1-الرموز
في زمن الأزمات والإضطهادات، كانت المراسلات تتمّ بطريقة مبطّنة ومشفّرة، يفهمها المرسَل إليه دون سواه. لذا تكثر فيها الإستعارات والتشابيه والتلميحات، فكلّ شيء مستعار: إسم الكاتب، المكان، الزمان، الألوان،... ولكلّ استعارة رموزها وتفاسيرها. فالتنّين ذو الرؤوس العشرة يرمز مثلاً إلى الإمبراطوريّة الرومانيّة التي "تأكل رؤوس الشعب" وعلى رأسها 10 ملوك...
وهذه الرموز هي بمثابة مفاتيح قراءة، ما ان نفكّها حتى تنجلي أمامنا رسالة الخلاص والرجاء التي أرادها الكاتب. رموز أُخِذت من الحضارة الفارسيّة والديانة الهندوسية والأساطير اليونانية فجرّدت من معناها الوثني ووُضعت في إطار كتابي، بيبليّ، خلاصيّ، مجسَّد.
2- الأسماء المستعارة ((Pseudonymes
عرف سفر الرؤيا باسم رؤيا يوحنا، على أنّ الاسم نفسه قد يكون مستعاراً. فاسم "يوحنّا" قد يدلّ مثلاً على المدرسة اليوحانويّة بذاتها، أم أنّ صاحبه ابتغى من خلاله نسب هذا الكتاب الى اسم معروف يكسبه المصداقيّة والانتشار.
3- الأزمنة المستعارة
سفر دانيال يعود الى القرن الأول قبل المسيح على عهد المكابيين الذين قاتلوا وقُتِلوا دفاعاً عن اليهود المضطهدين. لكنّ الكاتب حرص على أن يكتب وكأنّه زامَنَ السّبي إلى بابل أي 600 سنة قبل المسيح، في عهد نبوخذنصّر نفسه: "أنا دانيال نشأت وكبرت... في بابل". الهدف من هذا الزمان المستعار هو إبراز الزمن الحالي وتقييمه على ضوء الماضي: فمن يقرأ كتاب دانيال، مسترجعاً زمن السبي، يتنبّه للمعاناة والاضطهاد الشديد القاسي الذي يعيشه الشعب. وكاتب الرؤيا أيضاً شبّه أذى الأمبراطورية الرومانية بزمن بابل، وذلك بهدف إعطاء الحدث الأول (إضطهاد المسيحيين في زمن روما) إطار الحدث الثاني (زمن بابل).
4- الأماكن المستعارة
لا ندري ما إذا كان كاتب الرؤيا منفيّ في جزيرة Pathmos، إذ أنّ النفي يشابه حبساً قاسياً يعجز فيه الإنسان عن كتابة رسائل وإيصالها إلى الكنائس المجاورة. إنما الكاتب يريد أن يُظهر أهميّة ما يكتب ويقول، فيضع رسالته في إطارٍ يوازي الوصيّة الأخيرة الذي يكتبها الإنسان قبل مماته حين يكون في المنفى.