ثالثا: أطوار الملكوت المتتابعة:
أن يكون ملكوت الله معدّاً لأن ينمو، فذلك أمر يفترض الاعتماد على عامل الزمن. أجل، إن الأزمنة"، بمعنىً ما، قد كملت، والملكوت قائم الآن. فابتداء من يوحنا المعمدان، وعصر الملكوت قد افتتح (متى 9: 37- 39//، راجع يوحنا 4: 35)، إنه زمن العُرس (مرقس 2: 19//، راجع يوحنا 2: ا- 11)، وزمن الحصاد (متى 9: 37- 39//، راجع يوحنا 4: 35). إلا أن الأمثال عن النمو (الزرع، حبة الخردل، الخميرة، الزؤان والزرع الطيب، الصيد: راجع متى 13) تدعو إلى تلمس قيام مهلة ما بين افتتاح الملكوت هذا في التاريخ، وبين تحقيقه كاملاً، فإنما الآن " لا يزال الملكوت في خضم جهاد عنيف! (متى 11: 12) والقوم يريدون منعه من الانتشار الذي تؤتيه له الكرازة الإنجيلية.وبعد قيامة يسوع يقع البون بين دخوله المجد وبين عودته دياناً. بون سيستكمل الكشفَ عن طبيعة ذاك الزمن الفاصل بين كليهما ، وسيكون زمن تأدية الشهادة (أعمال 1: 8، يوحنا 15: 27)، وزمن بناء الكنيسة. وفي ختام ذاك الزمن سيأتي الملكوت في كلّ ملئه (راجع لوقا 21: 31): فيه يتم الفصح، وتقام الوليمة ا (لوقا 22: 17- 18) حيث يأتي المدعوون من كل صوب ويتكئون مع الآباء (لوقا
13: 28-إن المؤمنين مدعوون "ليرثوا " هذا الملكوت وقد بلغ تمامه (متى 25: 34)، بعد قيامتهم وتبدّل أجسادهم(في لحظة، بل في غمضة عين، عندما ينادي البوق الأخير. لأن البوق سينادي، فيقوم الأموات للخلود، ونحن نتغير. (كورنثوس1 15:52)
غلاطية 5: 21، أفسس5: 5). وريثما يتم ذلك يبتهل المؤمنون لمجيئه بدعائهم: " ليأت ملكوتك " (متى 6: 3. دخول البشر الملكوت:
إن الملكوت هو عطية الله ما بعدها عطية، والقيمة الجوهرية التي ينبغي أن نحصل عيها،. فإنما الله بمطلق حريته يستخدم الناس في كرمه ويعطي لعماله ما يرى أن يعطي( متى 20: 1- 16). ولقد كان كل شيء نعمة مجانية، فلا بد وأن يتجاوب بنو البشر مع النعمة،
1.فالخطأة المتصلبون في الشر"لن يرثوا ملكوت المسيح (1 كورنتس 6: 9- 10، غلاطية 5: 21، أفسس 5: 5، راجع رؤيا 22: 14- 15).
.2 أن المطلوب ممن يريد أن يدخل الملكوت ويرثه أخيراً هو روح الفقر (متى 3:5//) موقف الطفل (متى 18: 1- 4//، 14:19) وجهد جهيد في سبيل ملكوت الله وبره،(متى6: 33)،
.3 واحتمال للاضطهادات( متى 5 : 10 //، أعمال 14: 22، 2 تسالونيكي 1: 5). و
.4تضحية بكل ما نملك (متى 13: 44- 46، راجع 19: 23//)، و
5.كمال أعظم من كمال الفرّيسيين (متى 5 : 20 ) ، وبعبارة موجزة إتمام مشيئة" الآب (متى 7: 21)، ولاسيما فيما يتعلق بشئون المحبة الأخوية (متى 25: 34). وعليه، فإن كان الجميع مدعويين، إلا أنهم لن يكونوا جميعاً مختارين: فسيطرد من الوليمة المدعو الذي لا يرتدي حلة العرس (متى 22: 11- 14). ففي البداية المطلوب ولادة جديدة،(وقال. الحق اقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الاولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات. (متى 18:3)
بدونهما لا يمكن "معاينة ملكوت الله" (يوحنا 3: 3- 5). فالانتماء إلى الشعب اليهودي، لم يعد شرطاً ضرورياً. كما كان في العهد القديم: "فلسوف يأتي أناس كثيرون من الشرق والمغرب ، فيجالسون ابراهيم واسحق/ ويعقوب على المائدة في ملكوت السماوات. وأما بنو الملكوت فيلقون في الظلمة البرانية..." (متى 8: 11- 12//).إنه مشهد من مشاهد الدينونة تقدّمه لنا بعض الأمثال بصورة واقعية: فصل الزؤان عن القمح الطيب (متى 24:13- 30)، فرز الأسماك (متى 13: 47- 50)، تقديم الحساب (متى 25: 8- 15، 25: 15- 30)، كل ذلك يقتضي اليقظة والسهر (متى 25: 1- 13).