خلق الله لكل إنسان عينين ، ولكن أكثر الناس لا ينظرون إلا بعين واحدة .. وخلق لكل إنسان لساناً وأذنين ، ولكن أكثر الناس يتكلمون بلسانين ، ويسمعون بإذن واحدة .. وخلق الله لكل إنسان يدين : يداً يستعملها ليعين نفسه ، ويداً أخرى يستعملها ليعين غيره ، ولكن أكثر الناس لا يستعملون إلا يداً واحدة .. وخلق الله لكل إنسان قلباً واحداً ، يحمل هموم حياته القصيرة ، ولكن الانسان يجلب لنفسه من الهموم ما تنوء بحملها القلوب الكثيرة .. وجعل لكل إنسان عمراً واحداً ، فأضاع الأنسان الكثيرمن أوقاته كأن له مائة عمر .. وقضى الله على كل إنسان بالموت مره واحدة ، ولكن الأنسان رضي لنفسه وشقائه أن يموت كل يوم ..
و انت .. ماذا عنك ؟ ارجو ان لا تكن هذا ولا ذاك
لأن الكتاب المقدس وضع الأساس الكامل للسلوك المسيحى لجميع العصورمع اختلاف أجيالها و للمجتمعات مهما اختلفت موقعاً أو رقياً أو حضارة .. إذ الكل جسد واحد و روح واحدة :
لقد علمنا السيد المسيح أنه يجب علينا أن نعمل الأعمال الحسنة و شبهنا بملح الأرض و أكد لنا أننا نور العالم
( مت 5 : 13 ، 14 ) و أوصانا
" فليضيء نوركم هكذا قدام الناس ، لكي يروا أعمالكم الحسنة ، ويمجدوا أباكم الذي في السماوات " (مت 5 : 16)
و رسم السيد المسيح فى الموعظة على الجبل الطريق إلى التسامح و عدم الوقوف فى وجه الشر و انهى الشرائع القديمة فلا عين بعين و لا سن بسن و لكن السمو المسيحى يقول لنا " و أما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضاً و من أراد أن يخاصمك و يأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً و من سخرك ميلاً واحداً فأذهب معه اثنين و من سألك فأعطه و من أراد أن يقترض منك فلا ترده "
( متى 5 : 39 – 42 )
علمنا السيد المسيح كيف نسلك مع الأعداء فيقول
" و أما أنا فأقول لكم احبوا أعداءكم
باركوا لاعنيكم إحسنوا إلى مبغضيكم و صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم "
( متى 5 : 44 )
و أبان لنا أننا إن أحببنا الذين يحبوننا فليس لنا أجر و كذلك إذا سلمنا على أخوتنا فقط فلا فضل لنا لأننا نشابه الخطاة و طلب منا " فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي فى السماوات هو كامل "
( متى 5 : 48 ) علمتنا المسيحية أيضاً عدم إدانة الغير و أن ننظر إلى أنفسنا و أخطائنا " لا تدينوا لكي لا تدانوا "
( متى 7 : 1 )
و لماذا تنظر القذى الذي فى عين أخيك و أما الخشبة التى فى عينك فلا تفطن لها ( متى 7 :3 )
و حدد لنا قاعدة اجتماعية عظيمة و هى أننا نضع أنفسنا فى موضع الغير و نتعامل معهم بما يجب أن يعاملونا به " إفعلوا للناس ما اردتم ان يفعله الناس لكم فهذه هي خلاصة الشريعة وكلام الأنبياء " ( متى 7 : 12)
علمنا أيضاً معاملة الأخوة و أن أخطأ إليك أخوك فأذهب و عاتبه بينك و بينه وحدكما إن سمع منك فقد ربحت أخاك و إن لم يسمع فخذ معك أيضاً واحد أو اثنين لكى تقوم كل كلمة على فم شاهدين أو ثلاثة و أن لم يسمع فقل للكنيسة و إن لم يسمع فليكن عندك كالوثنى و العشار
( متى 18 : 15 – 18 )
يجب على المسيحى أن يعطى كل ذى حق حقه و لا يغتال أموال الآخرين أو حقوقهم وهذه الآية توضح ذلك " لمن هذه الصورة والكتابة ؟ قالوا له لقيصر ، فقال لهم إعطوا إذا ما لقيصر ما هو لقيصر و ما لله إعطوه لله " ( متى 22 : 21)
و يجب على المسيحى أن يمتنع عن الغضب و أن يسالم الجميع و لا ينتقم و أن يعتنى بالأمور الحسنة و قد شرح بولس الرسول ذلك في رسالته إلى أهل رومية لا تجازوا أحداً عن شر بشر معتنين بأمور حسنة قدام جميع الناس أن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء بل أعطوا مكانا للغضب لأنه مكتوب لى النقمة أنا أجازى يقول الرب فإن جاع عدوك فإطعمه و إن عطش فاسقه لأنك أن فعلت هذا تجمع جمر نار على رأسه
" لا يغلبنك الشر بل اغلب الشر بالخير " ( 12 : 17 – 21 )
و على المسيحى أن يحتمل الجميع و يقول الرسول بولس " فيجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل أضعاف الضعفاء
( رومية 15 : 1)
" ويجب على السلوك المسيحى الامتناع عن الأنشقاق بل يكون كاملا في فكر واحد ورؤى واحدة "
( كورنثوس الأولى 1 : 10)
ولكم كلمة الرسول الرائعة كما سجلها الوحى الإلهى على لسان بولس : " ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضا فى المسيح "
( أف 4 : 31-32)
علينا أن نتحرر من الحقد والمرارة ولا نغضب بل نعامل بعضنا البعض بالشفقة والتسامح متحررين من كل دواعى الإنفعال أو الإثارة بعيدين كل البعد عن مكامن الاثم بل متمثلين بالسيد المسيح حتى نعيش حياة تتوجها النقاوة والطهارة بأسم
الثالوث الأقدس .