القسم الثاني: وصف دقيق للشرير وحيله الماكرة وأفكار قلبه المتكبّر المتعجرف. (2- 11)
2- فيحترق البائس بطغيان المنافق، ويستولى عليه بالمكائد التي اخترعوها:
أو في ترجمة أخرى الشرير يتباهى، ويظلم المسكين، فيؤخد بما دبر من مكائد، وكلا هما يعني أن وقوف الله بعيدا وتأخره في التدخل واحتجابه وعدم مبادرته لخلاص أصفياءه، يجعل من هؤلاء المساكين وقودا للحريق كما تحرق في النار الأشياء التي لا قيمة ولا ثمن ولا نفع منها ولا جدوى.فيحترقون هباء ويذوبون كالشمع وكفريسة لا منقذ لها.
v طغيان المنافق:
الطغيان هو اعتياد الظلم والبغي والعدوان واعتماد ذلك كوسيلة لتحقيق الأغراض دون النظر إلى الضحية البائسة الضعيفة التي لا سند ولا عون لها ولا قوة في ذاتها تستطيع بها أن ترد عن نفسها سطوة الباغي وعدوانه. فالمنافق الشرير هنا لم يشعر بوجود الله بجانبالصديق فطغي واستبد وتفنن في اضطهاد البار والإيقاع به فيما يدبر من حيل ومؤامرات ومكائد ظاناً أن الله غير موجود البتة وهذا باطل بالطبع، فالله موجود دوماً حتى لو ظل محتجباً عن أعين الصديق ومحجوباً عن أعين الشرير.
v فيؤخذ بما دبر من مكائد:
وهذا السلوك الشائن المستبد وإن دل على قوة بطش ومبادرة إلى الشر والعدوان، فإنه ليس دليلا على الذكاء والوعي، فهو بهذا السلوك يضع ذاته في موضع التهلكة، لأنه انخدع بمظاهر الضعف ولم يحسب جيداً قوة خصمه الخفية وأن هناك يد ترعاه وعين تسهر عليه وإله غير منظور ينتقم له من قوى الشر المتكبرة الباغية التي تسحقه وتجور عليه.
3 – الشرير يتهلل بشهوات نفسه، ويتفاءل بالربح ويستهين بالرب:
وهكذا فالشرير فرح مسرور يتهلل بما حقق ويحقق من نجاح وما نال وسينال من إشباع وقتي ومباشر لشهواته وأهواءه، لقد سحق البائس والمسكين بذراعه واستخدمهما وقودا لإشباع شهواته وتمكن من ذلك تماما.ً لذلك فهو سعيد متفاءل وواثق من النصر.
v ويستهين بالرب:
يشعر أنه باستطاعته أن يعيد الكرة متى شاء فالله محجوب عن عينيه وغير مبادر إلى النجدة والإنقاذ. الغريب هنا أن شر المنافق لا يتوقف على إيذاء إخوته من البشر المساكين، بل نراه يؤذي الشرير ذاته إذ يتضخم أمام نفسه ويظن أنه كلي القدرة بحيث لا يستطيع أحد الوقوف أمامه، وبدلا من أن يداري شهواته ويخجل منها، كما يفعل الصديقون إذ يندمون ويتوبون، نراه يستعرضها ويتباهى بها بل ويجدف على الله مستهينا بوجوده وبقدرته على التدخل أو الرد.