عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 27 - 11 - 2025, 04:33 PM
الصورة الرمزية walaa farouk
 
walaa farouk Female
..::| الإدارة العامة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  walaa farouk غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 122664
تـاريخ التسجيـل : Jun 2015
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 390,742

لا تعتزل ما يؤذيك..
فربما ما يؤذيك هو في داخله خير ليك"
​كثيراً ما نردد: "اعتزل ما يؤذيك"
كقاعدة ذهبية لراحة البال، ولكن هل كل ما يؤلمنا هو بالضرورة
"شر" يجب الفرار منه؟
الحقيقة الروحية الأعمق تخبرنا بأن الألم ليس دائماً إشارة للتوقف
، بل قد يكون إزميلاً في يد "الخزّاف الأعظم"،

ينحت فينا ليرفعنا من مجرد "طين" إلى "تحفة فنية" تليق بمجده.
​إن الله، كأب محب، لا يستعذب ألمنا،
ولا يُسرّ بوجعنا في حد ذاته. حاشا له.
لكنه، في حكمته اللامتناهية،
يعلم أن "المتانة" الروحية والصلابة و المرونة النفسية
لا تُبنى في أوقات الرخاء، بل تُصهر في أتون التجارب.
غايته العظمى ليست مجرد راحتنا الآنية
، بل أن "نكون مشابهين صورة ابنه" (رومية 8: 29)

؛ تلك الصورة التي لا تكتمل إلا بملامح النضج والثبات.
​تأمل في قصة هاجر (تكوين 16)،
حينما قست عليها سارة،
كان رد فعلها البشري هو الهروب إلى البرية
. لكن السماء تدخلت برسالة تبدو في ظاهرها قاسية
ولكن في باطنها الرحمة كلها: "ارجعي واخضعي"
. لم يكن الأمر إذلالاً، بل كان إعداداً.
فالرب كان يعلم أن البركة العظمى والوعد بالميراث
ينتظرانها هناك، في قلب المعركة، وليس في الهروب منها.
​وانظر إلى بولس الرسول، عملاق الإيمان،

الذي تضرع ثلاث مرات ليرفع عنه الرب "شوكة الجسد"
. لم يرفعها الرب، ليس بخلاً بالشفاء،
بل كرماً في القوة، ليعلمه درساً أخلد: "تكفيك نعمتي
، لأن قوتي في الضعف تكمل".
الألم هنا لم يكن "أذى" يوجب الاعتزال
، بل كان وسيلة اتصال دائمة بمصدر القوة.
​هذا ما لخصه مزمور 66 ببراعة تصويرية مذهلة
، كاشفاً عن منهجية التعويض الإلهي:
"لأنك جربتنا يا الله، محصتنا كمحص الفضة...
جعلت ضاغطاً على ظهورنا... جزنا في النار والماء".
ولكن، ما هي النهاية؟ "ثم أخرجتنا إلى الخصب".
​المرور في النار والماء ليس عبثاً
، إنه الطريق الوحيد للوصول إلى "الخصب" والرحابة.
الله يرى تعبك، ويحصي تنهدات صبرك،
ويعدك بتعويض لا يُقاس، تعويض يُرمم النفس
ويبني الروح، ويمنحك خيرات زمنية وأبدية.
​فلا تعتزل يد الرب وهي تشكلك،
ولا تظن في الألم شراً محضاً
. اصمد، لأن ما تراه اليوم "أذى"، ستراه غداً مجداً،
وقوة، وخيراً لا ينتهي
.
رد مع اقتباس