الموضوع
:
موضوع متكامل عن حياة ومعجزات البابا كيرلس السادس بطريرك الكرازة المرقسية الـــــ 116
عرض مشاركة واحدة
13 - 05 - 2012, 05:16 AM
رقم المشاركة : (
2
)
Magdy Monir
..::| VIP |::..
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة :
12
تـاريخ التسجيـل :
May 2012
العــــــــمـــــــــر :
58
الـــــدولـــــــــــة :
المشاركـــــــات :
51,017
الجزء الأول:
من الطفولة إلى الرسامة (من عام 1902م إلى عام 1959م)
بقلم: حنا يوسف عطا - شقيق قداسة الباب
المدرسة الأولى
ينتمى البابا إلى عائلة زيكى التى نزحت من الزوك الغربية فى صعيد مصر فى أواخر عهد المماليك، إلى بلدة طوخ النصارى بالمنوفية . وكان والداه "يوسف"شماساً مشهوداً له بحسن السيرة وجمال الصوت والخط. وكان يحلو له أن يقضى وقت فراغه فى رحاب البيعة ، ليعلم الشمامسة الصغار الألحان والكتابة والحساب،أو يقوم بنسخ الكتب بخطه الجميل.. وكان متمسكاً بتعاليم الكنيسة مواظباً على الصلاة حريصاً على الأصوام. والمتعة العائلية سهرة يلتف فيها الأبناء حول والدهميقرأ لهم فى الكتاب المقدس ويقص عليهم سير القديسين. والأم مثالية فى معاملة أبنائها حريصة على أن تؤلف فى قلوبهم وتنمى محبتهم لبعض. وقلما تعاقبأحدهم. وكانت سير القديسين حلوة فى أفواههم ، وصورهم التى تملأ أركان البيت ، ماثلة أمام عيونهم ، فيقدسونهم ويحفظون مواعيد أعيادهم ويحتفلون بها ، إمابكنائسهم أو بالمنزل. ويحرصون على زيارة كنيسة العذراء ببلدتهم طوخ النصارى فى 21 بؤونة من كل سنة ، وبكنيستها ببلدى العطف بالبحيرة فى 15 مسرىوكذا عيد الشهيد العظيم مارجرجس. أما عيد الشهيد مارمينا العجايبى فكان له أثر عميق فى نفوسهم وأحب الأعياد إلى قلب عازر. يذهبون سنوياً لبلدة أبيارغربية فى عيده، ويمكثون بالدير أسبوعياً. وقد انطبعت هذه الأمور على قلب عازر، وتركت أحسن الأثر فى نفسه.
عمل الوالد لدى أحد كبار الملاك وكيلاً عاماً لجميع أعماله بالغربية والمنوفية والبحيرة ، وازدهرت على يديه تجارة هذا الرجل وفلاحته، فأحبه وأجله.
وأستقر فى مدينة دمنهور، وأنجب ثلاثة أبناء : حنا ثم عازر (البابا كيرلس السادس) فى 2 أغسطس سنة 1902، وميخائيل (القمص ميخائيل). وجعل من بيتهمحطة رحال الكثيرين خاصة الرهبان الذين كان يطيب لهم الإقامة به لما يلاقون من كرم الوفادة.
إنه من نصيبنا
كان من بين المترددين شيخ متقدم فى الأيام ، كلت عيناه كبر سنه، يدعى القمص تادرس البراموسى، وكان يطوف البلاد مع قائد له يدعى ساويرس ليجمع عوائدالدير السنوية ممن اعتادوا ان يقدموها. وكان عازر وهو لم يتجاوز الرابعة من عمره يأنس بهذا الراهب، ويرتاح لبهاء طلعته وجمال لحيته البضاء، ويمضى كلأوقاته يمرح بجواره. وفى ليلة نام على ركبتيه فجاءت والدته تعتذر للراهب ، وتحمل الصبى عنه فقال لها دعيه لأنه من نصيبنا. وقد كان ، فصار عازر حقاً منيومها من نصيبهم، فكان لا يحلو له أن يلبس بدلة جديدة إلا إذا لبس فوقها مريلة من القماش الأسود اللامع، مثل التى يلبسها أبونا تادرس. وقد أحزن هذا الإصرارالشديد والديه فى بادئ الأمر ، ولكنهما سلما فى النهاية بالأمر الواقع.
نعم لقد صار من نصيبهم. أذكر أن عازر كان يحتج على والديه عندما يرى المائدة ممدودة وعليها عديد من أنواع الطعام. كان يقول: لماذا نأكل نحن هذه الأطعمة،والآخرون يأكلون الخبز الجاف؟ . وحدث فى يوم رفاع الصوم الكبير ، أن ازدحمت المائدة بأطايب الطعام ، فثار عازر وقال لأمه أمام أبيه: "إننا نأكل كل يوم منهذا الطعام الفاخر ، وبجوارنا عائلة "الكردى" (رجل تركى أقعده الكبر يعيش عيشة الكفاف مع عائلته) فقيرة محتاجة، ألا يحسن إهداء هذا الطعام لهم من أجلالمسيح الذى سنصوم له باكراً، ونكتفى نحن بوجبة متواضعة". انشرح قلب والديه لهذا الشعور النبيل. وعندما ذهبوا إلى عائلة الكردى بالطعام ، استقبلتهم بالدهشةوالاستفسار، ولما علموا أن صاحب هذه الفكرة هو عازر قبلوه ودعوا له.
نعم لقد صار من نصيبهم: كان بالبلدة كتاب لفقيه ظريف يدعى الشيخ أحمد علوش، زار عائلة عاززر، واقترح على والده أن يرسله أثناء عطلة الدراسة للكتاب.فوافق والده على ذلك ، وواظب عازر على الكتاب، ووجد فيه متعة جميلة، إذ اقترح الفقيه عليه يوماً أن يحضر معه "إنجيلاً" ليدرس فيه، فأعطاه أبوه إنجيل يوحنامكتوباً بحروف كبيرة. وكم دهش الجميع فقد حفظ عازر والفقيه إنجيل يوحنا.
***
انتقلت أسرة عازر إلى الإسكندرية حيث عمل والده وكيلاً لدائرة "أحمد يحيى باشا" والد "أمين يحيى باشا" و "عبد الفتاح يحيى باشا"رئيس وزراء سابق . وكانتالدائرة مركزاً من مراكز الحركة الوطنية ، ومقراً لرجال الوفد بالإسكندرية . وكان لعازر دور فى هذا الميدان ، أظهر فيه حبه لوطنه وتفانيه فى خدمته.
بعد إتمام عازر دراسته الثانوية التحق بشركة "كوكس شيبنج للملاحة"، وكان رئيسة المباشر رجلاً لبانياً، صديقاً حميماً اسمه "الفريد فاضل" كان يعمل إلى وقتقريب مديراً بشركة مصر للسياحة . وكان المدير العام استرالياً. متشدداً فى معاملته للموظفين ، فخافوه وتجنبوا مقابلته، وكان هو يعلم ذلك ، وكان يقف أحياناً فىالصباح على رأس السلم فى مواجهة الباب العمومى (مبنى البنك الأهلى بشارع صلاح سالم الآن) وذلك مراقبة حضور الموظفين.
وكانت أعمال عازر تبدأ الساعة التاسعة صباحاً ، فكان يمر على الكنيسة المرقسية كل صباح قبل ذهابه للعمل، وتصادف دخوله يوماً، فوجد المدير العام واقفاً علىالسلم ، فصعد وحياه، فسأله عن سبب تأخره فى الحضور فعرفه أن عمله يبدأ الساعة التاسعة كل يوم ، وتركه وشأنه. فقال المدير لرئيسه المباشر: إن هذا الشابعلمنى كيف أحترمه ، وأعجبنى فيه رباطة جاشه، وحسن تصرفه ، ولم يتجنب مقابلتى كما يفعل زملاؤه.
أمانته
كلف يوماً أن يشرف على الإجراءات الجمركية الخاصة بحاجيات أحد كبار القواد الإنجليز العائد إلى بلده. وفوجئ عازر عند فتح حقائب القائد فى صالة التفتيش،بوجود حافظة نقود القائد فى طيات ملابسه، فسلمها له المفتش وكان يدعى "إبراهيم يوسف" بعد أن حرزها، وبعد ذلك عاد عازر إلى الشركة وطمأن المدير العامعلى إنهاء الإجراءات، وسلمه حافظة النقود وأختامها سليمة، وكان القائد يجلس إلى جوار المدير فانفرجت أسارير وجهه، وأخذها منه شاكراً ، وقدم له مائة جنيهإسترلينى مكافأة له على أمانته فرفض بأدب رغم إلحاحهما عليه بشدة، ثم حياهما وانصرف.
وفى صبح اليوم التالى زف إليه رئيسه المباشر بشرى صدور قرار بزيادة مرتبه عشرة جنيهات دفعة واحدة. وكان لهذا القرار صدى كبيراً بين زملائه، إذ لم يمضعلى منح العلاوات الدورية سوى شهور قلائل.
وهكذا تدرج عازر فى عمله ، محوطاً بالتقدير والثقة من الجميع وأصبح يتقاضى مرتباً كبيراً يحسده عليه أقرانه.
الاستعداد للرهبنة
كان حبه لله واضحاً فى سلوكه فى هذه الفترة من عمره فقد كان:
* يقضى وقت فراغه فى الكنيسة مواظباً على حضور القداسات والصلوات.
* يمضى الليل فى حجرته ساهراً يقرأ الكتب المقدسة ، أو يصلى.
* يبغض المزاح : فكان يستاء عندما يجد أفراد أسرته يضيعون وقتهم فى سمر ومزاح. وما كان يتركهم فى مزاحهم إلا بعض الوقت ثم يعود إليهم ويقول بوجهباسم : ملأتم الهواء كلاماً. ويحول الجلسة إلى تأمل فى تعاليم الله ، ويخرجون منها بالكثير من الفوائد.
* يمنع أهل منزله من دخول حجرته أو معرفة محتوياتها إذ كان يعتبر حياته فيها تدريب على حياة القلالى والوحدة.
سارت أموره فى هذا الطريق ، ولم يدرك أحد أنه يعد العدة لحياة جديدة أفضل. وفى غفلة منا جميعاً كان قد جهز ملابس الرهبنة ، واللوازم الأخرى التى سيحتاجإليها فى حياته الجديدة.
الاستقالة
فوجئت يوماً بمحادثة تليفونية يطالبنى فيها محدثى بالحضور لمقابلة مدير عام الشركة التى يعمل بها عازر، فأثار هذا الطلب مخاوفى إذ أن فى عهدة شقيقى أموالاًطائلة تصل أحياناً إلى آلاف الجنيهات لتصريف الأعمال اليومية الخاصة بالشركة. ولكن محدثى - وهو رجل صديق- طمأننى على ذلك . وتوجهت لمقابلة المديرالعام الذى فاجأنى بخبر غريب، أن عازر قدم له استقالته وأنها جاءت فى عبارة موجزة :
"بما أن لدى أعمال هامة لا يسعنى أن أتخلى عنها ، فلذلك أقدم استقالتى من العمل، وأرجو أن يتم قبولها حتى نهاية يونيو 1927".
سألنى المدير : " أى عمل هذا الذى فضله عازر على عمله هنا، وعلى مركزه الممتاز". فأكدت له جهلى بأمر هذه الاستقالة ووعدته باستطلاع الأمر.
وعند المساء- وفى جلسة عائلية - سألنا عازر عن سر هذه الاستقالة فقال: "أيهما أفضل حياة البر والقداسة والسعادة الحقة، أم حياة الشقاء والكد والتعب فيما لاينفع . وماذا يفيد الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه ، أو ماذا يعطى فداء نفسه".
أشعلت هذه الكلمات نار حرب لا هوادة فيها. تضافر الأهل والأقارب والأصدقاء لاقتلاع هذه الفكرة من قلبه ناصحين إياه بالحرص على ما وهبه الله من توفيق.ولكنهم لم يفلحوا، وانتصر هو على إغرائهم ونصحهم وإشفاقهم. وحالفه التوفيق فى كل خطواته حتى تم له ما أراد ، وأصبح راهباً بدير البراموس، ولدخوله الديروانتظامه فى سلك الرهبنة قصة أخرى.
التعديل الأخير تم بواسطة Magdy Monir ; 13 - 05 - 2012 الساعة
06:01 AM
الأوسمة والجوائز لـ »
Magdy Monir
الأوسمة والجوائز
لا توجد أوسمة
بينات الاتصال لـ »
Magdy Monir
بينات الاتصال
لا توجد بينات للاتصال
اخر مواضيع »
Magdy Monir
المواضيع
لا توجد مواضيع
Magdy Monir
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى Magdy Monir
البحث عن كل مشاركات Magdy Monir