ركض جهاد مسرعاً ودخل إلى غرفة جدّه ، وقال له بفرح : " اُنظر يا جدّي ، لقد نجحتُ في امتحانات المدرسة النهائية ، وها أنا حاضر لدخول الجامعة "
رفع الجدّ عينيه لينظر إلى حفيده ، وابتسم ثم قال : " وكم سنة ستدرس في الجامعة ؟"
أجاب جهاد: " أربع أو خمس سنوات، حسب اجتهادي ، إلى أن اُنهي الإجازة في المحاسبة والتسويق."
وسأله الجدّ باهتمام : " وبعد ذلك ما هي خطّتك ؟"
أجاب جهاد : "سأعمل في إحدى الشركات، وأتقدّم إلى أن اُصبح مديراً
قال له جدّه :"هدفٌ جيد! وماذا بعد هذا؟" ابتسم جهاد وقال:" سأختار شريكة حياتي ، وأتزوج واُنجب أولاداً ، وأؤمّن لعائلتي أفضل حياة"
وعاد الجدّ فقال:"برنامجُ حياة حلوة، هذا عظيم يا جهاد، وماذا بعد؟" تنفّس جهاد طويلاً وقال:" لا شك أني سأصير مثلك جَدّاً ، أستريح في شيخوختي ، وأفرح بكل ما جنته يداي
عندها حدّق الجدّ بعيني حفيده وسأله : " وماذا بعد يا جهاد ؟" سكت جهاد قليلاً ثم قال:" بعد عمر طويل سأموت يا جدّي وأفارق الحياة، فهذه هي حال الدنيا التي نعيش فيها
وسأله الجدّ أخيرا :" وماذا بعد ؟" فلم يُجب جهاد؛ وانتظر ماذا سيقول له جدّه. عندها رفَع الجدّ الكتاب المقدس الذي كان بين يديه
وقال لحفيده: " قد وُضِعَ للناس أن يموتوا مرّة ثم بعد ذلك الدينونة وسيقف الأمواتُ أمام الله وتفتح سجلاّتٌ تتضمّن كل ما كان في حياتهم على الارض ، وسيُدانون بحسب أعمالهم. وسينفتح سجلٌ آخر هو سجلُ الحياة , وكل من لم يوجد مكتوبا في سجل الحياة يُطرح في بحيرة النار
ما اُريده يا جهاد هو أن لا تُخرِج من برنامج حياتك ، مصيرك الأبدي." فسأله جهاد قائلاً :" وكيف يُكتَب اسمي في سجلّ الحياة عند الله ؟"
أجابه الجد:" إن آمنت بكل قلبك أن المسيح قد مات عنك شخصياً، ليدفع عقاب ذنوبك؛ وإن اعترفت بفمك أمام الناس أنه قام من الموت ليُعطيك برّه والحياة الأبدية ، فإنك تخلص."
(رو10:9)
لم يخرج جهاد من غرفة جدّه إلا وقد سلّم حياته لله كلّياً، طالباً روح المسيح أن يحيا فيه ، لكي يعيش لله ، حتى إن مات ، فسيكون مع الله ، في الحياة الأبدية