عرض مشاركة واحدة
قديم 15 - 01 - 2013, 09:27 AM   رقم المشاركة : ( 14 )
the lion of christianity Male
سراج مضئ | الفرح المسيحى


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1024
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : U.S.A
المشاركـــــــات : 753

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

the lion of christianity غير متواجد حالياً

افتراضي رد: ايماننا المسيحي وحقيقة التثليث



ثانيا: لماذا قال " ولا الابن "؟


(1) قال هذا حتى لا يلح التلاميذ في طلب معرفة ذلك اليوم
وتلك الساعة ولأنَّه أرادهم أنْ لا يشغلوا أذهانهم بالتركيز علي حساب الأوقات والأزمنة، كقول القديس بولس بالروح " وَأَمَّا الأَزْمِنَةُ وَالأَوْقَاتُ فَلاَ حَاجَةَ لَكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنْهَا " (1تس5/1)، بل أرادهم أنْ يركِّزوا علي الاستعداد الدائم وضرورة السهر والصلاة لأنَّه سيأتي في يوم لا ينتظرونه وفي ساعة لا يتوقَّعُونَها، وقد كرَّر لهم تأكيده علي ذلك ؛ "اِسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. " (مت24/42)، " كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مُسْتَعِدِّينَ لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. " (مت24/44)، " اسْهَرُوا وَصَلُّوا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ. " (مر13/33)، " اسْهَرُوا إِذاً لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ أَمَسَاءً أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ أَمْ صَبَاحاً. " (مر13/35)، " وَمَا أَقُولُهُ لَكُمْ أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ: اسْهَرُوا "(مر13/37).



(2) لأنَّه إتخذ صورة العبد وصار إنساناً،
وكإنسان، تدبيريًا، بناسوته، وبسبب احتجاب لاهوته في ناسوته وظهوره في الجسد ووجوده في الهيئة كإنسان، قال أنَّه لا يعرف اليوم والساعة، يقول القديس أثناسيوس الرسولي:

" والآن فلماذا رغم أنَّه كان يعرف، لم يُخبرْ تلاميذه بوضوح في ذلك الحين، لا يستطيع أحد أنْ يفحص ما صَمَتَ الربّ عنه، لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيراً؟ " (رو11/34)، ولماذا رغم أنَّه يعرف، قال " وَلاَ الاِبْنُ" يعرف. أظنّ أنَّ هذا لا يجهله أي واحد من المؤمنين: أنَّه قال هذا مثلما قال الأقوال الأخرى - كإنسانٍ بسبب الجسد فهذا ليس نقصًا في الكلمة، بل هو من تلك الطبيعة البشريّة التي تتصف بالجهل.

وهذا أيضًا يمكن أن يُري جيدًا. إنْ كان أحد يفحص المناسبة بإخلاص: متى ولمن تكلَّم المخلِّص هكذا؟ فهو لم يتكلَّم هكذا حينما خُلقت السموات بواسطته، ولا حينما كان مع الآب نفسه الكلمة الصانع كل الأشياء (أنظر أم8/27-30). وهو لم يقلْ هذا أيضًا قبل ولادته كإنسان ولكن حينما صار الكلمة جسدًا. ولهذا السبب فمن الصواب أنْ ننسب إلي ناسوته كلّ شيء يتكلَّم به إنسانيًا بعد أنْ تأنَّس. لأنَّه من خاصيَّة الكلمة أنْ يعرف مخلوقاته، وأنْ لا يجهل بدايتها ونهايتها، لأنَّ هذه المخلوقات هي أعماله. وهو يعرف كم عددها وحدود تكوينها. وإذ هو يعرف بداية كلّ شيء ونهايته، فإنَّه يعرف بالتأكيد النهاية العامّة والمشتركة للكلِّ. وبالتأكيد فحينما يتكلَّم في الإنجيل قائلاً " أَيُّهَا الآبُ قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ " (يو1/17)، فواضح أنَّه بصفته الكلمة، يعرف أيضًا ساعة نهاية كلّ الأشياء ورغم أنَّه كإنسانٍ يجهلها، لأنَّ الجهل هو من خصائص الإنسان، وخاصة هذه الأمور ".

ويضيف " لأنَّه منذ صار إنسانًا لم يخجل بسبب الجسد الذي يجهل - أنْ يقول لا أعرف لكي يُوضِّح أنَّه بينما هو يعرف كإله، فهو يجهل جسديًا 000 حينما تكلَّم إنسانيّا قائلا " ولا الابن يعرف " فأنَّه كإله يُظهر نفسه أنَّه يعرف كلّ الأشياء. لأنَّ ذلك الابن الذي يُقال أنَّه لا يعرف اليوم، يقول هو عن نفسه أنَّه يعرف الآب لأنَّه يقول " لاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ " (مت11/27). وكل الناس عدا الآريوسيِّين يعترفون أنَّ الذي يعرف الآب يعرف اليوم والساعة ".



(3) عادة ما يذكر الكتاب المقدس أمورا يبدو فيها الله الآب وكأنه لا يعرف، يجهل، وفي نفس الوقت هو يعرف، فهو كلَّيّ العلم والمعرفة، لماذا؟ لأنَّ هذا ما يقتضيه التدبير الإلهيّ للخليقة، فهو غير المحدود ولكنه يتعامل مع البشريّة المحدودة، ولذا فهو يتعامل مع الإنسان بحسب فهمه المحدود، وأحيانًا لأنَّ الوقت المُعيَّن لكشف هذه المعرفة لم يأتِ بعد. وعلي سبيل المثال يقول الكتاب عندما شرع بعض الناس في بناء برج بابل "فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ الْمَدِينَةَ وَالْبُرْجَ اللَّذَيْنِ كَانَ بَنُو ادَمَ يَبْنُونَهُمَا." (تك11/5)، فهل كان الله يجهل ما يحدث، كلا فقد كان يعرف ما يفعلونه بدليل قوله " فَنَزَلَ الرَّبُّ لِيَنْظُرَ "، وإنما كان يبدو ويتصرَّف وكأنَّه لا يعرف، تدبيريًا، فهو يتعامل مع الإنسان بالمفهوم الذي يقدر علي فهمه.
وهذا نفس ما قاله عن سدوم وعمورة " إِنَّ صُرَاخَ سَدُومَ وَعَمُورَةَ قَدْ كَثُرَ وَخَطِيَّتُهُمْ قَدْ عَظُمَتْ جِدّا. انْزِلُ وَارَى هَلْ فَعَلُوا بِالتَّمَامِ حَسَبَ صُرَاخِهَا الْاتِي الَيَّ وَالَّا فَاعْلَمُ " (تك18/20-21). يقول الكتاب أنَّه نزل ليري ما يعرفه، فهو يتكلَّم وكأنَّه لا يعرف، يجهل، وهو يعرف. فهو يعرف ما يحدث في سدوم وعمورة وأنَّ خطاياهم قد عظُمَت ولا يجهل ما يفعلونه، إنَّه يعرف ما قد حدث وما سيفعله هو، ولكن الكتاب يقول أنَّه نزل ليري، تدبيريًا، بحسب المفهوم البشريّ.

وعندما طلب الله من إبراهيم أنْ يُقَدِّم اِبنه إسحاق محرقة وبعد أنْ وضع إبراهيم اِبنه علي المذبح وهَمَّ ليذبحه قال له " لا تَمُدَّ يَدَكَ الَى الْغُلامِ وَلا تَفْعَلْ بِهِ شَيْئا لانِّي الْانَ عَلِمْتُ انَّكَ خَائِفٌ اللهَ فَلَمْ تُمْسِكِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ عَنِّي " (تك22/12). فهل كان اللَّه يجهل ذلك؟ كلا، إنما يتكلَّم اللَّه هكذا تدبيريًا، فقد كان لا بدّ أنْ يُبَرْهِن إبراهيم عن طاعته للَّه عمليًا.

كما يقول في المزمور " الَّلهُ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟ كُلُّهُمْ قَدِ ارْتَدُّوا مَعاً فَسَدُوا لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. " (مز53/2-3). إنَّه يعرف كلّ شيء ولا يُخْفَي عليه شيء ولكن المزمور يقول ذلك تدبيريًا، بالأسلوب الذي يوصِّل للبشر ما يريد أنْ يُعْلِنَه لهم.

وبنفس الطريقة يتحدَّث الكتاب عن معاملة الابن لشجرة التين، يقول الكتاب " فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئاً إِلاَّ وَرَقاً فَقَطْ. فَقَالَ لَهَا: «لاَ يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ». فَيَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ.

فَلَمَّا رَأَى التَّلاَمِيذُ ذَلِكَ تَعَجَّبُوا قَائِلِينَ: «كَيْفَ يَبِسَتِ التِّينَةُ فِي الْحَالِ؟»" (مت21/19-20). وهنا يبدو وكأنَّه لم يكنْ يعرف حقيقة الشجرة، والعكس صحيح، ولكنه فعل ذلك ليقدِّم للتلاميذ مثالا " وَقَالَ هَذَا الْمَثَلَ: «كَانَتْ لِوَاحِدٍ شَجَرَةُ تِينٍ مَغْرُوسَةٌ فِي كَرْمِهِ فَأَتَى يَطْلُبُ فِيهَا ثَمَراً وَلَمْ يَجِدْ. قَالَ لِلْكَرَّامِ: هُوَذَا ثَلاَثُ سِنِينَ آتِي أَطْلُبُ ثَمَراً فِي هَذِهِ التِّينَةِ وَلَمْ أَجِدْ. اِقْطَعْهَا. لِمَاذَا تُبَطِّلُ الأَرْضَ أَيْضاً؟ " (لو13/6-7). هذا ما قصده الابن، فقد بدا وكأنَّه يجهل، تدبيريًا، إنْ كانت الشجرة مثمرة أم لا، ليقدِّم لتلاميذه مثالاً. إنَّه يتصرَّف ويتكلَّم بأسلوب تصويريّ رمزيّ يصل إلي مستوي الفهم البشريّ. تصرَّف وكأنَّه يجهل وهو المُذّخر فيه جميع كنوز الحكمة والمعرفة.

كما سأل عن القبر الذي دُفن فيه لعازر قائلاً " أَيْنَ وَضَعْتِمُوه " (يو11/34)، في نفس الوقت الذي كان يعلم فيه بموت لعازر قبل أنْ يموت، فقد كان يعرف، حسب التدبير الإلهيّ، أنَّ لعازر سيموت ويظلّ في القبر لمدَّة أربعة أيام وأنَّه سيُقيمه من الموت في اليوم الرابع من موته ليُظْهِرَ مجده " فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ قَالَ: «هَذَا الْمَرَضُ لَيْسَ لِلْمَوْتِ بَلْ لأَجْلِ مَجْدِ اللَّهِ لِيَتَمَجَّدَ ابْنُ اللَّهِ بِهِ». " (يو11/4). كان يعرف أنَّ لعازر سيموت وأنَّه سيُقيمه من الموت، وكان يعرف المكان الذي ذهبت إليه روح لعازر وقد أقامه من الأموات. فهل يُعقل أنْ يعرف كلَّ ذلك ولا يعرف مكان القبر المدفون فيه؟ لقد سأل الابن وكأنَّه لا يعرف، يجهل المكان، تدبيريًا، وهو كلِّىّ المعرفة والعلم.



  رد مع اقتباس