ترتيب الأصوام في العهد الجديد
سنّ الرب يسوع شريعة الصوم، وتسلّمه الرسل منه مبدأً روحياً. أما مناسباته، ومدته، وكيفيته فهي ضمن مسؤولية الكنيسة التي منحها الرب سلطاناً روحياً عندما قال لرسله الأطهار: «من يسمع منكم يسمع مني، والذي يرذلكم يرذلني، والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني» (لو 10: 16). وقوله أيضاً: «وإن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما. إن سمع منك فقد ربحت أخاك وإن لم يسمع فخذ معك أيضاً واحداً أو اثنين لكي تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة. وإن لم يسمع منهم فقل للكنيسة. وإن لم يسمع من الكنيسة فليكن عندك كالوثني والعشار. أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً في السماء وكل ما تحلّونه على الأرض يكون محلولاً في السماء» (مت 18: 15 ـ 18). وقوله له المجد لمار بطرس هامة الرسل: «وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكلّ ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً في السموات. وكل ما تحلّه على الأرض يكون محلولاً في السموات» (مت 16: 19)
بهذا السلطان الروحي الذي نالته الكنيسة من الرب، رتّبت الأصوام القانونية العامة، وألزمت الاكليروس والشعب التمسّك بها فصاروا تحت طائلة الخطية إذا لم يطيعوا أوامرها، لأن السماع منها هو السماع من الرب، والتمرّد على أوامرها يُعدّ تمرداً على الرب. فمارس الإكليروس والشعب، منذ فجر المسيحية، الصوم الذي هو الانقطاع عن الطعام والشراب في مدة حددتها الكنيسة، وامتنعوا عن اللحوم ومنتجاتها عند الإفطار في أيام الصيام، واتّفقت كل الكنائس الرسولية في كل مكان في العالم على تقديس مبدأ الصوم واعتبرته دائماً، وضعاً إلهياً وفريضة مقدّسة.