيد عن العمران . فوافق البابا على طلبه".

انصرف القس مينا فرحاً، وذهب إلى مقره الجديد. وهو عبارة عن طاحونة مستديرة ارتفاعها ستة أمتار فى أقصى الجنوب الشرقى من الجبل، وتحتها واد سحيق.وأقام هناك أياماً مفترشاً الأرض ، وملتحفاً بالسماء وكان يبكر كل يوم أحد فى الذهاب إلى كنيسة الملاك القبلى ليحضرالتسبحة والقداس الإلهى وينصرف بعدالتوزيع مباشرة دون أن يحدث إنساناً . لاحظ ذلك القمص داود ، وحفظ الأمر فى نفسه حتى جاء مرقس بك فهمى ليصلى فى الدير، فلمح القس مينا بالكنيسة ،ولكنه لم يره بعد الصلاة ، فسأل القمص داود عنه، فقال: لابد أن نعلم أين يقيم، وكيف يعيش. وفى الأحد التالى استدعى القمص داود أحد أبنائه بالكنيسة، وقال لهاتبع القس مينا أينما ذهب لنعلم أين يقيم. فتبعه ذاك من بعيد دون أن يلمحه ، ورآه يقيم فى طاحونة لا سقف لها، ولا باب . وعاد واخبر بما رأى. فاتصل القمصداود بمرقس بك وأعلمه الأمر. فذهب إليه مع يعقوب بك مكارى المفتش فى "وزارة المعارف" والقمص يوحنا شنوده، فوجدوه جالساً على الأرض يسند ظهره إلىالحائط يقرأ فى كتاب الشيخ الروحانى. فاندهشوا ، وعتبوا عليه كثيراً لما رأوه على هذا الحال، فأجابهم : "ومن أنا ، ما أنا إلا دودة لا إنسان، وياليت الرب يعيننىلأتشبه بأولئك الأبرار الذين تاهوا فى البرارى، والجبال محبة فى اسم المسيح". وجلسوا معه أرضاً مدة ، ورجعوا يمجدون الله، وقلوبهم ممتلئة جنواً، وشفقة علىذلك الراهب المسكين الذى اختار هذا الطريق الصعب. وفى اليوم التالى حضروا الرجال وعملوا للطاحونة سقفاً وباباً وجعلوها دورين: الأول لإقامة الراهب مينا،والثانى ليكون هيكلاً. وهيأ الله له شماساً عجوزاً يدعى المقدس مليكة كان يطلع الجبل يومياً الساعة الثانية صباحاً صيفاً وشتاءاً دون إهمال.

ومضى وقت حتى أصبحت الطاحونة مكاناً منسقاً جميلاً. وعمل مذبحاً من الخشب. وابتدأ بأول قداس حضره القمص يوحنا شنودة الذى ساهم فى احتياجات الهيكل،والقمص داود الذى زوده بالقربان. ومرقس بك فهمى، ويعقوب بك مكارى، وفرح الجميع فرحاً ليس بقليل.
وبعد ذلك عرفه الناس وذاع صيته ، وابتدأوا يتوافدون عليه من أنحاء متفرقة من البلاد لما رأوا استجابة الله لصلواته والمعجزات التى تمت ببركة دعواته فحددمواعيداً محددة يفتح فيها باب قلايته، وفى غيرها ما كان يقابل أحداً. ولما زاد عدد قاصديه اكثر فأكثر اضطر تحت ضغط الرجاء أن ينظم أوقات القداسات اليوميةليتمكن أكبر عدد ممكن من نوال البركة.


قصة استئجار الطاحونة
أما كيف استأجر الطاحونة .. فهو أمر تبدى فيه تدخل العناية الإلهية .
كان الراهب مينا أثناء وجوده مع الرهبان بمصر القديمة بعد أن يقوم بخدمتهم اليومية يصعد الجبل المبنى عند سفحه دير الملاك ميخائل، يتجول ويمضى وقتاًللعبادة. فصادفه خفير الآثار هناك يتأمل الطواحين، ويتنقل من واحدة إلى أخرى. فسأله عن خبره، فقال له: "أريد الإقامة فى هذا الجبل فى إحدى هذه الطواحين"فقل أن المكان منطقة آثار ومحظور على أى إنسان الإقامة فيه، إلا إذا حصل على تصريح بذلك من مدير الآثار العربية ، وإنه لم يسبق لإنسان أن حصل على مثلهذا التصريح" فسأله: وأين إدارة ا؟لآثار هذه ومن هو مديرها؟ فعرفه عنوانها واسم مديرها فتذكر ذلك الاسم وأنه هو الذى زاره فى سنة 1933 بالمغارة بوادىالنطرون.

فتوجه إلى دار الآثار العربية ، ودنى من ساعى مكتب المدير، وسأله عنه، فظنه يطلب مساعدة، فقال له: "يا عم اقعد هنا جنبى لما يخرج يمكن ربنا يحنن قلبهعليك" فجلس برهة وتجاذب معه الحديث فارتاح الساعى إليه وطمأنه أن سيساعده فى مقابلة المدير عند خروجه من مكتبه، ولكن القس مينا أقنعه بأن يدخل له،ويخبره بأن العابد الذى زاره مع الباحث الأمريكى بالمغارة بوادى النطرون يرغب فى مقابلته. ذهب الساعى وأخبر المدير بذلك، فقال لفوره وخرج لمقابلة القسمينا، وعانقه وأخذ بيده ليدخله مكتبه. وقص على إخوانه الذين كانوا فى مكتبه حكايته العجيبة ، وطلب منه أن ينزل داره ضيفاً كريماً، فشكره، وقال له : "لى عندكأمر أرجو أن تساعدنى فيه"، وعرض عليه الأمر. وما أن أتم كلامه حتى طلب سكرتيره، وأمره أن يحرر عقد إيجار الطاحونة التى حددها القس مينا، ودفع منجيبه الإيجار لمدة طويله، ونبه مفتش آثار المنطقة أن يزوره فى الجبل ويعطى أمراً لخفير الآثار أن يرعاه، ويقضى له كل احتياجاته . فشكره القس مينا علىحسن صنيعه، وانصرف مسبحاً الله.


زيارة للمتنيح القس إبراهيم لوقا
قصده يوماً أحد الكهنة كان شريكاً للمتنيح القمص إبراهيم لوقا فى الخدمة بكنيسة مارمرقس بمصر الجديدة ، وقال له: "يا أبى أن القمص إبراهيم لوقا يود أن تزورهفى بيته وتصلى له" فقال له: "أن أبانا القمص إبراهيم لوقا رجل عظيم، ومن أنا الحقير الذى يطلب منى أن أصلى له" ولكن بعد رجاء حار قبل أن يزوره فى منزلهبمصر الجديدة، فطلب منه الكاهن أن ينتظره عند باب دير الملاك القبلى، لأنه سيحضر فى الغد فى الساعة السابعة صباحاً بالسيارة ليتوجه معه إلى المنزل فتظاهرالقس مينا بالقبول، وسأله عن عنوان منزل القمص إبراهيم لوقا، وقال له : "الله يدبر وفى الساعة السابعة صباحاً كان رجل طويل القامة يلبس زعبوطاً ، وعلىرأسه شال أسود وبيده عصا، يقرع منزل القمص إبراهيم لوقا، ولما دخل حيث يرقد قبل يده وقال له: "يا أبى جئت لنوال بركتك" . فقال له: "بل أنا الذى التمسبركتك ، وبرجاء الإيمان أطلب منك أن تصلى لأجلى وتمسحنى بالزيت كقول الرسول" فصلى له القس مينا ، ودهنه بالزيت ، ثم انصرف مسرعاً غير مستجيبلتوسلات أحد بالبقاء بعض الوقت، وكان القمص إبراهيم يأمل أن يبقى لكرمه ويعيده بسيارته إلى مكانه. وكتب الله سلامة القمص إبراهيم لوقا ، وصار يتحدثبهذه الأعجوبة ووطد العزم أن يزوره فى الجبل ليشكره، ولكن هذه الزيارة تأجلت إلى حين.


نــــــــــبوءة
لما تنيح الأنبا يؤانس حزن القس مينا كثيراً ، وداوم على عمل ترحيم يومى له مدة أربعين يوماً، وفى تمامها كان نائماً فى الظهيرة ورأى إذ الأنبا يؤانس يأتى إليه،فاستغرب القس مينا صعوده الجبل وتحمله المشقة. ولما تقدم إليه وقال له: "أنظر يا أبونا مينا عصا الرعاية انكسرت منى أثناء صعودى الجبل فأنا حزين عليها جداً
" فقال له : "يتفضل سيدنا ويتركها لى قليلاً فأعطاها له فأصلحها وأعادها له ، ففرح بها كثيراً وتأملها بإمعان ، ثم قال : " خذها يا أبونا مينا قد وهبتها لك" فتسلمهامن يده فرحاً، واستيقظ من النوم متفكراً فى هذه الرؤية، وفى العصا والحديث الذى جرى.


تعمير دير الأنبا صموئيل
مرت الأيام، وكان الأنبا يوساب مطران جرجا قائم مقام البابا، وعرض عليه المتنيج الأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف أمر دير الأنبا صموئيل، لأنه تحترعايته، وطلب الموافقة على تعيين القس مينا البراموسى رئيساً للدير كى يرعاه، ويهتم برهبانه ويدبر لهم احتياجاتهم ، لأنه دير ليست له أطيان أو عقارات، فوافقالأنبا يوساب على ذلك فكلف الأنبا أثناسيوس القس مينا القيام بهذه المهمة مرغماً، لأنه لا يريد أن يهجر قلايته. ثم سافر إلى الدير فى بلدة الزورة مركز مغاغة ،فوجد أن موقعه حسن لأنه على ترعة الإبراهيمية ولكنه مبنى باللبن (الطوب النى) ، والكنيسة قديمة وآيلة للسقوط ، ففكر فى إعادة بنائها فوراً ، وإقامة مركزللدير. وجاء إلى القاهرة وقابل كثيرين من محبيه وخاصة الابن المبارك حنا نسيم، وأظهر لهم رغبته ، وطلب منهم معاونته لتحقيقها . وفى الحال نظموا العمل فيهابينهم، وتم شحن صندلين كبيرين بالحديد والأسمنت والفحم الحجرى لحرق الطوب.

وصلت الأدوات وخزنها لحين البدء فى العمل، وفرح أهالى الزورة وأهالى دير الجرنوس بما رأوا والتفوا حول القس مينا ليساعدوه. فابتدأ بضرب الطوبوحريقه، وأزال الأنقاض وحفر الأساسات، وصب الأعمدة وأتم سقف الكنيسة وأقام مسكناً من طابقين. وصار العمل مثار حديث المنطقة كلها وأقبل الكثيرونيعضدونه ، ويقدمون له المعونة.
ولم يمض وقت طويل حتى صارت الكنيسة معدة للصلاة ، والمسكن جاهز للسكنى، ولما تم كل شئ حضر الأنبا أثناسيوس لتدشين الكنيسة وافتتحها باحتفال كبيرشهدته جموع كثيرة من كل المناطق المجاورة . وأقام قداساً حبرياً منح فيه القس مينا رتبة الإيغومانس (قمص).


دير الأنبا صموئيل بجبل القلمون
استقرت الأمور وابتدأ يفكر فى دير جبل القلمون الذى يبعد سبع ساعات عن الزورة. فأحاط الأهالى علماً بعزمه على زيارة الدير، فبادروا إلى تقديم العطايا وتجمعلديه الكثير من المؤن : كالقمح والعسل والجبن، وتحركت قافلة من سبعة جمال، ولما وصل الدير فرح الرهبان، ودقوا أجراس الكنيسة وأقام هناك أياماً ، عاينالدير ومبانيه وعمل ترتيب الترميم والبناء وتقدم المؤمنون من مديريتى الفيوم والمنيا بالمساعدات والمعونة. وتم ترميم مبانى الدير وتجديد الكنيسة ورتب وصولقافلة من الزورة للدير مرة كل خمسة عشر يوماً تحمل للرهبان احتياجاتهم. فازدهر الدير، ورجع إليه رهبانه الذين هجروه بسبب إهمال أمرهم فيما مضى.

لما اطمأن القمص مينا على استقرار أمور الدير ونجاح مهمته، ترك وكيلاً له بالزورة: القس مينا الصموئيلى الذى تربى فى كنف القمص مينا زمناً طويلاً بمصرالقديمة وقد منحه الأنبا أثناسيوس رتبة قس بمناسبة افتتاح الكنيسة ومقر الدير بالزورة.

موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
  رد مع اقتباس