عرض مشاركة واحدة
قديم 10 - 10 - 2012, 09:19 AM   رقم المشاركة : ( 5 )
Marina Greiss Female
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية Marina Greiss

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 14
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : USA
المشاركـــــــات : 20,933

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Marina Greiss غير متواجد حالياً

افتراضي رد: هل صُلب المسيح حقاً ؟؟ كتاب مكتوب - دراسة تاريخية

كذلك اختلف المفسرون المسلمون في شخصية هذا الشبيه.

وتعددت الروايات الخيالية التي حاكها القُصَّاص المسلمون وتلقَّفها من ثم أئمَّة المفسرين من غير تحقيق أو اعتماد أي شاهد تاريخي أو أثري أو أي نص موثوق به، حتى زادت عن سبع روايات. والدليل على ذلك أنه لم يوجد مسلم واحد استطاع أن يقدم برهاناً قاطعاً عن صحة ما رُوي عن حقيقة هذا الشبيه.

وقد استطاع إسكندر جديد في كتابه


"الصّليب في الإنجيل والقرآن"

أن يجمع طائفة من هذه الروايات من مظانّها الأصليّة، وهي في مجملها تتناقض في التفاصيل والأسماء وترتيب الأحداث والمناسبة (انظر الصفحات 11-16). ولا عجب في ذلك، فإن مصادرها مختلفة متباينة نسجتها مخيّلات الرُّواة لتعليل عبارة قرآنية أو إثبات قضيّة تتعارض مع تعليم الإنجيل ولو على حساب الحقيقة.

وتنبئنا المصادر التاريخية أن أسطورة الشبه هذه كما أشار إليها القرآن لم تكن أمراً مستحدثاً، بل سبق لهراطقة المسيحية في القرون الستة الأولى الميلادية أن نادوا بمثل هذه البدعة. فهذه فرقة البازيليديسيين الغنوسية تدّعي أن سمعان القيرواني الذي حمل الصليب عن المسيح عندما أعيا، رضي أن يُصلب عوضاً عن المسيح، فألقى الله عليه شبهه، فصارت هيئته مثل هيئة المسيح وتمَّ صلبه.

وكذلك قال الدوكيتيون إن المسيح لم يُصلب مطلقاً إنما بدا أو تراءى لليهود أنهم صلبوه.


والواقع أن اسم الدوكيتيين مشتق من فعل يوناني معناه "يظهر" أو "يتراءى"، وهو رمز لمجمل عقيدتهم في الصلب.

ولم تندثر بدعة عدم صلب المسيح في سياق تاريخ الكنيسة بل ظلت تطل برأسها بين الفينة والفينة بين الأوساط المسيحية على أيدي أفراد أو جماعات متفرقة من دعاة المعرفة.



ففي سنة 185 م ادّعت طائفة هرطوقية من نسل كهنة طيبة الذين اعتنقوا المسيحية أنه

"حاشا للمسيح أن يُصلب، بل رُفع إلى السماء سالماً".


وفي سنة 370 م ظهرت إحدى الفرق الغنوسية الهرموسية التي أنكرت صلب المسيح وقالت:

"إنه لم يُصلب بل شُبه للناظرين أنهم صلبوه".


وفي سنة 520 م فرّ ساويرس أسقف سوريا إلى الإسكندرية فوجد فيها فئة من الفلاسفة يعلّمون أن المسيح لم يُصلب بل شُبه للناس أنهم صلبوه.


وفي سنة 560 م أنكر الراهب تيودورس طبيعة المسيح البشرية وبالتالي أنكر صلبه.

وفي سنة 610 م شرع الأسقف يوحنا ابن حاكم قبرص ينادي مدعياً بأن المسيح لم يصلب بل شُبه للناظرين أنهم صلبوه[8] .


ومن جملة الذين نادوا بنظرية الشبيه أيضاً ماني المتنبّئ الفارسي (27 م) فقد ادّعى أن يسوع هو ابن أرملة، وأن الذي صُلب هو ابن أرملة نايين الذي كان المسيح قد أقامه من بين الأموات. ونقرأ في تقليد مَانَوِي آخر أن الشيطان الذي سعى في صلب المسيح وقع في حفرة مؤامرته وصُلب مكانه.



يتضح من هذا العرض التاريخي الموجز


أن بدعتي الشبه وإنكار صلب المسيح، قد أخذهما الإسلام عن الهرطقات المسيحية، ولا سيما أن هذه الهرطقات كانت شائعة في عصر ظهور الإسلام، وفي شبه الجزيرة العربية بالذات، بين الفرق الغنوسية التي لم تقم حجتها على الوقائع التاريخية أو المستندات الرسمية، بل كانت وليدة تصورات شخصية تدور في جوهرها حول طبيعة جسد المسيح[9] .

بل إننا نجد أن مجمع القسطنطينية الذي انعقد في سنة 381 م قد أرسل المطران غريغوري النيقي لزيارة الكنائس في العربية والقدس التي انفجرت فيها النزاعات وهددتها الانقسامات.
  رد مع اقتباس