9) القوَّة الحربية لبابل:
كانت هذه المملكة مؤلفة من أمم وشعوب مختلفة من ساميين وطورانيين وكوشيين وغيرهم. أما أصحاب السلطة فكانوا الساميين. واشتهر شعب هذه المملكة بشدة اليأس والإقدام. وفي أيام نبوخذ نصر هاجموا جميع البلدان الواقعة مابين دجلة والنيل. وكان صدى صليل سيوفهم يملأ أعدائهم رعبًا. وأما أصوات مركباتهم فكانت كرعد قاصف (1ر 4: 29وحز 26: 10).وقلما حاقت بهم هزيمة أو أخفقوا في غزوة من غزواتهم. واشتهرت فرسانهم بالبسالة والنجدة. وقد جاء في النبي حبقوق 1: 8 شيء من وصف سرعة خيولهم وحدتها. وامتازت جنودهم بجودة رمي السهام وطعن الرماح وضرب السيوف - فحيثما توجهوا توجه معهم الظفر, وحيثما ساروا, سار معهم الرعب الذي امتلأت منه قلوب أعدائهم. وهابتهم من أجله الأمم المجاورة, ولاسيما الشعب اليهودي الذي كان يرى شرب كأس الحمام أهون من ملاقاة تلك الجيوش الجرارة. فكانوا يمثلون بالقتلى ويرتكبون في معاملة المسبيين والأسرى ما لم يسبقهم أحد إلى شرّ منه أو إلى مثله سوى الأشوريين.
10) صناعة بابل:
واشتهرت هذه الأمة بجودة الصناعة, كحفر الحجارة الثمينة ورسم الصور على الصخور والآجر (حز 23: 14). وقد وجد في آثارهم آنية من زجاج وخزف على هيئات مختلفة بالغة الجمال. وأما منسوجات بابل فكانت على غاية الإتقان منذ القدم ومما يثبت ذلك ذكر رداء شنعاري نفيس في سفر يشوع 7: 21 وقد أتقنوا صنع الأقمشة حتى اشتهرت بضاعتهمهذه عند الرومانيين الذين كانوا يتفاخرون بها ويشترونها بأثمان غالية. قيل أنه كان معلّقًا في مقصورة الإمبراطور نيرون نسيج بابلي موشّى بصور تيلغ قيمته 32300 جنيه انكليزي. وكاموا, فضلًا عن أحكام نسجها, يلونونها بألوان غاية في الحسن والإبداع. ويرسمون عليها الأصداف والحيوانات من مفترسة وغير مفترسة. وبالاختصار فقد كانت أقمشتهم فائقة الحسن والجمال, فكانت الأمم المعاصرة لهم ترغب فيها كل الرغبة كما هو الحال في أيامنا الحاضرة بالنظر إلى جودة الأقمشة الشرقية كالبسط الكردية والفارسية, فإن منها ما لا تقلّ قيمته عمّا كانت تصنعه في بابل. ولا عجب إذا حذا أهل المشرق في هذه الصناعة حذو أسلافهم البابليين, وانتقل إليهم ما كان فيهم من الدراية والحذق والمهارة.