الانبا اغااااااااااااااااااثون
قيل عنه أيضاً: إنه لما كان ينتقلُ، ما كان يرافقُه أحدٌ سوى الجريدةِ التي كان يشقُّ بها الخوصَ لا غير.
وسُئل مرةً: «أيهما أعظمُ؛ تعبُ الجسدِ أم الاحتفاظُ بما هو من داخلِهِ»؟ فأجاب وقال: «إن الإنسانَ يشبه شجرةً، فتعبُ الجسدِ هو الورقُ، أما المحافظةُ على ما هو من داخلٍ فهي الثمرةُ، لذلك فكلُّ شجرةٍ لا تُثمرُ ثمراً جيداً تُقطع وتُلقى في النيرانِ. فلنحرص على الثمرةِ التي هي حفظُ العقلِ، كما يحتاجُ الأمرُ أيضاً إلى الورقِ الذي يغطي الثمرةَ ويزينها، وما الورقُ إلا تعبُ الجسدِ كما ذكرنا».
سأل بعضُ الإخوةِ الأنبا أغاثون قائلين: «أيُّ فضيلةٍ أعظمُ في الجهادِ»؟ فقال: «اغفروا لي، ليس جهادٌ أعظمَ من أن نصلي دائماً للهِ، لأن الإنسانَ إذا أراد أن يصلي كلَّ حين حاول الشياطين أ
الإنسانُ في الحياةِ ويتعبُ فيه لا بدَّ أن يحصدَ منه الراحةً أخيراً. إلا الصلاة فإن من يصلي يحتاجُ دائماً إلى جهادٍ حتى آخرِ نسمةٍ».
كان أغاثون القديس حكيماً في معرفتِهِ، بسيطاً في جسمِهِ وكُفئاً في كلِّ الأمورِ، في عملِ اليدين وفي طعامِه وفي لبسِه. فقد حدث مرةً بينما كان سائراً مع تلاميذِه؛ أن وَجدَ أحدُهم جُلْباناً أخضرَ في الطريقِ (أي حمص أخضر). فقال له: «يا معلم هل تأذن لي أن آخذَه»؟ فنظر إليه الشيخ متأملاً وقال: «هل أنت تركتَه»؟ فقال: «لا». فقال له الشيخ: «وكيف تأخذ شيئاً ليس لك»؟
أتاه أخٌ مرةً يريدُ السكنى معه، وقد أحضر معه قليلاً من النطرون وجده في الطريقِ أثناء مجيئهِ. فلما رآه الشيخ قال له: «من أين لك هذا النطرون»؟ قال له الأخُ: «قد وجدتُه في الطريقِ وأنا سائرٌ». فأجابه الشيخ قائلاً: «إن كنتَ تشاءُ السُكنى مع أغاثون امضِ إلى حيث وجدتَه وهناك ضعه».
قيل عن الأنبا أغاثون والأنبا آمون: إنهما لما كانا يبيعان عملَ أيديهِما كانا يقولان الثمنَ مرةً واحدةً، وما كان يُعطى لهما كانا يأخذانه بسكوتٍ. كذلك إذا احتاجا لشيءٍ يشتريانه كانا يقدمان المطلوب بسكوتٍ ولا يتكلمان.
أخبروا عن الأنبا أغاثون: إنه وضعَ في فمهِ حجراً ثلاثَ سنين حتى أتقنَ السكوتَ.
وقد كان يقول: «لو أن الغضوبَ أقام أمواتاً فما هو بمقبولٍ عندِ اللهِ. ولن يُقبِل إليه أحدٌ من الناسِ».
وقال أيضاً: «إن أنا ربحتُ أخي فقد قدمتُ قرباناً».
وسأله الإخوة بخصوصِ قتالِ الزنى فقال: «امضوا واطرحوا ضعفَكم قدامَ اللهِ فتجدوا راحةً».
وقال أنبا يوسف مرةً بخصوصِ المحبةِ: إن أخاً جاء إلى أنبا أغاثون فوجد معه مَسلَّة خياطة، فأُعجب الأخُ بها لأنها كانت جيدةً، فما كان من الشيخ إلا أنه لم يتركه يمضي إلا بها.
مضى الأب أغاثون مرةً ليبيعَ عملَ يديه، فوجد إنساناً غريباً مطروحاً عليلاً وليس له من يهتمُ به. فحمله وأجّر له بيتاً وأقام معه يخدمُه ويعملُ بيديه ويدفعُ أجرةَ المسكنِ وينفقُ على العليلِ مدة أربعة أشهر حتى شُفي. وبعد ذلك انطلق إلى البريةِ. وكان يقولُ: «كنتُ أشاءُ لو وجدتُ رجلاً مجذوماً يأخذ جسدي ويعطيني جسدَه».
قيل عنه إنه كان يَحرِصُ على إتمامِ كلِّ الوصايا، ولما كان يعبُرُ النهرَ كان يُمسِكُ المجدافَ بنفسِه. وإذا رافق أخاً كان يهيئُ بنفسِه المائدةَ لأنه كان مملوءاً حلاوةً ومحبةً ونشاطاً.