اهتمامات الرجل والمرأة
لكل من الرجل والمرأة اهتمامات مختلفة:
ما الذى يهم الرجل ولا يهم المرأة؟ وما الذى تهتم به المرأة ولا يعيره الرجل اهتماما؟ كيف ينظران إلى الأمور المختلفة؟ كيف يفكر كل منهما؟
الشخص أم الشئ؟
لوحظ أن الأولاد بوجه عام يهتمون بالأشياء أكثر من الأشخاص، وأن البنات تهتم أكثر بالأشخاص... وقد لاحظت ذلك باحثة أمريكية من خلال اختبار بسيط قامت به، حيث قدمت لمجموعة من الأطفال أورقاً وأقلاماً، وطلبت منهم أن يرسموا ما يريدون.. فلاحظت أن 50 % من البنات رسمن أشخاصاً، بينما 85 % من الأولاد رسموا أشياء، وأن غالبية الأشياء التى رسموها الأولاد كانت أشياء عامة ( سيارة – طائرة – شجرة.... ) أما الأشياء التى رسمتها البنات فكانت في الغالب أدوات شخصية و منزلية. ويرجع ذلك إلى اهتمام البنت بالأشخاص أكثر من الأشياء، واهتمام الولد بالأشياء أكثر من الأشخاص، إلى فارق فطرى بينهما، بمعنى أن المرأة بطبيعتها غيرية أكثر من الرجل، أي تهتم بالغير وتسعد بذلك، وربما حبا الله المرأة مثل هذه الطبيعة الغيرية حتى تتمكن من أداء دورها الحيوي كأم تبذل وتضحي مناجل أطفالها بلا مقابل وبلا توقف، ومنها جاء اهتمامها بالأشخاص سمة واضحة فيها تبدأ معها منذ الطفولة.
ومن الناحية الأخرى فانه قد وجد أن اهتمام الولد بالأشياء يتزايد إذا لقي اهتمام خاصاً باعتباره ذكراً، وحماية زائدة خوفاً عليه، أو إذا قام من يربيه بتلبية كل طلباته لمجرد الحصول عليها، ومن ثم يتزايد اهتمامه باقتناء الأشياء حتى لو لم يكن محتاجاً إليها .. أما إذا نشأ الطفل بتوجيه تربوي يعلو عنده الاهتمام بالأشخاص، وأتيحت له مساحة كافية من التعامل الشخصي المباشر، وكانت هناك مساواة حقيقية بين الولد وأخته فان اهتمامه بالأشخاص بلا شك يتزايد.
الشخص أم الموضوع:
إذا كانت البنت تهتم أكثر بالأشخاص، ويهتم الولد أكثر بالأشياء، بدافع الفطرة والتوجيه التربوي، فإنه بعد البلوغ تهتم المرأة بالشخص أكثر من اهتمامها بالموضوع، ويهتم الرجل بالموضوع أكثر من اهتمامه بالشخص.
فمثلاً قد يشاهد زوجان مسرحية، فإذا بنا نجد اهتمام الزوج منصباً غالباً على موضوع المسرحية (أحداث القصة) بالدرجة الأولى، بينما نجد الزوجة تهتم غالباً بشخصيات المسرحية (أداء الممثلين) بالدرجة الأولى.
ومن هنا تختلف زاويا رؤية رجل أو امرأة للأمر الواحد، وهذا الوضع يحقق فائدة التكامل في الرأي، والحكم الشامل على الأمور.. ويتجلى ذلك واضحاً من خلال الحوار الزوجي الذى يؤدى بالزوجين إلى اتخاذ القرار المشترك المبنى على رؤية أكثر أتساعا ، وكما يقول الحكيم: " اثنان خير من واحد .... " (جامعة 4 : 9)
النظرة الشاملة أم النظرة التفصيلية:
غالباً ما ينظر الرجل إلى الأمور نظرة عامة شاملة، ولا يهتم بالتفاصيل الدقيقة.. أما المرأة فغالباً ما تهتم بالتفصيلات، وتبحث عن دقائق الأمور..
فالرجل غالباً ما تهمه من المواقف نتائجها النهائية، ويعطى أهمية أقل لتفاصيل الأحداث التى احتواها الموقف، وحينما يحكى الموقف يتناوله بنفس المنطق. أما المرأة فتهتم بالموقف بكافة تفاصيله، وحينما تحكى عنه فهي تتناوله بكل تفاصيله .. ولنا أن نسوق المثال التوضيحي التالي.....
مثال: قابل زوج أحد أصدقائه القدامى بطريقة الصدفة، وحينما عاد أخذ يحكى لزوجته: " لا يزال فؤاد بنفس طباعه ومظهره أنيق تماماً، كما عهدناه منذ 15 عاماً مضيت ..." فلما سألته عن مظاهر أناقته لم يتذكر تفاصيل كثيرة عن لون رباط العنق أو المعطف الذى يرتدهالأقمشة.إذا قابلت المرأة شخصاً، فغالباً ما تلاحظ تناسق ألوان ملابسه، ونمط تصفيف شعره، وأنواع الأقمشة. ...............الخ.
مادامت اهتمامات وأولويات كل من الرجل والمرأة تختلف، فأن التركيز على تفاصيل الأمور والأشياء يتوقف على مدى الاهتمام الموجه نحوها .. فمثلا طبيب العيون يهتم بشكل تلقائي بعيون المتحدثين إليه.. ومهندس السيارات غالباً ما يلفت نظره صوت محرك السيارة ربما أكثر مما يلفت نظره قائدها أو ركابها.. والمرأة التى تهتم كثيراً بالأزياء والعطور تلاحظ بشكل تفصيلي أكثر من غيرها ملابس الآخرين ومدى تناسقها ... كذلك فإن الرجل الذى يهتم بالأناقة يلاحظ تفاصيل ملابس الآخرين رجال أم نساء، ويفهم جيداً في مدى تناسق ملابس كل شخص. كذلك المرأة التى تهتم بإعداد أنواع جيدة من الأطعمة والرجل الذواق للأطعمة، كلاهما يلاحظان أي تغير في طعم المأكولات، وربما يمكنهما أن يحددا سبب ذلك التغير. وهذا يعنى أن كل فرد يمكن أن تتولد لديه قوة ملاحظة للأمور التى يهتم بها أكثر من غيرها، ونظرة ثاقبة للأشياء التى تاستهويه، وقوة ذاكرة للمعلومات التى يبحث عنها بشغف. ومتى نشأنا الولد على الاهتمام بالأطعمة مثلا صارت تلك الأمور في صلب اهتمامه وفى قمة أولوياته. كذلك إذا نشأنا البنت على الاهتمام بالملابس ومدى تناسقها، فأن ملكة تميز الألوان والذوق الرفيع تنمو لديها وتتضاعف قوة ملاحظتها في هذا المجال. فالتوجيه التربوي يلعب دوراً مهماً في هذه الحالة، حيث نجد رجالاً قد نشئوا على ذوقيات التعامل وتميز الأمور الفنية وإدراك ما يليق من الملابس، بينما نجد نساء ليس لديهن قدرة أو فهم أو تميز في هذا المجال.
من الصعب إذن، أن نصدر حكماً عاماً بخصوص الرجل والمرأة النظرة إلى الأمور، فكل منهما له نظرة تفصيلية للأمور التى بها، ونظرة عامة شاملة للأمور التى يهتم بها، وتحتل أهمية أقل .. وإذ نظرنا إلى المجتمعات المتقدمة التى أصبح فيها كثير من النساء مشاركات في مجالات الحياة التى أعتيد أن يشارك فيها الرجل وحده، فإننا نجد هؤلاء النساء، وقد جاوزت اهتماماتهن الأمور المنزلية التقليدية إلى مجالات أوسع مما يكسبهن النظرة الشمولية للأمور، مع الاهتمام ببعض التفاصيل طبقاً للأولويات.