الشهيد القديس دوناتوس (اسم لاتيني معناه هدية)
في عهد الإمبراطور الوثني مكسيمانوس الذي تملك علي روما سنة 298 ميلادية ، كان الاضطهاد علي المسيحيين من أشد أنواع الضطهاد ، إلا أن المسيحيين كانوا يتكاثرون ويشجع بعضهم البعض ، فكانوا يتقابلون في السراديب لسماع كلمات الإنجيل وتفاسير الكهنة والخدام والتقرب من مائدة الرب والتناول من الجسد الطاهر والدم الكريم باستمرار.
كان شيخ قديس اسمه بابيلاس يجمع الأطفال في السراديب ويعلمهم التعاليم المسيحية ويروي لهم قصص بطولات الشهداء والشهيدات الذين صبروا إلي النفس الأخير علي الإيمان المسيحي.
وعلم الإمبراطور بما يفعله هذا القديس فأمر فقبض عليه وعلي الأطفال وساقوهم جميعاً إلي الديوان الإمبراطوري.
وسأل الإمبراطور القديس بابيلاس قائلاً: أأنت بابيلاس المعلم؟ فأجاب القديس: نعم أنا اسمي بابيلاس وبنعمة الله أنا مسيحي ومعلم، فقال له الإمبراطور مستهزءاً: إذاً أنت تتبع ذلك المصلوب الذي يُدعي المسيح؟ كيف لك وأنت شيخ عجوز تعبد إله مات؟ كيف تعلم هؤلاء الأطفال الصغار عن هذا المسيح ولا تخبرهم عن آلهة الرومان؟ ﻷن كل سكان روما تعظم هذه الآلهة العظام؟ فقال بابيلاسبعد أن نظر إلي وجوه الأطفال المنيرة وصاح: أنت أيها الإمبراطور سألت كثيراً ، وأنت حقاً حاكم ولكنك لا تعرف شيئاً ، لماذا لا تعرف عن عظمة الإله الواحد الحقيقي الإله الحي وليس ميتاً كما تظن؟ أنت تسأل لماذا أعلم تلاميذي عن المسيح له المجد؟ إن المعلم لابد أن يعلم الحق ولا يوجد حق غير الله ، آلهة الرومان زائفة وأكذوبة من أبو الكذب وأبو كل كذاب وهو الشيطان. كيف يتكلم المسيحي عن الشيطان ، انت مسكين أيها الإمبراطور ﻷنك أعمي قد أتعميت بقوتك وبكبريائك والأعمي لا يستطيع أن يري الحقيقة.
حينئذٍ استشاط الإمبراطور وأمر بأن يرجم وابتدأت العذابات لهذا القديس. أما القديس فكان يتهلل ويشكر الله وينادي بإسمه القدوس.
بعد ذلك التفت إلي الأولاد وحاول استلطافهم ليسجدوا للأوثان ، ولكنهم صرخوا بصوت واحد نحن مسيحيون لا نعبد إلا ربنا يسوع المسيح له المجد.
حينئذ أخذ عشرة من الأطفال وقال لهم: يا أولادي أنا اخترتكم أنتم العشرة من بين هؤلاء ﻷني قلت أنه من وجوهكم أنكم لستم الأكبر فقط سناً بل أيضاً في الحكمة ، وبدأ يغريهم بالخضوع له بأقوال كثيرة بأن يقربهم إليه ويعطيهم ذهباً وفضة ويلبسهم أغلي الثياب فبدأ دوناتوس وأمونيوس في الكلام نيابة عن الآخرين قائلين: أولاً أيها الإمبراطور نحن لسنا أولادك نحن أولاد ربنا يسوع المسيح إلهنا الحقيقي له المجد ، ولا تفكر ولو إلي لحظة واحدة أننا صغار في السن أو أننا سننبهر بغناك وثرواتك بل وكل ثروات روما ، إن غنانا الحقيقي هو ربنا يسوع المسيح ولن نتحول عنه ، إننا نتكلم نيابة عن إخوتنا وأخواتنا في الرب الواقفين حولنا. إن إلهنا الواحد هو الوحيد الذي من أجله فقط نتحمل أي عذابات ، ولا يمكن أن نسجد لشياطين روما الذين تعبدهم أنت بجهلك.
فأهاج تصريحهم الجرئ الإمبراطور مكسيمانوس وأمر بضربهم ، فبدلاً من الخوف ازدادوا جرأة وصاروا يصرخون ويسبحون يسوع المسيح له المجد ، فأمر الإمبراطور بأن يُلقوا في السجن بدون طعام أو شراب حتي ينكروا إلههم وإله المسيحيين أو يموتوا من الجوع والعطش.
ثم أمر الإمبراطور أن يقفوا أمامه ثانية وأخذ يلاطفهم حتي يقدم له الطعام والشراب، ولكنهم صاحوا قائلين: لا شئ تقدمه لنا أو تقوله لنا يمكن أن يغير رأينا نحن نقول لك اقتلنا يا أيها الإمبراطور بسرعة حتي نتحد بسرعة مع إلهنا المحبوب.
حينئذ أمر الإمبراطور بأن يقدموا له بابيلاس الشيخ الوقور وأربعة وثمانين طفلاً وعرض عليهم العرض النهائي ولكنهم ثبتوا وصاحوا قائلين: نحن مسيحيون نعبد الرب يسوع المسيح فأمر بقطع رؤوسهم جميعاً ونالوا أكاليل الشهادة، جمع المسيحيون الأتقياء هذه الأجساد الموقرة في المساء واحتفظوا بها إلي أن سافروا بها إلي القسطنطينية حيث دفنوهم بإكرام وأقاموا عليهم ديراً في (كورا) بركة صلواتهم وطلباتهم تكون معنا، آمين.
وتُعيّد الكنيسة اليونانية لهم في 4 سبتمبر